أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صاحب الربيعي - ردًّ الفعل الشعبي ضد ممارسات القهر والاستبداد














المزيد.....

ردًّ الفعل الشعبي ضد ممارسات القهر والاستبداد


صاحب الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 1186 - 2005 / 5 / 3 - 14:20
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تعتقد الأنظمة المستبدة أن استخدام العنف المفرط ضد المجتمع، يؤدي حالة من الإذعان والخضوع الشعبي ويشل قدرة المعارضة (ولأمد طويل) على مناهضتها مما يزيد من عمرها الافتراضي. فكلما أقدمت السلطة على استئصال بؤر المعارضة من المجتمع بالعنف المفرط واستباق ردود الفعل المتوقعة، كلما ترسخ مفهوم اليأس والإحباط بعدم جدوى المعارضة وحينها تضطر المعارضة للتعايش مع نهج الاستبداد وتقدم صاغرةً فروض الولاء والطاعة العمياء.
في حين أثبتت الأحداث التاريخية والدراسات الاجتماعية بأن للمجتمع أوجه متعددة، لايمكن الركون إلى أي وجه منها في ظل الأنظمة الاستبدادية. وذلك لقدرته على التواؤم مع الظروف السياسية المختلفة حفاظاً على ذاته المُستلبة.
إن حالة الإذعان والخضوع وما يبديها المجتمع في ظل الأنظمة الاستبدادية، ليست السمة الحقيقة من سماته الأساس وأنما هي نوع من الأقنعة (الوجوه) وما يرتديها المجتمع لإيهام السلطة المستبدة بانصياعه لأوامرها. وحال تراخي إجراءات العنف المفرط، نجد أن المجتمع يكشف عن وجه آخر من أوجهه المستورة.
وهو وجه مخالف تماماً لسلوك وأداء الإذعان والخضوع، وجه يتسم بالمقاومة الشرسة المتسلحة بالحقد والانتقام من منتسبي الأجهزة القمعية لسلطة الاستبداد. هذا الوجه المقاوم، والمتسلح بهواجس الظلم والقهر المزمن يذهل سلطة الاستبداد ويجعلها تتصرف بحالة من الخوف والجبن أمام حجم الكراهية والحقد الكامن في ذات المجتمع.
بدليل حالات الهروب الجماعي لمنتسبي الأجهزة الأمنية لسلطة الاستبداد عند بروز أول مؤشر لانهيار النظام خشيةً من أن يطالها الانتقام. وما تخليها عن النظام المستبد في الفترة الحرجة من الاستحقاق للدفاع عنه إلا دليلاً على ما يكمن في ذاتها الخربة من حالات الخوف والجبن نتيجة لممارساتها الظالمة بحق المجتمع.
يعتقد ((فاكلاف هافل))" أن المجتمع كائن غامض جداً (مكتنف الأسرار) له وجوه وإمكانيات مخيفة ومتعددة....ومن قصر النظر البالغ الاعتقاد أن الوجه الذي يكشف عنه المجتمع في فترة من الفترات العصيبة هو الوجه الحقيقي والوحيد. لا أحد قادر على تشخيص، كافة الوجوه الكامنة في وجدان المجتمع".
إن ظاهرة القبول بالإذعان والخنوع لفترة معينة في مسيرة المجتمع الذي يستمد كبرياءه وسموه من عمق التاريخ، لايمكن اعتباره (بأي حال من الأحوال) سمة من سماته الأساس. لأن السمات وما توسم به المجتمعات، تستمد مؤشراتها من عمق التاريخ.
والتراكم الحضاري للمجتمع لايتحدد بفترة زمنية معينة (أو بفترة زمنية طارئة) وأنما هو نسق متواصل يكتسب سماته من مجمل أحداث المسيرة التاريخية ويتواصل مع الحاضر، ليكون رديف للمستقبل ويقاس بحجم إسهاماته في رفد الحضارة الإنسانية.
وهذا ما يفسر حجم، ردًّ الفعل الشعبي المضاد على الفترات المظلمة ( والطارئة) من تاريخه. إن ردًّ الفعل الشعبي المصحوب بالعنف والقسوة ضد سلطة الاستبداد ليس وليداً لجرائم وعُسف السلطة، وأنما ردًّ لفعل اللاوعي الرافض لاستئصاله من نسق حضارته التاريخية الكامنة في الوجدان.
إن الدراسات الاجتماعية لانتفاضات الشعوب المقهورة ضد الأنظمة المستبدة، تؤشر حالة الانتقام العشوائي بما تفوق بحجمها أضعاف حالات الظلم والعُسف وما مارسته الأنظمة المستبدة ضدها. وتتواصل حالات الكراهية والحقد عبر الزمن لتقتص (وعبر أشكال مختلفة) من أجيال قادمة تمت بصلة عشائرية أو حزبية لسلطة الاستبداد.
يرى ((بير كوتيز))" أن المجتمع المقهور وما مورس ضده من الظلم والقهر، وغير القادر على الرد بالمثل في حينه. يتحين الفرصة اللازمة للرد بقسوة شديدة، مصحوبة بحالة من العدوانية والانتقام العشوائي من أعوان سلطة الاستبداد حالما تبرز مؤشرات أكيدة على انهيار النظام المستبد".
يتصرف المجتمع المقهور حال انهيار سلطة الاستبداد، بحالة من العدوانية والانتقام مع كل من يمت بصلة بالسلطة. وتكون أحكامه مطلقة وتخلوا من الإنسانية في أحايين كثيرة، لأنه ينطلق من مصالحه المتضررة ويسعى لانتزاع جميع الامتيازات والأموال وما حققها منتسبي السلطة السابقة لشعوره في اللاوعي أنها ممتلكاته وأمواله المغتصبة ويتوجب استردادها بالعنف والإكراه!.
ولايمكن انتزاع مبررات الحقد والكراهية والانتقام من وجدان المجتمع إلا من خلال تعويضه عن خسارته السابقة وتحقيق مصالحه الآنية وضمان مستقبله، وتقديم مجرمي وأعوان النظام المستبد للمحاكمة للاقتصاص منهم عبر القانون عن الاتنهاكات والجرائم وأفعالهم المشينة ضد المجتمع.
حينها يمكن أن تهدأ خواطر ومشاعر المتضررين، ويتولد لديهم إحساساً بعدالة السلطة الجديدة ويستعيدون ثقتهم بالقانون لاسترداد حقوقهم المغتصبة. وبالضد من ذلك فإن السلطة الجديدة ستتحمل وزراً من الكراهية والحقد ويتصرف المتضررون بعدوانية مع السلطة الجديدة، وقد يلجأون إلى نهب ممتلكات الدولة واختلاس أموالها للتعويض عن خسارتهم السابقة.
وبذلك فإنهم يعبرون عن عدم احترامهم للقانون والنظام واللجوء إلى القوة والعنف في استرداد حقوقهم المغتصبة وتتنامى روح الكراهية والحقد فيما بينهم، مما يؤسس لحالة حرب أهلية يدفع ثمنها المجتمع بالكامل ويقود لتفكك الدولة.
يتوجب على السلطة الجديدة التحلي بالحكمة والعقلانية، لتؤسس لعلاقة جديدة بين أفراد المجتمع تسودها المحبة والتسامح بغية تفريغ شحنات الحقد والكراهية الكامنة في وجدان المجتمع وفرض القانون والاحتكام لمبدأ المواطنة والكفاءة في قيادة شؤون الدولة الجديدة.



