أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - السحر الحقيقي














المزيد.....

السحر الحقيقي


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 4128 - 2013 / 6 / 19 - 20:53
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ماذا أفعل بحالي حين يمرُ عليّ يوم دون أن تعذبني لوحة فنية أو قصيدة شعرية أو قصة أدبية؟هل أجلس في غرفة النوم وحدي وأنا أشدُ بشعر رأسي؟ هل أموتُ انتحارا؟هل أعذب نفسي حتى النهاية؟وما الذي سأفعله بنفسي حين تناديني لوحة فنية لأنام معها على نفس الوسادة الوحيدة؟ ماذا سأفعل حين أصبح هاربا من لوحة فنية أو من ريشة فنان أو من صفحة من صفحات العمر أو التاريخ؟لم يبقى بي عقل,لم يبق بي قلب,كل ذلك ذاب وأنا واقع تحت تأثير السحر الحقيقي.
صحيح أن السحر كان جريمة يعاقب عليها القانون أيام حروب البروتستنت والكاثوليك ولكن ذلك السحر كان سحرا زائفا وليس حقيقيا ,فكان أي شخص يشعر جيرانه أو جيرانها بأن تصرفاتها أو تصرفاته غريبة أو عجيبة فورا يقومون بإبلاغ الجهات المختصة للنيل منه أو منها وكان المتهمون ينكرون تعلقهم أو ارتكابهم للسحر ولكن تحت التعذيب يعترف المتهم على كل شيء لم يفعله,وتتطور الأمور إلى ما هو أبعد من ذلك حيث يعترف أيضا على نخبة من أصدقاءه أو أصدقائها ليتم حرق الجميع في محرقة جماعية على عمود من الخشب أو الحديد وهم موثقون بالسلاسل الحديدية,ولكن كما قلنا هذا هو السحر الزائف الذي لا يوجد لا وراء الطبيعة ولا أمامها.

حاول أن تدخل إلى قلب شاعر أو فنان مبدع,جرب ذلك ولو لمرةٍ واحدةٍ في حياتك...ستشاهد أعظم ما قيل عن الفن والحب والغرام والسياسة والفلسفة والتصرفات الغريبة, ستجد عالما مختلفا عن العالم الذي تعيش فيه أنت, ستكون مواجهة وجهاً لوجه مع السحر الحقيقي..بيد أن السحر الحقيقي هو الذي أريد أن أحملكم معه إليّ فالكلمة المكتوبة والصخرة المنحوتة والألوان المُتلطخة هنا وهناك هي السحر الحقيقي الذي يسحرنا جميعنا إذا كنا فعلا نستجيب إلى سحر الكلمة ومعانيها, فكم استمعنا إلى عبارات ساحرة تُسحر القلب والعقل معا وكم توقفنا عند عبارات ساحرة وقصائد باهرة وروايات مثل الثُريات المعلقة في أسقف القصور والكاتدرائيات, وكم صحونا على أنغام أعذب الألحان وكم نمنا أيضا عليها وعلى غيرها, وكم أحسسنا عدة مرات بأننا لا نقفُ على الأرض بعد سماعنا لقصيدة من الشعر أو النثر!!!!!!!!!!!!!!!.

لم يخطر على بالي في أي يومٍ من الأيام أن أكون خارج دائرة الفن الساحر المبدع والخلاب...أنا لا لا يمكن لي يوميا إلا أن أنام على واحدةٍ من ربات الفنون السبعة,ولا يمر يوم عليّ إلا وأنا مستيقظ على واحدة أخرى من تلك الربات,فكل شيء يسحرني وخصوصا إذا كان فنا أو كلمة على ورق أو ضربة إزميل على صخرة تفتت أمام ريشة فنان عظيم وضع روحه فيها لذلك أنا فعلا أتخيل المنحوتات وهي تتحرك وتتكلم والذي يجعل عندي هذا الاعتقاد هو روح الفنان التي حفرت في الصخر أو خطّت بالحبر على ورقٍ أبيض من ضوء النهار.. ولم يخطر ببالي أن لا أعاني من الذي أقوم بقراءته فأنا أعيش مع الشخصيات التي أقرأ عنه لحظة بلحظة,نعم,أعيشُ معها لحظة بلحظة وأصدقُ كل شيء ولا تغيب عن ذهني التفاصيل الدقيقة وأنا أقرأ عن شاعر كبير أو روائيٌ كبير, لم يمر عليّ يوم وأنا خارج حدود الموسيقى الهادئة أو الصاخبة, إن الفنون الجميلة بسحرها وبكل ما فيها من تخصصات تفتل لي قلبي وعقلي وتجذبني جذبا من الأرض إلى السماء وترفعني من السماء إلى الأرض, هكذا أبدو في أغلب الأحيان مقلوبا رأسا على عقب مسحورا من هول ما أسمع ومن هول ما أراه ومن هول ما أقرأه,الفن إن لم يوقظن من النوم أوقظه أنا من النوم,وإن لم يخلق لي جناحين كبيرين أخلقهما أنا لكي أطير إلى كل فنٍ على حده,وسبحان الخالق الذي لم يخلق لي جناحين أطيرُ فيهما وترك هذه المهمة للفنون السبعة أن تفعل بي فعلتها التي لم أنسها ولا في أي يومٍ من الأيام.

