نبيل حاجي نائف
الحوار المتمدن-العدد: 4145 - 2013 / 7 / 6 - 19:06
المحور:
الطب , والعلوم
الأحاسيس هي أجهزة تعرف والإعلام وإنذار, لكل ما يتعرض له الكائن الحي من مؤثرات داخلية وخارجية . إن أية مؤثرات - داخلية أم خارجية- تتعرض لها البنية الحية وتكون بقوة معينة ترد عليها هذه البنية باستجابة , وهذه الاستجابة تكون إما على شكل فعل وحركة أو استجابة كيميائية أو فزيولوجية , أو حسية , أو الاثنتان معاً .
فالإحساس هو نوع من الاستجابة للمؤثرات التي يتعرض لها الكائن الحي وهي استجابة إنذارية أو إعلامية , فبواسطة الأحاسيس الإعلامية نتعرف على العالم عندما نتأثر به
وبالنسبة لنا نحن البشر لدينا أجهزة إحساس متطورة جداً ومعقدة , وذلك نتيجة امتلاكنا لجهاز عصبي متطور جداً ودماغ متطور .
فنحن لدينا أحاسيس أولية خام ولها أساس فزيولوجي موروث مجهزين بها عند ولادتنا وهي:
1_ أحاسيس إعلامية – تكون في أول الأمر محايدة- مثل الأحاسيس البصرية والسمعية و الشمية و اللمسية...
2_ أحاسيس الإنذار والتحذير- أحاسيس الألم- مثل الأحاسيس الناتجة عن التعرض للحروق والجروح والمواد المؤذية للجسم, والأحاسيس الدالة على حدوث اختلال في توازن من التوازنات الفزيولوجية للجسم , مثل أحاسيس الجوع والعطش, والبرد والحر ....., وهذه الأحاسيس دافعة وموجهة للفعل والعمل والاستجابة المناسبة.
3_أحاسيس اللذة والراحة والسعادة..... الناتجة عن إرواء أو تحقيق أحد الدوافع , مثل الأحاسيس الناتجة عن تناول الطعام بعد الجوع, أو شرب الماء بعد العطش..... وهذه الأحاسيس هي أيضاً دافعة للفعل والعمل والقيام بالاستجابة المناسبة.
4_إحساسات إعلامية وتحذيرية في نفس الوقت, وفي الواقع تتحول الأحاسيس الإعلامية المحايدة أثناء الحياة إلى أحاسيس تحذير أو ترغيب حسب الظروف المعاشة.
5_ الأحاسيس المرافقة للانفعالات وهي كثيرة ومتنوعة, مثل أحاسيس الحب والغيرة والخوف والحقد والغضب والزهو والفخر... الخ .
وبالإضافة إلى ذلك نجد عند الإنسان بشكل خاص أحاسيس جديدة تكونت نتيجة الحياة الاجتماعية والثقافية.
وتتفاعل هذه الأحاسيس مع بعضها عند حدوثها معاً, فتولد مشاعر ووعي متطوراً ومعقداً, والأحاسيس الأخلاقية والدينية والروحية والفكرية والفنية وباقي الأحاسيس الاجتماعية المتطورة هي مثال على ذلك.
طبيعة الأحاسيس
سواء كنا نتحدث عن أمواج الضوء التي تصطدم بالشبكية , أو أمواج الصوت التي تتذبذب في الأذن الداخلية , أو التأثيرات التي تتعرض لها الخلايا الموجودة في القناة الشمية بالأنف , فإن وابلاً من المؤثرات يتساقط علينا باستمرار. وقد أدت عملية التطور مهمتها بحيث إنه عندما تعمل أعضاء الإحساس لدينا بصورة طبيعية , فستكون متكيفة بصورة متقنة لاستقبال هذه المؤثرات لتمييزها والتعرّف عليها . لكن الإحساس لا يتعلق بالمستقبلات الموجودة في العينين , والأذنين , والأنف , واللسان , والجلد , باقي أعضاء الإحساس . فنحن لا نحس فعلياً بأي شيء قبل أن تصدر إشارات من هذه الأعضاء وتصل إلى الجزء المعني من الدماغ .
إن المستقبلات الحسية هي محولات بيولوجية تحول المؤثرات الميكانيكية, والكهربائية , والضوئية , والصوتية , والكيميائية , والحرارية , والبيولوجية..., إلى سيالات أو تيارات كهربائية عصبية .
