|
القوة الدولية .
باسكال بونيفاس
الحوار المتمدن-العدد: 4151 - 2013 / 7 / 12 - 00:03
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
القوة الدولية . باسكال بونيفاس * ترجمة : أ. جلال خشيب ** يقع موضوع القوة تقليديا في قلب التفكير المتعلّق بحقل العلاقات الدولية . فهذه العلاقات هي قبل كل شيء علاقاتُ قوة ، إنّها إنعكاس لمحصّلة القوة . تُمثّل القوة إمكانية الفاعلين على الفعل في المشهد الدولي . يُعرّف الفاعلون التقليديون القوة من خلال القدرة على فرض إرادتهم على فاعل آخر . فحسب روبرت داهل ، فإنّ القوة هي : "إمكانية دفع الآخر على فعل الأمر الذّي أحجم عن فعله بوجه آخر" . أمّا ريمون آرون فعلى غرار الآخر يُعرّفها بأنّها "إمكانية –الفاعل- على فرض إرادته على الآخرين" . بالنسبة لأرنولد وولفرز فيربطها ب "الأهلية –والإستعداد- على ممارسة الإكراه ، على إلحاق الضرر بالآخرين ومعاقبتهم" ، من خلال التهديد بالعنف أو إستخدامه بالفعل . إنّه يميّز ويحدّد بطريقة جدّ دقيقة بين "سياسة القوة" –أي فرض الفاعل إرادته عبر القوة أو التهديد- و بين سياسة التأثير – أي أن تُحقق الإقرار من قِبل الآخرين دون الحاجة إلى وجهة نظر ما- ، هذا ما صوّره مسبقا التمييز بين القوة الصلبة و القوة الناعمة ذلك الذّي روّجه عالم السياسة الأمريكي جوزيف ناي خلال السنوات الأولى للتسعينيات . أخيرا وحسب صاموئيل هنثينغتون فإنّ القوة هي "إمكانية فاعل ما بشكل معتاد و لكنّها ليست إرغاما –وإكراها- لحكومة ما ، بالتأثير على تصرّفات الآخرين ، سواءً -كان هؤلاء الآخرين- بإمكانهم أن يكونوا حكومات أم لا" . إنّ مفهوم القوة في الحقيقة لهو مفهوم نسبي ليس لها مدلول إلاّ من خلال قدرة الفاعلين الدوليين الآخرين . بتفسير أكثر وضوحا ، تُعّد كل من بريطانيا العظمى وفرنسا اليوم أكثر قوة ممّا كانت عليه خلال القرن التاسع عشر . طبعا فقد تقلّصت حدودهما الإقليمية فالتحرر من الإستعمار كان ضروريا ، ولكن مع ذلك فإنّ لهما نسبة سكانية كبيرة ، وثراء وطني عظيم ، كما أنّ القدرة التدميرية لجيشيهما تتماثل مع ما كانت عليه في قرنٍ مضى . غير أنّ وزن كل من بريطانيا العظمى أو فرنسا يٌعّد أدنى نسبيا في المقاس الذي تكون فيه دولٌ أخرى أكثر تطورية منها في كافة الميادين . و بالتالي فعلى –سلّم- مقياس قوة الآخرين فإنّ ما يتّم قياسه هو ذلك المتعلق الفاعل الدولي . القوة هي حركة تطورية أيضا . فكل من هولاندا ، إسبانيا ، فرنسا ، بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية كانت تِباعا –عبر الزمن- قوى مهيمنة في هذا العالم . القوة اليوم وإن تحكّمت في مقادير العالم ، فليس بإمكانها أن تضمن بقاء تقوّقها وسيطرتها بشكل مستمر . في سنة 1973 ، حدّد هينري كيسنجر خمسة أقطاب للقوة : الولايات المتحدة الأمريكية ، الإتحاد السوفياتي ، أوروبا ، اليابان والصين . بعد مُضّي عشرين سنة ، وإذا ما ما أحللنا روسيا مكان الإتحاد السوفياتي ، فسوف نُلاحظ أنّها نفس القوى دوما تلك التّي تتربّع على عرش سباق القوة ، حتّى وإن حدث تطوّر ما في وضعيتها وحالتها الإستقطابية بشكل متبادل ، فإذا كانت القوة عبارة عن حركة تطورية فيجب مع ذلك معرفة أنّ الإرتقاءات تكون عادة متمهلّة . ففي خِضّم القرن العشرين على سبيل المثال إعتُبِر اليابان البلد الوحيد الذي إنظم إلى –قائمة- الدول بإعتباره قوّة مثيلة ، ثمّ لحقت به الصين على نفس المنوال في السنوات الأخيرة لذات القرن . على النقيض من ذلك ، بإمكاننا أن نُسّجل إنهيارات مفاجئة غير متوقعة كالذي حصل مع الإتحاد السوفياتي .
ما هي معايير القوة ؟ في سنة 1513 خصّص نيكولا ميكيافيلي لهذا السؤال فصلا كاملا من كتابه "الأمير" : "كيف يجب قياس قوة كل إمارة من الإمارات ؟" . المعايير المحتفظة هي متنوعة أصلا ، ماديا وعلى نحو غير ماديٍّ أيضا : قوى الجيش ، السيولة المالية ، المؤهلات غير المادية كفن الحكم مثلا ، الموهبة العسكرية ، الروح المعنوية للقوات وللشعب أيضا . في نهاية القرن السابع عشر صار يُؤخذ بعين الإعتبار النظام الإقتصادي و الديمغرافي أيضا .
