أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - هاشم نعمة - قراءة في كتاب- ظاهرة طالبان … أفغانستان 1994-1997















المزيد.....

قراءة في كتاب- ظاهرة طالبان … أفغانستان 1994-1997


هاشم نعمة

الحوار المتمدن-العدد: 292 - 2002 / 10 / 30 - 03:24
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


The Taliban Phenomenon                                                      
Afghanistan , 1994-1997                                                         
Kamal  Matinuddin                                                              
Oxford University Press                                                      


            قراءة  في كتاب " ظاهرة طالبان … أفغانستان 1994-1997 " 
 
 


    صدر باللغة الانكليزية كتاب (ظاهرة طالبان ..أفغانستان 1994 -1997 ) للكاتب كمال ماتينيودين. ويتكون من أحد عشر فصلا اشتملت على الجداول الإحصائية والخرائط والصور الفوتوغرافية إضافة إلى الملاحق والببلوغرافيا.ويقع الكتاب في 288 صفحة. الناشر جامعة اكسفورد |كراجي| اكسفورد |نيويورك|دلهي.

    منذ أن اجتذبت طالبان اهتماما دوليا نشر الكثير عن اصلها وتوجهاتها وإمكانياتها.وعبر الكثير من المراقبين عن آرائهم في قوة وضعف طالبان. ولكن لم تنشر دراسة شاملة في رأي المؤلف حول هذه الظاهرة الجديدة التي ظهرت بشكل مفاجئ في الأفق الأفغاني.وهذا ما يحاول أن يقدمه في كتابه هذا.

   يعرض الكتاب تقييما شاملا لأصل حركة طالبان وأسباب نجاحها واخفاقاتها وتأثير التقسيم الاثني على مستقبل أفغانستان والنتائج غير المباشرة للتوجهات المتطرفة لطالبان على الدول المجاورة التي حضيت بتحليل معمق. وقد أختار الكاتب مصادرا أولية لتعطي قدرا كبيرا من الأصالة والموثوقية لكتابه هذا . إضافة لذلك فقد عمل المؤلف مديرا لمعهد الدراسات الاستراتيجية في إسلام أباد إلى جانب كونه محرر نشرة شهرية تسمى (تقرير
أفغانستان) . وكانت له صلات مع عدد من القادة الأفغان الذين انخرطوا في الجهاد ضد القوات السوفيتية. وقد عمل مقابلات مع كل القادة الأفغان المهمين وسافر إلى موسكو وطهران للتحقق من مصالحهما الطويلة الأجل في أفغانستان.

    النظرية الواسعة التداول تقول أن قيادة حركة طالبان انبثقت من وسط اللاجئين الشباب الساخطين من الأفغان الذين درسوا في المدارس الدينية في باكستان رغم أن باكستان تنفي ذلك لكن هناك أدلة تؤكد ذلك . وكان هؤلاء يتلقون الدعم من عناصر في باكستان ويتم إعدادهم للجهاد ضد أولئك الذين لا يلتزمون بالشريعة الإسلامية من وجهة نظرهم . وقد كتبت الكثير من المقالات حول ما سمي (بالتسليح السري) لطالبان.

    هناك جملة من الأسباب المباشرة ساعدت على صعود حركة طالبان السريع منها أن المواطن الأفغاني في 1992  كان قد تعب من الحرب الأهلية التي استمرت ثلاث سنوات حيث قتل حوالي 50.000 مواطن في النزاع بين حكمت يار ورباني. وفقد المواطنون الثقة في القادة الذين حطموا  التحالفات بين ليلة وضحاها. وزادت المرارة عندما لم يروا نهاية للقتل والدمار الذي يرتكب في بلدهم إضافة إلى الأمراض والمجاعة التي تفتك في المواطن العادي.

    ومع مرور الوقت أخذت شعبية المجاهدين الأفغان بالهبوط ليس فقط لأنهم لم يتمكنوا من تحقيق السلام لبلدهم الذي دمرته الحرب بل الاسوء  من ذلك هو أن الكثير منهم أنغمس في نشاطات غير اجتماعية حيث تحول البعض إلى قطاع طرق وأخذت الضرائب المجحفة تفرض على المواطنين الذين يمرون في المناطق التي يسيطر عليها المقاتلون . فهناك مثلا 71 نقطة سيطرة بين شامان وهيرات. واحد أسباب ذلك إضافة إلى الجانب الشخصي هو أن المقاتلين كانوا لفترة طويلة لا يستلمون رواتبهم من قادتهم الذين جندوهم في البداية. لذلك مارس الكثير منهم السلب والنهب وتهريب المخدرات. وقد تأثرت منطقة كندهار أكثر من غيرها نتيجة ضعف الآمن وفقدان القانون وجرت حوادث التعرض للنساء واغتصابهن وأثار هذا شعور بالمرارة وسط طلبة ومدرسي المدارس الدينية.