وهناك حواس متكيفة مثل اللمس والشم ... وحواس غير متكيفة مثل السمع والبصر , والمستقبلات الحسية كثيرة جداً, والعلاقة بين شدة المنبه و شدة التيارات الكهربائية العصبية علاقة لوغارتمية أي غير خطية.
الأحاسيس تنشأ عند حدوث تغيرات في التأثيرات- هذا بشكل عام- على الكائن الحي , فهي تضخم وتوضح هذه التأثيرات, وبالمقابل تخفف هذه التأثيرات عند ثباتها, فهناك آليات للمقارنة والمفاضلة لواردات الحواس , وعندما يلحظ تبدل في التأثيرات على الحواس تتولد استجابة , وإذا لم يتم كشف أي تغير فالاستجابة تبقى ضعيفة أو معدومة- إن الحواس هي في الأساس مكشاف للتغيرات – , كما أن كافة المنظومات الحسية موجهة بشكل تفاقم الفروق في بيئتنا المحيطة, وتخفف الملامح الثابتة , ويتم تحقيق هذه المقارنة من حيث الأساس عند كافة مستويات المقارنة والتحليل عن طريق إضافة وطرح مدخلات العصبونات الفردية , وتوفر هذه المزاوجة ( المقارنة البسيطة نسبياً ببناء العمليات الإثارية (المثيرة) , والكافة ) , كامل القدرة الإحصائية الضرورية لتحليل الرسالة الحسية إلى ملامحها المكونة لها , وبالتالي تخفض الكمية الإجمالية للمعلومات التي تنقل الرسالة حين مرورها من مستوى إلى مستوى يليه.
فنحن لدينا الأجهزة التي تمكننا فقط من اختيار مجموعة منتقاة من المعلومات الخام التي تحيط بنا لمساعدتنا في التعرف على العالم من حولنا .
وكما ذكرنا نحن لا نشم الروائح فعلياً بأنوفنا , ولا نسمع بآذاننا ولا نرى بأعيننا . وإن أردنا الدقة , فنحن نحس بالعالم فقط عندما يترجم كل عضو من أعضاء الجسم المنبهات الخاصة به إلى سيالات كهربائية عصبية ترسل إلى مواضع متخصصة لها في الدماغ . وبطبيعة الحال , إذا أصاب التلف واحداً من أعضائنا الحسية , أو تلف مركز أحد مواضع استقبال السيالات الكهربائية المرسلة من العضو الموجودة في الدماغ , فسيؤثر ذلك على قدرتنا على تجربة هذا الإحساس .
وبغض النظر عن أيها من الحواس هي المعنية , فإن وعينا وإدراكنا للحوادث الخارجية والداخلية هو نتاج من خطوات معالجة لمعلومات ضمن الجهاز العصبي المركزي .
ففي المقام الأول , يقوم مثير ما في شكل تبدل زماني أو مكاني في الطاقة الكهرومغناطيسية أو الميكانيكية أو الكيميائية بصدم مستقبل الحاسة التي تهيأت خصيصاً لكشفه , وفي هذا المستقبل يتم تحويل التبدلات الطاقية - أو ترميزها- في شكل نبضات عصبية بشكل يحفظ المعلومات المتعلقة بالحادثة الإثارية ويتم نقل هذه الرسالة الحسية المتضمنة في الشيفرة العصبية عبر سلسلة محطات متوسطة إلى مستويات عليا من الجهاز العصبي المركزي , حيث تفك رموزها لتشكل أساس إدراكنا الواعي للحادثة الإثارية
إحساسنا هو ذكاؤنا الأكثر فورية و عمقاً, فإن تماسه مباشر مع المحيط , ويمتد من الصفر إلى اللا نهاية, وشئنا أم أبينا هو دائماً الذي يقرر . إن اختيارنا ينبع دائماً من الداخل , أو بالأحرى يتم الاختيار من داخلنا دون أن يكون لنا حيلة فيه , حتى وإن أردنا بإصرار ما هو عكسه , فلا حول ولا قوة لنا ضد الحياة الداخلية وضد الإحساس الذي يستشعر وينقل الرموز ويراقب ويقرر دون استشارة أي كان , إننا لا نعرف أبداً الأشياء والموجودات بعقلنا, وإنما تبعاً لإحساسنا.
