|
الخروج من الفصل السابع
محمد ثامر
الحوار المتمدن-العدد: 4138 - 2013 / 6 / 29 - 11:20
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الخروج من الفصل السابع واختصاصات مجلس الأمن التي مارسها ضد العراق
نصت المـادة 24 مـن الـمـيثاق علـى إن الدول الأعضـاء عهدت إلى مـجلس الأمـن ( بالتبعات الرئيسة في أمر حفظ السلم والأمن الدوليين) وذلك لكي (( يكون العمل الذي تقوم به الأمم المتحدة سريعاً وفعالاً وإنها تتعهد بمقتضى المادة 25 بقبول قراراته وتنفيذها ولو كانت مخالفة لرأيها ومصلحتها))( ) وتعهدت أيضا بموجب المادة 33 إن تستجيب لدعوة المجلس لحل أي نزاع من شأن استمراره إن يعرض حفظ السلم والأمن الدولي للخطر بطرقٍ سلمية مثل المفاوضات والتحقيق والوساطة والتوفيق والتحكيم والتسوية القضائية أو اللجوء إلى الوكالات والتنظيمات الإقليمية اوغيرها من الوسائل السلمية التي يختارونها، فالطرق التي عددها المجلس لتسوية المنازعات ليست حصرية أي انه يجوز اللجوء إلى طرقٍ سلمية أخرى وان اختيار إحدى هذه الطرق منوط بإرادة أطراف النزاع وليس لمجلس الأمن إن يفرض عليها طريقة ما وإنما عليه إن يدعوها فقط إلى تسوية نزاعها وان الغاية من بيان هذه الطرق هي تسهيل اختيار أحداها وليس اللجوء إليها بالتتابع عند الاقتضاء( )، وبذلك يكون المجلس وفق مقتضيات المادة 33 من الميثاق أو قرار الجمعية العامة 10/37 في 15 تشرين الثاني 1982 والمسمى بإعلان مانيلا حيث ترك حدا اعلي من المبادرة بيد الدول المتنازعة( ) لاتخاذ ما تراه ملائما بشأن دعوة المجلس للمساعدة في حل نزاعهم غير إن مجلس الأمن قد يتقدم خطوة إلى الأمام فيحدد وسيلة بعينها يراها قادرة على حل ذلك النزاع أو قد يأخذ المجلس على عاتقه القيام بنفسه بالمساعي الحميدة بين الأطراف المتنازعة بشرط إن يظل هذا التدخل في إطار الوسائل السلمية دون إن يتعدى ذلك إلى إصدار توصية باتخاذ إجراءات عقابية من أي نوع إذ إن هذه الإجراءات لم تقصدها نصوص الفصل السادس من الميثاق غير أن للمجلس إذا أدرك إن الإطراف المتنازعة في نزاع من شأنه إن يعرض السلم والأمن الدولي للخطر قد أخفقت في حله وفق المادة 33 والمادة 36 من الميثاق وإنها أحالت إليه ذلك النزاع فله إن يبين من هو المخطئ ومن صاحب الحق في هذا النزاع وله أن يعرض تسوية للنزاع خارج إطار الوسائل المذكورة في المادة 33( )، وله أخيراً أن يقدم توصياته بقصد حل النزاع حلا سلمياً إذا طلب إليه ذلك جميع أطراف النزاع وبدون إخلال بأحكام المواد من الثالثة والثلاثين إلى السابعة والثلاثين( )، فالمجلس هنا يقوم بدور شبه قضائي ويحاول إيجاد حل موضوعي للنزاع( )، وقد قام المجلس فعلا بالتدخل لتسوية نزاعات دولية منها النزاع بين الاتحاد السوفيتي السابق وإيران حيث تقدمت إيران بشكوى إلى المجلس في كانون الثاني 1946 مفادها إن قوات سوفيتية ترابط في أراضيها وتقوم بإعمال تهدد السلم والأمن الدوليين فقام المجلس بمناقشة الموضوع ثم أحيط علما بان الطرفين بصدد التفاوض فطلب إليهما إن يوافياه بنتيجة هذه المفاوضات ، بعدها أبلغت إيران المجلس إن الاتحاد السوفيتي قد سحب قواته من أراضيها فقرر المجلس تأجيل بحث القضية وفي عام 1947 عرضت المملكة المتحدة نزاعها مع ألبانيا بشأن الضرر الذي لحق السفن الحربية البريطانية في مضيق كورفو على المجلس فأوصى طرفي النزاع بأن يعرضا الأمر على محكمة العدل الدولية فامتثلتا لوصيته وفي النزاع بين هولندا و أندنونيسيا عام 1947 ألـّف المجلس لجنتين الأولى قنصلية والثانية للمساعي الحميدة وفي النزاع بين الهند وكشمير سنة 1948 قام المجلس أولا بتأليف لجنة من خمسة أعضاء للتحقيق والوساطة ثم عين بعد ذلك ممثلاً للأمم المتحدة لمساعدة الجانبين في الوصول إلى اتفاق وفي عام 1958 حين قدم لبنان شكواه ضد الجمهورية