    وكان سوء الإدارة يشاهد في كل مكان من البلاد وكانت قيادة المجاهدين أما غير راغبة أو عاجزة عن كبح الفوضى الحكومية. وسادت ظروف الاضطراب في البلاد عدا ست محافظات شمالية كانت تحكم من قبل الجنرال الاوزبكي عبد الرشيد دستم . وكان هناك انهيار اقتصادي وقد سيطر لوردات الحرب وشيوخ القبائل على البلاد . وكان المواطن العادي ينتظر من ينقذه  من هذه الظروف المزرية. لذلك لم يكن الأمر يحتاج إلى جهد كبير من قبل طالبان للحصول على الدعم من قبل المواطنين لإنهاء الحرب الداخلية والفوضى التي سادت البلاد.

    وكان الطلبة الذين كونوا حركة طالبان قد تتلمذوا في المدارس الدينية على يد ملالي شبه متعلمين غرسوا التعصب الديني في أذهانهم . واعتقدوا بأنه لا يوجد أحد من الزعماء الأفغان كان صادقا فيما يخص تأسيس دولة إسلامية حقيقية في أفغانستان.

     ينظر الأفغان تقليديا إلى الزعيم القبلي أو الرمز الديني بأنه قادر على حل مشاكلهم وعندما يأتي أحد في المقدمة لقيادتهم وإخراجهم من الفوضى التي هم فيها  يتبعونه بدون تردد. ويشرح الكتاب كيف أن الملا عمر ذهب إلى أحد المساجد في قريته في عام 1994 وتعاون معه في البداية عدد قليل من الطلبة وكيف زودهم قائد مجاهدي الحزب الإسلامي بالسلاح والعربات وهكذا بدأت حركة طالبان.

    ينتمي معظم طالبان إلى البشتون الذين يكونون 43 % من مجموع السكان ( تدعي طالبان بأن البشتون أكثر من 50 %). أما المجموعة الاثنية الثانية فهم الطاجيك الذين يكونون 24 % إضافة إلى مجموعات إثنية أخرى. ويدعي البشتون بأنهم الأفغان الحقيقيون. وهكذا يمكن أن تتوقع طالبان دعما من القسم الأكبر من السكان اعتمادا على العنصر الإثني واللغوي خصوصا وأن البشتون هم العنصر المسيطر في الأقاليم الجنوبية الشرقية من أفغانستان والتي انطلقت منها طالبان في البداية.

    تدعي طالبان أن هدفها هو إقامة حكومة إسلامية في أفغانستان طبقا للشريعة الإسلامية المفسرة من قبلهم وبالاستناد إلى المذهب الحنفي السني وإتباع مبدأ الشورى وتسليم شؤون الدولة بيد أمير المؤمنين. أقوال وأفعال طالبان في الأراضي التي سيطروا عليها تضعهم في صنف المتطرفين. فقد منعوا تعليم البنات وعمل النساء وأن غادرن النساء منازلهن فعليهن ارتداء الحجاب من الرأس إلى القدم ويجب أن يرافقهن أحد من أقاربهن من الرجال. وقد منع سائقي السيارات من نقل النساء كراكبات ما لم يكن مرتديات الحجاب الكامل.

     وقد أجبر الأطباء على قطع أيدي وأقدام اللصوص ويتم تنفيذ العقاب في خلال ساعات. وأغلقت دور السينما وحولت بناياتها إلى مساجد. وحرم التقاط الصور أو رسم البورتريه و البوستر. وحطمت طالبان تمثال بوذا ذا الشهرة العالمية الذي يرتفع 60 مترا والذي نحت من الحجر في القرن الخامس قبل الميلاد. وحطمت محلات الفيدو ليس في أفغانستان فقط وإنما حتى في مناطق في باكستان تغير عليها طالبان وأجبرت تلك المحلات على غلق أبوابها. وحرم التلفزيون والموسيقى والغناء  وتم تحويل راديو كابل إلى صوت الشريعة. وحرمت كرة القدم على أنها ممارسة غير إسلامية . وأصبح ينظر إلى لعبة الشطرنج بأنها باطلة . ومنعت تربية الحمام والحيوانات الأليفة الأخرى  وقتلت الطيور. ومن يضبط يمتهن هذه الحرف يسجن . ومنع الاحتفال بالسنة الميلادية وعيد نوروز. وطلب من الرجال إطالة لحاهم على شاكلة طالبان ومن يخالف ذلك يعاقب وقد تم طرد الآلاف من المواطنين من أعمالهم لعدم إطالة لحاهم . وأصبح ارتداء العمامة بالنسبة للرجال إجباريا خارج المنزل. وطلب من أقارب الضحايا إعدام القاتل وأعطي للمرأة الحق بقتل قاتل زوجها بحضور شهود عيان.

     ويكمن نجاح طالبان بتمكنهم من نزع سلاح مختلف المليشيات والمحافظة على القانون والنظام . وعدم انغماس أي شخص من طالبان في السلب والنهب أو احتلال المنازل بالقوة وابتعادهم عن المنافع الشخصية. وأسلوب حياتهم الذي تمييز بالبساطة الشديدة وعدم مطالبة الطلبة بالرواتب وإنجاز واجباتهم المكلفين بها بدون مقابل. هذه الأمور كانت محل تقدير السكان في البداية.

