امتياز عمر المغربي
الحوار المتمدن-العدد: 1184 - 2005 / 5 / 1 - 05:36
المحور:
ملف 1 ايار 2005- الطبقة العاملة في ذكرى 1 آيار
ما اكثر مسميات الاعياد في هذه الايام , عيد العمال, عيد الحب , واعياد اخرى لا متسع لذكرها هنا . عندما لا يحصل غالبية المواطنين الفلسطينين على عمل و يبقون في بيوتهم مثل الارامل و المطلقات _ مع كامل الاحترام لكيان الانسان الفلسطيني _ يعتاشون على بند الاعانات . حينما نتوجه اليهم لنقول لهم ، كل عام وانتم بخير تراهم بماذا سيشعرون؟ لن يشعروا سوى بالسخرية و الاستخفاف بهم لانهم لا يعملون فلمن العيد؟ الادهى و الامر اذا خصصت عطلة للعمال في عيدهم فمعظم المواطنين الفلسطينيين في عطلة مفتوحة فلمن اذن عطلة العيد؟ اظنها للعيد نفسه . اوهي " برستيج " لاصحاب المقامات الرفيعة؟!
تسعة من افراد العائلة تعيلهم فتاة فلسطينية , و عشرة تعيلهم امهم واختهم , و عائلات بالكاد مستورة , و عائلات يعتاشون على باب الصدقة و الزكاة و بطاقة المؤن التابعة لوكالة الغوث الدولية "الاونروا" . قد تعرفون بقية المعاناة و حجمها اذا عايشتم واقع المواطن الفلسطيني . واتساءل هنا , اي عيد هذا الذي يهنئ به المواطن الفلسطيني الذي لا يعمل غالبا بسبب الاجرائات الاسرائيلية المتلاحقة و مخلفات تلك الاجرائات المتغيرة كحال الصيف و الشتاء.
من المعوقات التي تجعل من غالبية المواطنين الفلسطينيين ينتظرون اشارة البدء بالعمل , الذي قد لا يسد رمق طفل رضيع , نبدئها من الحواجز التي شلت حركة العامل الفلسطيني , و اجبرته ان يتقوقع داخل مدينته او قريته او مخيمه. اقلاء من يستطيعون العمل خارج مدينتهم في مدن مجاورة , و مرة اخرى يعانون من اللجوء والغربة من اجل لقمة العيش التي تعيل افراد عائلاتهم .
ونلتفت الى عائق اخر, فندرك حجم المعاناة التي خلفاه ما يسمى بالجدار العازل حسب التسمية الاسرائيلية , وبجدار الفصل والضم العنصري حسب التسمية الفلسطينية , واظنني اقدر المعنى الذي ارادته التسمية الفلسطينية من خلال مشاهدتي للجدار, و تداعيات اقامته على الاراضي الفلسطينية . الجدار الذي اغتصب رائحة الوطن المتمثلة باراضيه الخضراء, و اختطف مصدر الرزق الوحيد الذي كان يعيل العديد من العائلات الفلسطينية , وتواصل اليات الاحتلال الاسرائيلي اغتصاب بقية الاراضي الفلسطينية المنوي استكمال بناء جدار الفصل و الضم العنصري عليها حتى هذه اللحظة .
من الجدار الفاصل الى سرطان يطلق عليه اسم المستوطنات التي اللتهمت العديد من الاراضي الفلسطينية , بحجة الحماية الامنية للمستوطنين , و ليس هناك داعي للحجة فهم غير متهمين في نظرهم , وليسوا بحاجه للذرائع , فالقوي لا يتكلم بل ينفذ , و ذلك ما تفعله اسرائيل صباح , مساء .
من سرطان المستوطنات الى قوافل الشهداء , كثيرا ما استيقظنا او غفونا على اصوات العويل المنطلقة من بيوت الشهداء , والذين غالبا ما يكونون من العمال الفلسطينين الذين اطلق رصاص الاحتلال الاسرائيلي باتجاههم دون سابق انذار و كأن العامل الفلسطيني اصبح دميه للتدريب في نظر الرامي , فيتحول العامل الى كومة من جسد لا حراك فيه ولا قوة . وثم يحمل على الاكتاف في قوافل الشهداء و ذنبه الوحيد انه عامل فلسطيني؟!.
ومن قوافل الشهداء الى البضائع المستوردة الرخيصة و الرديئة جدا التي غزة الاسواق الفلسطينية , والتي ساعدت بشكل مباشرعلى اقفال العديد من الشركات الصناعية في الاراضي الفلسطينية . الخاسر الوحيد هو العامل الفسطيني الذي اجبر على انهاء خدماته في عمله و اجبرايضا على ان يستهلك بضائع ترفضها الاسواق التي تحترم عقلية و ذوق المستهلك .
ننتقل في هذه المرة, من البضائع المستوردة الى الواسطة , او ما يطلق عليه فيتامين واو في الاواسط الفلسطينية , الذي لعب دورا مميزا في موازين طلبات العمل في فلسطين . فمن حصل على المؤهل العلمي ليس بالضرورة ان يحصل على عمل . اربع سنوات و اخر ست سنوات . النتيجة هي عامل لجمع النفايات في احدى المصانع الفلسطينية وقد لا يحصل عليها الا باستعمال الواسطة!!!.
و نعرج من الواسطة الى بطاقة المؤن التابعة لوكالة الغوث لتشغيل اللاجئيين "الانوروا", التي من اجلها يتزوج بعض الشبان الفلسطينيين , كما حدث في قطاع غزة حيث تزوج شاب في سن الثامنة عشرة , و هو مريض بمرض الكلى , وايضا طالب توجيهي من اجل المئة وخمسين شيكلا , التي تدفع لمن يحمل بطاقة الموؤن التابعة لوكالة الغوث الدولية"الانوروا" فور عقد قرانه . كان الشاب المريض بالكلى يتحمل عبأ نفسه والان اصبح يتحمل اعباء اقوى من عجزه عن اعالة نفسه.
يأن الواقع الفلسطيني و يتوالى الصمت مع صلوات الانين المستمرة ، ترى الى متى سيمتلك المواطن الفلسطيني الذي لا تتوفر له فرصة عمل نفسه ؟ الا نسمع بان الجوع كافر ، و اي كافر الذي يحارب المواطن الذي لا يعمل في عقر داره , و يجمد حراك بيته ، لانه لا يوجد ما يسد رمق من اعطوه امالهم ، بانه هو من يستطيع اعالتهم ، و لكن هل سيصمد هذا المواطن ام سيصرخ على الصمت و يقتل الكافر؟!
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