العربية المتحدة قرر المجلس إيفاد فريق من المراقبين إلى لبنان لوضع تقرير عن الموقف( ) ،كذلك عين المجلس لجنة رباعية لتقصي الحقائق في النزاع بين فيتنام الشمالية ولاوس عام 1959( ) في حين أصدر قرارا بشأن النزاع بين تركيا واليونان في بحر ايجة عام 1976 دعا فيه الطرفين إلى تسويته بطرق سلمية وهو ما لقي استجابة منهما حيث عبرت الدولتان عن رضاهما به ورغبتهما في احترامه وكان أحد الأسباب التي جعلت المحكمة ترفض طلب اليونان باتخاذ إجراءات تحفظية وفق المادة 41 من نظامها الأساس لمنع تفاقم النزاع واتساعه بدعوى إن قرار المجلس قد تكفل به( ) ،وحتى في النزاعات التي يفشل أو يعجز المجلس فيها عن اتخاذ قرارات نلاحظ إن مجرد بحثه للنزاع كان سبباً قوياً لتصفية الأجواء وتخفيف التوتر وسرعة الوصول إلى حل كما حدث في مسألة برلين عام 1948 ومسألة طائرة الاستطلاع الأمريكية عام 1960 وأزمة الكاريبي عام 1962( ). هذا فيما يخص عمل المجلس وفقاً لأحكام ومواد الفصل السادس غير إن للمجلس اختصاصاً آخر يمارسه في حالات تهديد السلم أو الإخلال به أو وقوع عدوان فيتخذ التدابير اللازمة لحفظ الأمن الدولي أو إعادته إلى نصابه حيث ورد النص على هذا الاختصاص في الفصل السابع من الميثاق الذي يمنح المجلس- خلافاً لأحكام الفصل السادس- الحق في اتخاذ تدابير قمع في حالة وقوع تهديد للسلم أو إخلال به أو أي عمل من أعمال العدوان وذلك بمقتضى قرارات ملزمة لايحول دون إلزامها هذا الاحتجاج بالتدخل في الشئون التي تكون من صميم السلطان الداخلي للدولة أو الاحتجاج بأن نزاعاً ما لايشكل تهديداً للسلم أو إخلالاً به أو عملاً من أعمال العدوان لأن المجلس هو الجهة المختصة بتقدير ذلك ويعتبر التصويت عليه تصويتاً على مسألة موضوعية( ) كما يملك مجلس الأمن وقبل أن يصدر قراراته الملزمة ومنعاً لتفاقم الموقف دعوة الأطراف المتنازعة إلى الأخذ بما يراه ضرورياً ومستحسناً من تدابير مؤقتة بشرط إن لا تخل هذه التدابير المؤقتة بحقوقهم ومطالبهم أو بمراكزهم( ) وعلى المجلس في هذه الحالة أن يضع في اعتباره احتمال عدم أخذ الأطراف المتنازعة بهذه التدابير التي قد يكون من بينها الدعوة إلى وقف إطلاق النار أو سحب القوات المتحاربة من بعض المناطق أو إلى خطوط معينة أو التوصية بعقد هدنة أو عدم تجنيد رجال للخدمة العسكرية( ) . أما إذا ارتأى المجلس اللجوء لاتخاذ تدابير القمع فله أن يختار بين نوعين منها تدابير غير عسكرية وهي التي لا تتضمن استخدام القوة المسلحة مثل وقف الصلات الاقتصادية والمواصلات الحديدية والبحرية والجوية والبريدية والبرقية واللاسلكية وغيرها من وسائل المواصلات وقطع العلاقات الدبلوماسية أو يختار التدابير العسكرية إذا تبين للمجلس إن التدابير غير العسكرية لم تؤتِ ثمارها فعليه إن يتذرع بالوسائل العسكرية كالقوات المسلحة البحرية والجوية والبرية التابعة لأعضاء الأمم المتحدة بما في ذلك قيام هذه القوات بالمظاهرات العسكرية والحصر والعمليات الأخرى ذات العلاقة ( ) وله إن يستعين بالمنظمات الإقليمية كلما رأى ملائمة لذلك بشرط إن يكون عملها تحت إشرافه ومراقبته( )،وان اختار هذه أو تلك من التدابير فان قراراته يجب إن تأتي ضمن شروط عدة هي:- 1- أن يكون الأمر متعلقاً بقرار بالمعنى الدقيق لهذه الكلمة وليس بتوصية. 2- إن يكون القرار متفقاً مع أهداف ومبادئ الأمم المتحدة ( ). 3- إن يكون القرار قد اتخذ طبقا للأحكام والضوابط التي تضمنها ميثاق الأمم المتحدة . 4- أن يكون القرار متعلقا بحفظ السلم والأمن الدوليين أو إعادتهما إلى نصابهما أو قمع أعمال العدوان ( ) . 