|
العفيف الأخضر ، هل حقا أنتحر ؟
جابر حسين
الحوار المتمدن-العدد: 4139 - 2013 / 6 / 30 - 20:37
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
------------------------------- الأسبوع الماضي كنت قد نوهت علي صفحتي في " الفيسبوك " بكتابه المهم : " من محمد الإيمان إلي محمد التاريخ ... القرأن بما هو وثيقة طبية واعترافات محمدية " ، وقلت أن كتابه هذا وكتاب السوداني الأكاديمي محمد محمود : " نبوءة محمد " ، يعدان أخطر وأهم كتابان صدرا في التاريخ حتي الآن في موضوعهما ، حول سيرة نبي الأسلام ، وأوردت – في ذات التنويه – ما كتبه العفيف في مقدمة كتابه حول دور المستشرقين وأهمية ما قاموا به من كشوفات معرفية مهمة في تاريخ الأسلام وعقائده وتشريعاته وعباداته . بالطبع لم يكن يدور بخلدي أن العفيف يمكن يوما ما أن يقدم علي الأنتحار ، فتاريخه النضالي والفكري الطويل وأنحيازه بكلياته لقضايا التحرر والتقدم والأشتراكية ، مدافعا حياته كلها ، عن قضايا الكادين والمقهورين في عالمنا ، تقف كلها ضد أي ميول أنتحارية يمكن أن تعترية أو كآبة تسكنه فتسود إليه حياته فيغشاه الظلام وتظلله العتمة فيكون في بيئة وأحتمالات الأنتحار ! حتي فوجئت هذا الصباح بمقال طويل كتبه صقر أبو فكر في مجلة " السفير " ونشره بها أمس السبت 29/6/2013 ، ونقلته عنها مجلة " أصوات " الصادرة اليوم الأحد 30/6/2013 ، والمقال – علي طريقة الصحفيين – ينعي العفيف بتعديد مسيرة حياته ومآثره ، ويقول بأنتحاره يوم الخميس الماضي 27/6/2013 في شقته في باريس حيث يقيم لاجئا إليها منذ سنوات ! العفيفى يبلغ من العمر97 عاما ، فقد ولد في 1934 ، ويعاني من المرض الكثير جراء تقدمه في السن و سنوات المطاردة والسجن والنفي والترحال والنضال ، لكنه حاضر الذهن ، متقد الذكاء ، يفكر ويكتب بنشاط وهمة عالية ، يكتب المقالات في القضايا المهمة ويؤلف الكتب . نعم ، قال هو بأن كتابه عن نبي الأسلام يعده بمثابة وصية أخيرة منه للعرب والمسلمين وللعالم ، وظل في حمي الكتابة ! لكن ، أن يضع العفيف نهاية لحياته بمحض يديه ، وينتحر ، فذلك ما لا أحتمل تصديقه ، بخاصة أن الخبر لم أجده في أي موقع آخر أو صحيفة أو مجلة أو فضائية ، فرجحت أن خبر أنتحاره مختلق ومنسوج علي خلفية مرضه ، لكنني لا أستبعد حدوثه إذا حدثت له حالات إكتئاب أو أضطرابات نفسية من ذلك النوع الذي يقود المرء لوضع حد لحياته بنفسه ... فلقد كتب خلال الأسابيع الماضية مقالاته الرصينة الراصدة عن مايحدث في موطنه تونس ، وعن ما يجري في مصر وأستعدادات حركة " تمرد " والمعارضون لحكم المرشد ومرسي لهذا اليوم 30/6/2013 للتظاهر ورفض حكم الأخوان في ملحمة شعبية تاريخية في مسيرة تاريخ مصر ، أحسسته في شوق عظيم أن يشهد ذلك اليوم ، ويتمني لو يستطيع المشاركة بشخصه فيه ، فكيف ينتحر قبل ثلاثة أيام من أطلالة ما تمناه وأنتظره ! لا شك أن الخبر مختلق ، ولا صحة له ، لكنني – وأنا أنتظر جلاء الحقيقة – أعيد هنا نشر مقال صقر أبو فكر بكامله ، فهو – في ظني – مفيد بعض الشئ ، من أشاراته حول مسيرة وحياة العفيف ! ومنذ قليل ، قرأت أن العفيف تعرض " لنكسة صحية " حسب ما أوردته " مؤسسة الحوار المتمدن " وثيقة الصلة بالعفيف ، هذا يعني أنه يصارع المرض لا يزال ولم ينتحر ، فيما يلي ما أوردته " الحوار " منذ لحظات : (منذ أيام تعرض المفكر والمناضل الكبير العفيف الأخضر واحد ابرز واهم كتاب مؤسسة الحوار المتمدن إلى نكسة صحية كبيرة، ويرقد الآن تحت العناية المركزة في احد مستشفيات باريس، واليوم تحسنت صحته نحو الأفضل وبدأ يستجيب إلى العلاج.