إعتُبِر المعيار العسكري المعيار التاريخي الأوّل للقوة : لقد كان مفتاح الأمن وبالتالي مفتاح بقاء الكيان السياسي قبل القرن العشرين ، لقد إعتُبِر كأداة شرعية ومشروعة لمعالجة المنازعات بين الدول . أن تكون قوة عسكرية يعني بالضرورة أن تكون أوّل من يشيّد إحتياطاته . فالدول الضعيفة كانت مُعرّضة لأن تكون إمّا خاضعة مُطيعة وإمّا مُعرّضة للإندثار ، فوفقا للقول الشعبي المأثور ، كلّ دولة لها جيش على إقليمها. فإذا لم يكن جيشها فسوف يكون جيشا لقوة أخرى مستولِية . مع نهاية الحرب الباردة ومع إختفاء التهديد السوفياتي وبروز أخطار جديدة (أخطار البيئة ، عصابات المافيا ، تجارة المخدرات ، الإرهاب ، المناطق الرمادية ، النزاعات الإثنية) ، والتّي بدت الحلول العسكرية التقليدية في مواجهتها حلولا غير عملية ، فقد بدى هذا المعيار أقل عملية . لاحظنا في موضع آخر أنّ دولا كالإتحاد السوفياتي مثلا ، تلك التّي وضعت أكثر رهاناتها على العامل العسكري ، كان التفكّك مصيرها . وبالتالي فالدول التّي فُرض عليها بإصرار الحظر العسكري بدت بأنّها كانت الرابح الحقيقي الأوّل في الحرب الباردة وبين القوى الصاعدة على غرار اليابان ثمّ ألمانيا بمعيار أقل . إنّه لمن السهل على قوّة إقتصادية أو تكنولوجية أن تتسلح –وتصير قوة عسكرية- (كاليابان مثلا) ، أكثر من قدرة قوة عسكرية أن تتحوّل إلى قوة إقتصادية (على غرار الإتحاد السوفياتي مثلا) . كشاهد على هذا الأمر يمكن القول أن القوة ، كالقوة العسكرية ، تبقى معيارا مستهلكا للقوة ، في مقارنة أوروبا/الولايات المتحدة والتّي سنرجع إليها تِباعا ، إنّه المعيار الوحيد الذّي ينقص في أوروبا . نتيجة لذلك فإنّنا نُقدّر بشكل أكبر أهمية المعيار العسكري حينما نرى إختلاف الرؤية بين كل من الولايات المتحدة وأوروبا فيما يخّص مسألة القوة في بقية العالم . لا يمكن إنكار القوة الامريكية ، وبالتالي فإنّ القوة الأوروبية بدت دائما قوّة غير واضحة ومؤكدة ، حتّى لا نقول أنّها مسألة غير قابلة للنقاش . هذا يشير إلى كل تلك الأهمية التّي يستمر المعيار العسكري في الإتصاف بها . ترتكز الولايات المتحدة دائما على أداتها العسكرية الهائلة حتّى تحظى بصلات وإتصالات في الشرق الأوسط ، وأن تكون القوة الوحيدة التّي يجب أن تُؤخذ بعين الإعتبار ، تُقيم ضغوطات تجارية على اليابان ، كما تُزاول سلطة جذب مؤكدة غير قابلة للنقاش على أوروبا الشرقية ، وأن تبقى قوة راسخة وقوية على أوروبا الغربية ، أو تتجلى –للعالم- كذلك كمحاور أساسي في أعين الصين . من ناحية أخرى فإنّ تعريف القوة العسكرية قد شهد تغيّرا : -فقوة- الموظفين قلّما تؤخذ اليوم بعين الإعتبار ، كما أنّ قوة الجيش لا تُقاس بعدد الصدور التّي بإمكانها أن تتهيأ للمبارزة وراء الحِراب ، ولكن ما يُؤخذ بعين الإعتبار حقيقة هو جودة عتادها ، ومستوى تعقيد وتطوّر التقنيات التّي تشمل (دقة الصواريخ ، القدرة على المعاينة ، على الكشف وكذا تملّك الأهداف و الإتصالات) . مثلما ألّح مراقبون مع بداية سنوات التسعينيات ، إذا لم يكن مؤهلا "مهيّئا" بإعتباره معيار قوة ، تُسجّل أنّ المعيار العسكري لا يمكن أن يُعّد بإعتباره "آلفا وأوميغا" القوة ، هكذا أثبت مثال الإتحاد السوفياتي . علاوة على ذلك يجب أن نُسجّل أنّ القوة العسكرية ليست بالضرورة مُرادفا للأمن المطلق في وقت الحروب اللامتماثلة ، مثلما بيّنت ذلك هجمات الحادي عشر من سبتمبر على الولايات المتحدة . فضلا عن ذلك فإنّ إستعمال القوة سيّء التحكم يمكن أن يؤدي إلى ضعف نسبي ، هذا ما وضّحته حرب العراق التّي أطلقها جورج دابليو بوش سنة 2003 .
