|
التحشيد المذهبي الطائفي : جدح من درعا الشرر
وليد الحنون
الحوار المتمدن-العدد: 4131 - 2013 / 6 / 22 - 08:30
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
في لطمية جديدة، تصوّر حالة قطيعية غرائزية، يغيب فيها العقل، وكأن هذا العقل تم حجره في ثلاجة منذ القرن الأول الهجري، ليطلق منها في عصر الطغيان الأسدي، دون أن ينجز شيئا طوال أربعة عشر قرنا . فها هو الرادود الشيعي العراقي "حيدر العطار" يعيدنا إلى حقبة الصراع الأموي ـ العلوي ويبشرنا باقتراب يوم القيامة، لا لشيء، إلا لأن بشار الأسد قد شارف على السقوط. فيردد ويردد معه المرددون : (قدح من درعا الشرر، وخصم مهدينا ظهر، ومن حرستا ننتظر أول علامة.. زينب اليوم بخطر، وسكينة مرقدها اندثر، يا أم رقية باكر تقوم القيامة… وباكر الجيش المنتظر يهتف يا حيدر)... ينتظر هذا الرادود، وفق ردحيته، ظهور أول إشارة من المهدي المنتظر في (حرستا) بعد أن ظهر خصمه في درعا، ليشن جيش المؤمنين بقيادة المهدي هجومه على الكفار الثائرين على نظام الأسد، فيغدو أهل درعا الفقراء الثائرين المنكوبين ، هم خصوم آل البيت، لا لشيء، إلا لأنهم أطلقوا شرارة الثورة على النظام الأسدي الطائفي، الذي أقام حلفا استراتيجيا مع النظام المذهبي في إيران، وملحقاته من التنظيمات الشيعية في لبنان والعراق . ودون الدخول في تفاصيل الجهات التي تدعم وتمول هذا التحشيد المذهبي كونها أضحت مكشوفة، كما أن مراميها وأهدافها باتت معروفة للجميع، مع ذلك، بإمكاننا القول أن الانقسامات والانشقاقات المذهبية التي عصفت بالصف الإسلامي منذ معركة صفين 37 هـ مثلت الخطر الأكبر الذي تهدد وحدة الأمة، ومزق جسدها، واستنزف قدراتها الفكرية والمادية . إذ أن النعرات الطائفية التي خبت في مرحلة صعود المد القومي واليساري، عاد أوارها يكوي الأمة من جديد جراء تعثر المشروع القومي العربي، وجراء صعود الأيديولوجيا المذهبية في ايران، والتي اتخذت من مظلومية آل البيت وقضية المستضعفين شعارا تتستر به لتوسيع نفوذها الامبراطوري الفارسي للهيمنة على المنطقة. وفجأة، وبعد اندلاع الثورة السورية على نظام الأسد، صار أهل السنة في سوريا هم أعداء آل البيت، وهم قتلة الحسين باعتبارهم ورثة الظلم الأموي من وجهة نظر الولي الفقيه ومواليه من شيعة العرب. لأن نظام الولي الفقيه ومن والاه، لم يعترفوا بمشروعية الثورة السورية بوصفها ثورة تحررية من نظام الفساد والاستبداد، بل نظروا إليها بوصفها مؤامرة تستهدف محورهم الشيعي الذي زعموا زورا وبهتانا أنه محور مقاومة وممانعة بعدما أعلنوها حربا لا هوادة فيها على الشعب السوري النزاع إلى الحرية . ومن هذا المنظور توجب على أحرار سوريا أن يدفعوا ثمن ثورتهم على الأسد وأن يكونوا هدفا لثارات الحسين، وأن يتحملوا وزر ما اقترفه بنو أمية بحق آل البيت في غابر الزمان..! ربما رأى بعض العرب، وأهل السنة منهم، تحديدا، في شعار " نصرة المستضعفين " الذي رفعته إيران إثر ثورتها الإسلامية زمن الخميني.... ربما رأوا فيه بعض الإنصاف لشعوب عانت الظلم والاضطهاد، وربما اعتقدوا أن الشعار يشمل جميع الشعوب المضطهدة من قبل حكامها. لكنهم فوجئوا أنهم مستثنون من هذا الانصاف، كونهم لم يقبلوا بحكم آل الأسد إلى الأبد، ولم ينضووا تحت راية الولي الفقيه. ربما يحاجج البعض بموقف إيران الداعم لحركة حماس السنية، لنفي الطابع المذهبي عن ايديولوجيا الثورة الاسلامية وعن السياسة الايرانية، لكن الوقائع أثبتت أن تدخل إيران في الشأن الفلسطيني وإمساكها بورقة حماس، لا يعكس إيمان ساستها بنصرة القضية الفلسطينية بقدر ما يعكس رغبتها بتوسيع نفوذها الإقليمي وباعتبارها إحدى الأوراق التي تلعب بها لتعزيز حضورها الدولي والإقليمي وتمكينا لمشروعها النووي، وإلا لكانت عملت على توحيد الصف الفلسطيني، وليس إلى زيادة صدعه ..