صائب خليل
الحوار المتمدن-العدد: 1186 - 2005 / 5 / 3 - 09:28
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
في روما القديمة, بدأ احد القياصرة حكمه بخطاب وجه فيه التهديد الى من اسماهم "المتأمرين على الوطن". قال انه يعرفهم واحدا واحدا, وان الموت سيكون مصيرهم, وكان يقصد عددا محدودا من القادة السياسيين.
ولان روما كانت في فوران واختلاط سياسي, لم يكن واضحا, لا للناس ولا للسياسيين, من منهم كان مشمولا بالتهديد, ولا اين يقع الخط الفاصل بين المختلفين سياسيا وبين "المتأمرين" في وجهة نظر الامبراطور الجديد, وبالتالي لم يكن معلوما بشكل اكيد, من هم الذين يشملهم التهديد.
لذلك ساد القلق وشمل عددا كبيرا من الناس, واستغل المتأمرين المقصودين, الحالة لتوسيع دائرة المتخوفين من تهديد الامبراطور الجديد, وافهامهم ان الموت قادم لهم ان لم يسارعوا بالعمل.
وبالفعل نجح المتامرون وكانت ايام الامبراطور الجديد معدودة ولم يتح له ان ينفذ تهديده.
الحكومة الحالية الجديدة في العراق وموقفها الصريح من محاسبة ومحاكمة مرتكبي الجرائم من الصداميين والمشمولين بالفرهود العراقي الشامل الحالي, ذكرني بما قرأته يوما عن روما.
الحكومة توجه تهديدا عاما لايعرف احد حدوده, ويمكن لمن يشملهم التهديد فعلا ان يخيفوا الحلقات التي لايشملها ذلك التهديد واقناعهم بانهم مستهدفين منه, ويزيدون بالتالي المنضمين اليهم. لذلك فان الحكومة الجديدة بموقفها هذا انما تدخل مرحلة حرجة بسبب خطورة الموقف من ناحية, فهو مسألة حياة او موت للبعض, وهو موقف غامض يصعب رؤية حدوده من ناحية اخرى, مما يجعل عددا كبيرا جدا من غير المقصودين به, متخوفا منه, وبالتالي عدائيا للحكومة.
الحل هو ان تتصرف الحكومة باقصى سرعة وان تجد خطابا واضحا يفهم منه الجميع ان كانوا مشمولين بالتهديد ام لا, وبالتالي لاتسمح بتوسيع دائرة اعداءها بشكل خطير لامبرر له. فمن مباديء السياسة ان تصل نفسك بكل مصادر القوة الممكنة وان تقطع عن خصومك كل ما تستطيع منها.
#صائب_خليل (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