العامل الديمغرافي يأتي في المرتبة الثانية : وفقا لجون بودان : " لا تُوجد ثروة تُضاهي ثروة الإنسان" ، على النقيض من ذلك ، رأى مالتوس في النمو الديمغرافي الضخم يقينا مؤكدا على ضعف الدولة . إذا كانت أهمية الشعب قد إعتُبرت كعامل أساسي للقوة ، فإنّه من خلالها يتحدّد حجم الجيش . لقد كانت فرنسا القوة الأوروبية الأولى –وبالتالي العالمية الأولى- في القرن السابع عشر بفضل وزنها الديمغرافي . إذن فالعامل الديمغرافي كان بشكل ما مكوّنا للعامل العسكري ، و عليه فمبدئيا نصل إلى نتيجة مفادها أنّ : إنسانا = بندقية . لذلك ، لا يُعّد العامل العسكري لوحده اليوم عاملا أساسيا ذا أهمية مثلما كان قديما ، ولكن زيادة على ذلك فإنّ حجم الشعب –نسة السكان- له نفس الوقع و الإنعكاس بشكل آلي على قوة جيش ما . وبالتالي فلا يسعنا إلاّ أن نقول مثلما قال أريستيد برياند : "أؤدي السياسة الخارجية لمواليدنا" « je fais la politique étrangère de notre natalité » بيد أنّ شعبا ذا أهمية يسمح دائما بوزن أكبر على الساحة الدولية . وقد وهبنا الوزير الأوّل الصيني لمواتسيتونغ ، تشو-أون لي مثالا كاريكاتويا حينما صرّح يوما أنّه لم يكن مُهّما أن تفقد الصين 300 مليون نسمة في حرب نووية إذا ما فقدت الولايات المتحدة 50 مليون نسمة في ذات الحرب . زيادة على ذلك فحينما يتعلق الأمر بالصين ، فإنّ الإشارة إلى السوق الخرافي ل 1.4 مليار مستهلك طُرحت دوما لأجل إقامة السمّة الأساسية للجمهورية الصينية الشعبية . بالرغم من أنّ بيكين أقامت منذ 1978 أكثر السياسيات صرامة في التحكّم في المواليد من خلال منع العائلات من إنجاب أكثر من طفل واحد بهدف الحدّ من النمو الديمغرافي الذي يعيق نموه النمو الإقتصادي ، وبالتالي تأكيد وترسيخ قوته . منذ دينغ كيسياوبينغ ، فضّل حكّام الصين الإستفادة من الناتج المحلي الإجمالي بالنسبة لكل فرد في كل المعايير الأخرى بإعتباره عاملا من عوامل القوة . بإمكان العامل الديمغرافي أن يكون إذن ذو حدّين . لقد غشّت كل من إثيوبيا ونيجيريا طويلا في تِعداد السكان حتّى تُعزّزا أكثر من دورهما القيادي في إفريقيا . على نفس المنوال ترى إيران في قوتها الديمغرافية سبيلا لترسيخ قيادتها في الخليج الفارسي . بإمكاننا إذن أن ننظر لمسألة المواليد كسلاح . يتحدّث الكيبيكيون –سكان الكيبيك- عن "إنتقام المهد –مسقط الرأس-" فنسبة المواليد العالية لهم سمحت لهم بإضعاف الأفضلية الديمغرافية للكناديين الأنجلوفون. ويسير فلسطينيو الأراضي المحتلة الذّين يعيشون في إسرائيل على نفس الطريق قبل أن تسمح سياسة البروسترويكا ونهاية الإتحاد السوفياتي بعدها بهجرة يهود الروس إلى إسرائيل . إذ تبقى المسألة الديمغرافية دوما مسألة مهمة في الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني . لقد سمحت عملية توحيد ألمانيا بتعطيل وإيقاف الإنخفاض الديمغرافي المرتبط بألمانيا الغربية . ترتكز ألمانيا على الفارق الديمغرافي مع بقية الدول الأوروبية "الكبرى" لأجل المطالبة بتوزيع أكثر لصالحها فيما يخّص مسألة حقوق التصويت حسب الأغلبية المؤهلة للإتحاد الأوروبي إنّه لمن اللافت للنظر أنّ برلين لم تطرح أبدا أفضليتها المتعلقة بالناتج القومي الإجمالي مع بقية الدول الأوروبية رغم أنّها أكثر قوة أيضا من أفضليتها الديمغرافية . من جهتها أرادت فرنسا أن تقود سياسة ترتكز على الإنجاب حتّى تُحافظ على مكانتها العالمية . أمّا كندا ، أستراليا واليابان فترى في ضعف نسبة المواليد عاملا مؤكدا للتدهور النسبي ، والقلق بشأن المستقبل . مع ذلك فإنّ الدول الأكثر سكانا تُصنَّفُ عادة في عِداد الدول الأكثر فقرا على وجه البسيطة . على النقيض من ذلك ، فإنّ بعض الدول المجهرية ذات أرباح وعائدات –مهمة- نجدها مقارنة بسكانها تُعّد من أكثر الدول أهمية في العالم . بعد مؤتمر الأمم المتحدة الأوّل حول السكان (بوخاريست 1974) رافعت الدول المتقدمة لأجل سياسة ديمغرافية متحكّم فيها . لقد رأت دول الجنوب في ذلك سياسة تدخّلية غير مقبولة ، معتبرة آنذاك أنّ ديموغرافيا نشطة وقوية تُعّد مصدرا من مصادر القوة . بعد مؤتمر ميكسيكو (1984) أقرّت دول الجنوب أنّ ديموغرافيا قوية تُشكّل عائقا أمام النمو أكثر من كونها محفّزا له . وبعد مؤتمر القاهرة (1994) ، تمّ تحديد الزيادة السكانية للجنوب بشكل واضح بإعتبارها عائقا أساسيا لتطوّرها . في الواقع فبإمكان العامل الديمغرافي أن يكون مأساةً إذا لم يتمكن البلد من توفير التعليم ومناصب العمل لفئته الشبّانية .
