|
القرآن 4: القرآن والشعر الجاهلي
سامي الذيب
(Sami Aldeeb)
الحوار المتمدن-العدد: 4151 - 2013 / 7 / 12 - 12:38
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
كما ذكرت في المقالات السابقة، اقوم حاليا بإتمام طبعتي العربية للقرآن. وقبل وضعها في موقعي للتحميل، اود ان اعرض في الحوار المتمدن بعض ما جاء في مقدمتها للنقاش راجياً القراء إبداء رأيهم فيها. وأعطي هنا الفقرة الخاصة بالشعر الجاهلي كمصدر محتمل للقرآن، ولكن دون ذكر الهوامش لأن برنامج الحوار المتمدن لا يسمح بذلك.
بالإضافة إلى المصادر اليهودية والمسيحية هناك من يرى أن مؤلف القرآن قد أخذ من الشعر الجاهلي، ولكن يدور جدل كبير حول مدى مصداقية ما ينسب للعصر الجاهلي من أشعار. وهو ما اثاره طه حسين في كتابه الشهير "في الشعر الجاهلي" حيث يقول: "ان الكثرة المطلقة مما نسميه شعراً جاهليا ليست من الجاهلية في شيء، وإنما هي منتحلة مختلقة بعد ظهور الإسلام. فهي إسلامية تمثل حياة المسلمين وميولهم أكثر مما تمثل حياة الجاهليين. وأكاد لا أشك في أن ما بقي من الشعر الجاهلي الصحيح قليل جداً لا يمثل شيئاً ولا يدل على شيء، ولا ينبغي الإعتماد عليه في استخراج الصورة الأدبية الصحيحة لهذا العصر الجاهلي ... ان ما تقرؤه على أنه شعر امرئ القيس أو طرفة أو ابن كلثوم أو عنترة ليس من هؤلاء الناس في شيء، وإنما هو انتحال الرواة أو اختلاق الأعراب أو صنع النحاة أو تكلف القصاص أو اختراع المفسرين والمحدثين والمتكلمين". ويضيف: "ان هذا الشعر الذي ينسب الى امرئ القيس أو الى الأعشى أو إلى غيرهما من الشعراء الجاهليين لا يمكن من الوجهة اللغوية والفنية أن يكون لهؤلاء الشعراء، ولا أن يكون قد قيل وأذيع قبل أن يظهر القرآن. نعم! ... انه لا ينبغي أن يستشهد بهذا الشعر على تفسير القرآن وتأويل الحديث، وإنما ينبغي أن يستشهد بالقرآن والحديث على تفسير هذا الشعر وتأويله. أريد أن اقول إن هذه الأشعار لا تثبت شيئاً ولا تدل على شيء، ولا ينبغي أن تتخذ وسيلة الى ما اتخذت إليه من علم بالقرآن والحديث. فهي أنما تُكلفت واختُرعت اختراعاً ليستشهد بها العلماء على ما كانوا يريدون أن يستشهدوا عليه". ولكن طه حسين ذاته يعترف بأن البحث عما يمكن أن يكون شعراً جاهلياً حقاً "عسير كل العسر" وأنه يشك "شكاً شديداً في أنه قد ينتهي بنا الى نتيجة مرضية".
ومن الشعراء الذين يرى البعض ان القرآن اخذ منهم أو تأثر الشعر المنسوب لهم بالقرآن نخص بالذكر أمية بن أبي الصلت الذي تُوفي عام 626. فقد يكون الشعر المنسوب له الأكثر صلة بالقرآن من غيره، وهو ما جعل سهام المنكرين مصوبة بكثرة نحوه. يقول طه حسين بخصوص هذا الشاعر: "وحسبي أن شعر أمية بن ابي الصلت لم يصل إلينا إلا من طريق الرواية والحفظ لأشك في صحته كما شككت في صحة شعر أمرئ القيس والأعشى وزهير".
ولكن هناك من انتقد شك طه حسين في مصداقية نسبة الشعر الجاهلي لأصحابه، ولم يعترضوا على التشابه بينه وبين القرآن، وقد يكون سبب ذلك أن تلك الأشعار جاء ذكرها في كتب السيرة والتفسير. وهناك من لم يعر موقفه أي اهمية واخذوا ما جاء في الشعر الجاهلي وكأن ليس هناك مشكلة تذكر بخصوصه. ونذكر هنا على سبيل المثال محمد سعيد العشماوي الذي يقول في كتابه "الخلافة الإسلامية": "إن الجزيرة العربية بعامة، وأرض الحجاز بخاصة، كانت قبل البعثة المحمدية زاخرة بأفكار وآراء وأقوال كثيرة وواضحة ومحددة عن الله، وتوحيد ذاته، وصفاته، واليوم الآخر. كما كانت ثم الفاظ وعبارات وصيغ دينية متداولة بين الجميع مثل: أسلمت، وسنة، وشريعة، ووحي، ونذير، ونوافل، وذنوب، وجهنم، وحلال، وحرام، وشفاعة، ومصحف، والله أكبر، وزلزلت الأرض زلزالها، وأبرزت أثقالها، وبعد العسر يسرا، وعدنا وعدتم (أو عدتم وعدنا)، وصلى الله (أو الإله) على فلان، وليس كمثل الله شيء، إلى أخر ذلك". وقد أعطى امثلة كثيرة على ما يقول. وهو يرى أن "الشعر ديوان العرب، بمعني أن الشعر كان دائما سجلا واقعا حيا لأخلاقهم وعاداتهم وعقليتهم وعقائدهم... ولأن الشعر ديوان العرب .... فإن استكناه الشعر الجاهلي واستجلاء أفكار الشعراء يكون أمراً لازما، لا محيص عنه ولا معدى منه، لبيان الحالة العقلية في العصر الجاهلي".
