|
مواعيد صولاغ !
سهر العامري
الحوار المتمدن-العدد: 1185 - 2005 / 5 / 2 - 12:54
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
حين كان السيد بيان جبر صولاغ وزيرا للاسكان والاعمار في الوزارة التي تشكلت غبّ سقوط صدام ، وقيام مجلس الحكم ، وتعين الامريكي بول بريمر حاكما عاما لعموم العراق ، سمع العراقيون منه كلاما كثيرا في الاسكان والاعمار ، وفي بناء الدور السكنية ، وفي العمارات ، والمطارات ، وكان هو وقتها متنقلا بين هذا الدولة أو تلك ، يحمل حقيبة بيده اليسرى ، ويشير في اليمنى ، وكان كلما التقاه صحفي بائس قال له : أنا لا أطلق كلاما على عواهنه ، انظر ، وراح يفتح حقيبته ، هذه هي العقود التي وقعتها مع شركات البناء العربية والعالمية . ولتذكرة القارىء حري بي أن أجتزأ بعضا من مقالة كتبتها حين كان صولاغ وزيرا للاسكان وقتها ، فقد جاء في هذا البعض ما يلي : ( العراقيون يردون سبب هذا الجنون في الأسعار الى الوقوف المتفرج لمجلس الحكم ، ومن بعده وزارة الاسكان والاعمار ، والتي ما انفك وزيرها يصرح ثم يكرر من أن وزارته ستبني الملايين الملايين من الدور السكنية ، وعلى طريقة : نسمع قرقعة ولا نرى طحينا ، اللهم إلا حجر الاساس الذي يتباهى به السيد الوزير في كل مرة ، ولكنه، وفي آخر تصريح له بدأ يخفف من غلواء تصريحاته السابقة ، وبات يرى بأم عينيه حقيقة أزمة السكن المتفاقمة ، فعاد مستنجدا بالقطاع الخاص في أن يساهم بحلّ طوق هذه الأزمة الذي بدأ يضيق شيئا فشيئا ، وفي وقت يلمس فيه السيد الوزير نفسه والمواطن الكريم أن القطاع الخاص هو الذي يقف وراء هذا التفاقم المسعور للاسعار ، فالقطاع الخاص في العراق ليس كالقطاع الخاص في بلد أوربي متقدم ، والذي يخضع فيه هذا القطاع لاشراف الدولة ، ويعمل وفق خطط مدروسة ومعدة سلفا ، ومعرضا للمسائلة والمحاسبة من قبل الاجهزة الادارية التي تملك خبرة جمة في مراقبته ، وبالأضافة الى ما يفرض عليه من ضرائب تصل في بعض الدول الأوربية الى نسبة ثلاثين بالمئة ، فهل تتوفر مثل هذا الشروط في قطاع عراقي أو عربي أو شرق أوسطي أعتاد النصب والاحتيال والسرقة والربح السريع ، ودونما رقيب أو حسيب كما هو الحال مع العراق الآن ؟ اقول هل عقد الوزير مثل هذه المقارنة بين القطاع الخاص المتخلف في دول العالم الثالث ، ومنها العراق ، وبين القطاع الخاص في الدول المتقدمة ؟ وأضفت : ، فالناس في العراق قد ملّت الوعود والتصريحات ، وحجي الجرايد كما يقول العراقيون . إن الذين تبوّؤوا مناصب في العراق من حكامنا الجدد عليهم أن يتذكروا أن مناصبهم هذه ما هي الا مسؤولية جسيمة تطوق أعناقهم ، وإن الشعب، الذي خرج من ظلم صدام، لن يقبل أن يحارب بمسكنه وعيشه ، ويقع في ظلم آخر ، ومن نوع مختلف هذه المرة . ) تلك هي وعود صولاغ بشأن السكن والاسكان ، فتعالوا نسمع وعوده بشأن الأمن والأمان ، وبعد أن أصبح وزيرا للداخلية في حكومة الجعفري البتراء التي لا تختلف كثيرا عن حكومة علاوي ، ومجلس الحكم المنصرف . يقول السيد وزير الداخلية الجديد ، بيان جبر أو محمد باقر جبر صولاغ ، في تصريح لجريدة الحياة، وبعدما صاغ تصريح ذاك من نار على عادته ، وأنقله أنا هنا نصا : ( ان لدية خطة أمنية شاملة لتحقيق الأمن. وأضاف: " ان تزايد العمليات الإرهابية أخيرا فرض تحدياً خطيراً يتطلب الإسراع في معالجة الكثير من الأمور على الأرض "، مشيراً إلى ان عديد القوات التابعة لوزارته اصبح 250 ألفاً، لكنها تحتاج اسلحة خفيفة ومتوسطة ونتطلع الى شراء مدرعات خاصة لزيادة فعاليتها في ضرب الإرهابيين. وعن عمليات التطهير والتغييرات المحتملة في وزارة الداخلية العراقية، قال انه سيباشر وفريقه الخاص " في تحقيقات واسعة في عمليات فساد اداري ومالي وتجسس لمصلحة الإرهابيين. " واعتبر ان وجود اختراقات لوزارة الداخلية " ليس مجرد كلام، بل يستند الى معلومات وأدلة قاطعة على تورط مسؤولين بنقل معلومات خطيرة الى الإرهابيين" وأضاف: " سنباشر فوراً بإقالة هؤلاء لأن ذلك يسهم في أحلال الأمن بسرعة . " وعن اقامة الأجانب والعرب في العراق، قال ان لديه اقتراحاً سيقدمه الى مجلس الوزراء " لتحويل عمليات الدخول - منح التأشيرات - الى وزارة الداخلية لا الى وزارة الخارجية كما هو معمول الان ". واضاف ان الاقتراح يتضمن " تحديد فترة زمنية لاقامة الاجانب والعرب الى ان يستتب الامن ليمكن تجاوز هذه التدابير ". وعلى المستوى الاقليمي دعا وزير لداخلية العراقي الجديد، وزراء الداخلية في الدول المجاورة لزيارة بغداد. وقال ان على رأس جدول اعماله تنظيم مؤتمر امني في بغداد يحضره وزراء الداخلية في الدول المجاورة وعدد من الدول العربية والاجنبية. ) من يقرأ تصريح صولاغ المار الذكر يجده يتحدث عن برنامج ضخم ، لا يمكنه هو، ولا يمكن حكومته التي لايزيد عمرها عن أشهر معدودة من تحقيق نصف مما صرح به ، ويبدو أن السيد صولاغ يريد أن يستهين بعقول العراقيين ، أو يريد أن يستغفل الناس بالعراق الذين عادوا يتعلقون بقشة للخلاص من طوفان التريدي الرهيب الذي تغرق فيه الحياة بجميع أوجهها هناك . هذا التردي الذي زادت وتائره يوما عن يوم ، وبعد الانتخابات التي جرت في العراق مؤخرا مباشرة ، فنهران الدماء لا زالت تجري على أرض مدنه ، وأنعدام الأمن لا زال يعصف بالنفوس ، والجوع يستشري بالملايين من البشر ، والازمات تحيط برقاب الناس ، مع انحطاط مريع في الانتاج الزراعي والصناعي ، حتى صار العراق يستورد أكياس النايلون من امارة الشارقة ، ومسحوق الغسيل (مدهش ) من مسقط ، يضاف الى ذلك أزمة السكن المتفاقمة التي أشعل نيرانها الرأسمال الاجنبي القادم من ايران أو من بعض الدول العربية . يقابل هذا ظهور شريحة اجتماعية تمتلك ثروات طائلة، ارتبطت بهذا الحزب ، أو تلك المنظمة من الذين يحكمون العراق اليوم على تعدد مشاربهم وأهوائهم ، والذين تستر بعضهم بدين ، أو لاذ الآخر بمرجع ، وكانوا هم للامس القريب يذمون صداما وأزلامه على نهب ثروات العراق . هذه هي حالة العراق باختصار اليوم ، فكيف لوزير داخلية أن يحقق برنامجه الأمني الذي تحدث عنه بدقائق ، والذي يحتاج الى سنوات في تطبيقه ؟ لقد وقف عند هذه الحقيقة ممثل رئيس المجلس الاعلى ، عمار الحكيم ، بعيدا عن وزير داخلية العراق الجديد الذي هو من بين صفوف المجلس نفسه ، حين قال في تصريح لجريدة الرأي العام الكويتيه ما يأتي : إن الحكومة الجديدة غير قادرة على تحقيق معجزات لأن هذا ليس من شأن البشر كما ان هناك في الحقيقة تراكمات كثيرة فلا يمكن أن ننتظر من الحكومة أكثر مما تستحق في ظل التعقيد الكثير من ناحية، ومن المدة الزمنية القصيرة من ناحية أخرى . وبناء على كل ما مر ، فإن كل الذي يستطيع أن يفعله السيد بيان جبر هو الانتقام من بعض رجال الشرطة من الاخوة السنة ، وبدوافع طائفية لا اكثر ولا أقل ، وذلك لأنه من بين صفوف قائمة تشكلة على أساس طائفي بحت ، وليس على أساس وطني ، وبدليل أن بعض الاخوة من أهل السنة من أمثال مضر شوكت