|
الحركة العمالية من الماضي إلى الحاضر
سحر حويجة
الحوار المتمدن-العدد: 1184 - 2005 / 5 / 1 - 23:47
المحور:
ملف 1 ايار 2005- الطبقة العاملة في ذكرى 1 آيار
ولدت الاشتراكية العلمية في القرن التاسع عشر، من رحم التناقضات العميقة القائمة في المجتمع الرأسمالي آنذاك، ترعرعت الماركسية من الموروث الفلسفي لليبرالية الكلاسيكية ، الاقتصاد الإنكليزي والاشتراكية الفرنسية والفلسفة الألمانية، وكانت الماركسية الوريث الشرعي لهذه المنجزات، اختلف الماركسيون معها من أجل الأفضل، واختلفوا معها في الوسائل والغايات . الآن تعيش الماركسية أزمتها مثل أي نظرية علمية بسبب تجريدها، حيث التجريد يتحول إلى تحجر، فيخف الحماس للكشف والبحث. كان الاكتشاف الأعظم لماركس بالإضافة إلى التفسير المادي للتاريخ ، اكتشافه قانون القيمة الزائدة ، من خلال دراسة وجهي الرأسمالية : الإنتاج وتبادل المنتجات ، حيث تتزايد كتلة رأس المال، في أيدي الطبقات المالكة . حيث كان التناقض على أشده بين الإنتاج الاجتماعي والتملك الرأسمالي الفردي، تجلى هذا التناقض بوصفه تناحراً بين البروليتاريا والبرجوازية ، بعد عقود من قيادة البرجوازية للعمال ضد الإقطاع، وهكذا تحول الصراع الاجتماعي، إلى صراع بين طبقتين متطورتين تاريخياً ،هما العمال والبرجوازية، كان أحد أهم أشكال النضال العمالي آنذاك، "حفر المتاريس والاعتصام"، كانت نقابات العمال بنظر ماركس تعتبر التشكيل الأول والأوسع لتنظيم الطبقة العاملة من أجل أن تضع نصب عينيها مهمة النضال في سبيل تحرير الطبقة العاملة. وفي المؤتمرات التي عقدتها الأممية الأولى، والثانية جاءت قراراتها مكررة بين مؤتمر وآخر لعدم تحقيقها وهي: في سبيل يوم العمل 8 ساعات، حيث كان العمال يعملون أعمالاً يدوية شاقة وكان يوم عملهم 15 ساعة ، ومن أجل زيادة الأجور وإلغاء نظام الدفع عيناً ، ومطلب حق الاقتراع العام ، وكان الصراع شديداً بين التيارات المختلفة حول دور العمال في النضال السياسي ، بين أنصار الدور السياسي، ومنهم الماركسيين وأنصار الاقتصادية ومنهم البرودنيين واللاساليين، وكانت مواقف مثل موقف العمال من الحرب ، وكذلك الاقتراع العام ،هو نضال سياسي ، لم تطرح ديكتاتورية البروليتاريا ولم تأخذ كثيراً من النقاش والبحث في تلك المؤتمرات، رغم أن ملكية المجتمع للأرض، حيث كانت الإقطاعية تلفظ أنفاسها الأخيرة ، وهدف ملكية المجتمع لوسائل الإنتاج طرحها الماركسيون مرات عديدة . إن الاقتراع العام الذي يبدو في أذهاننا معطى الحرية الليبرالية، كلف العمال كثيراً في ظل سيادة الليبرالية التي ارتبطت بها الحرية مع الملكية، لكن مع عدم النسيان أن دولة الحق والقانون التي أسستها البرجوازية الليبرالية كانت التربة المناسبة لنمو الديمقراطية، حيث أنه و منذ حركة الشارتيين في قلعة البرجوازية بريطانيا آنذاك، 1830 ـ 1840 لم تثمر بنتائج، إلى ألمانيا القانون الاستثنائي ضد الاشتراكية 1890.. الخ… انعقد مؤتمر باريس في عام 