أحمد يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 4141 - 2013 / 7 / 2 - 21:43
المحور:
القضية الكردية
ما سيأتي من كلمات هو التماسٌ ورجاء من كرديّ عانى ما عاناه من البعث الفاشيّ في زمنٍ كانت الكلمة ثمنها سنوات من التغييب في زنازين معتمة، كرديّ وإن دفعته كلماته لمنفىً قسريّ في ركنٍ ناءٍ فإنه يعطي لنفسه الحق في أن يداري ألمه وبعده عن أرض الأحداث ببضع سطور علّها تطفئ لمنفاه لهيبين اثنين، لهيب اغتراب مضنٍ، ولهيب كرهٍ تمتدّ ألسنته إلى قلوب أخوة قد تأتي على كلّ شيء في لحظات.
الكلّ أدلى بدلوه في آبار ومتاهات أحداث مدينة عامودا يغرف منها ما يتمنّاه وما يجول بذهنه وليس ما هو موجود بالفعل. فمنهم من لم يغرف إلا أحقاده المتراكمة في قعر ذاته المشوبة بالطحل والأقذار والوساخات، وثمّة من خرج بماء قراح يثلج ذاك الحريق الكامن في الصدور، له عين زلال يبصر بها، وعقل يتفكر به، ويستشرف به مآلات الحمقى والمتربصين، ويصبّ بدل الزيت على النيران ماءً.
وها أنا ذا أغرف بجامي من نبع دفّاق لا شائبة فيه وهاكم: لعامودا كما لكل روجافا سلاماً، ولشهدائنا في وحدات الحماية الشعبية البطلة أنحني ولتفنى كلّ الكلمات.
لكلّ أفّاك ومدلّس ومتربّصٍ وفتّان ومتصيّدٍ الخزيّ ولتفنى كل القذارات.
أخوتنا في الأسايش أتوّجه إليكم بخطاب مباشر أن نظفوا صفوفكم من المسيئين، حاسبوا من يتجاوز أخلاق الأسايش وكفّوا عن اعتقال أيّ شخص لدواعٍ سياسيّة إن كانت هذه الادّعاءات صحيحة, فأنتم مؤسسة وطنية لحفظ الأمن ولستم جهة سياسيّة أو طرفاً في صراع سياسيّ بين الأحزاب المتنافسة.
أخوتنا في وحدات الحماية الشعبيّة الباسلة مقاومتكم في عفرين وسريه كانية وتل تمر وقسطل جندو وگرزيرو والأشرفيّة والشيخ مقصود ما زالت ماثلة أمام القاصي والداني, لا تمحوها بإعطاء المبررات لجوقة سيدا ومن حام حوله في هولير ومن اأتمر بأمره من تنسيقيات جوفاء.هؤلاء فشلوا في كلّ المرات السابقة بجلب الجيش الحر والكتائب السلفيّة إلى المناطق الكرديّة, فحاولوا هذا المرة من عامودا ولكن مصيرهم الفشل كما في كلّ مرّة. أنتم أيضاً مؤسسة غير حزبية ونعلم مدى الحقد الأسود تجاهكم من قبل بعض الأقلام الدنيئة وسدنة الثقافة المؤيدين المزيفين للثورة والنافخين بقربة اقتتال الأخوة، أفشلوا تربصهم بكم بالحكمة وحسن المعاملة. أنتقدكم لأنكم أنتم أمل غربي كردستان وأزيدُ بأن لا تدخلوا في متاهات السياسة وأن تقفوا على مسافة واحدة من جميع الأحزاب والمنظمات في غربي كردستان ( سوريا ) كما تعلنون ذلك على الدوام, حتى ولو كان أكثر من تسعين بالمئة ممن يناضل في صفوفكم من أنصار الفكر الأوجآلاني.
الأخوة في حزب الاتحاد الديمقراطي: ثّمة حمقى وسياسيّون متكلّسون في مرحلتهم الجنينيّة يراهنون على سقوطكم, ولديّ مطلق اليقين أنّ اتفاقيّة أضنة بين سوريا وتركيا إن لم تستطع إسقاطكم فلن تستطعه أيضاً نكرات هولير, ولكن أيّا يكن فواجب عليكم أن تستوعبوا الجميع وتحتضنوا الجميع مهما كانت درجة عداء البعض لكم، وواجب عليكم انتقاد الخطأ أيّاً كان مصدره، فقوات الأسايش و وحدات الحماية الشعبية ليستا ملك لكم ، بل ملكٌ لهذا الشعب, وليست هناك دواعٍ للدفاع عن خطأ ترتكبه إحدى هاتين القوتين، كما أنّكم لستم مطالبين بتجميل الأخطاء وإيجاد أعذار ومسوّغات ومبررات لها وبالتالي تحمّل كلّ الأخطاء بأنفسكم.