قد انسحبوا من تلك القائمة ، قائمة السستاني ، بعد أن تبين لهم حقيقة الاساس الذي قامت عليه تلك القائمة ، وبعد أن غرر بهم احمد الجلبي من أجل أن يصل هو وابن عمه ، علي عبد الامير الجلبي ، وزير المالية الجديد ، الى ينابيع الثروة في العراق ، وفي ظلال حكومة قامت على أسس طائفية – قومية ، وهي ذات الاسس التي قامت عليها الحكومات العراقية المتعاقبة ، وخاصة حكومة صدام بشكل خاص ، فما نفع العراق والشعب العراقي من استبدال حكم يقوم على اسس طائفية وقومية بحكم آخر يقوم على ذات الأسس ؟ لقد تحول الحكم الطائفي في العراق الآن الى حكم قمعي بمجرد وصول ممثليه الى كراسي الحكم ، والدليل على ذلك أن الكثير من الدول الاوربية التي كانت قد أغلق باب اللجوء بوجه العراقيين بعد سقوط نظام القتلة في بغداد عادت اليوم وفتحته من أجل استقبال العراقيين الهاربين من وطنهم ومن ابناء الطوائف الغير اسلامية بالدرجة الاولى كالمسيحيين ، والصائبة ، والايزيدية ، وبعض من ابناء السنة ، وربما سينضم اليهم في القريب العاجل بعض من ابناء الشيعة العلمانيين أو الذين يرفضون حكما في العراق يقوم على أسس طائفية وقومية ، وبحجة نحن الفائزون ، وليمت الاخرون ! وهذا سبب آخر ، أي سبب الرفض والمقاومة ، سيجعل من العسير على السيد وزير الداخلية الجديد أن يحقق طموحاته في الانتقام من آخرين ، ومن منطلق طائفي لا يختلف عن منطلق صدام في الظلم من قبل ، وبدلا من ذلك عليه أن يخمد نيران الارهاب والارهابيين في العراق عاجلا ، مثلما وعد هو ، وأن لا يضطرنا الى نبش قبر شاعرنا كعب بن زهير بن أبي سلمي من قبره ، ليضع لنا اسم : صولاغ بدلا من اسم : عرقوب في بيته فيصير : كانت مواعيد( صولاغ ٍ ) لها مثلا = = = وما مواعيدُهُ إلا الأباطيلُ
#سهر_العامري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحكومة البتراء !
-
الموت خبط عشواء !
-
الكربلائيون يتظاهرون ضد الهيمنة الايرانية !
-
نطقت عن اليمن وصمتت عن الأحواز !
-
هكذا تكلم رامسفيلد !
-
ملا رسول : المثيولوجيا والواقع !
-
دولة على ظهر حمار !
-
اللوبي الإيراني : اجتثاث البعث أم اجتثاث العرب ! ؟
-
الأعجميان وفوضى الحكم في العراق !
-
البصرة وضراط القاضي !
-
شيوعيون في ضريح الامام الحسين !
-
الى وزير خارجية العراق ونوابه !
-
الجعفري بين الرضا الانجليزي والحذر الامريكي !
-
قراءة أخرى في نتائج الانتخابات العراقية !
-
التوافقية !
-
المقهى والجدل *
-
جون نيغروبونتي ملك العراق الجديد !
-
ظرف الشعراء ( 34 ) : بكر بن النطاح
-
الجلبي يفتي بحمل السلاح !
-
أوربا وقميص عثمان !
المزيد.....
-
صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا الحرب الإسرائيلية على القطاع
...
-
الدفاع الروسية تعلن إسقاط 8 صواريخ باليستية أطلقتها القوات ا
...
-
-غنّوا-، ذا روك يقول لمشاهدي فيلمه الجديد
-
بوليفيا: انهيار أرضي يدمّر 40 منزلاً في لاباز بعد أشهر من ال
...
-
في استذكار الراحل العزيز خيون التميمي (أبو أحمد)
-
5 صعوبات أمام ترامب في طريقه لعقد صفقات حول البؤر الساخنة
-
قتيل وجريحان بهجوم مسيّرتين إسرائيليتين على صور في جنوب لبنا
...
-
خبير أوكراني: زيلينسكي وحلفاؤه -نجحوا- في جعل أوكرانيا ورقة
...
-
اختبار قاذف شبكة مضادة للدرونات في منطقة العملية العسكرية ال
...
-
اكتشاف إشارة غريبة حدثت قبل دقائق من أحد أقوى الانفجارات الب
...
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|