يُؤخذ إتساع نطاق الإقليم في عين الإعتبار أيضا : هكذا فإنّ إقليما ضئيلا سيتجلّى للعيان كمصدر للضعف والإنكسار . لذلك فبإمكان دول صغرى أن تلعب دورا جدّ مهّم في إطار أبعادها الجغرافية (إسرائيل ، قطر ن سنغافورة) ، وعلى النقيض من ذلك ، فإنّ إقليما أكثر رحابة مقارنة بإلإمكانيات –الضعيفة- للدولة في التحكم فيه ومراقبته بإمكانه أن يكون أيضا مصدرا للضعف والإنكسار . كان إمتلاك الموارد الطبيعية في القرون الماضية أداةً مفتاحية للقوة : في سنة 1990 ، من بين الإثنا عشر مؤسسة أمريكية كبرى ، استغلّت عشر مؤسسات منها مواردا طبيعية . كل الدول التّي كانت خِصبة –ثرية- في القرن التاسع عشر وفي صدر النصف الأوّل من القرن العشرين كانت لديها موارد طبيعية . مع ذلك ، فاليابان اليوم والتّي تعوزها موارد الثروة الطبيعية نجدها تخوض سباق التفوق إلى القمة على المستوى الدولي . في المقابل نجد الأرجنتين التّي تزخر بالثروات جزءا من المجموعة الرئيسية –للدول- ، إنّ إمتلاك كمية لا مثيل لها –من الثروات- لم يحل بين الإتحاد السوفياتي وبين الإنهيار . بالإضافة إلى ذلك فإنّ المقارنة بين الإتحاد السوفياتي واليابان نجدها تمتلئ عِبرا ودروسا . في جوانب عدّة فقد كانت حالة كل واحد منهما مُعاكسة تماما على طرفي نقيض . قارة واسعة ثرية بالموارد الطبيعية ، في مواجهة أرخبيل جزر يفتقر إليها ، كما أنّه –فضلا عن ذلك- يكتظ سكانا . مع ذلك فإنّ النتيجة النهائية تمّت في صالح ذلك الذّي بدى أقّل ثراءا في الإنطلاق . لم يكن لإمتلاك حقول البترول أيّ فائدة تُرجى قبل 130 سنة . لقد صار البترول العامل المفتاحي في علاقات القوة الدولية في سنوات السبعينيات . لا يسمح العائد البترولي الجيّد دوما بنمو إقتصادي حقيقي ، مثلما يبدو ذلك في حالة نيجيريا . فقد نستدعي أحيانا "متلازمة هولاندا" « le syndrome hallandais » حتى نعرّف بوضعية الدول البترولية . إرتفاع عائدات الموارد الطبيعية يزيد من أسعار الصرف ، يجعل باقي صناعات التصدير صناعات غير تنافسية ، هذا ما يمكن أن يؤدي إلى تراجع التصنيع في البلد . ولكن يبقى المشكل قبل كل شيء متعلقا بالفساد . يعّد الألماس المادة الأولية الأكثر قيمة في العالم ، يُستخرج على العموم من الدول الأكثر فقرا . لذلك فغالبا ما تتحوّل الهبة والعناية الإلهية إلى نقمة ووبال . في ليبيريا ، في الكونغو وفي أنغولا تُخاض الحروب لأجل السيطرة على الألماس (ظاهرة صارت رائجة بعد فيلم الألماس الدامي) . في سنة 2000 أجرى البنك الدولي دراسة عن 97 حرب أهلية شهدتها السنوات الثلاثين الأخيرة أثبتت بذلك أنّها تنشأ بسبب يتجاوز التوترات الإثنية أو الدينية ، لقد حدثت تلك الحروب عادة بسبب الصراع من أجل المواد الأولية والتّي إعتُبرت السبب الأصلي للنزاعات . وفي سنة 2000 وتحت ضغط منظمات غير حكومية أطلقت الدول وبائعوا الأماس عملية كيمبارلي (نسبة لإسم مدينة تعدين ومناجم بإفريقيا الجنوبية) ، أسّست لعملية إقامة وثيقة مخصّصة بهدف حظر "ألماس الدم" . لا يوجد بلد ما أسّس لإزدهاره ورفاهيته على عملية إستغلال الموارد الأولية . على العكس من ذلك فقد خلق ذلك ظاهرة تضخمية وزعزع بقية النسيج الإقتصادي مثلما كان الأمر في نيجيريا أين قضى البترول على الزراعة . خلافا لذلك ، فإنّ دول جنوب شرق آسيا واليابان تفتقر إلى الموارد الأولية ، تُعّد بشكل لافت للإنتباه دولا متقدمة . من الممكن أن نُحدث تماثلا مع الوضع في اليونان القديمة ، بين أثينا وبيوتي . فحسب أرنولد توينبي فقد أجبر إنجراف الأراضي الخصبة العلوية في السابق الأثنيين على تركيز إهتمامهم على ثروة الزيتون المحلية لديهم ، وتصديرها لأجل الحصول على الحبوب الغذائية الضرورية . هذا ما قادهم إلى تطوير فن الفخاريات ، وخاصة تقوية تجارتهم البحرية ، وهكذا تمكنّوا من التحكم في البحار . على النقيض من ذلك ، فإنّ البيوتيين –الذّين لم تذكرهم الأجيال القادمة ومهارتهم الكبيرة- حازوا على أراضي خاصة ذات خصوبة ، والتّي لم تدفعهم إلى تبنّي وإتخاذ قيادة ديناميكية ، فيما كانت المواد الأولية في نهاية القرن العشرين تعّد كورقة رابحة مطلقة في مقابل التكنولوجيات الجديدة ، في بداية القرن الحادي و العشرين فقد جاء عطش الإستهلاك بالنسبة للدول الصاعدة ليُعزّز وِجهتها ويعيد لها مجدّدا قيمتها الجوهرية .
