|
رسالة مفتوحة الى برهان شاوي
خالد السلطاني
الحوار المتمدن-العدد: 1187 - 2005 / 5 / 4 - 12:37
المحور:
المجتمع المدني
الدكتور العزيز برهان شاوي المحترم اللجنة التحضيرية للحزب الكوردي العراقي تحية ، اسمحوا ، ايها الاستاذ الكريم ، ان اقدم لكم ومن خلالكم الى رفاقكم المحترمين ، تمنياتي الصادقة بالنجاح والموفقية ، بمناسبة تشكيل لجنة تحضيرية معنية بتأسيس كيان سياسي عراقي جديد هو " الحزب الكوردي العراقي " . وفي هذه المناسبة ، يغمرني ، كشخص ، يعتبر نفسه معاضدا ومساندا لقضية الكورد الفيليين ، شعورا مفعما بالامل ومشوبا بالفرحة ، للنية المباركة في تأسيس هذا التنظيم االطليعي ، المرجو منه ان يكون احدى الادوات المؤثرة للدفاع عن قضايا الكورد الفيليين وارجاع حقوقهم العادلة المستلبة . لقد عانى شعبنا العراقي ضروبا ً متنوعة من التعسف والجور والظلم والارهاب ابان النظام البعثي الصدامي البائد ، لكن معاناة اهلنا الفيليين كانت ذروة اجراءات ذلك التعسف والجور والظلم والارهاب ، الذي طال اثره جميع بنات وابناء هذه الفئة الوطنية والمسالمة والمحبة للعمل والتواقة للتعاون . والانكى من ذلك ان ضروب تلك المعاناة ، التى تحملها الفيليون بجلد وصبر نادرين ، والتى اثارت دهشة العالم وتعاطفهم ، لم تكن مبررة اطلاقا ً ، بل ومدانه اخلاقيا ً وسياسا ً ودينيا ً . وستظل محنة الكورد الفيليين ومأساتهم ، التى عانوها بسبب سياسات النظام الديكتاتوري التوتاليتاري ، ستضل تمثل صرخة مدوية تطالب بانزال اقسى العقوبات ضد اولئك الذين خططوا وشاركوا ونفذوا تلك الجرائم الوحشية والجائرة ، التى ترتقي بظلمها وبشاعتها ، مثيلاتها من الجرائم الكبرى الموجهة ضد الانسانية ! . ان ما يمنحنى رجاءا واملا برؤية تمتع الكورد الفيليين بحقوقهم عاجلا ً، تلك الحقوق التى استخف بها النظام الاستبدادي المقبور ، هو وجود طبقة طليعية من المثقفين الوطنيين الواعيين ، وانت ، ايها الصديق العزيز ، احد ممثليهم الشرفاء ، الذين نذروا انفسهم للدفاع عن قضية حقيقية ومحقة وعادلة وواضحة المعالم ، والتى يحاول البعض من معدومي الضمير تجاهلها وحتى انكارها . وآن الاوان ليأخذ الكورد الفيليين مكانتهم ومكانهم الطبيعيين ضمن مكونات نسيج المجتمع العراقي ، النسيج الذي نأمل ان يكون متماسكا ً ، وقويا ً ، وان يكون اعضاء مجتمعه محبين للخير، ومعترفين ومدافعين عن حقوق الاخرين غير المنقوصة . وبعيدا عن فكرة الزعم ، بان اكون مصدرا ً لطرح اراء معينة ، او مناديا بشعارات محددة ؛ اود ان استميحكم عذرا ً ، في ايراد ملاحظة ، اراها مؤاتية ، وربما نافعة ، صادرة من معاضد لقضية الكورد الفيليين العادلة ؛ ويحسن ، كما اعتقد ، ان تكون حاضرة وانتم في صدد نقاش مسودة الكيان السياسي المزمع تشكيله . ليس ثمة جدال بان الاكراد الفيليين تعرضوا لابشع صنوف القهر والمظلومية ابان النظام الديكتاتوري البعثي البائد . وقد اشرنا الى ذلك في مطلع هذه الرسالة . لا احد يمكنه ان يتغاضى عن ذلك ، فقط عتاة المجرمين الارهابيين ، فاقدي الحس الانساني السوي ، بمقدورهم ولوحدهم نكران ما عانى الكورد الفيليين من مظلومية عالية ، بدون ادنى مبرر او سبب مقنع ! بيد ان هذه المحنة الانسانية ، يتعين ، في رأي ، ان لاتكون مصدرا ً لحالة من التفرد " الفجائعي " ، والارتقاء بها كحالة خاصة ومتقدمة عن المظالم الاخرى ، التى انزلها النظام الاستبدادي في حق الاخرين ؛ بمعنى آخر ، لا ينبغي ان تكون مأساة الكورد الفيليين سدا ً وحاجزا في عدم الاحساس بمظالم الاخرين ؛ فالظلم واحد ، وآلام ضحاياه متشابهة ، والقتل نتيجته واحدة ، رغم تنوع الاساليب والطرق المستخدمة . لقد مرت فئات وطوائف وشعوب وقوميات عديدة ، على امتداد التاريخ الانساني ، في مآسي مماثلة لما عانى به الكورد الفيليين بالعراق . لكن حديث بعض ٍ من تلك الكيانات في استذكاراتها لتلك الفواجع ، وشعارات استدعاءتها ، ظل قرين خطاب مأساوي يتبنى رؤية بعينها ، رؤية تمجد معاناتها " المتفردة " عاليا ، وتتماهى مع ماهية الحدث الكارثي الذي عانته ، بحيث وصل بها الامر الى انكار تماثل محنتها مع محن الاخرين التى مروا بها ، طمعا للحصول على تعاطف منتظر ودائم وكثير . لكن هوس " التغني " والتمجيد الزائد احيانا ً ، التى دأبت على تكراره بعض تلك الكيانات ، افضى بكثير من الحالات الى نتائج معكوسة ، اضرت كثيرا ً بقضايا المظلوميين الحقيقية ، جراء تكرارالاشارات المبالغ بها لجهة تأكيد نزعة التفرد الفجائعي . لا ازعم بان مثل هذه الافكار او الممارسات هي الان رائجة اوسائدة في مناطق تجمعات الكورد الفيليين ، بيد ان هول ما وقع عليهم من ظلم وجور وانتهاك ومظلومية ، قد يغرى البعض منهم لسلوك مثل تلك المقاربات التى اشرنا اليها . هل اوصلت اليكم ، تماما ما اريد ؟ باختصار شديد ، لا اتمنى ، وانا القريب من مآسي الكورد الفيليين ، وهم على اعتاب حدث سياسي مبارك ، ان يجعلوا من محنتهم حالة خاصة ومتفردة ، تقنعهم " بخصوصيتها " ، ويمكن لها ، ان تؤدى لاحقا ً الى عدم الاحساس ، وحتى عدم الاكتراث بمظلومية الاخرين. ولعل طبيعة الطروحات وومغزى المناشدات التى وردت في بلاغكم الاخير ، عن اعمال اللجنة التحضيرية ، كفيل لان يجعلني واثقا ومطمئنا ، بانكم ومعكم رفاقكم الاخرين الطامحين لتأسيس هذا الكيان ، ستجعلون من المآسي التى مر بها اهلنا ، واهلكم ، مناسبة مؤاتيه لبلوغ هدف مشترك يؤسس لمبادئ حقوق الانسان ودولة المؤسسات الدستورية وقيم المجتمع المدني المتكافئ .
اغتنم هذه الفرصة لاقدم لكم اسمى اعتباراتي ، المخلص د . خالد السلطاني معمار واكاديمي
#خالد_السلطاني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صفحات منسية من تاريخ العراق المعماري: مبنى مجلس الامة-الى ال
...
-
تحية الى 9 نيسان المجيد
-
نكهة العمارة المؤولة
-
مصالحة ام ... طمس حقوق؟
-
مقترح شخصي ، لادانة جماعية
-
المشهد المعماري في الدول الاسكاندينافية بين الحربين - صفحات
...
-
الانتخابات و - رياضيات - الباجه جي المغلوطة
-
العمارة في العصر الاموي : الانجاز والتأويل - مقدمة كتاب ، يص
...
-
تجليات العمارة العضوية : نتاج رايت في الثلاثينات - صفحات من
...
-
في ذكرى عبد الله احسان كامل
-
بزوغ( الار نوفو .. واختفاؤه ) تيارات معمارية حديثة _ من كتاب
...
-
قضايا في العمارة العراقية :العمارة ، بصفتها منجزا ً ثقافيا
-
ثمانينية خالد القصاب : المثقف المبدع ، المتعدد المواهب يتعين
...
-
صفحات من كتاب سيصدر قريباً - العمارة الاموية : الانجاز ، وال
...
-
تيارات معمارية حديثة : التيار الوظيفي
-
صفحات من كتاب سيصدر قريباً - العمارة الاموية : الانجاز والتأ
...
-
موالي - صدام المُدَّعِية - بالثقافة - تسعى - لتبييض - سيرة ا
...
-
عمارة جعفر طوقان : فعل الاجتهاد التصميمي
-
المُعـلمّ - بمناسبة رحيل فائق حمد
-
معالي العمارة المهنية
المزيد.....
-
مؤسسات الأسرى: 90 معتقلاً سيفرج عنهم يوم غدٍ ضمن صفقة تبادل
...
-
بيان مشترك للمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا بشأن الأونروا.. م
...
-
بيان مشترك -بريطاني فرنسي ألماني-: -الأونروا- لا يمكن استبدا
...
-
روسيا تكشف عن جرائم مروعة لقوات أوكرانيا في كورسك وتخطر الأم
...
-
رغم قطع إسرائيل العلاقات معها.. وكالة الأونروا تواصل عملها ف
...
-
الأونروا تواصل عملها في غزة والضفة رغم الحظر الإسرائيلي
-
زاخاروفا تعلق على زيارة زيلينسكي لمعسكرات التعذيب في ذكرى ال
...
-
إسرائيليون يحتفلون بإغلاق مقر الأونروا في القدس
-
الأسرى التايلانديون المفرج عنهم يصلون إلى مستشفى في تل أبيب
...
-
عاجل | أبو عبيدة: كتائب القسام ستفرج غدا السبت عن الأسرى الص
...
المزيد.....
-
أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|