|
لنكن أصحاب رأي أولا
عدنان هواش
الحوار المتمدن-العدد: 1187 - 2005 / 5 / 4 - 12:30
المحور:
المجتمع المدني
إذا كان كل ممنوع مرغوب فإن كل ممنوع جذاب فالأحلام والأماني بطبيعتها وردية وهذا حالنا كشرقيين عامة وشعوب عربية خاصة مع هذه المفردات التي نسميها حرية التعبير عن الرأي والتي كم تغنينا بها على إيقاع مسبة الحاكمين ونظمهم الاستبدادية حتى أن الكثيرين أخزهم بريق هذه الأمنية ليقفوا فتغزلين بمظاهرها الخارجية دون الولوج في مضامينها و استجلاء الإمكانيات التي تجعلنا مؤهلين لممارستها عند تحققها . لنحاول أن نضع أحلامنا الوردية جانبا . أن نتلمس الأعذار للقائمين على أنظمة الحضارة ولو كان من الصعب أن تخرج هذه الأعذار من القلوب لنقل أنهم تربوا على أعراف وعادات هذا المجتمع فهم أفراد منهم ولندخل في مصارحة مع أنفسنا متسائلين أين واقعنا الحالي أي أهلية ممارسة الرأي ولنذهب في مصارحة النفس الى النهاية فهل نحن في سوادنا الأعظم أصحاب أراء حرة بما تعني هذه الكلمة أم نحن مساقين بذاكرة تاريخية متخمة من جهة وبأنانية فردية شديدة النهم من جهة أخرى . قد يتهم هذا القول بأنه إفراط في التشائم أو تشكيك في المقدرات كما درج البعض على أطلاق هذه التسمية على كل من يمس أي هامش تاريخي أو اجتماعي من هوامشهم المعتبرة وقد يقول سائل ثالث وقوله منطقي طبعا ألا ترى في هذا الكم الهائل من حملة الشهادات العالية وأصحاب الألقاب الأكاديمية أصحاب يتمتعون بأهلية التعبير عن الرأي بل والقدرة على تعميمها على غيرهم . إننا ومع الاحترام والتقدير الشديد لتلك القلة من الشخصيات التي لم تستطع صيحاتها حتى الآن أن تصنع بواكير ربيع الرأي ومع العطف على تلك الأفواه المكمومة و المنكفئة على نفسها والتي لا أرى تعبيرا عن واقعها أبلغ بل وأجمل مما جاء على لسان شاعرنا الكبير المرحوم نزار قباني في أحدى مقابلاته التلفزيونية حيث قال : "إن كل ما في الوطن العربي من أكسجين غير كافي أن يتنفس شاعر واحد بحرية" ومع اعترافنا بهذا الجيش الجرار من أصحاب الأقلام بهذا الضجيج الهائل لتلك المنابر وما تبثه علينا من طروحات قومية واجتماعية من مقالات وخطب تدعو إلى الإخاء الإسلامي إلى الحوار و نبذ العصب و الاعتراف بالأخر . ولكن هل يستطيع أن ينبري قائلا أن كل ذلك استطاع أن يحدث ولو اختراق بسيط في الغشاء الطبلي للأذن العليا للمتلقي العربي إذا ادعى أحد بذلك فإن الأحداث الدائرة والتي دارت سابقا تشهد على أن ما يدور في دهاليز القناعات ويخرج بالتالي على المجالس الخاصة غير ما يحكى على الملأ وأنه ما قدر لتك القناعات الداخلية أن تعبر عن نفسها بصراحة إلا وكان هذا التعبير انعكاسا لواقعنا المتخلف من عشائرية _ طائفية _ مذهبية وعرقية ودليلنا على ما نقول هو ندرة الأصوات التي انطلقت مغردة خارج سربها قلة عدد الخطى التي رضيت أن تسير عكس التيار وحتى التي رضيت فلن يكون ذلك من اخل تصحيح مجرى ذلك التيار وتقويم اعوجاجه بل لتحل محل أصحابه وتزيد في الطين بلّه وباختصار كم يستطيع القارئ العربي العلماني أن يعدد لنا من أسماء الشخصيات ذات الطابع المميز و الخاص بها - أي التي بلغت بها الجرأة أن تقول أنها يمكن أن تدور فقط - ومن أين ستأتي هذه الخصوصية إذا كانت الآراء وليدة التصورات و التصورات وليدة المعارف و المعلومات ولا يخفى على احد أن كل معارفنا مقولبة لا تحتاج إلى أي قوى فكرية من محاكمة أو استنتاج أو مقارنة أو تحليل بل تطفو على السطح تلقائيا و أسوق هنا رأيا لأحد المفكرين قرأته منذ زمن وجدت به أوضح تعبير عن هذه الحالة . يقول الرجل بما معناه "إن المعارف عند كل الأمم هي أن يعلم أبناءها أشياء جديدة ليست معروفة عندهم أما نحن فالمعرفة عندنا أن تعلم ما هو معلوم في وسطك أي ما قاله أجدادك وأجداد أجدادك ....... وقد رتب على هذه الحالة عدة نتائج تتلخص في تصوير هذا الكم الهائل من التراكم النقلي الموروث و الذي شكل أثقال ناخ الفكر تحت وطئتها ومنعته من النهوض و الانطلاق وأنا إذ أعتذر من صاحب هذه الفكرة لأنني لم أستطع بالتسلسل المنطقي و الواضح الذي ساقها هو به بالمقابل ما فتحت التلفاز يوما وطالعتني شاشته بأحد الوجوه المتخصصة بالعلوم التاريخية من أدبية أو شرعية أو اجتماعية و هو يأخذك في سراديب الماضي مع حدثنا أبو عن ابن و ابن عن أبو ما حدث ذلك يوما إلا ورأيت نفسي أتوجه بالدعاء إلى الله أن يرحم ذلك الرجل صاحب تلك الفكرة الفوتوغرافية التي ذكرتها سابقا ولا أرى نفسي مغاليا إن قلت إنني ما رأيت نفسي بإيذاء شخصية لها رأيها الخاص أي أتوقع أن اسمع منها شيء جديد لا يسمعه القاصي و الداني إلا عندما اسمع مقابلة تلفزيونية مع أحد الفنانين ذكرا أو أنثى وقد صارحت العديد من الأصدقاء بهذه الحالة فوجدتهم يشاطرونني نفس الإحساس .
#عدنان_هواش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحياد في مواقع العمل جريمة
المزيد.....
-
الأونروا: النظام المدني في غزة دمر تماما
-
عاصفة انتقادات إسرائيلية أمريكية للجنائية الدولية بعد مذكرتي
...
-
غوتيريش يعلن احترام استقلالية المحكمة الجنائية الدولية
-
سلامي: قرار المحكمة الجنائية اعتبار قادة الاحتلال مجرمي حرب
...
-
أزمة المياه تعمق معاناة النازحين بمدينة خان يونس
-
جوتيريش يعلن احترام استقلالية المحكمة الجنائية الدولية
-
العفو الدولية: نتنياهو بات ملاحقا بشكل رسمي
-
مقرر أممي: قرار الجنائية الدولية اعتقال نتنياهو وغالانت تاري
...
-
جنوب السودان: سماع دوي إطلاق نار في جوبا وسط أنباء عن محاولة
...
-
الأمم المتحدة تحذر من توقف إمدادات الغذاء في غزة
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|