وهبه محمد نور الدين
الحوار المتمدن-العدد: 4144 - 2013 / 7 / 5 - 23:34
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هل باع الاخوان مصر؟
لم يكن هدف الإخوان المسلمين عندما أنشئت على يد حسن البنا تهدف الى دخول فى سياسات او تبحث عن سلطة ولكن كانت نشأتها فى الأصل كجماعية دعوية ولكنها بعد ذلك تطورت أهدافها حينما زادت أعدادها الى ان وصلت الى حكم مصر بعد ان كانت فى السابق جماعة محظورة بعد صدامها مع عبد الناصر آنذاك , تمثلت الإخوان فى حكم مصر فى شخص الرئيس المعزول حاليا محمد مرسى العياط الذى كان واجهة لحكم الاخوان , واستمر الحكم لمدة عام بعد جاء بانتخابات شرعية أدلى فيها الشعب المصرى بأصواته لاول مرة بنزاهة بعد ثورة يناير العظيمة , من حسن حظ الدكتور مرسى ان نجاحه جاء كأحد خيارين اما تولية الإخوان المسلمين حكم مصر او العودة بالزمن وعودة النظام القديم الممثل فى احمد شفيق المنافس آنذاك لمحمد مرسى وتجمع الشعب الثائر على انه لا بديل من دعم مرسى ولنرى ما ستخبئه الأيام فى ظل حكم الاخوان المسلمين بتاريخهم الغامض المثير للريبة , ولكن ما حدث فى ظل هذا العام كانت القرارات الرئاسية والخطب الرنانة وظهور جماعات وافكار وتصرفات على السطح بعد ان كانت اختفت لعقود كافيا لان يجعل اغلب المصريين يرفضون هذا الحكم الذى يدعوا تارة للتكفير لمن يعارضه وتارة للترهيب والتخويف لمن يفكر ان يرفضه .
ليس هذا كل شيء لقد ضاق الناس ذرعا بالحياة اليومية من اختفاء للبنزين والسولار والغاز وانقطاع الكهرباء وغلاء المعيشة فى ظل انهيار اقتصادي وانخفاض قيمة الجنيه بشكل غير مسبوق فى فترة قصيرة مما ساهم فى غلاء الأسعار بشكل ملحوظ , كما انتظر الناس كثيرا القصاص للشهداء الذين سالت دمائهم ودمعت اعين أمهاتهم وأمهات مصر جميعا على خيرة شبابها الذين كانت مطالبهم لمصر وليست لأشخاصهم ولم يستكثروا أرواحهم فى سبيل هذا الوطن انها ليست كلمات محفوظة نكررها لكن بالفعل دماء سالت على طريق حرية مصر ليس هذا كل شيء بل انتظر الشعب المصرى ان يرى اى جديد او اى تغيير لكن ماحدث قد خيب كل الظنون لم يفى الرئيس الاخوانى المنتخب بوعوده بل على العكس من ذلك بادر بنشر اهل الثقات وليس اهل الكفاءات من جماعته فكانت حكومة لا ترتقى باى حال من الأحوال ان تكون حكومة لأكبر بلد عربي بالمنطقة بل اختفت منها الكفاءات بالكامل وكان هذا التخبط هو نفس النهج الذى انتهجه الرئيس فى كل قراراته وتعيينه لكل مناصب الدولة برجاله المخلصين.
