أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - كريم محمد السيد - عن صراع العلم والايمان














المزيد.....

عن صراع العلم والايمان


كريم محمد السيد

الحوار المتمدن-العدد: 4144 - 2013 / 7 / 5 - 23:35
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


عن صراع العلم والأيمان
ببساطه, كان الايمان يجوب وحده في عقائد الانسان بلا منافس ولا ندّ, حيث طغى الايمان على عقل الانسان ثم امتد الى حريته وأرادته. وهو بالطبع ليس الايمان الحقيقي انما المقصود بها منظومته التي تمثله, فاستفحل بعد استقراره واصبح قرشا هائجا يلتهم انسان القرون الوسطى دون هوادة ولا رحمة, انه ينطق بأسم الله ليبيد البشرية.
يروى في الاساطير ان هناك معلم يملك جنيا خارقا في تحقيق الرغبات التي يطلبها سيده, سيده الذي يحتجزه في قارورة صغيرة يضع له طلاسم وكلمات تكون هي كلمة السر التي تخرج الجني من قارورته ثم يعيده بكلمات اخرى وهكذا, وبينما هو معتاد على ذلك قام احد تلامذة ذلك المعلم بحفظ كلمة استخراج الجني ليقوم بالفعل باستخراجه بعد غياب استاذه لكنه نسي ان يحفظ كلمة السر التي تعيده, ولما عرف الجني فقر التلميذ بمعرفة كيفية اعادته استغل الوضع فانتقم من التلميذ وولى هاربا.
هذه الاسطورة تشبه الى حد ما مقولة المؤرخ البريطاني الشهير ارنولد توينبي التي تنقل على لسان المفكر الإسلامي الشيخ مرتضى مطهري, والتي يعزو فيها ان آدم اخطأ حين التهم الشجرة ليخسر جنة ربه فهبط في الارض ليحاول ان يعوض جنته السماوية بجنة في الارض فعمد على عمارة الارض وزراعتها وجعلها منها جنة تعوضه عن الجنة الأولى التي غادرها, وارتكب الانسان الخطأ الثاني في الجنة الثانية وبذلك يتعين عليه ان يغادر جنته الثانية, انه التكنولوجيا والماكنة الصناعية. لان التكنولوجيا تنمو يوما بعد يوم بينما الانسان يضعف تدريجيا بنموها وبذلك فأن الانسان اضحى مثل دودة القز التي تصنع شرنقتها بيدها. وخروج الانسان من جنته الثانية محكوم عليه بالفناء المطلق, اذ لاوجود لجنة ثالثة. (سلوك واخلاق الاسلام لمرتضى مطهري ص128).
يعتقد مطهري ان توينبي قد ارتكب خطأ كبيرا بمقولته تلك, اذ هو ترجمة فكرية لما جاء به (فرنسيس بيكن) واتباعه حين قالوا: ان العلم كل شيء, ويعتقد ان التكنولوجيا والعلوم ليست السبب في فناء الانسان بل هي سبيل تقدمه شريطة ان توازي رافدها الاخر وهو الايمان, وهو يقرّ بأن العلم يجعل من الانسان قادر ولكن قادرا على ماذا؟! "ان الأنسان يكتسب العلم ليقتلع جذور المرض؟. انه جهد مبارك, يكتسب العلم ليحارب الفقر؟ انه قول نسبي, فيه جانب صحيح وآخر ليس صحيحا, أي يمكن تنمية الاقتصاد بالعلم, لكن الفقر ليس ناشئا دائما من الضعف الاقتصادي, هل نكتسب العلم لنقضي على الاضطرابات النفسية؟ هل نكتسب العلم لنحارب الظلم؟ العلم اثبت عكس ذلك بل غدا العلم سيفا بيد الظالم, هل نكتسب العلم لنحارب البخل والحرص والانانية؟ لم يثبت ذلك بل تحول الامر الى عكس ذلك فالعلم قد زاد من تلك الصفات في الانسان". ونحن في ازاء العلم نلمس ان مبتكروا العلوم طغى عليهم غرور معرفي جعلهم يعتقدون ان العلم وحده كاف لان يفسر كل شيء, كل الوجود, وظهرت لأجل ذلك فلسفات وافكار ونظريات مادية والحادية وما شاكلها وصلت بالضرورة الى الحاد بالله في قبال اكتشاف العلوم التي يعتقدون انها استعاضت عن ذلك الحمل الذي تتبناه المنظومة الدينية التي ثاروا بوجهها بصرخة التكنولوجيا والعلوم.
شخصيا, اجدني اصل بالنهاية لما وصل اليه مطهري. حين يختتم صراعة الفكري مع توينبي بهذه العبارة "البشرية في المستقبل لا حيلة لها سوى اللجوء الى الايمان, أي معرفة الله مقرونة بالخضوع له, ان الاضطرابات البشرية المستعصية عن الحل والمشاكل المعاصرة كلها ناشئة من الفراغ المعنوي الاخلاقي".
ان اقراري بعقلانية مطهري لا يعني الانكار لدور العلم الذي اصبح يخدم الانسان كدابة في صحراء قاحله, لكن الاعتكاز على العلم فقط وفقط لخلاص البشر والعيش بجنته - كما يرى توينبي- لا يتم الا باقتران السلب بالإيجاب كما هي الكهرباء اليوم, والا لا نفع بعلم بلا طمأنينة وسلام داخلي كما لا نفع بأيمان مقيد.
لنلقي نظرة الان على واقعنا الحالي, ما رأيكم لو قلنا ان القطبان يسودهما الافراط والتفريط الذي يجعل منهما بعدين تمام البعد عن بعضهما البعض, دونما اتحاد وخلاص. ان يكون العلم مادة الغرب ويكون الايمان مادة الشرق, بينما تزداد تطور العلوم هناك تغلي حمى العودة للرب والايمان هنا, ان الاديان والطوائف لتتصارع لأجل الايمان وهو شعارها, اليس كذلك؟!
بالنهاية, يمكننا ان نذكر القارئ بمقدمة المقال, حيث الايمان مسيطرا والعلم ثائرا, بينما اليوم بات المعادلة عكسية, العلم يسيطر والايمان يبحث عن ثورة للبقاء والتوازن. وهكذا كانت ومضة من صراع يجر خلفة فلسفات وأفكار, ايدولوجيات وسياسات, انسان ورحلة تنتهي ذات يوم.



