أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال نعيسة - ياليتهم علمانيـون















المزيد.....

ياليتهم علمانيـون


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 1186 - 2005 / 5 / 3 - 14:06
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تقوم بعض الجماعات والقوى الميتافيزيقية المسيسة, خطأ وتعسفا, بإطلاق صفة العلمانية على بعض من تلك الأنظمة التي وصلت للسلطة بطرق شتى ,ولم ترفع شعارات لاهوتية أو تتدثر بعباءة الغيب ظاهريا,بل شعارات بدت في ظاهرها عقلانية وتخاطب مشاعر قومية ووطنية ووجدانية, بعد مرحلة ما يسمى بالاستقلال الوطني, الذي كان في الحقيقة تسلطا من نوع آخر ,وربما بدرجة أشد جورا وظلما واستبداد.وتحاول هذه الجماعات من خلال ذلك تكفير هذه الأنظمة ودغدغة مشاعر الدهماء والرعاع والبسطاء الذي تستهويهم عملية التلاعب بالألفاظ هذه من جهة,ومن جهة أخرى تجييش الناس وتحشيدهم في حربها المعلنة ضد هذه الأنظمة.مستغلة المد الظلامي المتصاعد الذي كان أحد أهم وأبرز تجليات الحقبة البترودولارية. وغاية هذه الجماعات الأولى والأخيرة,هي الوصول لكراسي الحكم, والتربع عليها وربما ممارسة نفس الأساليب السلطوية والاستبدادية ,وربما أكثر تطرفا.ومن وجهة نظر البسطاء والعامة فإن هذه البلاغة اللفظية قد تعني, وبالتأكيد , شتيمة وتوجيه إساءة معينة لهذه الأنظمة,والحط من قدرها,وبالتالي وضعها في موضع الدفاع عن النفس,على أساس أن مفهوم العلمانية مغلوط تماما بالنسبة للغالبية العظمى ,ويمكن التسلل من خلاله لتحقيق مآربها. مما حدا بهذه الأنظمة أحيانا كثيرة لتقديم تنازلات أمام المد الأصولي تجلت بالسماح لهم بالعمل العلني ,وحتى التحالف معهم في حرب المجموعتين ضد القوى الليبرالية والعلمانية المتنورة.

ولكن,وفي حقيقة الأمر, فإن أسوأ فأل يمكن أن يحصل لهؤلاء, هو أن تكون هذه الأنظمة علمانيةبحق, لأن ذلك يعني في المآل قوة حقيقية لها ,لن تستطيع تلك الجماعات ومهما أوتيت من قوة أن تنال منها.وهذا بالتالي يعني استمرارها بالحكم لفترة أبعد مما يتوقع أحد ,لأن المجتمعات التي تصل مراحل علميانية حقيقية,على شاكلة مانراه في معاقلها, يعني حكما انتفاءا طبيعيا وحتميا لوجود مثل تلك القوى الغيبية,وهذا ما لايريدوه بالطبع.وإن هذه الإدعاءات المغلوطة,وإن كان الهدف منها الحط من شأن هذه الأنظمة, فهي , ومن وجهة نظر أخرى, رفع من قيمة هذه الأنظمة والحكومات سياسيا وحضاريا وأخلاقيا ,على اعتبار أن العلمانية هي حالة إنسانية عليا,ونظام إنساني واجتماعي وسياسي راق ومتطور,وهم من حيث لا يشعرون يقومون بعملية مدح مجاني ,ويصنفون أنظمة البداوة السياسية في مرتبة لن يستطيعوا أن يبلغوها يوما ما , ولا يستحقونها أيضا بكل تأكيد,وبنفس الوقت ,وبكل أسف فإن هذه المجتمعات ,و بجوهرها ,وبنيتها ,وبمضامينها الحالية الموجودة عللى أرض الواقع غير مؤهلة إطلاقا لتقبل وتجسيد هذا المفهوم . وعندما يوصف إنسان أو نظام ما بالعلمانية فهذه ,عمليا, تزكية له ,ووضعه في مرتبة إنسانية متطورة على اعتبار أن العلمانية بنيت أصلا على أنقاض تلك البنى والمفاهيم البدائية التي مايزال البعض يصر على ممارستها,ونراها ونعيشها بكثرة ووفرة من حولنا.وفي حقيقة الأمر لن يستطيعوا الوصول إليها في أي مرحلة من مراحل وجودهم بالسلطة بسبب البنية المتخلفة والبدائية التي تقوم عليها مجمل هذه الأنظمة بشكل عام.وفي الواقع,أيضا ,فعند وصف أي من تلك البنى السلطوية بالعلمانية هو إساءة للعلمانية نفسها ومفاهيمها السامية , بنفس القدر الذي هو قصور واضح في فهم جوهر العلمانية الذي يعتقده أؤلئك التسطيحيون, وهوعبارة عن التركيز والتشويه المتعمد والمقصود لتفسير مضمون الحرية الفردية, وبعض السلوك اليومي الخاص من الحرية الشخصية التي يقوم به الأفراد,والانفتاح والشفافية السياسية والإعلامية والاجتماعية,ومن ثم استغلال هذه المفاهيم المتسامحة في الوصول أخيرا إلى هدف وصم العلمانية بالانحلال الأخلاقي والإلحاد,والبعد كليا عن التحليل البنيوي الحقيقي والجوهري للمفهوم الشامل والعام للعلمانية,وما حققته فعليا على أرض الواقع من منجزات.

