|
عندما تقوم الديمقراطية بالإنقلاب
ناس حدهوم أحمد
الحوار المتمدن-العدد: 4143 - 2013 / 7 / 4 - 08:11
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الديمقراطية هي التي جاءت بمحمد مرسي إلى سدة الحكم بأرض الكنانة مصر . كما أن هذه الديمقراطية إحتاجت إلى الحظ لكي يلعب دوره لفائدة محمد مرسي لأن خصمه أحمد شفيق كان من رموز نظام مبارك الذي خلعته ثورة الربيع العربي . ومع ذلك لم يتفوق - مرسي - على شفيق إلا ببضعة مئات الآلاف من الأصوات فحسب عملا بمقولة أهون الضررين . إذن لعبة الحظ كانت حاسمة أكثر منها لعبة ديمقراطية . بعد سنة كاملة من إدارة شؤون البلد من طرف الرئيس المحظوظ إكتشف الشعب المصري أن الرئيس الجديد ليس رئيسا لكل المصريين بقدر ما هو رئيسا لجماعة الإخوان بالدرجة الأولى . فظهر جليا أنه يريد الهيمنة والسيطرة على مقاليد الحكم وأجهزة الدولة لتثبيت سلطته وسلطة جماعته كما يشير عليه مرشده . وأحكم قبضته على رقبة مصر الدولة ومواطنيها فوضع المقربين منه من الجماعة على الأجهزة الحساسة في الدولة المصرية التي يتصورها وأقال رئيس الأركان للقوات المسلحة المصرية وتلاه بإقالة النائب العام . وبات واضحا أن الرجل يحمل نية سيئة ومبيتة ومخططا لها مع سبق الإصرار والترصد . ووصلت به الوقاحة إلى محاولة الهيمنة على قطاع الثقافة والفن إضافة الى المحافظات أيضا . ذلك ما أثار غضب المواطنين المختلفين مع الجماعة وأجج حفيظتهم . فكان لزاما على الملايين المليونية أن تنزل إلى الشارع وتحتل الميادين والساحات معبرة عن غضبها العارم وتكمل ثورتها أو تصحيحها . فانقسم الشعب المصري إلى شطرين متعارضين وأصبحت الثورة تصحيحية بالدرجة الأولى فتدفقت الجماهير على الميادين العامة حيث كانت قد رابطت من قبل خلال المرحلة الأولى . وأصبحت ثورة 30 يونيه 2013 أكثر جماهيرية وعددا وأكثر قوة وغيظا من ثورة يناير 2011 . الجيش المصري لم يغير جلده أو لونه بل ظل كما من قبل جيشا وطنيا وبطوليا راضخا لإرادة الأمة مصرحا بكل وضوح وذكاء وإخلاص بأنه خارج دائرة السياسة ومهمته حماية الشعب وإرادة الشعب لا أكثر . فأعطى مهلة محددة للمؤيدين للرئيس ولمعارضيه على السواء لكي يجدوا حلا يحقن الدماء ويضع حدا وحلا للأزمة . لكن الرئيس ركب غروره وأصر على تشبثه بالسلطة واستهانته بالظروف الخطيرة المحدقة بالوطن . كما أن خطابه الأخير كان مخيبا للآمال ومستهينا بإرادة الشعب . وساخرا ومحتقرا لرجال القضاء . بيان الجيش بطبيعة الحال كان لفائدة الأمة المصرية ولصالح الوطن من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه . بيان شجاع نجم عن إجماع بين كل رموز التيارات السياسية من كل الأطياف والفعاليات بما في ذلك رموز العقيدة الإسلامية التي يمثلها الأزهر الشريف والمؤسسة الدينية للأقباط كمواطنين مصريين . إضافة إلى الشباب وحركته المتمردة التي كانت الشرارة الأولى والأساسية للثورة ضد نظام مبارك المطاح به في يناير 2011 . هذه ثورة الشعب المصري الذي يقوم الآن بتصحيحها لأن اختيار- مرسي - لم يكن موفقا بل كان خظئا فادحا عززته ظروف معقدة . وأفرزتها صناديق الإقتراع لدواعي تلك الظروف . إذن لماذا يتم الآن إتهام الديمقراطية بالإنقلاب على الشرعية ؟ وهل من الصائب أن يصبر الشعب المصري على رئيس يقود البلاد نحو الهاوية بعد أن خان الديمقراطية ؟ فضائية الجزيرة بدت في خطابها وتحليلاتها منحازة إلى الرئيس الفاشل وجماعته المريضة . لأن دولة قطر الراعية لهذه الفضائية تؤيد الحركات الإسلامية وفي نفس الوقت تضع يدها مع الجهات التي تنتقدها . كما أن أمير قطر الذي يتبنى هذه السياسة الغامضة هو نفسه من قام بانقلاب على والده وهذا السلوك نادرا ما يحدث . ولهذا نراه اليوم يكفر عن ذنبه بتسليم السلطة في قطر إلى إبنه دون أن يستشير شعبه . أما أمريكا التي تكيل بمكيالين أمور الكون فنسمعها تردد على لسان البيت الأبيض كلاما يصف ما حدث كما لو أنه انقلاب حقيقي من طرف الجيش المصري . وهي التي كانت دائما تؤيد الديكتاتورية في كل بقاع العالم وتتغنى بالديمقراطية في حين الكل يعلم بأن أمريكا لا تبحث إلا عن مصالحها وربما هذا من حقها . أما ما حدث في مصر ليس إلا انتصارا لإرادة الشعب. وتسليم السلطة لرئيس المحكمة الدستورية لفترة إنتقالية ثم إجراء إنتخابات مبكرة رئاسية وتعديل الدستور وصياغته في خدمة كل التيارات والأطياف السياسية دون إقصاء أحد بما في ذلك حزب النور السلفي وربما الإخوان أنفسهم إن أرادوا دخول اللعبة السياسية من بابها الطبيعي إضافة إلى حركات الشباب . أفليست هذه الوعود التي سمعها العالم برمته كم خلال بيان قائد الجيش هي الديمقراطية في سياقها الصحيح ؟ أم أن ديمقراطية - مرسي وجماعة المرشد - هي الأفضل ؟ علينا جميعا أن نحترم هذا التصحيح لثورة مصر العظيمة . فإذا ما نجحت الثورة وتغلبت على الصعاب والمؤامرات الخارجية والداخلية بالضرورة سيطال هذا التصحيح كل دول الربيع العربي بما في ذلك الدول الأخرى التي لازالت لم يدركها الربيع بعد . وهذا ما تخشاه قطر ودول الخليج العربي . ندعو بالتوفيق لمصر فهي دائما أمنا ومعلمتنا فإلى الأمام ياشعب مصر العظيم . لقد أعطيت العبرة لكل الشعوب العربية ولما لا لكل الشعوب قاطبة على رقعة العالم برمته .؟
#ناس_حدهوم_أحمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حتمية الدولة المدنية
-
سياج البخار
-
هذا كل ما في الموت
-
حكومة تعميق الأزمة
-
إنهيار العلامات
-
رجل الثلج
-
حكومة سوقها خاوي
-
العلم الصحيح يحيي الناس ولا يفتي بقتلهم
-
وبكت الدالية
-
رد على مقال - كمال كبريال - مبارك ومقارنات لابد منها
-
دفاعا عن الناشط الحقوقي أحمد عصيد
-
ليل الحب
-
الإنفجار القادم
-
زوبعة في فنجان
-
قطار العفونة
-
من تكون ؟
-
في الهواء
-
تطاون المغتصبة
-
الحكمة السوداء
-
الصحفيون الجدد
المزيد.....
-
تحليل: رسالة وراء استخدام روسيا المحتمل لصاروخ باليستي عابر
...
-
قرية في إيطاليا تعرض منازل بدولار واحد للأمريكيين الغاضبين م
...
-
ضوء أخضر أمريكي لإسرائيل لمواصلة المجازر في غزة؟
-
صحيفة الوطن : فرنسا تخسر سوق الجزائر لصادراتها من القمح اللي
...
-
غارات إسرائيلية دامية تسفر عن عشرات القتلى في قطاع غزة
-
فيديو يظهر اللحظات الأولى بعد قصف إسرائيلي على مدينة تدمر ال
...
-
-ذا ناشيونال إنترست-: مناورة -أتاكمس- لبايدن يمكن أن تنفجر ف
...
-
الكرملين: بوتين بحث هاتفيا مع رئيس الوزراء العراقي التوتر في
...
-
صور جديدة للشمس بدقة عالية
-
موسكو: قاعدة الدفاع الصاروخي الأمريكية في بولندا أصبحت على ق
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|