القوة الإقتصادية كعامل رئيسي من الآن وصاعدا : إنّها مصدر الأوراق الرابحة الأخرى بما فيها القوة العسكرية . فالدول التّي تحظى بثروة سيكون عليها من الصعب جدّا أن تطوّر جيشا قويا ، نظاما تعليميا فذّا أو نموذجا إجتماعيا متماسكا ... إلخ . إنّ التحكّم التكنولوجي يُعّد ورقة رابحة أساسية فصناعات الغد هي صناعات المادة الرمادية : ميكرو-إليكترونيك ، البيوتيكنولوجيا ، البرامج ، الحواسيب ، الإتصالات ، الروبوتات ، الأدوات الآلية ، الإنترنت ، الوسائط المتعدّدة "الميلتيميديا" إلخ ... لم يتّم وضعها سلفا ومن الممكن أن تُرّكب في أي مكان ، سوف تكون هنا أو هناك ، وبواسطتها ستُنظّم الموارد الفكرية التّي ستنجذب إليها . مع ذلك فما هو جديد مبتكر لهذا المعيار من الأحرى أن يكون نسبيا . لقد لاحظ وينتسون تشرشل من قبل في حقبته أنّ : "إمبراطوريات المستقبل ، هي إمبراطوريات الروح" . بالرجوع إلى الوراء قليلا ، لم يُنشأ خُلفاء الإسكندر الأكبر مكتبات في العواصم الهيلينية الكبرى بعد إنفجار الإمبراطورية إلاّ لأجل جمع كتب العالم بأسره ومن ثمّ ترجمتها إلى اليونانية ، وهذا ما مكّنهم من الهيمنة على الشعوب وجعلها تفهمهم بشكل أفضل . لقد كانت تلك هي العبقرية ، بالمهفوم البريطاني للمصطلح ، كان ذلك لأجل خدمة القوة والسطوة . بالنسبة للباحث الأمريكي في الدراسات المستقبلية آلان توفلر ، فإنّ القوة في القرن الحادي والعشرين لا تتموقع في العامل الإقتصادي إذن أو العسكري الكلاسيكي ، ولكن في العامل (k) " المعرفة ، knowledge " ، وفقا له ، فبعدما كانت "المعرفة تُعتبر إضافة إلى سُلطة المال والعضلات ، فقد صارت وقودها الحقيقي . إنّها في الواقع بمثابة مكبّر الصوت النهائي" . نتيجة لذلك فإنّ القوى العسكرية ترتكز بشكل واسع على درجة ومستوى التكنولوجيا ، وبالتالي على المعرفة التي نتدمج معها ، خلافا للمعايير الإقتصادية والعسكرية التّي تتسّم باللامحدودية وعدم النضوب . بوجهة نظر ساذجة نوعا ما ، يُشدّد توفلر علاوة على ذلك أنّها أكثر مصادر القوة ديمقراطيةً ، لأنّها من الممكن أن تكون في حوزة الغني والفقير على حدّ سواء . في الواقع فإنّ تكنولوجيات المعلومات الجديدة بإمكانها أن تقوم بصياغة رقمية ، أن تكون عاملا لتفاقم اللامساواة بين من يتحكّم فيها وأولئك المقصيين من خدماتها . بغّض النظر إن كنّا نقف مع العولمة أو في مواجهتها فإنّ تحسين مستوى كفاءة وأهلية القاعدة يصير بذلك قضية جوهرية ، سواء من حيث القدرة على إستخدامها –لأنّ عدد الوظائف الأقل أهلية سيؤول إلى إنخفاض- أو من حيث –جعلها- قوة دولية . فحسب دراسة أجرتها منظمة التعاون والتنمية ، فإنّ المجتمعات التّي تتحكّم في العلم والمعرفة سوف تُهيمن على القرن الحادي والعشرين ، فالطلب على المستوى العالي للمعرفة في هذه المجتمعات لن يُوقف التزايد والتضاعف . وبفعل ذلك فقد أعادت الحكومات من جديد التعليم والتكوين في محور أولوياتها ، وفي الدول النامية فإنّ الميزانيات المخصصة للتعليم لا تُعاني و حسب من إنخفاضات وإنقطاعات و لكن حتّى من معرفة زيادة وإرتفاعات . مستوى تعليم وتكوين اليدّ العاملة صار عاملا حاسما للقوة في منتصف سنوات التسعينيات : أحصت كوريا (ذات ال 43 مليون نسمة) من