فلقد رأينا كيف استطاعت الدول التي تبنت العلمانية نظاما اجتماعيا, وسلوكا سياسيا, ,وهدفا استراتيجيا ,أن تبني مجتمعات متماسكة ومتوازنة ومزدهرة وحولتها إلى جنان يسودها القانون الوضعي الذي يخضع له الجميع بغض النظر عن انتماءاتهم ,وخلفياتهم وألوانهم وأديانهم, ويتفاخر "أبناء الذوات" بالسفر والدراسة والسياحة فيها.و استطاعت أن تبني نظما سياسية واقتصادية ناجحة,تحقق شكلا ما من العدالة الاجتماعية,وتحقق الوفرة والازدهار لشعوبها على الأقل ,وصارت هذه البلدان قبلة لكل الهجرات الكثيفة والمتلاحقة التي تشهدها ماتسمى تجاوزا وبهتانا بـ"الأنظمة الوطنية",التي ورثت مرحلة الاستعمار العسكري.وأصبح الإنسان ,والمواطنة فيها قيما عليا تحميها وتدافع عنها الدساتير ,ويطلب ودها ورضاها الزعماء السياسيون.

وكم يتمنى المرء فعلا وبشوق, وتوق شديدين أن تصل هذه الأنظمة إلى أدنى درجة من درجات العلمانية ,بالمفهوم القائم واقعيا في أكثر من مكان, لاكما يروجه البعض,وفي الواقع تفصلهم عن العلمانية مسافات شاسعة, تماما كتلك المسافات التي تقف بينهم وبين شعوبهم ,وبين الرعايا الذين وقعوا في قبضتهم. فياليتهم علمانيون لكانوا قد حاربوا الطائفية والفئوية والعشائرية والعائلية ولم يكرسوها ,ويحافظوا عليها إبان فترة حكمهم,ولسادت العدالة ,والمساواة ,ومبدأ تكافؤ الفرص واحترام الإنسان بغض النظر عن اعتبارات الفرزالعنصرية المعروفة.وياليتهم علمانيون لكانوا قد بنوا أوطانا قوية عزيزة يحتمي بها أبناؤها بدل أن يهربوا منها.أوطان تسود فيها الحرية والكرامة والمنعة والعزة للمواطنين,ويتساوى الجميع فيها في الحقوق والواجبات ,لا بلاد الإقصاء والتهميش والإلغاء والسجون المفتوحة ,والمقابر الجماعية ,والكوارث الشاملة,والفقر المدقع حيث تقبع الغالبية العظمى تحت خطوط الفقر الحمراء المحرمة دوليا.وياليتهم علمانيون لما تحالفوا مع قوى الغيب والظلام في حلف مقدس لبسط نفوذهم ,وتجذير أسس كياناتهم القائمة على الزيف والشعارات الخادعة ,ومناقضة الواقع كليا,وممارسة الشعوذة والسحر والنفاق.وياليتهم علمانيون لشعر الإنسان بإنسانيته ,وارتبط بوطنه ,ولما تجرأ أي كان على استباحته,والنيل منه. وياليتهم علمانيون,لكنّا,وكانت الدنيا بألف خير.وياليت الآخرين يكفون عن إطلاق الكلام جزافا وعلى عواهنه ,والإساءة لمفاهيم ,وقيم دفعت البشرية أثمانا باهظة كي تصل إليها , وتنعم بظلالها الوارفة.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- متى تكسر جميع الخوابي والجرار؟
- فيـلم عربي طويـل
- محاكمـة البعـــث
- من يجرؤ على محاكمة أكثم نعيسة؟
- عِشْ ودعْ الآخـرين يمـوتون
- ثقافـة التسـامح
- في زيارة خاصة لأكثم نعيسة
- ما ليس عرضـيًا
- العجـوزالشمطـاء
- أمـن الأمريــكان
- على من تقرأ مزاميرك ياشالوم؟
- صبـرًا آل دليـلــة
- تكريساَ لمبدأ المواطنـة
- المرحـلة التاريخيـة
- ما أروعـك أيتها العروبـة
- المفســدون في الأرض
- على القـوائم السـوداء
- الحصـاد المُـــر
- المـوت الرحيــم
- كـذبة نيسـان الكبرى


المزيد.....




- مقتل 42 شخصا في أحد أعنف الاعتداءات الطائفية في باكستان
- ماما جابت بيبي..استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي وتابعو ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مهاجتمها جنوب الأراضي المح ...
- أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202 ...
- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال نعيسة - ياليتهم علمانيـون