فالأشياء كلها حيادية, ولكن إحساسنا (يشحنها) بهذه المعاني أو تلك. كافة الناس هم على حق فيما يتعلق بإحساساتهم
الفرق بين الإحساس الخام والإدراك الحسي
إن الإحساس الخام هو ما يتكون لدينا من خبرة نتيجة تنبه الخلايا العصبية الكائنة في إحدى مناطق الدماغ الحسية .
في حين أن الإدراك الحسي هو الإحساس مضافاً إليه شيء أكثر , أي تضاف إليه الخبرة الناجمة عن تنبيه الخلايا العصبية الموجودة في المناطق الأخرى في الدماغ .
فالإدراك الحسي , بعبارة أخرى , هو الإحساس المعزز بالذاكرة وبالصور المستمدة من الخبرة الماضية والناشئة عن التداعي . والإدراك الحسي يتأثر كثيراً بما يكون عليه انتباهنا أو تأملنا ورغبتنا وأهدافنا "
و إذا نحن دققنا أكثر نجد أن كل هذا غير كافي لحدوث الشعور والوعي بالأحاسيس , فواردات الحواس من الأعضاء الحسية إلى مركزها في الدماغ هي بالآلاف إن لم تكن بالملايين , والذي يتم اختياره وإدراكه والوعي به منها هو الذي يدخل أو يتم إدخاله إلى " ساحة الشعور " أو ما يسمى " بسبورة الوعي " وهو جزء صغير جداً من الذي يصل إلى مركز الحس المتعددة .
والذي يصل من الأعضاء أو الأجهزة الحسية تجري عليه معالجة واختيار وتنظيم , ويمكن أن يجزأ ويعالج في عدة مراكز في الدماغ , فالسيالات العصبية الكهربائية الآتية من العينين تجزأ وتذهب إلى عدة مراكز في الدماغ ويعالج كل منها على حدة , ثم تنظم وترسل إلى سبورة الوعي ليتم الشعور والوعي بها .
ويجب أيضاً أن يسمح لها بدخول سبورة الوعي ( من مكتب الدخول), و إلا لن يتم الشعور والوعي بها , فنحن في أحيان كثيرة لا نعي أو لا نشعر بما تم وصوله من سيالات عصبية من العينين إلى الدماغ , نتيجة أمور أهم تجعلنا مدفوعين لوعيها والشعور بها .
فحتى أقصى الآلام يمكن أن لا نشعر بها إذا كان هناك ما يهدد حياتنا أو أمور هامة جداً بالنسبة لنا يجب الانتباه إليها وتركيز الشعور والوعي بها .
تسلسل أهمية الحواس وقوتها عند الولادة.
إن تسلسل أهمية الحواس عند الولادة , يجعل الألم هو الأهم والأوسع , وتأتي بعده في الأهمية حاسة اللمس , واللمس الفمي , والشم , والإحساس بالنعومة والدفء . ولمسات الأم وحنانها هي الأهم بالنسبة للمولود . فالأهمية والتركيز يكون على أحاسيس اللمس والذوق والشم ثم يلي ذلك السمع ثم البصر .
فالسعي للنعومة والدفء وثدي الأم وحنانها , وكذلك السعي لتحاشي أحاسيس ألم الجوع والعطش والانزعاج , هي أساس الاستجابات لدى الوليد.
ثم تأخذ الأحاسيس الصوتية والبصرية وغيرها والتي تكون محايدة المعنى في أول الأمر بالتحول إلى لذيذة ومفرحة أو مؤلمة, تنيجة الاشراطات والترابطات التي تنشأ .
وبعد ذلك تبدأ الأصوات تتحول إلى لغة ويكون لها التأثير الأهم والأوسع وتنافس أحاسيس اللمس وباقي الحواس.
ثم تنشأ أحاسيس الترقب والتوقع, وأحاسيس وانفعالات الحب والغيرة...الخ.
آليات عمل الحواس
إن آليات عمل الحواس والجهاز العصبي هي آليات مكممة محددة وليست احتمالية, فقد كممت بواسطة العتبة , والكمية, والنوعية, ومصدر التيار العصبي .