1889 ، تمت الدعوة للاحتفال السنوي بالأول من أيار . تميز القرن العشرين ، بنمو الحركة العمالية والاشتراكية في مجموع الدول الرأسمالية ، فضلاً عن انتصار الثورة الاشتراكية في روسيا، أيضاً تأسس حزب العمال البريطاني في عام 1906، وتحت ضغط إضراب العمال البريطانيين تم إقرار التأمين الصحي والعلاج المجاني ، وتم إقرار قانون 1929 الذي يقر المساواة بين المرأة والرجل. أيضاً وصل الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني إلى الحكم عن طريق الانتخابات 1923، في هذه المرحلة كان الوصول إلى البرلمان من أهم مكاسب العمال وممثلوهم ، وكان الاعتقاد السائد ، بإمكانية تحقيق الاشتراكية عن طريق البرلمان ، لأنهم لم يستطيعوا القضاء على الرأسمالية بالإضراب ، وكان الاتحاد السوفيتي وتيارات اشتراكية موالية يدعون إلى ديكتاتورية البروليتارية ، ويدعون إلى الثورة في الغرب، لكن دون آذان صاغية ،واستمر تقدم الحركة الاشتراكية والعمالية، بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، حيث نجحت الأحزاب الاشتراكية والعمالية في أغلب الدول الرأسمالية في الانتخابات البرلمانية ، لأنها كانت في المقدمة التي تعارض وتقاوم هتلر، ومنذ تلك اللحظة استطاعت الطبقة العاملة وحلفائها من تحقيق الكثير من مطالب هذه الطبقة التي استمرت عقود بل قرون من الزمن ومنها يوم العمل 8 ساعات والضمانات الاجتماعية والصحية، وضمان البطالة، وتحقق التنظيم العمالي على الصعيد الوطني، ومستوى أجور ممتازة ، أي أخذت الديمقراطية للمرة الأولى طابع اجتماعي متميز ، وأصبحت الديمقراطية كالإسفنجة تمتص النقمة الشعبية، وكان أن تخلت أغلب الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية ومنها حزب العمال البريطاني عن مبدأ التأميم في عام 1960. على الرغم من أن الأكثرية خاضعين لسلطة رأسمال ، أصبح الرأسمال أكثر من أي يوماً مضى ، قوة غير مباشرة خفية غير ملموسة، وتراجع ما سمي الغريزة الطبقية أو العفوية التي اعتمد عليها الأسلاف، ليحل محله الوعي ، وتراجع فصل العمل الذهني عن العضلي، وحل التناقض بين المدينة والريف. أصبح الصراع ليس اقتتال يمزق النسيج الاجتماعي ، بل الاختلاف واقع طبيعي قبل أن يكون سياسي، وتطور مفهوم الديمقراطية ، فهي ليست شكلاً للحكم فحسب ، بل محتوى للعلاقات بين الفئات والقوى، وأصبح العامل مواطن كامل الحقوق قادر على الادخار، و حتى أنه يستطيع المساهمة بأسهم في الشركات القائمة ، ترافق ذلك مع تعميم الاحتكار في كل مفاصل الإنتاج ، سواء من قبل الشركات الضخمة أو الدولة . أما البرجوازية المتوسطة التي لعبت دورها التاريخي في إنتاج كل من الطبقتين البرجوازية والبروليتارية، فقد أخذت تحتل المقدمة ، من خلال المؤسسات العلمية حيث أصبح العلم قوة منتجة ضخمة وأكثر استقلالية عن مواقع الإنتاج ، والتخصصات العالية مطلوبة في كل المجالات ، و أعمال الإدارة أصبحت علم دقيق متخصص ، والإعلام أصبح سلطة ضخمة واسعة. والعاملين