|
حسن شحاتة الظلامي وهيباثيا الفيلسوفة قتلة مصرية واحدة
أسعد البصري
الحوار المتمدن-العدد: 4135 - 2013 / 6 / 26 - 20:33
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
تزرع إيران الفتنة في البلدان التي لا يستطيع مشروعها المباشر أن يصلها كما هو حال العراق وسوريا ولبنان. تستغل جريمة فردية بشعة لتبرر طائفيتها فيما عقلها يدبر جرائم استراتيجية. ..............................................................................................
كل إنسان يحترم البيئة التي يعيش فيها ولا يستفزها. لا تهدم تمثالا بوذيا في الصين، ولا تشتم عمراً وعائشة في مصر، ولا تدعُ لهدم الأضرحة في النجف، ولا تمارس الجنس مع قاصر في كندا... احترم الظروف التي حولك.
الحذر من الذين يقتنصون حوادث فردية من هامش الصراع الدموي الذي تقوده إيران. إهمال التهجير الفظيع، والتغيير الديموغرافي المذهبي المليوني في بغداد. غض الطرف عن تشريد مليون سوري، وقتل مئة ألف إنسان لترسيخ المشروع الفارسي في بلاد الشام. هذا المشهد العام الواضح يجري تجاهله تماماً، ويتم التركيز على حالات فردية بشعة، على طريقة السينما الهوليودية. مثل واحد مريض يأكل كبد إنسان، إرهابيون كلاب شيشان يذبحون مواطنين سوريين ، حادث إرهابي في قرية نائية، أو فاجعة مقتل الشيخ الشيعي في مصر حسن شحاتة بطريقة بشعة ومؤسفة. الأصل في القانون المتحضر والإنساني الشجب والإدانة للعنف والجريمة مهما كانت المبررات.
العقل الإيراني يدبر الجرائم الإستراتيجية والديموغرافية الكبرى، ثم يحرك إعلامه في حوادث فردية على الهامش.
كيف حدث تطرف طائفي في مصر المتسامحة؟ ليس حزورة ولا لغزا. العراقيون الذين هُجّروا من بغداد ذهبوا إلى مصر. والسوريون الذين شُرّدوا من سوريا، ذهبوا إلى مصر. مئات الآلاف من الناس. كلهم يذهبون إلى الجوامع، يختلطون بالشعب المصري، ويقصون له ما حدث لهم. الجثث التي تطفو في دجلة ، و فرق الموت ، و حرق الناس ودفنهم أحياء في سورية . كل الحكايات تتجمع هناك وتشير إلى إيران. هذا أكثر تأثيرا من مليون فضائية وجريدة.
المثقف العراقي، الذي لم يكتب عن المجزرة الجماعية في الحويجة، التي نفذتها القوات الحكومية العراقية الطائفية ضد محتجين مدنيين مسالمين يحملون العصي فقط، هذا المثقف نفسه، يكتب عن سحل الشيخ الشيعي حسن شحاتة في مصر من قبل الغوغاء والسلفيين بدموع وبما لغة مشكوك فيها طبعا . أكثر من مئة قتيل في الحويجة، من ضمنهم الأطفال والمعوقين، لم يتم قتلهم كالكلاب فقط، بل رأينا كيف تدعس القوات العراقية على جثثهم بالأحذية.
ما يزعجني حقاً، الإسلام الروحاني الذي عرفناه في طفولتنا تمزق تماماً. أصبح نوعا من الجيش المسلح الآن. كان الدين هو الكهف الأخير، المهرب من الناس، والفرار من الدنيا. لأن الإنسان في الحقيقة يصدر عن شعور، وعقل، وقلب، وجسد، وغرائز، وأخيرا روح. كان هناك مكان للروح والإنسان فيما مضى. ماذا يصنع الإنسان بحياته في النهاية . الروح لا تحتاج إلى صراع، وقنابل، ولا إلى حرمان أو إشباع. بل إلى طمأنينة وطهر. الدين لا يصلح للحرب، إنه للسلام الداخلي. حين تدخل الكنيسة في كندا، تجد فيها عجائز، ومرضى، وزوجا ماتت زوجته، وزوجة هجرها زوجها. لابد من طريق كهذه للروح في المجتمع. العزاء الإسلامي الروحاني يتعرض للتمزق، والتسليح، والدم، والسياسة. وهذا مؤسف حقاً.
