ما معنى أنَّ -الحركة- تتسبَّب في -إبطاء الزمن-؟

جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 4150 - 2013 / 7 / 11 - 11:40
المحور: الطب , والعلوم
    

بطء (أو تباطؤ) الزمن هو ظاهرة فيزيائية تتسبَّب فيها "الحركة" أو "الجاذبية"؛ وهذا "البطء" هو، في مُخْتَصَر وبسيط مفهومه، أنْ تبطؤ حركة عقارب ساعتكَ؛ لكن ليس لخلل فنِّيٍّ فيها؛ وأنْ يكون هذا البطء تعبيراً عن بطء الأحداث عندكَ. وهذا البطء (بطء ساعتكَ، وبطء الأحداث عندكَ) لا تُدْرِكه (ولا تعيه، ولا تَشْعُر به) أنتَ. إنَّ شخصاً آخر، لم تبطؤ حركة ساعته، ولا الأحداث عنده، هو الذي يُدِرِك (ويعي، ويشعر بـ) بطء ساعتكَ، وبطء الأحداث عندكَ.
هذا الشخص يرى أنَّ حركة عقارب ساعتكَ أبطأ من حركة عقارب ساعته، وأنَّ الحادث نفسه يستغرق عندكَ وقتاً أطول من الوقت الذي يستغرقه عنده؛ فقلبكَ، مثلاً، يراه ينبض 30 نبضة في الدقيقة الواحدة (بحسب ساعته هو).
قُلْنا إنَّ "الحركة (أو الجاذبية)" هي سبب بطء الزمن؛ فما معنى هذا القول؟
الحركة التي تُبْطئ الزمن ليست "الحركة المنتظَمة"؛ فالزمن لا يبطؤ عندكَ إذا ما كنتَ في حجرة (صغيرة شفافة) تسير في الفضاء الذي تنعدم فيه الجاذبية بسرعة ثابتةً، وفي خطٍّ مستقيم، أكانت سرعتها 100 متر في الثانية أم 100 ألف كيلومتر في الثانية أم..؛ إنَّ هذا النوع من الحركة (الحركة المنتظَمة) لا يمكن تمييزه من السكون.
الحركة التي تبطئ الزمن عندكَ إنَّما هي "التسارُع"، كأنْ تسير بسرعة متزايدة، أو في اتِّجاه متغيِّر. إنَّ تغيُّر السرعة، أو الخروج عن الاستقامة في خطِّ سيرك، هو ما يبطئ الزمن عندكَ.
أنتَ الآن في داخل هذه الحجرة، الموجودة في هذا الفضاء؛ وأنا موجود في حجرة مماثلة، ساكنة، أو تسير في هذا الفضاء بسرعة ثابتة، وفي خطٍّ مستقيم.
حجرتكَ تسير بسرعة ثابتة (100 م/ث) وفي خطٍّ مستقيم؛ أَنْظُرُ إلى ساعتكَ فأرى سَيْر الزمن عندك يماثِل سَيْره عندي (الدقيقة الواحدة عندكَ تعدل دقيقة واحدة عندي).
حجرتكَ ظلَّت تسير في خطٍّ مستقيم؛ لكن سرعتها شرعت (بسبب دفعها، واستمرار دفعها، من قوَّة خارجية ما) تزداد على النحو الآتي: بعد ثانية، أصبحت 110 م/ث، وبعد ثانيتين، أصبحت 120 م/ث، وبعد ثلاث ثوانٍ، أصبحت 130 م/ث. لقد تسارعت (بهذا المعنى للتسارع). أَنْظُر إلى ساعتكَ فأرى سَيْر الزمن عندك أبطأ من سَيْره عندي (الدقيقة الواحدة عندكَ تعدل 70 ثانية، مثلاً، عندي).
حجرتكَ ابتعدت كثيراً عن حجرتي، فلمَّا بلغت سرعتها 300 م/ث (مثلاً) توقَّفت عن هذا التسارع؛ وها هي الآن تسير (في خطِّها المستقيم نفسه) بسرعة ثابتة جديدة هي 300 م/ث؛ أَنْظُر إلى ساعتكَ فأرى سَيْر الزمن عندكَ عاد يُماثِل سَيْره عندي (الدقيقة الواحدة عندكَ عادت تعدل دقيقة واحدة عندي).
وفي مثالٍ ثانٍ، تسارعت حجرتكَ على النحو الآتي: بعد ثانية، أصبحت سرعتها 150 م/ث، وبعد ثانيتين، أصبحت 200 م/ث، وبعد ثلاث ثوانٍ، أصبحت 250 م/ث؛ أَنْظُر إلى ساعتكَ فأرى سَيْر الزمن عندكَ أصبح أبطأ كثيراً من سَيْره عندي (الدقيقة الواحدة عندكَ تعدل، مثلاً، دقيقتين عندي).
وكما فَهِمْنا "التسارع"، لجهة تسببه في بطء الزمن، نفهم "الجاذبية"؛ فلو وَضَعْنا حجرتكَ على سطح كوكب المشتري (الأكبر كتلةً من كوكب الأرض، والأعظم منه جاذبيةً، من ثمَّ) لرأَيْتُ أنا الموجود على سطح الأرض سَيْر الزمن في ساعتكَ أبطأ من سَيْره عندي.
الجسم، في سقوطه الحر إلى سطح المشتري، يسير بسرعة متزايدة؛ وتسارعه هذا أكبر من تسارع الجسم في سقوطه الحر إلى سطح الأرض. ولو زادت كتلة المشتري أكثر، لزادت الجاذبية عند سطحه أكثر، ولزاد انحناء الفضاء عند سطحه أكثر، ولزاد أكثر (وعلى مقربة من سطحه) تسارع الجسم الساقط سقوطاً حُرَّاً إلى سطحه، ولزاد بطء الزمن عند سطحه أكثر.
الآن، اجْعَلْ حجرتكَ تسقط سقوطاً حُرَّا إلى سطح المشتري؛ فكلَّما اقتربت من سطحه أكثر، أرى، أنا الموجود على سطح الأرض، سَيْر الزمن في ساعتكَ يبطؤ أكثر.
اجْعَل حجرتكَ تدور بسرعة ثابتة حول المشتري؛ فكلَّما دارت في مدارٍ أقرب إلى الكوكب، رأيتُ الزمن في ساعتكَ يبطؤ أكثر.

#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات