|
بشار الأسد والفرصة التاريخية
سليمان يوسف يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 1187 - 2005 / 5 / 4 - 10:18
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
قبل أيام، وتحديداً في السادس والعشرين من شهر نيسان، أنهت القوات السورية انسحابها الكامل من الأراضي اللبنانية المتواجدة في لبنان منذ 29 عاماً، والتي دخلت لبنان باسم الشرعية اللبنانية، لوقف الحرب الأهلية، ومن ثم أصبحت بموجب قرار الجامعة العربية قواد ردع عربية، ولتخرج أخيراً بقرار وضغط من الشرعية الدولية التي بدات تنظر، في السنوات الأخيرة، لهذا الوجود العسكري والمخابراتي السوري على أنه احتلال للبنان، وبالفعل تحول هذا الوجود، بعد أن طال أمده وفقد مبررات وجوده وانحرافه عن وظيفته، بنظر الكثير من اللبنانيين الى جيش احتلال. بهذا الانسحاب، تكون سوريا قد التزمت بتنفيذ ما يترتب عليها بالنسبة لقرار مجلس الأمن 1559، ويكون الرئيس بشار الأسد، قد أوفى بما قاله في الخامس من آذار الماضي تحت قمة البرلمان السوري امام أعضاء مجلس الشعب، وقد صفقوا بحرارة وحماس شديدين لقرار الانسحاب، وقد برره الرئيس ودافع عنه بالقول: أننا نعلن انسحابنا من لبنان بعد أن أنهى الجيش السوري مهمته بنجاح في توقيف الحرب الأهلية اللبنانية واستتباب الأمن في البلد الشقيق لبنان وتحقيق المصالحة الوطنية بين اللبنانيين عبر اتفاق الطائف.ومن المؤكد بأنهم( أعضاء مجلس الشعب) كانوا سيصفقون بذات الحرارة والحماس، لو قال الرئيس بشار الأسد: لا لن نسحب جيشنا من لبنان، تحت الضغوط الأمريكية والدولية، لأن في ذلك،خدمة لإسرائيل، و مهانة وطنية وقومية وانتقاص للسيادة اللبنانية والسورية معاً. ماذا لو: أن الرئيس بشار الأسد، نراه وهو يفتتح المؤتمر القطري العاشر لـ(حزب البعث العربي الاشتراكي) في حزيران القادم، بصفته الأمين العام القطري، وهو يقول: هذا آخر مؤتمر قطري بتاريخ حزب البعث، كحزب حاكم في سوريا، ذلك استجابة للضغوط الداخلية، ونزولاً عند مطالب قوى المعارضة الوطنية بأطيافها ولجان ومنظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان السوري، واستكمالاً لعملية الإصلاح والتحديث والتحول الديمقراطي، التي أعلنا عنها في خطاب القسم، في 20-7-2000 وتمشياً مع التحولات والتطورات السياسية والثقافية والاجتماعية التي حصلت في المجتمع السوري منذ انقلاب البعث على السلطة عام 1963.... مضيفاً الرئيس بشار: والآن حان الوقت لينسحب حزب البعث من الحياة السياسية السورية-كحزب حاكم-، بعد أن أدى حزب (البعث) دوره الوطني ونجح، بعد أربعة عقود من الاستبداد السياسي والحكم الشمولي المطلق، في تثبيت أركان الدولة وترسيخ الاستقرار السياسي في سوريا، خاصة بعد ان سقطت الأهداف القومية لحزب البعث...، ليترك المجال والحرية للشعب السوري ليختار، وبشكل ديمقراطي وحر، شكل النظام السياسي والاجتماعي والاقتصادي الذي يرغب به.ومن المؤكد، بان جميع أعضاء المؤتمر - وإن كانت الأكثرية غير راغبة بذلك- سيصفقون بحرارة وحماس شديدين لموقف وإعلان الرئيس بشار الأسد، ويتكرر المشهد ذاته الذي استمتع المواطن السوري بمشاهدته تحت قبة البرلمان في الخامس من آذار الماضي، وإن اختلفا في الموضوع والخلفية، ذلك لأن معظم أعضاء مؤتمر حزب البعث هم نسخة عن اعضاء مجلس الشعب، وهم خريجي نفس المدرسة الحزبية والسياسية وحاملي ذات الايدولوجيا والثقافة، وبالتالي هم بدون مواقف ورؤى سياسية ولم يكن لهم يوماً دور في رسم سياسية البلاد أو في اتخاذ القرارات المصيرية. ثم، وبعد انتهاء أعمال المؤتمر القطري لحزب البعث، يذهب الرئيس بشار الأسد، الى مجلس الشعب، حاملاً دستوراً جديداً للبلاد، شاطباً على الجبهة الوطنية التقدمية التي انتهت صلاحياتها وانتفت مبررات وجودها منذ سنوات طويلة، ولاغياً كل من المادة الثالثة، الخاصة بدين رئيس الدولة، والمادة الثامنة، التي تنص على أن، حزب البعث قائد الدولة والمجتمع، وكل المواد والنصوص والقوانين السورية، التي تميز بين المواطنين على أساس الانتماء الديني أو القومي أو السياسي. دستوراً وطنياً يعطي الحق والفرصة، لكل مواطن سوري، عربياً كان أم آشورياً(سريانياً) ، كردياً أم أرمنياً، مسلماً كان أم مسيحياً، دون تمييز أو تفضيل بينهم، لأن يترشح لمنصب الرئاسة وينتخب عبر صناديق الانتخاب وليس الاستفتاء، والانتقال بسوريا من مرحلة الشرعية الثورية الى الشرعية الديمقراطية. ويلغي قوانين الطوارئ والأحكام العرفية وكل ما يرتبط بها، من محاكم وأحكام استثنائية ، ويطلق سراح جميع المعتقلين السياسيين ومعتقلي الراي ويدعو جميع المنفيين للعودة الى وطنهم سوريا. دستوراً جديداً يؤسس لدولة حديثة، تقوم على عقد اجتماعي وسياسي وطني جديد، تجسد مفهوم الدولة الوطنية وحقوق المواطنة، دولة يعمل الجميع فيها شركاء تحت سقف الوطن، دولة يخافون عليها لا يخافون منها.... ومن المؤكد أيضاً، بان يتكرر المشهد ذاته للمرة الثالثة، ويلقى مشروع الرئيس تصفيقاً حاراً من قبل جميع أعضاء مجلس الشعب ذاته. إنها فرصة تاريخية للرئيس بشار الأسد، لأن يدخل التاريخ من جديد ومن بوابته المفتوحة له، بوابة الديمقراطية،لكي يمرر جميع مراسيم وقوانين الإصلاح ، ومن دون شك يمتلك من الأجهزة والقوة والسلطة والصلاحيات التي تخوله وتمكنه على تنفيذها، إذ أنه رئيس دولة، كانت يوماً واحة للديمقراطية الليبرالية وبرجاً للأحزاب السياسية، و شعبها اليوم، متعطش لتلك الحرية والديمقراطية، كما أنه( الرئيس) أمام مجلس شعب، مطيع، لم يتعلم، و لم يجرب أو يجرؤ ، يوماً ولو لمرة واحدة،أن يقول، أحد من أعضائه، لا.. أو يرفض أو يعترض على قرار أو مرسوم أو مشروع رئاسي، إذ وظيفته كانت ،منذ دورته الأولى عام 1973التي بدأت مع عهد الرئيس الراحل حافظ الأسد وحتى اليوم، فقط القول نعم والتصفيق بحرارة وحماس عندما يتحدث الرئيس، حتى قبل ان يسمع ما سيقوله ويعلنه. أقول هذا، وعذراً من الرئيس بشار الأسد، لأنني أخشى، وأعتقد بأنه يخشى معي الكثير من السوريين، أن تنتهي دورة هذا المجلس بعد سنتين، ويأتي مجلس جديد غير مطيع، وغير