قبل حوالي 1.4 مليون طالب ، في إيران يوجد فقط 145000 طالب (من أصل 54 مليون نسمة) ، 15000 طالب في إثيوبيا (من أصل 64 مليون نسمة) ، ومنذ 1980 ، وقعّت المؤسسات الكورية قدرا من شهادات المهندسين أكثر من بريطانيا العظمى ، ألمانيا الغربية والسويد مجتمعين . بنفس الطريقة فإنّ الحصول على التعليم القاعدي من عدمه يؤخذ كثيرا بعين الإعتبار في فارق النمو المحقق بين النمور الآسيوية والدول الإفريقية . تصير المعرفة في مجتمعات العلم والمعلومات مثيلة لما كانت عليه المادة الأولية في القرن الحادي والعشرين . في أيامنا هذه نُقدّر 50000 (من أصل 2 مليون من الشباب الذين درسوا خارج بلدانهم) عدد الذين يدخلون سنويا إلى التراب الأمريكي من الطلاب الأجانب الجدد . عدد معتبر منهم من بين الطلبة النُجباء لا يرجعون أبدا إلى بلدانهم الاصلية . يلعب عامل التعليم هنا كمادة جذب وإتصال لصالح الولايات المتحدة ، ويسمح بحدوث وتأسيس –ظاهرة- هجرة الأدمغة واستنزاف العقول لفائدتها . فضلا عن ذلك فإنّ سوق الطلاّب الأجانب يحمل معه مباشرة 13 مليار دولار في السنة لصالح الإقتصاد الأمريكي . إنّه يمثّل بالمرّة إذن مصدرا للفائدة والتأثير .
ونضيف هنا عاملا آخرا ، التلاحم الوطني والإجتماعي : إذ نلاحظ أن لا وجود لبلد يتمتع بالقوة بدون هذا العامل ، لذلك فكيف لنا أن نُفسّر نجاح اليابان وكوريا في مقابل إخفاق الإتحاد السوفياتي أو الكونغو ؟ إنّ التنظيم الدولاتي والتلاحم الإجتماعي هو الذّي يمنح النصر قبل كل شيء ، ومن ثمّ فإنّ ما يستتبع ذلك ثانية يمكن إعتباره بشكل مسبق الأوراق الأكثر ربحية التّي تكون في الحوزة . لأنّه وإذا ما إستطاع كل من التصنيع الناجح والإقتصاد المزدهر أن يُحدث الفارق فإنّ هذين الهدفين لن يتمكّنا إذن من التجسّد من دون التنظيم العقلاني للدولة ، وكذا التراضي والوفاق الإجتماعي . لقد سبق وأن رأينا سابقا مثالا كهذا ، يمكن أن يكون لمعايير القوة تأثير إيجابي ، سلبي أو محايد . لذا فإنّ لهذه المعايير المختلفة تأثيرا إيجابيا في حالة ما إذا ارتكزت على تنظيم دولاتي فعّال وتلاحم إجتماعي . يبدو إذن أنّ هذا المعيار هو المعيار المحدّد الذّي يمنح قيمة للمعايير الأخرى أو يخذلها . يُقدّر منظّرون آخرون في نظرهم أنّ القانون هو الأوّلية الفعلية حاليا . يُسجّل هؤلاء أنّ القانون الدولي قد غدا بشكل غالب ذو أصل أنجلوساكسوني . لكن هذا لا يجعلنا نُهمل ونستهين بوسائل التأثير الحديثة على المعلومات ، الصور والإتصالات . لا تُنتج هوليود سوى حُلما ، إنّها توّلد حقا القوة والتأثير . بإمكانها أن تؤدي على الأخص إلى صناعة ونحت التمثيل والصورة إمّا خيرا وإمّا شرّا . وفقا لحالات إستراتيجية عديدة . من التعبئة ضدّ هتلر إلى الكفاح المعادي للشيوعية خلال الحرب الباردة وصولا إلى حملة التشهير ضدّ الإرهاب ، خدمت هوليود كثيرا التصميم "الديزاين" الدبلوماسي لواشنطن . لقد كانت قنوات الإعلام الكبرى البدائل الأساسية لفعل التأثير . هكذا ، وفضلا عن ولادة قنوات خاصة فقد أدّت قناة الCNN إلى صناعة إدراك أمريكي للمعلومة بشكل كوني . لقد أنشئت قناة الجزيرة أداة للسمعة والتأثير لا مثيل لها لصالح قطر . تُعبّر ال BBC عن المفخرة والسمعة البريطانية . وقد خصّصت كل من الصين ، روسيا بل وحتّى أمريكا اللاتينية معTelesur أدوات وآليات مثيلة مُضاهية . في سنة 2006 أطلقت فرنسا قناة فرانس 24 مع نجاح معتبر . إذن فالتباين الكبير للمعايير جعل تطوّر القوة يبدو أمرا شهيا . فكيف نشرّح ونحسب الترتيب ؟ كيف نقيس المؤشرات المختلفة ؟ كيف نوازنها ؟ هل يمكن لنا أن ننشأ ونقيم في صورة مؤسسات مختلفة الواردة في مفهوم مؤشر المضاربة ، مؤشر داو جونز أو CAC 40 المرتبط بالقوة حيث نُقدّر قوة الجيش ب 8 بالمئة ، الإقتصاد ب 12 بالمئة ، العلم ب 15 بالمئة والديمغرافيا ب 3 بالمئة ؟ وهكذا فإنّ المهمة تبدو أكثر صعوبة خاصة إذا ما كانت بعض هذه المعايير معاييرا قابلة للقياس –مثل المعيار الديمغرافي ـ الموارد الطبيعية ، الموقع الجغرافي ، القدرة الصناعية ، الإحتياطات النقدية أو القوة العسكرية- كثير من المعايير –الأخرى- هي معايير غير قابلة للقياس ، كمعيار التلاحم الإجتماعي ، جودة الديبلوماسية ، قدرة الشعب على إبداع والإبتكار والإستعداد للتضحيات ، جودة التعليم .. إلخ ...