إدارة الحوار المتمدن في تواصل مستمر مع أصدقاء العزيز العفيف الأخضر لمتابعة وضعه الصحي، نتمنى له الشفاء العاجل والعودة إلى الحياة الطبيعية بأسرع ما يمكن.)
هيئة إدارة الحوار المتمدن
------------------------------------------------------------------- العفيف الأخضر ... موت صاخب لحياة مفعمة بالأمل ! --------------------------------------------------
لم يترك له الزمن إلا الجنون أو الانتحار، فراح يقاومهما بقوة هائلة. وفي خضم هذا الألم العاصف سقط في شراك المرض المستعصي. وعندما فقد الأمل نهائياً، أطلق آخر صرخة، ووضع حداً لحياته بيده؛ وكان موته الصاخب هو النداء الأخير لحياته المفعمة بالأمل قبل أن ينغمر في هلع النهاية. في طفولته القاسية فكّر في الموت مرّة للخلاص من المهانة الاجتماعية والفقر. وعندما وقع انقلاب هواري بومدين في سنة 1965 ضد صديقه أحمد بن بلة واضطر إلى اللجوء إلى المنفى الألماني، فكّر ثانية في الانتحار، لكن فيتنام أنقذته من أفكاره وجعلته ينعطف مباشرة إلى العمل الثوري، ليلتحق في ما بعد بالثورة الفلسطينية في الأردن. وفي سبعينيات القرن المنصرم كان يردد أمامنا في بيروت انه سينتحر خلال عشر سنوات إذا لم تنتصر الاشتراكية في العالم العربي... لم تنتصر الاشتراكية ولم ينتحر العفيف الأخضر. والاثنان، أي الاشتراكية والانتحار، هُزما موقتاً. ولد العفيف الأخضر في قرية «مكثر» التونسية في سنة 1934 لعائلة من الفلاحين الفقراء جداً. وتمكن من الالتحاق بالمدرسة مصادفة؛ فقد كان يرافق ابن صاحب الأرض التي يعمل بها والده إلى المدرسة وينتظره في الصقيع ليعيده إلى البيت بعد نهاية الدروس. وأشفق عليه ناظر المدرسة وأدخله أحد الصفوف، فإذا به يحفظ الدروس بسرعة. لكن والده سرعان ما توفي في سنة 1947، فأصيب بصدمة مروِّعة وبجروح لم يشفَ منها إلا بعد سنوات طويلة. ولعله امتلك من تفصيلات طفولته القاسية هذه دافعاً قوياً للرفض والتمرد وللتفتيش عن شفاء من جرحه النرجسي المؤلم المتجسد بفقره وبوفاة والده. وفي يفاعته كان يميل إلى جميع الكتابات التي تتمرد على الشائع والمألوف وتحض على الثورة. وثمة دافع خفي ربما جعله يختار طريقه إلى دراسة القانون والعمل في المحاماة هو الدفاع عن المظلومين أمثال صالح النجار الذي حُكم بالإعدام بتهمة محاولة اغتيال بورقيبة، وفشل العفيف الأخضر في إنقاذه. وقد تركت هذه الحادثة جرحاً إضافياً في نفسه التي ازدادت قتامة بعد فرض الإقامة الجبرية عليه في سنة 1958. لكنه تمكن في سنة 1961 من الفرار إلى باريس بمساعدة مجموعة ثورية جزائرية. ومن باريس سافر إلى الجزائر فور استقلالها، وهناك بدأ تجربة جديدة مع الماركسية والتسيير الذاتي وبن بلة وجريدة «الثورة والعمل»، واشتُهر بمشاكساته وسجالاته الحادية وراديكاليته، وشاعت في تلك الفترة