عبد علي عوض
الحوار المتمدن-العدد: 4147 - 2013 / 7 / 8 - 14:17
المحور:
حقوق الانسان
إنتصَرَتْ أرادة الشعب المصري بملايينه الزاحفة نحو ساحات الإعتصام حينما أعلنَتْ تلك الملايين التوّاقة للحرية والإنعتاق الوقوف بوجه مشروع قضمْ المنجزات الثقافية والحضارية إخوانياً والعودة بالمصريين إلى الوراء. وعملية القضم في عالم الحيوان تعني أنَّ الحيوان لايبتلع فريستهُ دفعةً واحدة بَلْ يقوم بقضمها بأسنانه تدريجياً لحين الإنتهاء من أكلها كاملةً، وهذا هو جوهر مخطط ،محمد مرسي، وتنظيمه الإخواني، لكن هؤلاء أغفلوا درجة الوعي الحضاري السياسي لدى الشارع المصري الذي قام بإبعادهم وعزلهم عن حركة تطور المجتمع حضارياً. وهنا من الضروري الإشارة إلى أن ما جرى في مصر قد أغضبَ تنظيم الإخوان المسلمين في العراق (الحزب الإسلامي) من جهة وأفرَحَ قوى الإسلام السياسي الشيعي من جهة أخرى ليس دفاعاً عن الديمقراطية ومفاهيمها ومضامينها، إنمّا من منطلقات طائفية خالصة. و للأسف لم تتّعض قوى الطائفية الشيعية العراقية مما جرى في مصر، فهي لا تزال تقضم المجتمع العراقي إسلاموياً ومنذ عشر سنوات ولا تحسب أي حساب لقدوم تلك اللحظة ألتي ينتفض فيها العراقيون سلمياً ،كما حدثَ في مصر، ويتخلصون من هذا الكابوس ألذي إسمه – الإسلام السياسي -. إنّ عملية القضم تبدأ دائماً من الحريات المدنية، فبألأمس أصدَرَتْ إحدى الجهات الشيعية المتطرفة فرمانها بإغلاق المطاعم ومنع سماع الأغاني وإغلاق محلات الخمور في شهر رمضان!... و يجري فرض هكذا قرارات على المجتمع قسراً بعلم ودراية الحكومة ورئاستها، لا بَلْ أنّ الحكومة تنظر إلى تلك الإفعال بغبطة و إرتياح، وغير آبهة بحقوق الإنسان. إنّ هذه الأوامر الخرقاء والصادرة من مجموعة رعاع (عصابة) متخلفة قد صادرت الحقوق المدنية لغالبية المجتمع العراقي، فهنالك مَنْ هُمْ مسلمون غير ملتزمين بالطقوس الدينية من الصوم والصلاة و غيرها، وآخرون لايستطيعون الإلتزام بفريضة الصوم لأسباب صحية، ومجموعة ثالثة ليستْ مسلمة ومن ديانات أخرى ولا دينية. تلك الشرائح الثلاث، عليها أنْ تنصاع لتوجيهات وتهديدات مجموعة من الكلاب البشرية السائبة!.
لو عدنا بعجلة الزمن إلى الوراء ولعدة عقود من السنين ونتذكر كيف كانت الأجواء في شهر رمضان، حيث كانت المطاعم مفتوحة طيلة اليوم مع إجبار أصحابها بوضع ستارة تحجب ما في داخل المطعم عن المارّة من الناس في الشارع. كذلك ما كانت جميع العوائل العراقية تمتلك جهاز تلفزيون في بيوتها، بَلْ كانت التلفزيونات متوفرة ومنتشرة في المقاهي العامة، حيث بعد الإفطار الرمضاني يذهب الرجال إلى تلك المقاهي لمشاهدة المسلسلات التلفزيونية والتي تتضمّن أحياناً في بعض مقاطعها وصْلات من الغناء والرقص حسبما يرتأيه النَّصْ المكتوب من قِبَل المؤلف، كأنْ مشهد في بار يظهر فيه بطل المسلسل، وغيره من المَشاهِد التمثيلية.
لقد بدأ العد التنازلي منذ سنوات بنفاذ صَبرْ الإنسان العراقي على ما يواجهه من مصادرة لحرياته وتحويله إلى إمَّعة بيد القوى الدينية المتطرفة الطارئة على المجتمع العراقي، لذا فإنّ التغيير سلمياً قادم لا محال نحو ترسيخ قيَمْ الديمقراطية، إلاّ إذا لجأتْ قوى الإسلام السياسي إلى إستخدام الحديد والنار من أجل بقائها في السلطة!.
#عبد_علي_عوض (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