|
عندما تكرس الفلاحة المسقية الفوارق المجالية والاجتماعية في المغرب
والغازي العثماني
الحوار المتمدن-العدد: 4139 - 2013 / 6 / 30 - 19:24
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تتموقع الفلاحة والريف في قلب السياسة العمومية للبلد، في عصر اختارت فيه الدول التوجهات الصناعية من أجل التطور، ونجد المغرب اختار إعطاء الأولوية للفلاحة، وخصوصا الفلاحة المسقية، ونواة هذا الإختياريرجع الى الحقبة الإستعمارية. سنحاول في هذا الموضوع معالجة إشكالية هذا الإختيارـــ السياسي الإقتصادي ـــ، وكيف خلق تفاوتات مجالية بين ماهو مسقي وغير مسقي، مما أدى إلى تفاوتات اجتماعية. إذا كان اختيار الفلاحة كقاطرة للتنمية بعد الإستقلال، فإنه كان اختيارا استراتيجيا، من أجل خلق توازن في المجال الريفي، وذلك للحد من ظاهرة الهجرة الريفية، لكون المدينة استحوذت على كل الأنشطة ، ولذلك تم إعطاء الأهمية للمجالات الريفية، لكن هذا الاهتمام، كانت وراءه أهداف سياسية اقتصادية لخدمة المخزن، وقد تطرق Leveau ، في كتابه " الفلاح المغربي حامي العرش" ، وناقش فيه بأن المخزن المغربي عمل على تهيئة مجالات المغرب النافع، وأن وزارة الداخلية هي التي اهتمت بالقطاع الفلاحي، وجعلته من الأولويات بهدف تقوية العلاقة مع المجالات المختارة، ويبين الكتاب كذلك، كون النظام الملكي عول على الأعيان المحليين، بهدف خلق مراكز قوة وضغط للنظام الملكي، وتأثير هذا الإختيار ظهر بعد توزيع الأراضي على القواذ، ولذلك اهتم بها المخزن، واستفاذت من التجهيزات المائية الكبرى، مما خلق فوارق مجالية واجتماعية. يقول باسكون أن تهيئة هذه المجالات من خلال المشاريع الكبرى للمجالات المسقية، ساهم في ضبط المجال الريفي والتحكم فيه أمنيا، فالمخزن قام بخوصصة ملكية المجال، وقضى على الملكية الجماعية، وقد استحوذ الملاكون الكبار التابعين للمخزن على عملية استرجاع الأراضي من المعمرين، ومعلوما أن هذه الأراضي تعتبر أخصب وأجود الأراضي بالمغرب، وهذا ما جعل المخزن يقوم بمنح الدعم للفلاحين، وتسويق منتوجات الصناعة الفلاحية، كما تم إمدادهم بالقروض، وإعفاءهم من الرسوم. إن الاهتمام الكبير بالمجالات المسقية، كانت كذلك لهدف إعادة التوازن للميزان التجاري، وضمان الأمن الغذائي، إضافة الى تحقيق الأمن الغذائي في بعض المواد الأساسية (الدقيق، السكر...)، وتصدير بعض المنتوجات الأساسية، كالخضر والحوامض. بادرت الدولة إلى إعطاء أولوية لسياسة السدود، التي ورثتها عن الفترة الاستعمارية، وهي التي تتحمل تكلفة المشاريع، مما جعل الدولة تلجأ إلى الاقتراض لتغطية المشاريع، وهذا طبعا استفاذ منه الفلاحون الكبار، وقد استمر إعطاء الامتياز للمشاريع الفلاحية الكبرى حتى في العقود الأخيرة من القرن العشرين، و تستحوذ على حصة الأسد من الميزانية، مما أدى إلى تكريس مفهوم المغرب النافع والمغرب غير النافع، وظهرت مفارقات مجالية واجتماعية. تعتبر الجبال المزود الأساسي للسهل في الموارد المائية، لكن سياسة السدود لم تولي الإعتبار لهذه الموارد إلا لصالح المدارات السهلية المسقية، وهنا يظهر التناقض واللامساواة مجاليا واجتماعيا، وهذه السياسة رسخت الحديث عن قطاعين متناقضين فلاحيا، قطاع عصري تسويقي في المجالات المسقية، وقطاع تقليدي يعتمد على ما هو معاشي. وقد اعترفت الدولة عبرمخطط المغرب الأخضر أن هناك فوارق مجالية، محاولة النهوض بالأرياف الفقيرة، في السنين الأخيرة عبر مجموعة من المشاريع المندمجة. صحيح ان في المجالات المسقية تنتشر أنشطة اقتصادية ودينامية مستمرة، حيث ان هناك استثمارات خصوصية في المجال الفلاحي، وتعاونيات لخلق التنمية المحلية. تهدد المجالات المسقية مستقبل موارد المغرب المائية، حيث مازال الري بالغمر الذي يضيع حصص كبيرة من المياه منتشرا بشكل كبير. وقد توارث الشباب هذه الإزدواجية الفلاحية، الموروثة سواء من قبل الإستعمار( القواذ الكبار)، كما تحكي الروايات الشفوية، والتاريخية، أو بعد الإستعمار مع تشجيع القطاع الخاص، فأصبح الشباب يمثلون نخبة جديدة على الهامش، تكرس مخلفات الماضي وتزيد من تعقيده ( الدعاية الإنتخابية...). إن تحليل الإختلال المجالي والإجتماعي بالسياسة الفلاحية القروية، الحاصل بالمغرب، يظهر جليا من خلال تحليل الأنشطة الإقتصادية الاخرى في هذه المجالات، لكون المغرب الفلاحي المعاصر، يتضمن أنشطة اقتصادية متعددة، تدعمه السياسات العمومية، كما تبرز المبادرات الفردية من طرف الشباب، ( تراكم مالي، أراضي....)، في حين يبقى الهامش تابعا لهذه السياسة.
#والغازي_العثماني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الرعي وانعكاساته على المجال بالأطلس المتوسط
المزيد.....
-
بوتين يكشف عن معلومات جديدة بخصوص الصاروخ -أوريشنيك-
-
هجوم روسي على سومي يسفر عن مقتل شخصين وإصابة 12 آخرين
-
طالب نرويجي خلف القضبان بتهمة التجسس على أمريكا لصالح روسيا
...
-
-حزب الله-: اشتباكات عنيفة بالأسلحة الرشاشة والصاروخية مع ال
...
-
لبنان.. مقتل مدير مستشفى -دار الأمل- الجامعي وعدد من الأشخاص
...
-
بعد 4 أشهر من الفضيحة.. وزيرة الخارجية الألمانية تعلن طلاقها
...
-
مدفيديف حول استخدام الأسلحة النووية: لا يوجد أشخاص مجانين في
...
-
-نيويورك تايمز- عن مسؤولين: شروط وقف إطلاق النار المقترح بين
...
-
بايدن وماكرون يبحثان جهود وقف إطلاق النار في لبنان
-
الكويت.. الداخلية تنفي شائعات بشأن الجنسية
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|