ولو كان ثمة شيعة بين أبناء الشعب الفلسطيني لكانت ألحقتهم بها كما ألحقت شيعة لبنان والعراق واستغنت عن حماس وغيرها من الفصائل ... وبالعودة إلى التحشيد الطائفي الذي يمارسه محور الممانعة، وهو ما يدفع إليه الولي الفقيه ليمنع سقوط هذا المحور، حيث كل طرف فيه يستقوي بالأيديولوجيا المذهبية الطائفية ليقوي دفاعاته ويحمي حكمه من أية هزات أو ارتدادات داخلية أو خارجية، حيث حزب الله في لبنان يستقوي بالنظامين الايراني والسوري لتعزيز هيمنته على لبنان حسب الدور المرسوم له ايرانياً وسورياً، والنظام السوري يحتمي بهذا المحور ليجعل من أي تهديد بتغييره أو هزه أمرا عصيا، وإيران تسعى من خلاله لبسط هيمنتها على المنطقة، باعتباره خط الدفاع الأول عن نظامها إزاء أي تهديد . هل يمكن القول أن ايران نجحت في فصم عرى التآخي بين مكونات الشعب العربي باستمالتها شيعة العرب ليكونوا أداة في يدها لتنفيذ مخططاتها في الهيمنة على القسم الآخر من العرب..؟ وهل يقبل شيعة العرب التبعية لإيران، وأن يكونوا أداة طيعة في خدمة المصالح الإيرانية، ويسلكوا سلوكا عدائيا تجاه أشقائهم في العروبة والوطن ؟ ما من شك في أن ذلك سيكون رهنا بوعي النخب الشيعية العربية وبمستوى ارتقاء وعيها الوطني والقومي ...مع تقديرنا لما عاناه شيعة العرب، وسنتهم أيضا، من قمع واضطهاد في ظل أنظمة حكمت باسم القومية العربية. وهنا لا بد من ملاحظة غياب دور المفكرين والمثقفين الشيعة في لبنان والعراق ممن أسهموا إسهاما كبيرا في حركة تنوير الفكر العربي وممن وقفوا سدا منيعا أمام تمدد النزوع المذهبي الطائفي . هذا التجييش لشيعة العرب في المشرق العربي ووضعهم في مواجهة أشقائهم السنة، لا يخدم قضيتهم لأن مصلحتهم ومصلحة إخوانهم من المكونات الأخرى تكمن في بناء دولة المواطنة ، كما أن هذا التجييش والتحشيد الطائفي سيرتد عليهم وبالا، لأنه سيؤدي إلى تجييش سني مضاد ...وسيدخل الطرفان في أتون حرب مذهبية لا ناقة لهم فيها ولا جمل، سيفرح أعداء العرب لها كثيرا، وسيضحكون على أمة لم تغادر بعد ذهنية القرون الوسطى. لقد باتت أولى مهام الثورة الديموقراطية : تصفية الطائفية التي تعتبر من أكثر رواسب القرون الوسطى كؤدا وقتامة . والأكثر إعاقة للاندماج الوطني، حيث التكسير المجتمعي يعيق تطوير البنية السياسية والاجتماعية والثقافية للمجتمع تطويرا حقيقيا .
#وليد_الحنون (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حزب البعث ، نهاية الدور التاريخي
المزيد.....
-
الجيش السوري يسقط 11 مسيرة تابعة للجماعات التكفيرية
-
بالخطوات بسهولة.. تردد قناة طيور الجنة الجديد علي القمر الصن
...
-
TOYOUER EL-JANAH TV .. تردد قناة طيور الجنة بيبي على القمر ا
...
-
أنس بيرقلي: الإسلاموفوبيا في المجتمعات الإسلامية أكثر تطرفا
...
-
عمال أجانب من مختلف دول العالم شاركوا في إعادة بناء كاتدرائي
...
-
مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي
...
-
أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع
...
-
الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى
...
-
الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي-
...
-
استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|