أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حميد طولست - لا حزن يعدل حزن الفقد بالموت ، ولو كان موت كلبة !!















المزيد.....


لا حزن يعدل حزن الفقد بالموت ، ولو كان موت كلبة !!


حميد طولست

الحوار المتمدن-العدد: 4132 - 2013 / 6 / 23 - 20:29
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لا حزن يعدل حزن الفقد ، ولو كان حزن على موت كلبة !!
كالنا يظن أنه يعرف كيف تحي الكائنات ويعيش في هذه الدنيا ، لكننا لا ندري كيف تقضي نحبها بسبب الموت - ذاك المجهول الذي رتبته العناية الإلهية وجعلته ضرورة طبيعية لكل الأحياء ، دون استثناء لأحد ، مؤمناً بربه كان أو كافراً به.. ولا يتخطى طائعاً لخالقه ولا عاصيا له ، ولا يميز بين الإنسان وباقي الكائنات المتشبثة مثله بقوة ومثابرة ومعاندة بالبقاء ، وتجديد علاقتها بالحياة ، بكل عناصرها التي اعتادت عليها نفوسها – الذي لا نعرف عنه ، إلا معرفة محدودة ، لا تتجاوز مجرد أثر اللحظة التي يضع فيها ، ذلك القدر المرعب ، يده على أحد خلق الله ممن نحب ونألف من البشر والحيوان والنبات ، بعد استيفاء آجالهم ، وتناقص أعمارهم ، مصداقا لقوله تعالي (فإذا جاء اجلهم لا يستأخرون ساعة ، ولا يستقدمون) ، هذا الفهم القاصر للظواهر الغامضة والملتبسة للموت ، جعل من أمره قضية عصية على الإدراك ، وحول حرقتها إلى غُصة في الحلق ، تقسم الظهر ، وتفت الإرادة والعزم ، ولا تبقي للمفجوع ، إلا أن يفتح صدره ويرفع اكف العجز والحاجة ، بإخلاص وحرقة وتضرع -بقدر ما يعتريه من حالات الألم والضعف الإنساني الطبيعي التي يتجرع مرارته الكثير من الناس ويقاسون ويلات صدماتها - ، أمام أعتاب باب رحمة الرحمان الرحيم ، ويطلب منه وحده العون الذي يساعده على تدرج حزنه حتى يسلى ، دون ان يتأثر بقسوة الفراق او تتحطم نفسيته منه...
مناسبة هذه المقدمة ، هو أني رزئت قبل أيام ، في أعز وأفى الأصدقاء كلبتي "أيدي" التي رحلت إثر نوبة صرع شديدة - Epilepsy in dogs الاختلال العصبي الداخلي الذي ينتج عن أضطراب الإشارات الكهربائية في خلايا المخ- تركتها جسماً متداعياً متهدماً ، بعد أن كانت قبيل موعد النوبة/الرحيل ، تملأ بحسها المكان ، وتكسر صمت البيت الذي امتلكت كل مساحاته بكل أبعادها الثلاثية والرباعية ، كانت تلهو في أرجائه وبيننا ، كطفل آدمي سعيد يملأ الامان عينية ، والاطمئنان - اطمئنان "قطمير" (1)- قلبه ، فرحة تداعبها الكلمات ، وتسعدها ربتات الأيادي على ظهرها .. وفجأة ودون مقدمات ، واعترتها رعشة باردة ارتعدت لها مفاصلها ، وتسارعت أنفاسها ، واشتدت حشرجتها ، وتشنجت أوصالها ، واضطربت حركة أطرافها ، و تدحرجت مترنحة بين الهدوء والفوران على أرض الغرفة ، تنظر لمن حولها نظرة استجداء غوت من يحمل في كل عضو من أعضائه جرحا يؤلمه ألما حادا ..
ومع اقتراب لحظاتها الأخيرة ، وتحت تأثير التعلق بالبقاء وإلحاح قوة غريزة حب الحياة لدى جميع الكائنات ، تيقظت قوى النفس فيها وتفتحت عينيها كبيرتين ، ثم ارتخت بعدها مفاصلها واعتراها وهن وضعف شديدين ، تلتها سكينة كتب الله لها بعدها راحة شاملة ، وضعت حداً لمآسيها ومعاناتها الأليمة مع (صرع الكلاب) الذي لم ينفع معه طب ولا دواء ..
لم يصدمني موت كلبتي الوفية "أيدي "، في حد ذاته لإيماني الشديد بقضاء الله وقدره ، وأن الموت امر محتم يحضر أي كائن في دقيقة ، فينقله سريعا إلى الدرب الآخر أو العالم الآخر ، مصداقا لقوله تعالي في سورة الرحمان:(كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام) . لكن الذي زاد من ألمي وأجج حزني ووجع روحي وكسر قلبي ، وأدمى فؤادي وقرح عيني ، هو فضول بعض من تحجرت قلوبهم ، وأظلمت عقولهم ، وتعطلت حواسهم ، الذين عابوا علي تألمي وحزني على كلبتي ، بدعوى أن أرواح الكلاب وباقي المخلوقات الأخرى أرواح متدنية مدنسة ، تفسد كل ما تلامسه في محيط ، فلا لا تستحق بذلك أن يشعر الإنسان بالحزن او الألم تجاهها ، بل وجعله بعضهم محرما يوجب عقاب الله ، ناسين أو متناسين ، ان الألم والحزن ووجع الروح هو شعور إنساني فطريّ عام ، وحالة وجودية لا يختلف فيه بشرٌ عن بشر ولا أمة عن أمة ، يظهر في العيون والقلوب والأحاسيس ، أمام ما يكابده الناس جميعهم مع جدلية الموت والحياة .
كم هو صادم حقا أن يسلم المسلم بالعديد من التصورات الخاطئة ، المسيئة لمخلوقات الله ، والمعادية لها ، باسم الدين ، على أنها كائنات مدنسة ، بعيدة عن عالم القداسة والطهر والسمو ، مع أنها مخلوقات لو أراد سبحانه أن يخلقها بشراً مثلنا لفعل ، لكنها إرادته وحكمته سبحانه وتعالى ، والمخالفة لمجموع التصورات والأفكار الخاطئة الراسخة في الوعي الشعبي ، في معظم المجتمعات التقليدية ، والمنسوبة ، مع الأسف ، للإسلام ، والداعية في مجملها إلى القسوة على الكثير من مخلوقات الله البريئة ، و الحث على وقتلها دون ذليل قاطع من القرآن والسنة ، وعلى رأسها الكلاب ، كما في المثال القائل : احفظ ثيابك انْ مررتَ به فالظلُ منه ينَجس الشَمسا ، وقول الشاعر :
اعد الوضوء اذا نطقْتَ به متذكراً من قبلِ أن تنسى.
بل وصلت الكراهية المجانية بالكثير من الجهلة إلى الدعوة لقتلها بقولهم: لو أن كل كلب عوى ألقمته حجرا أصبح الصخر مثقالا بدينار.. مع علمهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قد حث على حسن معاملة الحيوان منذ أكثر من 1400 سنة وأن المسلم يحصل له الأجر بالإحسان لكل شيء وفي كل شيء ، وأن الحيوان داخل في هذا ، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم :" في كل كبد رطبة أجرا" ، رواه البخاري ، وكما جعل سبحانه النار جزاء لمن يعذب الحيوان أو يقتله دون سبب .. كما في الحديث على الرفق بالحيوان والوصية بالعناية به ، وعقوبة من ظلمه أو عذبه ما جاء في البخاري ومسلم "بينما كلب قد كاد يقتله العطش إذ رأته بغي من بغايا بني إسرائيل فنزعت موقها فاستقت له به ، فسقته إياه فغفر لها به " ، وفي رواية أخرى للبخاري ومسلم وللبخاري " أن رجلا رأى كلبا يأكل الثرى من العطش فأخذ الرجل خفه فجعل يغرف له به حتى أرواه فشكر الله له فأدخله الجنة "، وعن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "دخلت النار امرأة في هرة ربطتها فلم تطعمها ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض " وفي رواية ، "عذبت امرأة في هرة سجنتها حتى ماتت ، فدخلت النار ، لا هي أطعمتها وسقتها إذ هي حبستها ، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض " أخرجه البخاري ومسلم وللحديث روايات متعددة كلها بمعنى واحد .
ــ خلاصة القول ، أن فكرة كراهية الناس للكلاب بسبب نجاستها ، قد تم تأسيسها ، تماما كما هو حال نجاسة الجسد الأنثوي ، الذي جعله فقهاء الذكورية جزء من بنيت المرأة العضوية والنفسية ، رغم نفي القرآن والسنة كلية فكرة نجاسة مخلوقات الله ، وذلك استنادا على أفكار توراتية قديمة مستمدة من ميثولوجيا بعض الحضارات القديمة ، ثم تسربت للوعي الشعبي الذي تأثر بالموروث التوراتي تأثرا كبيرا ، وبصورة لا تقبل النقد أو المناقشة.
هموامش: (1)قطمير كلب أهل الكهف الذي نام ثلاثمائة وتسع سنين ، والملائكة تقلبه وإياهم خلالها ، بإذن الله ..