فالعتبة هي إما أن التفاعل الناتج عن المؤثر يحدث تياراً عصبياً ذو خصائص محددة ثابتة تابعة للمؤثر أو لا يحدث, أي أن تأثير المؤثر على مستقبلات الحواس إما أن يحدث الإثارة وبالتالي ينشأ تيار عصبي ويكون هذا التيار الناتج محدد الكمية والكيفية والمصدر, أولا يحدث .
وكذلك عمل الخلايا العصبية فهي إما أن تثار وتنتج تياراً عصبياً نتيجة ما يصلها من تيارات عصبية أو لا تثار ولا تنتج أي تيار عصبي- وهذا يشبه عمل الكومبيوتر تيار أو لا تيار, صفر أو واحد - .
إن عمل الحواس والجهاز العصبي هو عمل محدد ومكمم فيزيائياً , فليس هناك احتمال في عمل البنيات التحتية أي الكيميائية الفيزيائية لمستقبلات الحواس أو الجهاز العصبي , وهو مثل عمل باقي التفاعلات الفيزيائية إن كانت ميكانيكية أو كهربائية أو غيرها من التفاعلات الفيزيائية, فالإثارة أو التيارات العصبية إما أن تحدث أو لا تحدث , وهي ذات خصائص محددة في كل مرة .
بينما عمل الدماغ في بنياته العليا , في التعرف وبناء الأحكام والتفكير المتقدم , يمكن أن ينتج معرفة احتمالية- ولا مجال لتوضيح ذلك الآن- , فالتعرف و الدلالة على العالم الخارجي والأحكام التي تبنى أثناء المعالجات الفكرية هي تنبؤية احتمالية , وهذا نتيجة عدم التكميم الكامل للبنيات الفكرية , ولكن عندما تكمم بشكل تام كما في البنيات الفكرية الرياضية , عندها تصبح الأحكام غير احتمالية وذات صحة مطلقة .
تشبيه الأحاسيس بنغمات الآلات الموسيقية
إذا كان لدينا عدة عشرات من الآلات الموسيقية المختلفة من حيث طبيعتها وطبيعة الأصوات التي تصدرها, ولكل منها طريقة أو آلية تقرع أو تعزف بها , ويمكن أن يصدر كل منها صوتاً حسب طريقة ومدة العزف , ولكل منها عتبة معينة أو مقدار لازم من القوة والمدة لكي يصدر النغمات فإذا كانت المدة أو القوة قليلة أو الطريقة في العزف غير مناسبة فلن تصدر النغمات, وهناك خصائص و عطالة لكل آلة تحدد طريقة وزمن إصدار النغمات المتكرر فلا يمكن أن يكرر إصدار نغمة قبل مدة معينة وقبل وضع معين , وإننا نستطيع العزف على بعض الآلات بعدة طرق أو وسائل , وتكرار العزف على بعض الآلات يمكن أن يغير من خصائصها, وكذلك قلة العزف يمكن أن يغير من خصائصها, وهناك إمكانية للعزف على أي عدد من الآلات معاً, وهناك إمكانية خاصة وهي إمكانية جعل آلة تعزف عن طريق عمل آلة أخرى أو الآلات الأخرى .
كذلك الأحاسيس يمكن اعتبارها آلات عزف وظيفتها أو دورها متنوع , فبعضها للإنذار والتنبيه أو للإعلام أو للتنبؤ, وبعضها للمكافأة واللذة وإحداث الفرح والسرور, وبعضها للألم والأحاسيس غير السارة وغير المرغوبة....الخ.
إن آلية عزف هذه - الآلات الحسية- تكون محددة وثابتة عند البدء باستعمالها- عند الولادة- ولكن بعد الاستعمال الكثير المتكرر تنشأ تداخلات وتأثيرات متبادلة فيما بينها, وتتغير وتتطور وتتعقد آليات العزف, وهذا يحدث باستمرار ولكنه ينتظم أو يميل إلى الانتظام والثبات مع الزمن وطول العمر, وهناك طريقتان لعزف هذه الآلات الحسية :
الأولى : وهي الأساسية وتكون عن طريق مستقبلات الحواس.
والثانية : تنشأ بعد ذلك نتيجة الحياة وهي العزف عن طريق الذاكرة أو مخزون اللحاء.
ويحدث تداخل وتأثير متبادل بين هاتين الطريقتين وتعملان معاً, فالذاكرة تؤثر على واردات الحواس وكذلك العكس, بالإضافة إلى أن معالجات الدماغ لها تأثير أيضاً .
