|
المسؤولية التاريخية والانسانية لمقبرة الكرد الجديدة وللمقابر الجماعية الأخرى
مصطفى محمد غريب
شاعر وكاتب
(Moustafa M. Gharib)
الحوار المتمدن-العدد: 1186 - 2005 / 5 / 3 - 14:20
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
لنبدأ من هنا " وخلقنا الإنسان في أحسن تقويم " و " الإنسان أثمن رأس مال " جملتان عظيمتان تدلان على روعة الانسان وقيمته في الحياة، الاولى دينية لها دلالة انسانية مجيدة والثانية علمانية تدل على ان الانسان اغلى شيء في هذا الوجود فاذا ما تابعنا الواقع العراقي في زمن البعثفاشي فسوف نجد ان ذلك النظام البائس الدموي لم يلتزم بأبسط معايير الخلق الدينية اوالانسانية، لا بالدينية منها ولا العلمانية. وهذا حال العديد من الانظمة العربية ودول العالم الثالث التي تستغل الجانبين لمصالحها ومصالح حكامها فمن جهة تراها في التطبيقات الاقتصادية والحقوقية والتشريعات تقترب للعلمانية لكنها تعيش عقدة النقص لمجرد شعورها بالخطر وتهديد سلطتها فتجدها تلجأ الى الدين لتسل سيفها وتدعي الايمانية، هذاالتزاوج في سياستها وتغيراتها تنطلق فيها من اجل مصالحها الثابتة لا غير. في العراق اليوم الذي يختلف عن أمس النظام الدموي يتصارع القطبين المذكورين على جميع الصعد وبخاصة في العقد المفصلية التي يجب ان تحل ، ففي القطب الازدواجي تنشأ مدرسة جديدة قديمة بثوب طائفي جديد وهي تحاول التزاوج ما بين الدينية والعلمانية بينما نجد القطب الثاني المعارض دائما وفي جميع العهود الظلامية مازال يصارع من اجل دولة علمانية واضحة المعالم لمجتمع مدني ومؤسسة دينية مستقلة تدير شؤونها بدون تدخلات خارجية وحسب مصالحها الدينية، وفي خضم هذا الصراع فرضت وزارة حقوق الانسان التي تعتمد في سياستها الجديدة خدمة مصالح وحقوق الانسان العراقي الذي غيب لسنوات طويلة وقد برزت امام هذه الوزارة قضايا مهمة تخص الخروقات الواضحة لحقوق الانسان في السابق وفي الوقت الراهن وعلى ما اعتقد ان الوزارة مؤسسة حكومية وبهذا ستكون جزء من اي سلطة تدير شؤون الدولة لكننا اليوم في قضية اخرى نحاول جهد الامكان وضع النقاط على الحروف لكي تفهم وزارة حقوق الانسان ان مهمتها يجب ان لا ترتبط بسياسة الدولة الرسمية لا بل نقول عليها ان تكون مثل اية منظمة للدفاع عن حقوق الانسان وبهذا سوف تستطيع ان تقوم بواجباتها واهمها استقلالية قراراتها فيما يخص خرق حقوق الانسان والوقوف ضد اية خروقات تمس هذه الحقوق والالتزام بلائحة الاعلان العالمي لحقوق الانسان من هذا الباب استطيع الدخول وتوجيه الاستفسار التالي ـــ لا اعرف اذا وعت أو تعي وزارة حقوق الانسان لائحة الاعلان العالمي لحقوق الانسان!..ام تناست او نسيت واجباتها اتجاه الجرائم الجماعية التي ارتكبها النظام الدموي الشمولي ضد مجاميع عراقية بسبب الانتماءات السياسية والقومية والطائفية من العرب والكرد والتركمان والكلدو اشوريين ومن جميع الطوائف الأخرى! وبخاصة فقد سمعنا ان الوزارة ووزيرها السابق طالب بعدم استعمال القسوة في التحقيق ضد الذين ارتكبوا عشرات من جرائم القتل والاغتيال وتفخيخ السيارات وتفجير العبوات الناسفة التي راح ضحيتها مئات المواطنين العراقيين.. فإذا وعت ذلك فان المسؤولية التاريخية تقع على عاتقها بالدفاع عن حقوق عشرات الالاف من ضحايا المقابر الجماعية وعوائلهم وذلك بتقديم المسؤولين السابقين المباشرين وغير المباشرين الى المحاكمات القانونية وفي مقدمتهم الطاغية صدام حسين. اما هذه الوقائع التي لا تقبل الدحض او التأويل نقول لابد ان لا ينسى كل صاحب ضمير حي من العراقيين وغير العراقيين اصحاب المقابر الجماعية التي بلغت ( 300 ) مقبرة، على كل انسان شريف تعزّ عليه كرامة الانسان وحريته الفكرية ان يتضامن بشكل فعلي مع اولاً: الضحايا، وثانياً: الاحياء الذين ما زالوا يصارعون من اجل معرفة مصير ذويهم ، ابائهم ،اخوانهم، نسائهم، اطفالهم، وشيوخهم. ففي كل يوم تظهر مقبرة لرفات مئات البشر الابرياء وقد دفنوا في مقبرة جماعية بملابسهم وهوياتهم ، بنسائهم واطفالهم وشيوخهم هذه الماساة المروعة التي يحاول كل من لا ضمير له ولا وجدان تبريرها وتسفيهها حسب طريقته وارتباطه بالنظام الدموي ، او بتكذيبها واتهام جهات لا ناقة ولا جمل فيها مثل الايرانيين او الامريكان وبخاصة بعد انتهاء حرب الخليج الثانية وطرد القوات العراقية الغازية من دولة الكويت وانطلاقة الانتفاضة الشعبية التي اثبتت مدى كراهية الجماهير لذلك النظام الدموي.. واليوم وبعد مشاهدات عديدة خلال السنتين المنصرمتين ونحن مازلنا نعيش جريمة المقبرة الجماعية في الشنافية ها هي الاخبار تتناقل من جديد عن اكتشاف مقبرة جماعية جديدة اخرى في السماوة لعوائل كردية وحسب الاحصاءات الاولية فقد بلغ افرادها ( 1500 ) انسان وجدوا بملابسهم الكردية وهوياتهم الشخصية واطقام اسنان لكبار السن منهم ، اطفال ونساء نقلوا من جبالهم وبيوتهم وقراهم ومزارعهم ومرتع صباهم واقاربائهم الى تلك الارض الجافة البعيدة ثم طمروا في خندق طويل فاختلطت اجسادهم البريئة الطاهرة بدون ان يفرق جسد المرأة عن الرجل والطفل عن عائلته، طمروا بدون صلاة ولا اعتبارات دينية ولا انسانية لا تليق حتى بالحيوانات النافقة . ان المسؤولية التاريخية والإنسانية ليست فقط في الحديث عن المأساة اعلامياً والنحيب والبكاء في المجالس الخاصة والعامة انما يجب ان تصاحبها اجراءات قانونية فعالة من اجل احقاق الحق واظهار الحقائق وان تتخذ العدالة مجراها .. وان يجري 1 ـ الكشف قدر المستطاع عن جميع اسماء الضحايا في المقابر الجماعية. 2 ـ السعي عملياً لوضع جناح تعريفي خاص بهم في اي متحف بدأً من المتحف الوطني، لكي تتطلع عليها اجيال المستقبل وكل من تهمه قضية الانسان وحقوقة الطبيعية في الحياة ولتبقى ذكرى المقابر الجماعية في جسد التاريخ. 3 ـ تعويض المتضررين من عوائل الضحايا الذين سيقوا الى الموت بدون اي ذنب اقترفوه، وقد يكون التعويض هو من اهم واصعب المهمات التي تحتاج الى جهود كبيرة ومن جهات عديدة رسمية وغير رسمية.. لقد تناقلت الاخبار منذ القاء القبض على صدام حسين عن سعي عائلته وبخاصة زوجته وبناته الى وضع محامين للدفاع عنه وقد وكلت حسب الاخبار المتناقلة زوجته ساجدة طلفاح ( 20 ) محاميا لتخليصه من العدالة والملاحقات القانونية لجرائمه وجرائم نظامه الدموي، وطبعاً سوف تكلف المدعوة ساجدة ابنة الحرامي التاريخي خير الله طلفاح اموالاً طائلة هي بالتأكيد من الاموال العراقية التي سرقتها هذه العائلة والا كيف يمكن لساجدة المعلمة الابتدائية ان تملك هذه المليارات من الدولارات والمجوهرات الخيالية الثمن وان تمتلك بقرار من مجلس قيادة الثورة البائد وتوقيع صدام حسين الذي نشر في جريد الوقائع العراقية " ضفتي دجلة والفرات " وكذلك بناته " رغد ورنا وحلا " اللواتي يعيشن في ابهى القصور والفلل ويركبن احدث السيارات ويعشن عيشة الملوك والأمراء بما لديهن من ارصدة في البنوك تفوق الخيال، ولو يجري تحقيق بسيط في تاريخ ازواجهن سنجد انهم استغلوا كل مايستطيعونه لسرقة الاموال والوظائف الحكومية العليا في الدولة اما اخوانه فكل اهل تكريت والعوجة يعرفونهم حيث كانوا يمتلكون " لوندري بسيط لكوي وغسل الملابس استمروا فيه لفترة قليلة بعد انقلاب 17 تموز 1968" وكان موقعه على الشارع العام المؤدي الى بغداد.. وهنا لا يحتاج المرء ليثبت انهم حرامية العراق الاساسيين والقتلة المجرمين الذي اذاقوا المواطنين صنوف من العذاب والارهاب .. من هنا يبرز سؤال حقيقي ـــ لماذا لم تتطالب حكومة السيد علاوي بتسليم عائلة صدام ( زوجتيه وبناته ) والتحقيق معهن لمعرفة مصير ملايين الدولارت التي سرقت من قوت الشعب ؟ ـــ وهل ستصمت حكومة السيد الجعفري عن هذا الطلب؟ ؟؟؟ نحن على ثقة ان تحقق ذلك فبالامكان الاستفادة من هذه الاموال في التعويض لأسر الضحايا وهي عملية غير معقدة ولا صعبة وخاصة اذا ما جرى ملاحقتها قانونيا والطلب من الدول التي تحميهم وتحمي اموالهم تسليمهم الى العدالة لتأخذ مجراها فاذا ثبتت براءتهم فبها او ان لم تثبت فذلك متروك للقانون نفسه. ان مقبرة السماوة الجديدة التي ضمت رفات ( 1500 ) مواطناً من العوائل الكردية اضيفت للمقابر الجماعية الاخيرة تعد من الجرائم الدولية التي ادانتها البشرية لأنها ابادة عنصرية ضد مجاميع بشرية بسبب المعتقد الفكري السياسي والانتماء القومي والديني والطائفي ولهذا يجب ان تقوم وزارة حقوق الانسان ومنظمات المجتمع المدني والحكومة الجديدة بالعمل الجدي لتقديم الفاعلين الى المحاكمات ولتأخذ العدالة مجراها اضافة الى تعويض المتضررين من عوائل الضحايا الابرياء. بألم وحزن شديدين نتساءل ـــ كم عدد المقابر الجماعية المفقودة الأثر؟ ـــ ما هو العدد المطلوب من المقابر الجماعية حتى تستطيع ان تحرك ضمائر الكلاب المسعورة المشككة بهذه المقابر؟
#مصطفى_محمد_غريب (هاشتاغ)
Moustafa_M._Gharib#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أيــار الرمــز عيد الطبقة العاملة من شغيلة الفكر واليد
-
حكومـــة وحــدة وطنية أم حكومـــة طائفية قومية ضيقة ؟
-
حقـــوق الشعوب والقوميات المفقودة في ايران
-
عبد الرحمن مجيد الربيعي ووظيفته الجديدة القديمة
-
الحلــم المـــلازم
-
متى تتشكل الحكومة ويحاكم صدام حسين وزمرته؟ متى تأخذ العدالة
...
-
اختلاف وتضارب الآراء حول طريقة كتابة الدستور العراقي الدائم
-
التحليلات حول سقوط النظام الشمولي - طالما الوالي الأمريكي -
-
الوجـــه المظلم في الاعتداء على مقر الحزب الشيوعي في مدينة ا
...
-
عزْلـــــة العــــراق والعراقيين شعار صوفي
-
الدستور الجديد وحقوق القوميات وحرية المعتقدات الدينية في الع
...
-
لائحــــة حقوق الإنسان والإغتيال السياسي للنساء
-
قـــوى اليسار الديمقراطي ما لها وما عليها في الانتخابات القا
...
-
قلـــق مشــروع
-
عدنـــــــــــــان كــــــــان
-
حول الجنسية.. لماذا التهجم على الكرد واحزابهم وعلى احزاب اخر
...
-
مؤشر خطر من قبل التطرف الديني في الاعتداءات على حرية الطلبة
...
-
ذكرى حلبجة القديمة
-
السيد علي السيستاني ومنح الجنسية العراقية
-
جائزة نوبل والتحفظ على الاكراد
المزيد.....
-
بعد سنوات من الانتظار: النمو السكاني يصل إلى 45.4 مليون نس
...
-
مؤتمر الريف في الجزائر يغضب المغاربة لاستضافته ناشطين يدعون
...
-
مقاطعة صحيفة هآرتس: صراع الإعلام المستقل مع الحكومة الإسرائي
...
-
تقارير: وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله بات وشيكا
-
ليبيا.. مجلس النواب يقر لرئيسه رسميا صفة القائد الأعلى للجيش
...
-
الولايات المتحدة في ورطة بعد -أوريشنيك-
-
القناة 14 الإسرائيلية حول اتفاق محتمل لوقف النار في لبنان: إ
...
-
-سكاي نيوز-: بريطانيا قلقة على مصير مرتزقها الذي تم القبض عل
...
-
أردوغان: الحلقة تضيق حول نتنياهو وعصابته
-
القائد العام للقوات الأوكرانية يبلغ عن الوضع الصعب لقواته في
...
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|