وصفي أحمد
الحوار المتمدن-العدد: 4131 - 2013 / 6 / 22 - 17:19
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
( الحلقة الثانية )
وفي رأي كامل الجادرجي , زعيم الحزب الوطني الديمقراطي أن (( فهداً أظهر ثقة زائدة بالنفس وصلت حد الوقاحة )) . و كذلك فقد اشتكى الشيوعيون الذين تعاونوا مع فهد لفترات قصيرة معه من اقتناعه الراسخ أنه الوحيد القادر على قيادة الحزب دون غيره . وعلى العموم فإن ثقته البالغة بالنفس , التي كانت تبعد عنه السياسيين و المفكرين السياسيين , كانت مصدر لإلهام للعوام من الناس , التي كانت علاقته بهم هي الانشط .
وفي حين كان فهد يبدي شيئاً من المرونة في بعض الحالات , فإنه لم يكن يعرف – بشكل عام – كيف يلاقي الآخرين في منتصف الطريق . و ربما كانت هذه ظاهرة اجتماعية أكثر من كونها فردية في العراق . وعلى العموم , فإنها عرقلت اقامة الجبهات مع اللقوى السياسية الآخرى , بينما كانت هذه الجبهات ضرورية من وجهة نظر الحزب الشيوعي .
ومن صفات فهد الآخرى , التي ربما كانت تعبيراً عن الطباع العراقية , كما هي تعبير عن مثيلاتها البلشفية , أن فهداً كان يستاء من المعارضة بمرارة قوية . وكان يميل في ردوده التالية إلى الذهاب إلى أقصى الحدود . وفي رسالة أرسلها ذو النون أيوب , الذي طرده فهد من اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي في آب ( أغسطس ) 1942 , إلى الزعيم السوري وصفي البني اشتكى ايوب من أن (( الشيوعيين ينظرون إليّ و إلى رفاقي ك و بينما ينظر النازيون ورجال الشرطة إلينا كشيوعيين ..... إن اتفاق نازي وشيوعي أسهل من أن يعمل شيوعيان يدأ بيد )) .
و لا يمكن أن ينسب النظام الصارم الذي تميز به الحزب في أيام فهد إلى هذه الطريقة الفجة , لأن فهداً اكتسب حصانة وصقلاً بمرور الزمن . و يكمن التفسير الاصح في قدرة فهد المميزة كمنظم , ويعترف حتى أعتى خصومه , بأن أحداً في الحزب ما كان يبزّه في تجميع الناس وقيادتهم 0 ومهما يكن الامر , فقد نجح فهد في منتصف الأربعينيات , وفي ظل ظروف صعبة جداً , في الحصول على الطاعة المطلقة لأعضاء الحزب . وعلى العموم , فربما كان اللغز الحقيقي لاستعداد الثوريين للسير وراء فهد يكمن في حقيقة كونه مؤمناً بمثله التي كرس حياته من أجلها 0 وبينما كان النضال السري بالنسبة للآخرين ليس أكثر من هروب مؤقت من الإحباط , أو خروج من اطار الملل الذي كانته حياتهم , أو وسيلة للتعبير بينما أغلقت المنافذ الأخرى في وجوههم , كان العمل السري بالنسبة إلى فهد بيته وحياته 0 وكانت كل الأمور الأخرى – كالسعادة و العائلة و البيت الحقيقي – أموراً ملغاة وغير موجودة بالنسبة إليه 0 و أصبح الحزب سبب وجوده وتوقف عن الاهتمام بأي شيء آخر 0
ومن الصعب أن يكون فهد أشار إلى تفاصيل حياته 0 وعندما سأله أحد رفاقه في سجن الكوت عن عمره أجاب : (( يبدأ عمري يوم دخولي الحركة الوطنية , أما الباقي فليس من عمري )) 0
#وصفي_أحمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