    أما نقاط ضعفهم فتمثلت في قلة خبرتهم العسكرية حيث أن غالبيتهم مقاتلون شبه مدربين. واستمرار النزاع والقتال في أفغانستان وعدم وجود بادرة في الأفق لنهايته جعل الشعب تدريجيا يبدي عدم رضاه تجاه طالبان. واندلاع الانتفاضات في الأقاليم الأخرى التي تقع خارج سيطرة طالبان. والتنفيذ الصارم والغير واعي للشريعة الإسلامية لم يكن مقبولا من قبل أكثر الأفغان ذوي التفكير اللبرالي خصوصا من قبل النساء المتعلمات في كابل اللاتي لم يردن لبلدهن أن يحكم من قبل ثيوقراطية من رجال الدين والملالي.وغلق مدارس البنات ومنع النساء من العمل أو حتى إنجاز قضايا منزلية بعيدا عن منازلهن كان موضع انتقاد. ورفض طالبان وقف إطلاق النار خلال شهر رمضان الذي أعلنه رباني كان محل عدم رضى سكان كابل الذين واجهوا ظروف المجاعة . وبما أن الغالبية الواسعة من طالبان سنة فقد سعوا لاحتواء مطالب الشيعة (14% من السكان) الذين أرادوا حصة أكبر في الحكومة من السابق. كذلك سعي طالبان لاحتواء مصالح جميع الجماعات والأحزاب الإسلامية السياسة الأخرى . وادعاؤهم بأنهم الحزب الوحيد القادر على إقامة حكومة إسلامية حقيقية ومن ثم محاولتهم السيطرة على كامل أفغانستان وإدارتها بأنفسهم لم يكن كل ذلك موضع قبول هذه الجماعات والأحزاب ولم يؤد إلى إقامة سلام دائم في البلد. إضافة لذلك فأن قتل الرئيس السابق نجيب الله وأخيه والتمثيل بجثثهم جعل الجنرال عبد الرشيد دستم يقف ضدهم. ثم أن سياساتهم تجاه تهريب المخدرات وإيواء الإرهابيين لم تكن تتماشى مع قوانين الشريعة التي تبنوها.

    ويتوصل الكاتب في نهاية كتابه إلى مجموعة من الاستنتاجات منها أن السلام الدائم في أفغانستان لا يمكن فرضه بالحل العسكري. ومن الأفضل العمل من خلال الأمم المتحدة بدل التورط المباشر في تشكيل حكومة عريضة . وعلى باكستان أن تنتهج سياسة دعم وحدة أراضي أفغانستان وعدم التدخل في شؤونها الداخلية ويجب أن تقيم علاقاتها مع جارتها الغربية على أساس احترام استقلالها بدون النظر إلى من هو في السلطة سواء كان  حزبا سياسيا أو مجموعة اثنية. وعليها أن لا تفكر فقط في مصالحها وتهمل مصالح دول المنطقة الأخرى.

     قراءة الكتاب تؤكد قناعتنا بأن استباحة الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية لسيادة أفغانستان بعد
أحداث 11 أيلول (سبتمبر) 2001  وفرض أرادتها السياسية والعسكرية عليها لا تتوفر على أي مسوغ قانوني أو أخلاقي رغم سوء إدارة طالبان وتخلف فكرها السياسي والاجتماعي والاقتصادي . وسوف يرفض
الشعب الأفغاني  مثل هذه النتائج مهما طال الزمن وقد بدأت بوادر ذلك . وستنجر الولايات المتحدة ربما إلى مستنقع لا تستطيع الخروج منه بسهولة .


 

 



#هاشم_نعمة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دور الغرب في بناء الماكنة الحربية للنظام العراقي


المزيد.....




- هوت من السماء وانفجرت.. كاميرا مراقبة ترصد لحظة تحطم طائرة ش ...
- القوات الروسية تعتقل جنديا بريطانيا سابقا أثناء قتاله لصالح ...
- للمحافظة على سلامة التلامذة والهيئات التعليمية.. لبنان يعلق ...
- لبنان ـ تجدد الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت ...
- مسؤول طبي: مستشفى -كمال عدوان- في غزة محاصر منذ 40 يوما وننا ...
- رحالة روسي شهير يستعد لرحلة بحثية جديدة إلى الأنتاركتيكا
- الإمارات تكشف هوية وصور قتلة الحاخام الإسرائيلي كوغان وتؤكد ...
- بيسكوف تعليقا على القصف الإسرائيلي لجنوب لبنان: نطالب بوقف ق ...
- فيديو مأسوي لطفل في مصر يثير ضجة واسعة
- العثور على جثة حاخام إسرائيلي بالإمارات


المزيد.....

- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - هاشم نعمة - قراءة في كتاب- ظاهرة طالبان … أفغانستان 1994-1997