في هذه المجالات ورغم خضوعهم لسلطة رأسمال فهم يتمتعون بوضع مادي ممتاز. استطاعت هذه الطبقة التأسيس للمرحلة اللاحقة في التطور وهي ثورة التقانة المعلوماتية ، حيث بدأ الترويج في بداية الثمانينات على لسان الساسة والصحافة مبشرين بعصر جديد ، عالم آخر، مقولة ترددت ، حول مجتمع ما بعد صناعي، حيث لا تلوث ولا بطالة ولا أزمات، أي مع المعلوماتية جاء الحل لكل مشاكل المجتمع الصناعي. أصبح الاقتصاد فيه تابعاً للنشاطات التخصصية العليا، وتبدو فيه أن الطبقة الوسطى كنمط للعمل أي أصحاب الياقات النظيفة، تحل محل العمال في الدول الرأسمالية المتطورة. الحقيقة أن العولمة هي تحالف اقتصادي سياسي ، العولمة هي نتاج وحاجة الرأسمالية الصناعية في الدول المتطورة، كما إنها نتاج التطور العلمي والثورة في عالم الاتصالات، التي أدت إلى تطور وسائل السيطرة على الصعيد العالمي، هذه السيطرة القائمة على الاحتكارات والمؤسسات المالية ، أصبحت فيه المصارف قوة هائلة ، حتى أنه أصبح المثلث البنك الدولي ، وصندوق النقد الدولي، والمصرف الأوروبي لإعادة البناء والتنمية، نقطة مرور إجبارية يقدمون النصح والتمويل من أجل الانتقال إلى اقتصاد السوق، والمؤسسات الوطنية المالية، أصبحت أدوات تحت تصرف المؤسسات المالية العملاقة ، وبالعكس من الترويج لليبرالية إلا بما هي حرية الاحتكارات حيث يسود : 1 ـ الاحتكار والتحكم في شركات إنتاج المعادن . 2 ـ احتكار التكنولوجيا الحديثة ومن هنا يتم التحكم في مصير الصناعات ونيل الجزء الأكبر من الأرباح. 3 ـ احتكار الوسائل العسكرية والتهديد بها. 4 ـ استخدام وسائل الإعلام من أجل إيجاد مناخ لخلق رأي عام عالمي والتدخل في المصير السياسي للدول. إذاً استراتيجية الاندماج الاقتصادي وتوسيع الأسواق، وإعادة تنظيم حقل الاقتصاد العالمي برمته، القوة الرافعة لهذه التكتلات هي المؤسسات الضخمة التجارية و المالية ، و مجموعة الدول الصناعية السبع، بزعامة أمريكا، بهدف تنظيم العلاقات الدولية من زاوية مصالحها ، العولمة هي حركة هدفها كسر التوازنات القائمة. وهنا لابد من الإشارة ، إن سقوط ما سمي الكتلة الاشتراكية بزعامة الاتحاد السوفيتي أمام التنافس الرأسمالي ،بدت كأنها حرب عالمية غير معلنة حيث استسلم فيها السوفييت بدون إراقة دماء. كانت بداية لتنازل أغلب الأحزاب الشيوعية على صعيد العالم عن مفهوم ديكتاتورية البروليتاريا، وخلفت فراغاً يجب إملاءه وتوظيفه من قبل الرأسمال العالمي. أما الدول الفقيرة التي مازالت تعاني الأمرين والتناقضات تتزايد، الركود وغياب التنمية، هما سمات هذه الدول، والبنية الاقتصادية لا تعكس رغبات أي شريحة اجتماعية موجودة ، تطمح شعوب هذه الدول إلى تغيير الواقع القائم ، في هذه الظروف هبت رياح العولمة فكان لها مؤيدون من هذه الدول كطريق للتغيير، الطابع العام لموقفهم تسليم وثقة بقدرة القوى المحركة للعولمة في سبيل بناء مجتمع أفضل، والتقليل من سلبيات العولمة، أما المعارضون ، الذين