حزب الاتحاد الديمقراطي ب ي د هو أقوى الأحزاب السورية سياسيّاً وتنظيميّاً وشعبيّاً بالأدلة القطعية التي لا مجال لسردها هنا، لذلك فإن التعامل بهذه البساطة والتسطيح الإعلامي مع حدث بحجم الذي جرى في عامودا من صراع وصل إلى درجة الاقتتال وسقوط عدّة ضحايا لم يكن متوقّعاً، بل كان يتطلب فضح لعبة المرتزقة في عامودا بعمق وشفافيّة كبيرين, رغم قناعتي المطلقة بأن الأحداث كانت مدبرة ومخطّطٌ لها منذ محاضرة الكاتب الحاقد جان دوست في ألمانيا عن أساليب محاربة حزب الاتحاد الديمقراطي في سوريا, وانتهاءً بملتقى عبد الباسط سيدا في هولير، مروراً بتصريحات الجحشوك (المرتزق) بيوار مصطفى وتصريحات السيد عبد الحكيم بشار- طفل بارزاني المدلّل- وإدخاله بعض الشباب الذين تلقوا تدريبات عسكريّة من جنوبي كردستان إلى غربيها ( متوهّماً أنه ببضعة مراهقين سوف يستطيع سحب شرعية وحدات الحماية الشعبيّة), كما أنّ الإعلام الكردي بكافّة توجّهاته لعب دوراً سلبياً في أحداث مدينة عامودا.
ميثاق شرف إعلامي كردي: إنّ حزب الاتحاد الديمقراطي ب ي د دائماً كان السبّاق في مجال الإعلام المرئي والمسموع والمقروء, وهو الذي انفرد بإطلاق أول قناة فضائية خاصّة بغربي كردستان لتغطية أحداث الثورة في سوريا وغربي كردستان, بالإضافة إلى افتتاح أربع إذاعات محلّيّة وقناة تلفزيونيّة أرضية خلال سنيّ الثورة. فعندما كانت فضائية روناهي تنقل أحداث الثورة في سوريا, كانت أورينت تتأرجح بين عرضها لمسلسل باب الحارة الجزء ال... وعرضها الخجول لمظاهرة في حماه أو حمص, وكانت قناة زاغروس منشغلة بنقل أخبار اجتماع الفرع 218 للحزب الديمقراطي الكردستاني, وكان السيد حكيم بشار يتودد لسيادة الرئيس مسعود بارزاني لكي يفتح له على الأقل إذاعة اف ام. ولكن مازال هناك ضعف في الأداء الإعلامي لدى حزب الاتحاد الديمقراطي, ليس من الناحية التقنية ولا من ناحية الكوادر وإنّما من جهة صياغة المادة الخبرية وأسلوب الطرح والتعامل مع الحدث. فثمّة ضرورة ملحّة في أن يتمّ إعادة النظر في الخطاب الإعلامي الكردي بشكل عام والتوجّه قدر الإمكان نحو الحرفيّة والمهنية وقدر الإمكان نحو الحيادية التي تنعدم بطبيعة الحال عند كلّ المؤسسات الإعلامية في منطقتنا مثل العربية والجزيرة وكرديّاً كـزاغروس وروداو و روناهي وغيرها. المؤسسات الإعلامية في العالم تشكّل وتبني المواقف السياسية الدولية، وتعمل على بناء الرأي العام في معظم القضايا المصيريّة وذلك من خلال خبراء واستشاريّين في السياسة والمجتمع وعلم النفس لكنّ إعلامنا الكردي عامّة ودون استثناء إمّا هو غافل عن هذه الأمور أو أنه يتقصّد تبنّي هذا الخطاب التجييشي الموجّه - بغض النظر إن كان هذا التجييش الإعلامي يهدف إلى إحقاق قضية عادلة أم غير عادلة - هذا الخطاب بصورته العامة إن لم يتمّ إصلاحه والارتقاء به فهو لا يختلف بمجمله عن الخطاب الإعلامي للأنظمة والأحزاب والمنظمات الكلاسيكية في الشرق الأوسط. فجدير بالإشارة أن تقوم المؤسسات الإعلاميّة الكرديّة بمهامها المنوطة بها دون تحريض وتجييش أو تأليب أو توجيه الاتهامات التي لا طائل منها, وسيكون من المفيد جدّا لو تقوم وسائل الإعلام الكردية بالتعاون فيما بينها ووضع ميثاق شرف إعلامي خاص بها والالتزام به, ولعب دورها في لمّ شمل العائلة الكردية وتقريب وجهات النظر ووضع وحدة الصف الكردي فوق أيّ اعتبار آخر. لقد آن الآوان لكي يتجاوز الكرد في غربي كردستان وسوريا خلافاتهم الحزبية وأن يحلّوا معضلاتهم فيما بينهم بالجلوس معاً واتبّاع لغة الحوار اسلوباً لحلّ كافّة الخلافات, والالتفات إلى إطارهم الأوسع, الهيئة الكردية العليا والالتفاف حولها وتفعيلها وتقويتها, ولتكن أحداث عامودا نقطة التحوّل في تاريخ الكرد وحركته السياسيّة في غربي كردستان نحو المصالحة والتآخي والتشارك في إدارة المناطق الكرديّة في سوريا دون استئثار أي طرف, ودون فرض أي طرف نفسه على الأطراف الأخرى.
#أحمد_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