لكن هناك شيء غامض تجاهلناه وهو اين النظام القديم بكل ادواته اين ذلك النظام الذى كان مسيطرا على مصر كلها هل نتوقع انه بعد ثورة يناير وبعد الانتخابات الرئاسية التالية للثورة ان يختفى ويعلن تسليمه بالامر الواقع ويدعو بنجاح النظام الجديد المنتخب
بالطبع لن يصدق هذا الكلام اى عاقل , النظام القديم لم تختفي إلا أشكال قياداته من الصورة الإعلامية فقط لكنهم موجودين فى الكواليس ورجالهم لازالوا فى اماكنهم , من اكبر أخطاء الرئيس السابق محمد مرسى انه لم ينتبه لذلك بل على العكس بكل سهولة كانت افعاله هو وجماعته ميسرة للطريق امام رغبات النظام الحاكم القديم , بلا شك ان تلك الرغبة فى الرجوع الى مصر وحكمها مرة ثانية كانت واضحة فى كل الخراب الذى حدث طوال السنة الماضية فى حكم الرئيس السابق محمد مرسى وهم قادرون على ذلك بما لهم من ادوات ورجال هنا وهناك بلا شك النظام القديم يمتلك قوة لا يستهان بها وكانت واضحة محاولات افشال الحكم الاخوانى , فالغالبية من رجال الشرطة كانوا يرفضون حكم الإخوان وهو ما يفسر نزولهم الى الميادين كثائرين ورفض اغلب رجال القضاء ايضا وآخرون من مختلف المؤسسات لحكم الاخوان لا يخفى ان كل مؤسسات الدولة كان بها بعض رموز ومحبي النظام السابق الذين قاموا بدورهم لمساعدتهم فى افشال حكم شعبي منتخب وكان لسوء الحظ ان هذا الحاكم المنتخب قد فتح لهم الباب واعظاهم فرصة إفشاله بأفعاله هو وجماعته واكتسب بجدارة غضب المصريين, النظام القديم كان بالذكاء والقوة الكافيتين لإفشال اى رئيس ياتى بعدهم وجعل الناس تندم على ثورتها والترحم على الايام الماضية , لكن ايضا بكل غباء أتاح الإخوان المسلمين لهم الفرصة بأفعالهم وجشعهم على السلطة وتكالبهم عليها , هل يعقل ان ما فعله النظام القديم فى ثلاثون عاما من نشر رجاله فى كل مكان فى الدولة كان الرئيس السابق محمد مرسى يحاول ان يفعله وينشر رجاله فى محاولة لاخونة الدولة فى عام لقد هيأ الاخوان بطمعهم على السلطة فرصة كبيرة للشعب لكى يكره حكمهم بل وسماحهم لتيارات دينية مختلفة ان تظهر فى الصورة وان يتضح انها على تواصل مع السلطة الحاكمة كان ذلك كافيا لتخويف المصريين ولإثارة غضبهم
لم يدفع احدا المصريين الذين نزلوا مطالبين برحيل مرسى الى الميدان بل كان الدافع من تقديرهم لسوء الأوضاع فى خلال السنة الماضية من حكم الإخوان
ولكن ذلك لم يمنع ان النظام السابق فرح بهذا وخطط لإفشال اى حكم بعده ولا يزالوا يتمنون ان يعودوا الى المشهد مرة أخرى بلبس أقنعة الثوار ظنا منهم ان الثوار الذين رفضوا حكمهم فى 25 يناير من قبل ورفضوا تسلط غيرهم فى 30 يونيو الحالي أنهم ينخدعون فيهم وينسون الدماء التى فى رقابهم , لن ينسى المصريون دماءا سالت على تراب هذا الوطن لتخليص رقابنا من قبضة هؤلاء المستبدين
اذا نزلت الناس فى 30 يونيو كثورة على الأخوان هذا لا يعنى انهم يحنون للنظام القديم الذي بدات رموزه تظهر مرة أخرى مدعين انهم ساندوا المصريين فى ثورة يونيو لكن تغير أقنعتهم صورهم الملطخة بالدماء , ايضا أضاع الإخوان المسلمين فرصة ذهبية قدمت لهم من الشعب المصري بعد ان كانت لسنوات طويلة جماعة محظورة وكانت تكسب تعاطف المصريين لما يلاقون من تعذب وقمع فى النظام القديم.
#وهبه_محمد_نور_الدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