5- إن لاينطوي القرار على خلق أو إنشاء قاعدة قانونية جديدة ليطبقها على النزاعات التي تعرض عليه ولا يمكن عد مثل هذا العمل بالسابقة التاريخية لأنه خروج على قواعد الشرعية وانتهاك لأحكام الميثاق( ) . ويرى جانب من الفقه انه حتى لو توافرت تلك الشروط في القرارات التي يصدرها المجلس طبقا للفصل السابع من الميثاق فلا يمكن القول إن تلك القرارات تنفذ بالإكراه لأن الميثاق لم ينص صراحة على تنفيذ قرارات المجلس بالإكراه وإنما جاء ذلك عن طريق غير مباشر وهو إن يترتب على عدم التنفيذ تهديد للسلم أو إخلال به أو عمل من أعمال العدوان وعندها يمكن للمجلس إن يستخدم وسائل القهر وهكذا فالإجبار ينتهي عندما يرى المجلس إن حفظ السلم والأمن الدوليين لم يعد بحاجة إلى مزيد من الإجبار( ). هذا وتجدر الإشارة إلى إن مجلس الأمن يضطلع بمهام واختصاصات أخرى ذات طابع تنظيمي منها ما يشترك فيه مع الجمعية العامة مثل قبول وفصل الدول الأعضاء في المنظمة الدولية واختيار الأمين العام وانتخاب قضاة محكمة العدل الدولية وتحديد الشروط التي بموجبها يجوز للدول غير الأعضاء بالمنظمة الانضمام إلى النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية وهناك اختصاصات ينفرد فيها المجلس منها الإشراف على الأقاليم الإستراتيجية والخاضعة لنظام الوصاية ووضع خطط التسليح وتنظيمه واستخدام القوات المسلحة وتحديد الشروط التي يجوز بموجبها لسائر الدول الأخرى إن تتقاضى أمام المحكمة طبقا للمادة 35 من نظامها الأساس( ). هذه هي إذا الاختصاصات الأساسية وشبه الأساسية والتنظيمية لمجلس الأمن( ) والتي وردت بشكل موجز ووردت معها تطبيقاتها العملية بين دول مختلفة وفي نزاعات شتى ولم نلاحظ لا في نصوص الميثاق ولا في تطبيقات المجلس ما يعطي المجلس صلاحية أو اختصاص تخطيط أو تحديد الحدود البحرية بين دولتين عضوين في المنظمة الدولية سواء أكانت تلك العملية بمدلول فني تقني بحت أم بأي مدلول آخر. وكل ما يلاحظ على استعمال المجلس لصلاحياته في نزاعات الحدود هو أما إن يطلب أليه دعوة الطرفين أو طرفاً بعينه إلى سحب الوجود العسكري من منطقة حدودية لا تزال محل خلاف( ) أو إن يطلب إلى الطرفين توفير الأمن على الحدود أو جعل الحدود آمنة( ) أو يكتفي المجلس بالإشارة إلى ذكر المبادئ التي يمكن أن تحسم النزاع الحدودي على الحدود البحرية وحتى في هذه الحالة فان المصطلحات التي يستخدمها المجلس لايمكن الركون إليها باعتبارها مصطلحات قانونية صادرة من هيئة قانونية أو تحكيمية( ).
#محمد_ثامر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المشكلة
-
الضمان الاجتماعي في الاسلام
-
فرصتي الاخيرة
-
حق الانسان في الضمان الاجتماعي
-
ورود
-
حق الانسان في الرعاية الصحية
-
بطاقتك الشخصية
-
الحرية الاكاديمية
-
45
-
قرارات مجلس الامن
-
مات شندل
-
الممارسة العربية لحق الانسان في التجمع السلمي
-
وتواصوا بالحق
-
المعاهدات الدولية المتعلقة بالبيئة
-
حق الانسان في بيئة نظيفة
-
نصف القمر الاخر
-
الصدقات والانفاق
-
الحبس لكل من استخدم حدثا لم يبلغ 15 سنة من العمر
-
عيناه مفتوحتان
-
حق الانسان في المشاركة في الحياة الثقافية في الدولة
المزيد.....
-
إيطاليا: اجتماع لمجموعة السبع يخيم عليه الصراع بالشرق الأوسط
...
-
إيران ترد على ادعاءات ضلوعها بمقتل الحاخام الإسرائيلي في الإ
...
-
بغداد.. إحباط بيع طفلة من قبل والدتها مقابل 80 ألف دولار
-
حريق ضخم يلتهم مجمعاً سكنياً في مانيلا ويشرد أكثر من 2000 عا
...
-
جروح حواف الورق أكثر ألمًا من السكين.. والسبب؟
-
الجيش الإسرائيلي: -حزب الله- أطلق 250 صاروخا على إسرائيل يوم
...
-
اللحظات الأولى بعد تحطم طائرة شحن تابعة لشركة DHL قرب مطار ا
...
-
الشرطة الجورجية تغلق الشوارع المؤدية إلى البرلمان في تبليسي
...
-
مسؤول طبي شمال غزة: مستشفى -كمال عدوان- محاصر منذ 40 يوم ونن
...
-
إسرائيل تستولي على 52 ألف دونم بالضفة منذ بدء حرب غزة
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|