ما هن الفنون السبعة؟:إنهن فنون السلام, فمثلا لا أمسي ولا أصبح إلا على أنغامِ أغنية جميلة وأنا أقول بيني وبين نفسي:مساكين أولئك الذين لم يذوقوا يوما طعم الغناء,ودراويش أولئك الذين لم تأسرهم لوحة فنية أو منحوتة من العصر الروماني,مساكين أولئك الذين لم يرو ولم يشاهدوا بتاتا تمثال أو لوحة (ربة الينبوع)من بلاد ما بين النهرين دجلة والفرات, لم يخطر ببالي أن أذهب في رحلة قصيرة مع كتاب جميل فأعود من الرحلة وأنا ضائع وتائهٌ ومسحور ومندهش من روعة ما أرى ومن روعة ما أسمع ,يا له من سحر وأنا في كل يومٍ أضيع في زحمة الكلمات والقصائد أو أن أطير إليكم على جناح قصيدة من الشعر العمودي أو على جناح قصيدة نثرية,حين أرى فناً ممزوجا بالسحر لا يمكن لي أن أبقى واقفا على قدمي فإما أن أطير في الأعالي وإما أن أرتمي على الأرض كجثة هامدة أو كقطعة خشبٍ محترقة أكلتها النيران حتى تفحمت,وها أنا ذا أكلتني الفنون السبعة ورمتني أرضا وأحيانا كانت تخلق لي جناحين اثنين أطير فيهما محلقا بالأعالي, لم يخطر ببالي أن أخرج بجواز سفر مزيف خارج حدود الإحساس بالفن وبالطرب وبالروايات العالمية والقصائد العالمية لم يخطر ببالي يوما أن ينفيني الزمان خارج حدود الثقافة والأدب,فمن الفن ولدت وإلى الفن سأعود والناس بعد أن يموتوا يتحولون إلى تراب إلا أنا حين أموت أتحول أو أستحيل فورا إلى فراشة أو إلى قصيدةٍ شعرية أو مزهرية تحصلُ منها على أجود أنواع الروائح الزكية دون أن تضطر لأن تخرج من غرفة نومك.

وأستغربُ كثيرا كيف مثلا ببعض الناس لم يقرءوا طوال عمرهم ولا أي قصيدة!!!وأستغرب بأولئك الذين لم يدخلوا يوما معرضا فنيا للرسومات على اختلاف مذاهب الفنانين!! وأستهجن جدا حين أصادف شخصا لم يسمع بحياته بأغنية الأطلال لأم كلثوم أو قارئة الفنجان لعبد الحليم,وأستغرب من أولئك الذين لم يسمعوا برواية(شجرة اللبلاب) أو لم يقرءوا رواية من الأدب العالمي مثل(قصة مدينتين) أنا شخصيا لا يمكن أن أعتبر الفنان الروائي فنانا روائيا دون أن يكون قارئا لرواية(المقامر) ولا يمكن أن أعترف بكاتب ساخر وهو لم يقرئ في حياته كتاب(صوت الناس)



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بوذا والتخلص من الرغبات
- نفحات مسيحية
- العودة للتراث
- نحن أمةٌ مجرمة
- وسخ الدنيا
- من الذي سيصلح الأرض,المسيح أم المفكرون؟
- العرب الفراعنة
- دراسة نقدية عن رواية القط الذي علمني الطيران
- لماذا كان المسيح كثير البكاء؟
- اليهود والعصفور
- أين تذهب ثرواتنا الوطنية؟
- من يتحمل المسئولية؟
- القلب الطيب
- وجودي وعدمه واحد
- الإسلام دخل الجامعات وأفسدها
- المسيحيون في الأردن
- المسيحية طريقة حياة
- المسيحية في عالم آخر
- غرائب المثقفين1
- هل أمريكيا دولة عظمى؟


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - السحر الحقيقي