كل الجدل العلماني قائم على فصل الدين عن السياسة. هذا أمر في رأيي لصالح الدين وليس ضده. إن المسلم لا يتخيل الإنفصال بين الحياة وبين الله. حياته الإجتماعية، والعقلية، وتكوينه النفسي، وطبيعة لغته قائمة على وجود الله. لهذا كلما ظهرت تجارب بعيدة عن الله، يشعر المسلمون بالغربة، وتحدث عودة مضادة لا تفسير لها. تركيا، ومصر، وسوريا، والعراق، وتونس و..... الخ. ما هي المشكلة؟
هناك شيء في الإسلام مختلف، يجعل الروح تحنُّ إلى الله. هل هذا حنين إلى الماضي أم هو حنين روحي؟ لا أعرف، هل هو حنين مُدَمّر؟ الله أعلم.
إن مقتل الشيخ المصري حسن شحاتة بالطريقة المخيفة التي رأينا مؤسف حقاً. هذا العنف يذكر بعنف المسيحيين المصريين في الإسكندرية ضد الوثنيين الرومان قبل الإسلام. عنف جماعي سحل ، وطعن ، وجنون . هكذا تماما، قتل المسيحيون المصريون الفيلسوفة المصرية الوثنية هيباثيا (370-415م).
طبعا الضحية حسن شحاتة حارث نار، وزارع فتنة، وشتام لأبي بكر وعمر وعائشة على وسائل الإعلام العربية والمصرية العلنية. قليل أدب، وناشر للظلام والكراهية الطائفية ، ومدسوس من قم التي درس فيها بكل تأكيد. لا يشبه هيباثيا أعظم فيلسوفة جمالية اشتهرت بجمالها الساحر ، آخر أساتذة الرياضيات والمنطق في جامعة الإسكندرية في العالم القديم. آلاف المصريين المسيحيين بقيادة الكهنة سحلوها، وقطعوها في هستيريا أدت في النهاية إلى انقراض الديانة الوثنية القديمة تماما، بسبب الحرق والإرهاب المسيحي. الإرهاب لا دين له.
العبرة من هذه الحادثة المؤسفة، ضرورة وقف التبشير الديني الإيراني بين الشعوب الفقيرة، من المعيب حقاً أن تبيع إيران علينا بضاعتنا ورسالتنا السمحاء، خصوصا في هذه الفترة المتوترة من تاريخ المنطقة.
#أسعد_البصري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الكيل بمكيالين ، سوري و عراقي
-
مزارات لا تصلح للحجيج
-
حلاوة التوحيد
-
حياتك التي خربتها هنا
-
القاريء كنزي ، و ثروتي ، و عشيرتي
-
قصيدتان
-
انتصار حسن نصر الله التاريخي
-
الحنين ، اللغة ، برودسكي
-
زيارة الإمام الكاظم رسالة سياسية إلى السنة
-
الطائفة الغالبة لا تشعر بمعاناة الطائفة المغلوبة
-
التكفير والهجرة ، عصر الحروب المقدسة
-
حاجتي ليست في قوافلكم
-
الجواهري و مديح الطغاة
-
عذابات السني العراقي
-
الحرب الحبيبة
-
وما هو ضرر الحروب ؟
-
البحرين قميص عثمان الإمبراطورية الخمينية
-
عَمّتِيْ أَمِيْنة ، و جَرَّتُها الثّقِيْلة
-
النخبة والعامة
-
شَهْوَةُ الحرب
المزيد.....
-
البندورة الحمرة.. أضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي على نايل سا
...
-
هنري علاق.. يهودي فرنسي دافع عن الجزائر وعُذّب من أجلها
-
قطر: تم الاتفاق على إطلاق سراح أربيل يهود قبل الجمعة
-
الفاتيكان يحذر من -ظل الشر-
-
عاجل | مصادر للجزيرة: الشرطة الإسرائيلية تعتقل الشيخ رائد صل
...
-
الفاتيكان يدعو لمراقبة الذكاء الاصطناعي ويحذر من -ظلاله الشر
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون الأقصى ودعوات لتكثيف الرباط بالمسجد
...
-
قائد الثورة الاسلامية: لنتحلّ باليقظة من نواجه ومع من نتعامل
...
-
قائد الثورة الاسلامية: العالم يشهد اليوم المراحل الثلاثة للا
...
-
قائد الثورة الاسلامية: المقاومة التي انطلقت من ايران نفحة من
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|