أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - قحطان محمد صالح الهيتي - يوميات طالب عامل














المزيد.....

يوميات طالب عامل


قحطان محمد صالح الهيتي

الحوار المتمدن-العدد: 4126 - 2013 / 6 / 17 - 03:44
المحور: سيرة ذاتية
    



في شهر تموز من العام 1966، كنت طالبا في الصف الخامس العلمي في إعدادية هيت، كنت تواقا لأن البس بدلة (قاط)، وكان في مدينتي العزيزة خياط باكستاني، محله أول محل في السوق العصري آنذاك، وكانت كلفته حنيذاك (18) ثمانية عشرة دينارا لا غير، وحيث إنني فقير الحال يتيم الأب كان عليّ أن اعمل في العطلة عامل بناء لتوفير المبلغ.

في ذلك العام بدأ المرحوم إبراهيم حسن (الكببجي) ببناء داره بجوار بيتنا المقابل لمصرف الرشيد حاليا. وفي هذا وجدت الفرصة سانحة لأن اعمل مع فريق العمل الذي كان يقوده المرحوم المعمار(البناء) شفيق مصلح بندر، ولأني من أقارب صاحب الدار وبجواره فقد قبلوا عملي معهم بأجرة يومية قدرها 350 فلسا زيدت بعد أن وجدوني قادرا (جادا) في عملي إلى 400 فلس.

كان المرحوم شفيق سريعا في عمله مخلصا وجادا به، يجهد من يعمل معه كثيرا، ولا يرحم. كان عملي (جبان) جص، وكان الجص من (كورة) المرحوم حمدان غزال الواقعة قرب ضريح الشيخ عبد الله بن المبارك، وكان ينقل على الدواب.
اترك لكم تصور حالة فتى في السابعة عشرة من عمره يتعامل مع الجص الحار في شهر تموز.

تحملت الحالة من أجل (القاط) الذي سألبسه في عيد الفطر المبارك وبالتحديد يوم 12/1/ 1967.

لقد كان عليّ أن اعمل مدة تقارب 45 يوما كي أوفر المبلغ، وهذا ممكن، ولكن ما عانيته في عملي ذلك هو المراقبة الصارمة القاسية التي فرضها عليّ المرحوم جبير حبيب الحربي ( أبو حسين)، لقد كان (شرطيا) علينا نحن العمال ،وراينا تحت أمرته ( الويل) لأنه كان يشرف على عمل زوج ابنته (إبراهيم حسن).

تحملت حر تموز، وحرارة جص حمدان غزال، وصرامة جبير حبيب من أجل (القاط) الذي سيخيطه لي الخياط الباكستاني والذي سأظهر فيه (فتى) أحلام من كنت أحبها في ذلك الحين وكتبت لها قصيدة (قميص احمر قاني) ، والتي كانت تسكن في ذلك الوقت قبالة مقر عملي وتشاهدني كادحا من أجل أن ارضي غروري الصبياني، ومن اجل أن اظهر رجلا بعينيها.

انتهت العطلة، وفي خلال عملي دفعت عربون(القاط) ، وأخذت أول (براوه) في شهر تشرين ثاني 1966، وكان القماش اسودا به خيوط بيضاء، وكان (الموديل) سترة قصيرة ، وقبل أن يكمل الخياط خياطة البدلة استلمت ( يوميتي) وسددت المتبقي من القيمة.
وسهل الله، واعاني من له الفضل علىّ لأن اكمل (جهازي) بالحذاء والقميص، وتم لي ذلك ، فاشتريت الحذاء والقميص من المرحوم (سيد عبد) ، وحل رمضان شهرا كريما على هيت وأهلها ، وانتهى، وثبت رؤية الهلال ، وكبر أهل هيت في جامعي الفاروق والشرقي ، ونام المطمئنون ،ولكني لم أنم، فقد كنت بانتظار الصباح ، لألبس بدلتي التي تحملت من جرائها، حرارة جص حمدان غزال، صرخات شفيق مصلح ، ونكد جبير حبيب ،وقبل هذا كله راحة طالب كان يتوق لأن يقضي صيف عطلته كما يقضيها غيره ممن انعم الله عليهم بالرخاء، ولكن !من أجل عين الف عين تكرم ، فمن اجل عيني حبيبتي التي قلت عنها في قصيدتي (دار سعدى) هان كل شيء ولم يهن الود :

يا دارَ سُــعدى أعدينني إلــى زمـن ٍ
داعبتُ فيـه الهوى والحـبُّ ما نَهدا

فـكان( كـركـعُ) توبـادي وعاشــقتي
عذريــة ٌحبُهــا فــي قلبـِـها وئـِـــــدا

حـوراءُ مسـكنُها الحلاّب لـو نظـرتْ
من طـرف ِناعســة ٍللحــبِّ لارتعــدا

كرديـة ٌهـي مـن أصْلي ومن نسـبي
حوريــة ٌصـاغها الرحمـنُ مُـتَـئِـــدا

عشـــرية ٌعلّمتنـي الحــبَّ أغنيـــــة
غنّتــها كـلثمُ لحنــاً خالـــداً أبـــــــدا

أطلالـُها أيقَظـتْ فـي خاطـري حلمـاً
فيـــه تعانـقَ ود ٌصــادق ٌوهــــــدى

وحل العيد مباركا ولبست البدلة، وكان عليّ أن أخلد ذلك اليوم، فحالفني الحظ بأن يكون المصور البياتي في هيت فصورني مع أخي وصديقي وزميلي في الدراسة عبد الملك شكر ملا عويد في صورة نسيتها ولكنه احتفظ بها وأهداني إياها في عام 2013 أي بعد 46 سنة وقد نشرتها في صفحتي على الفيس بوك.

هكذا نحن، فقراء ذلك الزمن ، نكدح ، ونتعب ، ونشقى، ونفرح، ونحزن ، ولكننا محبون، محبون لأهلنا ، ولدارنا ، وديارنا .كنا نحب ومن أجل الحب نتعب ، وكنا فخورين بانفسنا ، ولأجل عزتنا كنا نتعب من أجل أن نلعب .



#قحطان_محمد_صالح_الهيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أل ابي الطيب الهيتي
- سيدتي عزيزتي
- آل الخطيب الهيتي
- من الفولكلور العراقي (الجوبي)
- قلبي زورق
- المربية الفاضلة - الست عفيفة
- التبغ تاريخه ومكوناته وأنواع التدخين
- لميس
- الشهيد سعيد حمدان
- عام بأية حال عدت يا عام
- هكذا قال الشيخ عبد الملك العراقي
- ما بين الدليمي والموسوي ضاعت الحقيقة
- تَّحَرُّشُ
- مخالعة
- حق المؤلف باسم مستعار
- قصر سُعدى وخرافة النهر والزواج
- لمن العراق ؟ لمن يكون؟
- سبحان ربي
- قراءة في قصص (حمامة شاقوفيان)
- قتلوا أم عامر ...قتلوا الديمقراطية


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - قحطان محمد صالح الهيتي - يوميات طالب عامل