رفضوا العولمة، كان رفضهم سلبياً عاطفياً ، هدفه إرضاء الشعور بالكرامة، لدرجة تحسبهم يدافعون عن الأوضاع الاقتصادية القائمة، خاصة ملكية الدولة ، مع إن الرؤية الجدلية التاريخية تؤكد أن هيمنة الدولة على الاقتصاد والقطاع العام، حققت من خلاله الدولة الاحتكار لمصادر الثروة والسلطة في المجتمع ، وجعلت البيروقراطية تستهلك القسم الأعظم من موارده مما أدى إلى إثراء فئة ، إضافة إلى إن قطاع الدولة ارتبط باستبداد سياسي نتيجة للاحتكار الاقتصادي وتعبير عنه، شكل قطاع الدولة البقرة الحلوب لسادة هذه الدول ، وبالمقارنة مع ملكية الفرد الرأسمالي يمكن القول أنه لا يوجد فرد رأسمالي يهمل ويبتز أمواله ويهدرها كما فعلت السلطات الحاكمة ، حتى أن المنشآت الأساسية ، بدلاً من تطويرها باستخدام أرقى تكنيك وتطويرها لتكون قادرة على المنافسة كانت تذهب إلى جيوب البعض، ولا تعود للاستثمار في البلد بل ضخها للبنوك الدولية لتستفيد منها الدول الرأسمالية ، حيث يشكل المال حالياً رافعة للتطور والاستثمار في العالم. إن ملكية الدولة كقطاع اشتراكي ساهم السوفييت في غرسه في عقول وأذهان المثقفين الماركسيين ، لأن السوفييت ما طبقوه هو لا يتعدى ملكية الدولة لوسائل الإنتاج، وإذا عدنا إلى التاريخ ، في عهد انجلز حيث تشكل بداية عهد الاحتكار لوسائل الإنتاج، بشكليه ملكية التروستات ، وملكية الدولة ، قرأهما انجلز سوية باعتبارهما شكلين لعملة واحدة، هما نتاج أزمة الرأسمالية وقد كتب في الاشتراكية الخيالية والاشتراكية العلمية، " إذا كانت الأزمات تظهر عجز البرجوازية عن تسيير القوى المنتجة الحديثة، فإن تحويل المؤسسات الكبرى الخاصة والتوزيع إلى شركات مساهمة، وإلى تروستات، أو ملكية دولة يدل على عدم ضرورة البرجوازية لهذا الغرض، حيث أن كل وظائف الرأسمالي الاجتماعية يقوم بها الآن مستخدمون مأجورون. " لكن مؤخراً إن حرص بسمارك على ملكية الدولة للمؤسسات الصناعية، نشأ نوع من اشتراكية، مزيفة، فإذا كانت كل ملكية للدولة هو تدبير اشتراكي، فينبغي أن نحسب نابليون ومترنيخ، من بين مؤسسي الاشتراكية، فليس هذا بأي حال من الأحوال إجراء اشتراكي، لا بشكل مباشر ولا غير مباشر لا عن وعي ولا عن غير وعي. " هذا مع التأكيد أن الفروع الاقتصادية الأساسية يجب أن تبقى ملكاً عاماً، وإن دور الدولة هام ، خاصة أن الدولة هي المالكة للرأسمال الأقوى على الصعيد الوطني في دولة مثل سوريا ، في الوقت نفسه يجب العمل على تحويل مؤسسات الدولة ، إلى مؤسسات مستقلة في المالية والإدارة ، بالترافق مع تغيير في الرقابة والقضاء، وأيضاً الدفاع عن حقوق ومكتسبات العمال والعاملين في قطاع الدولة، وتوسيع برامج الضمان لكل العاملين في الدولة والقطاع الخاص . إن موقف حقيقي من العولمة لن يتحقق إلا من خلال مواجهة إيجابية ، هذه المواجهة تتحقق من خلال فهم العملية التاريخية التي تجري حولنا ، علينا التفكير في كيفية تجاوز الشروط المادية والسياسية والاجتماعية والثقافية