متعلم على التصفيق وعلى رفع الأيدي بالموافقة و قول نعم على كل شيء، مجلس شعب جديد يأتي، في غير الظروف السياسية المحلية والأوضاع الإقليمية والدولية التي أتت بالمجلس الحالي، عندها ستضيع الفرصة التاريخية على الرئيس وعلى مشروعه الإصلاحي الديمقراطي، وفرصة انقاذ الوطن أولاً: من حزب البعث الحاكم ونظامه السياسي وأجهزته التسلطية التي بدأت تبتلع الدولة والمجتمع،.. ثانياً: من المنزلق الخطير، المواجهة مع أميركا واوربا، الذي قادته اليه السياسات القديمة.فإذا كان قرار الانسحاب العسكري السوري من لبنان قد حقق المصالحة بين الدولة السورية والمجتمع اللبناني، والى حد ما مع المجتمع الدولي، وهذه من دون شك خطوة مهمة، فأنه يبقى من المهم والأهم جداً،أن تتحقق المصالحة والمصارحة، بين السلطة من جهة وبين والمعارضة والمجتمع السوري من جهة أخرى، باعتبارها خطوة ضرورية ومقدمة لا بد من تحقيقها من أجل تعزيز الجبهة الداخلية وتمتين الوحدة الوطنية ومن أجل إنقاذ الوطن من محنته وأزمته الراهنة .
#سليمان_يوسف_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بداية النهاية لحكم البعث في سوريا
-
تركيا الملطخة بدماء الأرمن والآشوريين، هل ستدخل الاتحاد الأو
...
-
أنشودة الحياة والحرية في نيسان
-
آشورييوا سوريا، وهواجس الخوف في عيد الأكيتو
-
الأزمة اللبنانية تحدث تغيراً في خطاب المعارضة السورية
-
هل ستحسم الأزمة الراهنة خيارات الشعب اللبناني
-
آشوريوا المهجر، ما قيمة الوطن من غير حقوق
-
من أجل اصلاح الدولة السورية
-
قراءة غير سياسية للحرب في العراق
-
رؤية آشورية للأحداث الخيرة في الجزيرة السورية
-
حوادث الحسكة والتصريحات المخالفة للمحافظ
-
في سوريا حزب الأغلبية الساحقة يخش الديمقراطية
-
نعم لفتح باب الترشح للرئاسة في سوريا
-
المؤتمر الدولي التاسع للدراسات السريانية
-
في سورية حريات دينية وحرمانات سياسية
-
شرق اسلامي، من غير يهود ومسيحيين
-
نعم للدولة الوطنية ، لا لدولة القوميات في سوريا
-
مسيحيو العراق بين سندان الاحتلال ومطرقة ارهاب المقاومة
-
قانون الأحزاب وعقدة الديمقراطية في سوريا
-
تصريح سياسي
المزيد.....
-
-عليهم أن يدفعوا الثمن-.. ترامب يتعهد بفرض رسوم جمركية على ا
...
-
البنتاغون: لم ننجز بعد تقييم الأضرار التي ألحق بها صاروخ -أو
...
-
سفير إسرائيل: نمضي بمحادثات وقف إطلاق النار مع حزب الله ونحت
...
-
إعلام عبري: الأغلبية الإسرائيلية تعارض اتفاق وقف النار مع حز
...
-
إعلام أوكراني: دوي صفارات الإنذار في ترنوبل غربي أوكرانيا وس
...
-
مسؤول أميركي رفيع يزور السعودية لبحث وقف إطلاق النار في غزة
...
-
أول تعليق لترامب على إسقاط قضيتين ضده بشأن انتخابات 2020 وال
...
-
قاضٍ فيدرالي يرفض دعوى -إلغاء نتائج الانتخابات- المرفوعة ضد
...
-
السفارة الروسية في ليبيا تنشر مقطع فيديو لاختبار شاحنات -أور
...
-
رئيس الأركان الليبي يطلع المنفي على تطورات ملف الحدود
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|