ويقول الدكتور حكمت هاشم :
" إن الحواس لا تشبه القنوات أبداً, بل هي بمثابة أجراس كهربائية. فكما أنه لا شبه بين حركة الأصابع المعتمدة على الزر وقرع الجرس, فكذلك لا شبه بين الإثارة التي تهيج طرف العصب وما يداخل الوعي من إحساسات من ذلك الطرف. إن عين النملة وعين الحلزون وعين الإنسان إذا وضعت ثلاثتهم بمثاقبة مشهد واحد وهيجت على صورة واحدة. أتت أولاها بإحساسات نملة والثانية بإحساسات حلزون والثالثة بإحساسات إنسان: الشأن في ذلك شأن الآلات الموسيقية الوترية التي تجيء ضربة القوس الواحد عليها بصوت يختلف من آلة لآلة,إذاً فلا عجب أن ندرك بحواسنا عالماً يختلف عن العالم الحقيقي "
الأحاسيس والحاجة إلى مثير, والتعود والعادة والإدمان على أحاسيس معينة
إن الأساس الفزيولوجي العصبي للتعود على وجبات معينة ، أو ممارسة ألعاب أو طقوس معينة .......الخ ، هو تكرار أحاسيس معينة ، والمحافظة على شكل وطبيعة هذه الأحاسيس ، وعدم الرضا بغيرها , أو إجراء تغيير كبير عليها .
إن الناس يختلفون من ناحية وجود فروق فردية بينهم من حيث المحافظة على السعي لأحاسيس معينة أو التجديد والتغيير والتنوع لهذه الأحاسيس ، نتيجة الاختلافات الفزيولوجية العصبية بسبب الوراثة أو التربية .
فالعادة والإدمان والمحافظة على الأوضاع ، وكذلك نقيضها التجديد والمغامرة والتنويع للأحاسيس , والملل من التكرار والرتابة .....الخ توجد بنسب متفاوتة بين الناس ، فهناك أناس يسعون إلى المحافظة والثبات على أحاسيس معينة وتكرارها ، و أناس آخرون يسعون إلى التجديد المستمر وتحاشي التكرار ويسعون لتنويع أحاسيسهم ، أي هناك من لا يمل ، وهناك من يمل ، وهناك من يمل بسرعة .
فالحاجة إلى مثير - الشهوة للمثير- أو إلى الأحاسيس موجودة لدى الجميع وبنسب متفاوتة ، وهي إما أن تكون تكراراً لأحاسيس معينة ، أو أن تكون تنويعاً وتجديداً وتغييراً .
ويجب أن نلاحظ أن الأساس الفزيولوجي للذكريات وطبيعة تأثيرها المضخم والمحور أحياناً ، له دور في السعي إلى تكرار ممارسة مثيرات معينة ، بالإضافة إلى العادة والتعود التي هي من خصائص آليات عمل الجهاز العصبي ، فالسعي للعودة إلى نفس الأماكن ونفس المثيرات والأحاسيس أو لنفس الأشخاص , والاشتياق إلى المثيرات والأحاسيس التي أحدثوها في الماضي له علاقة بالعادة والتعود ، وله آليته العصبية الخاصة به .
السعي لمشاركة الآخرين نفس الأحاسيس
إن أغلبنا يسعى لنقل أحاسيسه وأفكاره للآخرين , لأن إحداث نفس الطنين الحسي لدى الآخر يؤدي إلى حدوث تغذية عكسية موجبة تقوي هذه الأحاسيس , فعندما أشاهد منظراً جميلاً أو أسمع صوتاً جميلاً أو أتناول طعاماً شهياً... أسعى إلى من يشاركني هذه الأحاسيس, لأن مشاركة الآخر تعزز وتقوي إحساسي وتزيد من متعتي .
إن هذه الخاصية , زيادة قوة الأحاسيس نتيجة مشاركة الآخرين, ناتجة عن تغذية عكسية موجبة لطنينات الأحاسيس, كما في المجال الفيزيائي , والأحاسيس التي يشعر بها الإنسان يمكن أن تنتقل إلى الآخر بواسطة التعابير والإيحاءات واللغة .
إن كافة الفنون تنمو وتنتشر نتيجة هذه الخاصية, بالإضافة طبعاً إلى العوامل والدوافع الأخرى , المال والشهرة...
#نبيل_حاجي_نائف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