#كريم_محمد_السيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكاريزما الثقافيه
- الادلجه الفكرية للمثقف
- صراع المعتقد في دائرة الاقناع البشري
- القاصد والقصيده الاعلاميه
- اين المفكر؟
- رفقا ببغداد
- التطاول على المقدس ظاهره مُدانه
- التفاؤل يدحض الخوف من الاتي
- في عيد المرأه
- المثقف قائدا
- ثقافة السب واللفظ المعيب
- الانظمه الجوفاء , حل ام مشكلة؟
- امير الفقراء فاسد
- هل يمكن ان يكون الاختلاف افيون الانسانيه؟
- انفلونزا طائفيه
- ابجدية الديمقراطية
- التضييق الاقليمي
- ذهب الزعيم, ابتشروا!!
- الاستقرار السياسي
- دخيل بختج يمريكا!


المزيد.....




- من دبلن إلى باريس ولندن وروما.. الآلاف يتحدون برفع صرخة واحد ...
- أبصر النور يوم السابع من أكتوبر.. فكان عامه الأول شاهداً على ...
- العراق يستقبل المزيد من اللبنانيين ويؤكد قدرته على حماية أجو ...
- ما هي فرص اندلاع حرب شاملة في الشرق الأوسط؟
- عشية ذكرى -طوفان الأقصى-.. مظاهرات حاشدة في عدة مدن إسبانية ...
- مظاهرات في واشنطن ضد تزويد إسرائيل بالأسلحة والمطالبة بوقف ا ...
- ماسك يتحدث في تجمع ترامب الانتخابي بموقع تعرض فيه المرشح الج ...
- ماكرون يعلن عن مؤتمر دولي لدعم لبنان وتعزيز الأمن في جنوبه
- باريس تنتقد تصريحات نتنياهو بشأن دعوة ماكرون لوقف توريد الأس ...
- أرمينيا تسعى لتعزيز الشراكة مع الناتو


المزيد.....

- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج
- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - كريم محمد السيد - عن صراع العلم والايمان