القوة الصلبة والقوة الناعمة : لقد جعل جوزيف ناي القوة الصلبة ، بمعنى القوة المحضة الخالصة أو الغليظة في مقابل القوة الناعمة ، والتّي بفضلها " يظهر البلد أنّه قادر على بناء حالة حالة ووضع من ذلك النمط الذّي تقوم فيه الدول الأخرى بإختيار خيارات أو تحدّد ماهية مصالح ما والتّي تتوافق مع تلك الخاصة بها" . فالقوة الصلبة إذن هي إستعمال الوسائل الإقتصادية والعسكرية من قِبل بلد ما رغبة منه في أن يقود دولا أخرى إلى القيام بما يريده هو . تسعى القوة الناعمة إلى الوصول إلى ذات النتيجة من خلال مفعول الإجتذاب أو الجذب. إنّها أكثر سهولة و أقّل كُلفة في إدارة الشؤون بالنسبة لبلد ما ، لأنّ للبلدان الأخرى ذات الرغبة في إدارة ذات الأشياء التّي يريدها البلد الأوّل . أو أنّها تتقاسم معه ذات المصالح . فوفقا لناي ، فإنّ ماهية القوة الناعمة الأمريكية ترتكز على قيم الولايات المتحدة (قيم الحرية ، حقوق الإنسان ، الديمقراطية) ، نظامها الجامعي (جذّاب بالنسبة لكل طلبة العالم) ، وكذا ثقافتها أيضا (السينما ، التلفاز و الإنترنت) . تسمح ال CNN وهوليود للولايات المتحدة إذن بالهيمنة على العالم بأقل التكاليف ، وكذا جعل المعايير الأمريكية معاييرا عالملية و جذّابة . دائما وفقا لناي فإنّ : "عالمية ثقافة البلد وقدرته على تثبيت مجموعة من القواعد والمؤسسات والتّي تُمثّل المصادر الأساسية للقوة المناسبة له والمتوافقة معه" . لا يزال عدد من الأمريكيين متأثرين بتأثيرات حرب العراق على صورة الولايات المتحدة في العالم ، وعلى سُموّهم وتألقهم في نظر العالم ، وبالتالي –وبعبارة أخرى- على قوتهم كذلك . فالإستعمال والحكم المفرط للقوة الصلبة الأمريكية في العالم أدّى إلى تقليص قوتها الناعمة ، هكذا فإنّ أهمية الصورة هي ما كان حقيقة أكثر شيء جديد في تحديد القوة –لا نقصد الصور التّي يعرض لها التلفاز ولكن الإدراك الذي يحوزه بلد ما – هذه الصورة في حدّ ذاتها ناجمة عن عوامل متباينة للغاية : القوة إذا ما بدت حقّا شرعية ، تحرم الآخرين وتخصّص جزئيا على الأقل هدفا مصلحيا مشتركا ، ولكن أيضا للإبداع الثقافي ، مكانة البلد في الصناعة الترفيهية ، المزايا التّي يستجيب لها شعبه أو نوعية –ومهارة- فريقه الوطني لكرة القدم كلّها ذات إعتبار مهم . لقد صارت الرياضة أمرا مُعولما ، وصارت كما لم تكن من قبل مصدرا للشعبية ، السمعة والمكانة والفخر . لقد كان مصطلح القوة في قلب العلاقات الدولية خلال القرن السادس عشر . فكيف وصل هذا المصطلح إلى حدّ الإختفاء في القرن الحادي والعشرين ؟ يبدو في الواقع أنّه قد تكبّد عبئ الخزي الأخلاقي وبالتالي الذبول والإتجاه نحو الزوال الإستراتيجي . لقد قادت سياسة القوة طيلة القرون الماضية و بالأساس ذلك القرن الذي إنتهى لتوّه ، قادت البشرية إلى كوارث كبرى . لم يبدو أنّه كان لها منفذ آخر سوى الحروب ، المذابح والإنتهاك الجسيم لحقوق الشعوب . يبدو أنّه بالإمكان تعريف سياسة القوة كسياسة تُكلّف و تحّث الشعوب ضدّ إرادتهم ، والتّي تكون في الغالب مناقضة للمبادئ التأسيسية للحرية والتقرير الذاتي للمصير . مرادفا لإرادة الهيمنة ، فإنّ مصطلح القوة عبر إلى مناهضة الديمقراطية . يبدو أنّ وراء هذه الإدانة