عبارة «الثالوث المخيف: طاهران وعفيف». أما الطاهران فهما الطاهر وطار والطاهر بن عيشة. أما العفيف فهو العفيف الأخضر. والثلاثة كانوا أطهاراً وعفيفين في مبادئهم، لكن الطهارة والعفة بالمعنى الديني لم يقتربوا منهما على الاطلاق. في الجزائر تعرف إلى خليل الوزير (أبي جهاد) في سنة 1963، وكان يترجم له المقالات من الصحف الفرنسية. وفي مكتب حركة فتح التقى ياسر عرفات في سنة 1964، وجمع أبا جهاد وتشي غيفارا حين زار بطل الثورة الكوبية الجزائر في سنة 1965. وعندما وقع انقلاب بومدين على أحمد بن بلة فر العفيف الأخضر إلى ألمانيا الشرقية. وهناك اكتشف أهوال الستالينية وجهاً إلى وجه. وبعد معركة الكرامة في 21/3/1968 قرر الالتحاق بالثورة الفلسطينية، فاتصل بأبي جهاد الذي أرسل إليه بطاقة سفر إلى بيروت، ومن بيروت إلى دمشق بالسيارة حيث كان أبو جهاد في انتظاره، ليسافر بعد ذلك إلى الأردن. وفي الأردن بدأت رحلة جديدة مع الكفاح الفلسطيني المسلح، وفيها راح يبتدع شعارات مثل «كل السلطة للمقاومة» و«كل السلطة للمجالس» و«لا سلطة فوق سلطة المقاومة». لكن أمله خاب تماماً من المقاومة الفلسطينية بعد الخروج من عمان، وشرع في نقدها في الصحافة اللبنانية، وكان يوقع أحياناً باسم «حمدان القرمطي». وفي سنة 1975، مع اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية غادرت بيروت بعدما أنجز ترجمة «البيان الشيوعي» وأقام في باريس حيث خضع لتحولات فكرية زحلقته نحو الليبرالية، إلى أن دهمه مرض نادر عطّل أصابعه ومنعه من الكتابة. وافترى عليه راشد الغنوشي حين اتهمه كذباً بأنه المؤلف الحقيقي لكتاب «المجهول في سيرة الرسول» الذي صدر بتوقيع مستعار هو «الدكتور المقريزي». ومنذ سنة 2003 والعفيف الأخضر يعاني آلام اليدين والعزلة وتفرق الأصدقاء وافتراءات الكَذَبَة، إلى أن تحركت شفتاه بآخر عبارة هي: «بيدي لا بيد عمرو»، فانتحر في منزله بباريس في 27/6/2013 بعد حياة مليئة بالألم الكثير والفرح القليل والأحلام الضائعة والآمال التي تناثرت هباء كغبار الطلع.
صقر أبو فخر عن السفير
#جابر_حسين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جسديات ... 3
-
الحب والزيجات عبر الأنترنت هما الأكثر سعادة ...
-
فينوس منحتها وجهها ...
-
في عناقها ...
-
رامبو ، قديس في الشعر ، تاجر في الحياة !
-
أنا و ... أمي !
-
في رسائلنا زهور ...
-
قارورة عطري ...
-
أقرأ الشعر ، فأتحسس الحدس ...
-
البنفسج يودع أصحابه ...
-
صباح مواجدها ...
-
أشتهيها ...
-
جسديات ...(2)
-
تسكع ...
-
أتوسلها ...
-
في صحوي أراها ...
-
شهرزاد ، الجميلة في النساء !
-
الطلاق ، عنف ضد المرأة أيضا ... !
-
بئرها ...
-
دون كيشوت ، الفارس النبيل معاصرنا ...
المزيد.....
-
آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|