#حميد_طولست (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اقتباس ، أم سرقة فاضحة ؟
- القاهرة، عروس النيل وجوهرة أم الدنيا..
- يوم عامل أزلي!!!
- شعارات فاتح ماي، و قضايا العمال الكبرى.
- عندما يكون النضال عفوياً وصادقاً ..
- القاهرة من الأمكنة التي تزورها فتبقى في القلب.
- الحدود
- الخوف من المجهول أشد على الصحة النفسية للإنسان.
- عيشية الرحيل..
- المعتقدات الخرافية ومخلوقات الخفاء !؟
- الأمهات لا يتكررن..
- البيات أو عسس الليل.
- حراس العمارات
- إنسانية الطبيب، نصف العلاج ..
- انتحرت فتاة او اغتصبت، وماذا بعد؟؟؟؟؟
- المعتقدات الخرافية ومخلوقات الخفاء !؟
- تفريخ الأحزاب بمغرب اليوم أية آفاق!
- ما الذي يخيف الظلاميين في الحب وفي عيده؟؟
- رد على تعليق
- أحداث ملغومة وكاسدة ومزجاة.


المزيد.....




- وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور ...
- بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
- ” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس ...
- قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل ...
- نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب ...
- اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو ...
- الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
- صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
- بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021 ...
- كاتدرائية نوتردام في باريس: هل تستعيد زخم السياح بعد انتهاء ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حميد طولست - لا حزن يعدل حزن الفقد بالموت ، ولو كان موت كلبة !!