الأخلاقية هناك تحديا بخصوص نجاعة وفائدة مصطلح القوة بل و بخصوص الموضوع المتعلق به في حدّ ذاته . يُعرض لمصطلح التأثير على أنّه البديل الذّي يمكن إحلاله في مكان القوة عن دراية أفضل . فالقوة الغليظة التّي ترتبط عفويا بفكرة القوة نجدها تُطمس أمام الحوار وأمام قوة الإقناع . بإختصار فإنّ القوة في القرن الحادي والعشرين لم تصِر أمرا خطِرا وإنّما صارت كذلك أمرا قديما باليا من الماضي " démodée " . مع ذلك فإنّ هناك وِجهة نظر أخرى للأمور بخصوص مستقبل مفهوم القوة . حرِيٌّ بنا أوّلا أن نُؤكد أنّه حتّى وإن كانت القوة شيئا قديما عتيقا أم لا ، فإنّ العالم سينقاد و يُحكم دوما من خلال نمط معين من ميزان القوى . فتحديد ميزان القوى قد تغيّر والعوامل الثقافية صارت أيضا أكثر أهمية من المعايير العسكرية ، كما أنّ لغة الإقناع تتغلّب على لغة الإكراه والقسر ، كما أنّ قناة ال CNN صارت أكثر أهمية بالنسبة للتأثير الأمريكي من نظام المؤشرات والبايانات الجغرافية GIs . مع ذلك فهذا لا يعني أنّ فكرة القوة في حدّ ذاتها قد اندثرت . إنّها المعايير التّي جعلت التعديل يطرأ على ماهيتها . اليوم تمثّل القوة تأكيدا على فكرة الإرادة المستقلة أكثر من كونها تُعبّر عن تصميم الهيمنة . في عصر العولمة لا وجود هناك لإرادة غزو الإقليم الجغرافي وإخضاعه ، إنّ التحدّي الحقيقي للقوة يكمن في الحفاظ على هوامش المناورة .
ملاحظة : هذا المقال مترجم عن اللغة الفرنسية ، مقتبس من الفصل الأوّل لكتاب من تأليف البروفيسور باسكال بونيفاس بعنوان : "فهم العالم" ، منشورات ANEP 2010.
*باسكال بونيفاس : مدير معهد العلاقات الدولية والإستراتيجية وأستاذ في معهد الدراسات الأوروبية بجامعة باريس 8 .
**جلال خشيب : مهتم بالدراسات الدولية والإستراتيجية ، الجيوبوليتيكا ، الفلسفة السياسية والفكر السياسي الإسلامي ، قسم العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة منتوري قسنطينة / الجزائر .
#باسكال_بونيفاس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أميركيون ينتقدون سياسة جورج بوش - تأملات حول إمبراطورية خائف
...
المزيد.....
-
فيديو جديد من داخل الطائرة الأذربيجانية يظهر ما حدث لجناحها
...
-
-حزب الله- يدين بشدة الهجمات الإسرائيلية على اليمن بمشاركة أ
...
-
الكويت: ضبط 1.8 حبة كبتاغون داخل مقاعد وطاولات قهوة
-
عدد خطوات المشي المطلوب يوميا لمكافحة الاكتئاب
-
-النسر الأصلع- يصبح رسمياً الطائر الوطني للولايات المتحدة بع
...
-
الجيش الإسرائيلي يؤكد شنّ غارات على مواقع متفرقة في اليمن
-
قفزة في بلاغات الجرائم الإلكترونية بالمغرب.. وخبراء يكشفون ا
...
-
دعوات أمريكية لمنع عودة ترامب إلى السلطة والرئيس المنتخب يحذ
...
-
بوتين: الأوكرانيون -يعاقبون أوروبا- و-يعضون يدها-
-
سحب الجنسية الكويتية من 3700 حالة جديدة
المزيد.....
-
افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار
...
/ حاتم الجوهرى
-
الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن
/ مرزوق الحلالي
-
أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال
...
/ ياسر سعد السلوم
-
التّعاون وضبط النفس من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة
...
/ حامد فضل الله
-
إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية
/ حامد فضل الله
-
دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل
...
/ بشار سلوت
-
أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث
/ الاء ناصر باكير
-
اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم
/ علاء هادي الحطاب
-
اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد
...
/ علاء هادي الحطاب
المزيد.....
|