التي نعاني منها ، أسباب الفشل في تحقيق مشروع النهضة. نعم يجب رفض العولمة باعتبارها آلية تقفز فوق الدولة والأمة والفرد، مما يولد مخاطر زيادة التهميش الجماعي على صعيد الطبقات والدولة ويهدد السلم الأهلي، بانقسامات خطيرة، على أسس أقلوية سواء طائفية أو أثنية، ويقود إلى التطرف وقوى مسحوقة هدفها الأساسي فرض الاعتراف بها. في الوقت نفسه يجب أن نعلم إن مواجهة العولمة لا تتم من خلال الحفاظ على ما هو قائم من اقتصاد أو إدارة بل يجب تغييرها حتى يمكن لمجتمعنا حل مهمة الثورة العلمية والتقنية ، في معركة النفوذ إلى الثروة وفي مهمة كشف سر العصر من قوى علمية وخبرات وأسواق وتنظيمات ومؤسسات وموارد، هي التي تتحكم اليوم بآلية التنمية. فنحن لسنا قادرين على البدء من الصفر، ولا قادرين على العزلة عن العالم مهما سمت شعاراتنا، البحث عن البرامج الاقتصادية والوسائل التي تساهم في رفع الإنتاج وتطويره، ومحاولة رفعها كمطالب في مواجهة قوى العولمة، نعم لا نريد تبديل خطط الدولة بخطط اقتصادية من القوى متعددة الجنسيات، علينا التأكيد على أننا لا يمكن أن نكون مستهلكين قبل أن نكون منتجين، هذا لا ينفصل عن إقامة الحياة الوطنية الداخلية على أسس وقواعد شرعية وهو ما تضمنه الديمقراطية، إن التحويل الديمقراطي في الدول المتخلفة، سيكون جزء من التحويل الديمقراطي العالمي، يعني التحويل الديمقراطي للعلاقات الدولية وإلغاء كل أشكال التمييز ، والسيطرة والمعاملة المزدوجة، والنهب والحرب في العلاقات الدولية، فبينما نرى الإلحاق والتبعية تنموان وتظهران كأحد التناقضات الأساسية في العالم القائم الآن، نرى الأنظمة العربية تدعو إلى الديمقراطية في العلاقات الدولية، وتسيطر وتتحكم بشعوبها، وهذه تناقضات لا تحل إلا بانسجام العلاقات الداخلية والعلاقات الخارجية، إن رفض التبعية والهيمنة والتهميش في العلاقات الدولية مشروع قابل للتحقيق بالاعتماد على القوى المتعددة داخل النظام العالمي الموجود في مختلف دول العالم سواء على صعيد الدول، أم على صعيد القوى السياسية والمدنية . ويبقى للتكتلات على الصعيد العربي والإقليمي دور مهم في بناء القوة سواء الاقتصادي أو السياسي والتعبير عن الذات، يمكن القول أن التناقض الأساسي في العالم اليوم ، سيتجلى كونه تناقض بين الدول الغنية والفقيرة سواء على صعيد الإنتاج، أو التوزيع ، أو الاستهلاك. إذاً نظراً للجمود وتدني النمو وعدم مواكبة التطور في مراحله المختلفة، وسيطرة مؤسسات صناعية ضعيفة، بقيت الطبقة العاملة محافظة على نوعها ووزنها العددي ، فإذا أضفنا لها الفلاحين في بلد زراعي كبلدنا فيكون عددهم أقل من 40% ، ولم يتغير كثيراً في شروط وجودها الحضاري، فالمستوى المادى في حدود سد رمق العيش، أما سياسياً فالنقابات هي ملحقة بأجهزة السلطة لا تتمتع بأي استقلالية أو دور فعال ، أما البرجوازية الصغيرة ومع أنها تشكل نسبة كبيرة من السكان إلا أنها وبسبب سيطرة أنظمة استبدادية ضعف دورها السياسي