ونحن لا نريد ان نفند أو نؤيد رأي احد الطرفين، ولكن نشير إلى وجود مشكلة ليس فقط مع تاريخ الشعر الجاهلي، بل ايضاً مع تاريخ القرآن ذاته. لذا لا يمكننا ان نجزم من آثر بالآخر: القرآن أم الشعر الجاهلي، ونترك هذا النقاش مفتوحاً بين أصحاب الإختصاص. والذي يهمنا هو الإشارة في الهوامش الى تلك الأشعار التي وقع تشابه بينها وبين القرآن وقد اعتمدنا كثيراً على مقال ناهد محمود متولي (وهي مسلمة تحولت إلى المسيحية وشهرتها فيبي عبد المسيح بولس صليب): "القرآن في الشعر الجاهلي" وعلى كتاب محمد سعيد العشماوي السابق الذكر: "الخلافة الإسلامية". وإن كان هذان المصدران يستشهدان بما جاء في كتب التفسير والسيرة وغيرها، إلا أننا حاولنا على قدر المستطاع البحث عن تلك الأشعار في مصادرها المتوفرة في ثلاث مواقع على الأنتيرنيت.
-------------------------------------- أطلبوا كتبي: http://www.sami-aldeeb.com/sections/view.php?id=14 حملوا كتابي عن الختان http://www.sami-aldeeb.com/articles/view.php?id=131 حملوا طبعتي العربية للقرآن بالتسلسل التاريخي http://www.sami-aldeeb.com/articles/view.php?id=315 موقعي http://www.sami-aldeeb.com مدونتي http://www.blog.sami-aldeeb.com عنواني [email protected]
#سامي_الذيب (هاشتاغ)
Sami_Aldeeb#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سورة الحمار
-
صوم وصلي رزقك يولي
-
القرآن 3: مؤلف القرآن من خلال مصادره
-
القرآن 2: مؤلف القرآن
-
القرآن 1: جمعه وفقاً للتقليد الإسلامي
-
لماذا تهجمك الغامض على الاسلام؟
-
توقفوا عن صيام رمضان لمكافحة الجوع
-
جريمة الختان 154: رأي موسى بن ميمون
-
حد الردة: لقد وصل السيل الزبى
-
وزراء عدل عرب اولاد عاهرات
-
جريمة الختان 153: رأي القاضي الليبي مصطفى كمال المهدوي
-
جريمة الختان 152: فتوى سعودية
-
جريمة الختان 151: غباء الشيخ يوسف القرضاوي
-
جريمة الختان 150: فتوى الشيخ محمّد سيّد طنطاوي
-
جريمة الختان 149: فتوى الشيخ محمود شلتوت
-
جريمة الختان 148: فتوى الشيخ جاد الحق علي جاد الحق
-
بنفع اصير نبي؟
-
جريمة الختان 147: هل هناك ضرورة لقانون لمنعه؟
-
جريمة الختان 146: منع الختان بين التدرّج والتسرّع
-
جريمة الختان 145: منع الختان بين المُثُل والإمكانيّات
المزيد.....
-
بدء احتفالات الذكرى الـ46 لانتصار الثورة الاسلامية في ايران
...
-
40 ألفا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
-
40 ألفاً يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
-
تفاصيل قانون تمليك اليهود في الضفة
-
حرس الثورة الاسلامية: اسماء قادة القسام الشهداء تبث الرعب بق
...
-
أبرز المساجد والكنائس التي دمرها العدوان الإسرائيلي على غزة
...
-
لأول مرة خارج المسجد الحرام.. السعودية تعرض كسوة الكعبة في م
...
-
فرحي أطفالك.. أجدد تردد قناة طيور الجنة على القمر نايل سات ب
...
-
ليبيا.. وزارة الداخلية بحكومة حماد تشدد الرقابة على أغاني ال
...
-
الجهاد الاسلامي: ننعى قادة القسام الشهداء ونؤكد ثباتنا معا ب
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|