#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصراع السياسي المستور بين القوى القاهرة والمقهورة
- الكراهية والحقد الكامن في ذات الإنسان المقهور
- السياسيون القردة
- صراع القدر والإرادة بين السماء والإنسان
- نشوء الدول القديمة والحديثة
- صلاحية الحاكم والمحكوم
- صراع العاطفة والجمال بين المرأة والطبيعة
- التأثيرات السلبية للفقر والجهل على المجتمع
- استحقاقات الرئاسة القادمة
- مَلكة الإبداع بين العبقرية والالهام والفطرة
- قيم الراعي والقطيع السائدة في الكيانات الحزبية
- الحكمة والحقيقة في الفلسفة
- مراتب المعرفة عند الفلاسفة
- ماهية الإحساس والمعرفة في الفلسفة
- صراع القيم والمبادئ بين الفلاسفة والملوك
- تأثير الاستبداد والعنف على اختلال أنماط السلوك الاجتماعي
- دور علماء الاجتماع في تقويم المجتمع
- موقف الفلاسفة من الحاكم والحكومة
- العلم والجهل في المجتمع
- تحرير الثقافة من الهيمنة والتسلط


المزيد.....




- مدفيديف: الناتو منخرط بشكل كامل في الصراع الأوكراني
- السعودية.. إحباط 5 محاولات لتهريب مئات آلاف حبوب -الكبتاغون- ...
- مصر.. الداخلية تكشف تفاصيل واقعة مصرع عامل دليفري بعد تداوله ...
- اليونيفيل: إصابة 4 جنود إيطاليين من قوات حفظ السلام في جنوب ...
- محمود الهباش: وجود إسرائيل في غزة لن يكتسب شرعية مهما طال
- مشاركة عزاء للرفيق رؤوف الحباشنة بوفاة جدته
- من هو الكاتب بوعلام صنصال وما مصيره منذ وصوله للجزائر؟
- خبير عسكري: الاحتلال يستهدف مربعات سكنية بسبب تعثر عمليته ال ...
- هل اكتشفت أم محمد هوية الواشي بنصر الله؟
- قوات الاحتلال تقتحم جنين ونابلس واعتداءات للمستوطنين في الخل ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صاحب الربيعي - ردًّ الفعل الشعبي ضد ممارسات القهر والاستبداد