والاجتماعي والاقتصادي، وتحولت في أغلبها باستثناء من صعد سلم السلطة إلى قوة مهمشة اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً، وتعاني من البؤس والبطالة . مما ساهم في تراجع الواقع الاجتماعي كله لما تشكله هذه الفئة من رافعة للتطور في كل الدول. أما عن علاقة الحزب بالطبقة: إن أخطر ما يتعرض له حزب سياسي هو أن يلتزم بشيء لا يكون قادر على تنفيذه. حزب سياسي يعبر عن الطبقة العاملة وينطق بمصالحها ، يجب أولاً أن لا يكون بديلاً عن النقابات، لأن لهذه المؤسسات الدور الأساسي ، بل هي التي تفرز أفضل قادة يمكن للأحزاب الاعتماد عليهم، ليس تحميقاً للطبقة العاملة أن يعبر حزباً ما عنها بل قد يكون تحميقاً للحزب أن يتحول إلى حزب فئوي إذا أطلق على نفسه حزب عمال، مع أن لا ضمانة أن يؤيده أغلبية العمال ، لكثرة الأحزاب المعبرة عن الطبقة العاملة ، إضافة إلى قلة عدد الطبقة العاملة فهم لا يشكلون في دول مثل دولنا ، سوى نسبة قليلة أقل من ربع السكان . على أي حزب عمالي أن يكون قادر على إعطاء الجواب على سؤال : هل تستطيع الطبقة العاملة أن تتحول إلى طبقة مهيمنة ، وأن توحد حولها الجماهير اقتصادياً وسياسياً وثقافياً وتقنياً ؟ . على اعتبار أن دور الحزب هو دور المثقف ، باعتباره القارب الذي يتوسط بين ضفتي الممارسة والنظرية، يقود الطبقة العاملة لتحقيق هيمنتها داخل المجتمع المدني قبل الوصول إلى السلطة في جميع الحقول السياسية والإعلامية والثقافية والإيديولوجية، على الحزب أن يجعل من العمال قادرين على تغيير نظرتهم إلى أنفسهم وإلى العالم، والنظر إلى أنفسهم كقوة فاعلة محركة للتاريخ. إن الصراع الطبقي في القرن العشرين قد تحول إلى صراع مواقع على صعيد كل المؤسسات المدنية والاقتصادية والثقافية ، مكان الثورة الدائمة السابقة ، كما وضحه غرامشي. حيث لا يكون هناك معارك مباشرة بين الطبقات.
#سحر_حويجة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الديمقراطية ألد أعداء الأنظمة العربية
-
السلطة الأمنية من سوريا إلى لبنان
المزيد.....
-
لحظة لقاء أطول وأقصر سيدتين في العالم لأول مرة.. شاهد الفرق
...
-
بوتين يحذر من استهداف الدول التي تُستخدم أسلحتها ضد روسيا وي
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل جندي في معارك شمال قطاع غزة
-
هيّا نحتفل مع العالم بيوم التلفزيون، كيف تطوّرت -أم الشاشات-
...
-
نجاح غير مسبوق في التحول الرقمي.. بومي تُكرّم 5 شركاء مبدعين
...
-
أبرز ردود الفعل الدولية على مذكرتي التوقيف بحق نتنياهو وغالا
...
-
الفصل الخامس والسبعون - أمين
-
السفير الروسي في لندن: روسيا ستقيم رئاسة ترامب من خلال أفعال
...
-
رصد صواريخ -حزب الله- تحلق في أجواء نهاريا
-
مصر تعلن تمويل سد في الكونغو الديمقراطية وتتفق معها على مبدأ
...
المزيد.....
-
الكونفدرالية الديموقراطية للشغل بين المحافظة على التقدمية وا
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|