|
البطاقة التموينية. مبررات الابقاء والالغاء
ضياء رحيم محسن
الحوار المتمدن-العدد: 4125 - 2013 / 6 / 16 - 00:59
المحور:
الادارة و الاقتصاد
في أعقاب إحتلال النظام السابق لدولة الكويت، أصدر مجلس الأمن الدولي جملة من القرارات من ضمنها فرض حصار إقتصادي على العراق؛ وقد صدرت قرارات مجلس الأمن مستندة الى البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة، والذي يتكون من 19 بابا و17 بند؛ ويتكون البند السابع من 13 مادة تبدأ بالمادة 39 وتنتهي بالمادة 51 وهو خاص بالحالات التي تشكل تهديدا للأمن والسلم العالميين، وهو ما اجبر النظام على تقنين توزيع سلة الغذاء في البلد. وأخذ المواطن يستلم هذه السلة بمبلغ لا يتجاوز ال250 دينار. وبعد خروج العراق من الكويت وتشديد الحصار، زارت بعثة من الأمم المتحدة وأصدرت تقريرا أفادت فيه " بأن العراق يوشك أن يقع في كارثة إنسانية إذا لم يلب على وجه السرعة الحد الأدنى من إحتياجاته الضرورية. وبعد مفاوضات طويلة وعسيرة تم الإتفاق في عام 1996 على ما يسمى " إتفاق النفط مقابل الغذاء والدواء" والذي سمح للعراق بتصدير ما قيمته ملياري دولار كل ستة أشهر، وتم تقسيم المبلغ كالآتي: 25% تعويضات حرب الكويت، 2,2% نفقات الأمم المتحدة التي تدير البرنامج، 8% اللجنة المكلفة بالتحقق والتفتيش عن الأسلحة في العراق " أي ما نسبته 28% من قيمة الصادرات النفطية، ويمثل 560 مليون دولار) وما نسبته 13% للمحافظات الشمالية الثلاث ( أربيل والسليمانية ودهوك) " 260 مليون دولار، وباقي المبلغ " 980 مليون دولار" لبقية المحافظات الخمسة عشرة. واليوم بعد سقوط النظام فإننا نلاحظ تلكؤ الحكومة بتوفير السلة الغذائية للمواطن متذرعة بحجج واهية لا تصمد الوقائع، فهل يعقل أن مبلغ يزيد على الخمسة مليارات من الدولارات لا يوفر سلة غذائية تعين المواطن في هذا الوقت العصيب؛ مع توقف النشاطات التجارية و إقتصارها على الإستيراد وترك المعامل الإنتاجية تتوقف عن العمل، والقطاع الزراعي مهمل بسبب فتح باب إستيراد المنتجات الزراعية من كل حدب وصوب "حتى أننا بتنا نرى الثوم يتم إستيراده من الصين"! لسنا مع بقاء البطاقة التموينية، ولكننا في نفس الوقت لسنا مع إلغاءها في هذا الوقت، إننا ندعو الحكومة بضرورة النهوض بالقطاع الإنتاجي المحلي، وهذا لا يأتي إلا من خلال وضع سياسات حاكمة لزيادة المعروض السلعي من الإنتاج الوطني، وتنشيط القطاعات الإنتاجية؛ خاصة القطاع الزراعي وما يرتبط به من الصناعات التحويلية، وكذلك تطبيق قانون التعرفة الجمركية رقم 22 لسنة 2010 والذي فرض رسوماً تراوحت بين الصفر والـ 80% على مجموعة من السلع المستوردة، حيث بلغت النسبة 5% على الرز والسكر و 80% على المشروبات الكحولية والمياه المعدنية و 15% على السيارات الخ، لأن الرسوم الجمركية هي بمثابة ضريبة تفرض على المنتجات الاجنبية المستوردة والمنافسة للإنتاج المحلي وذلك تحقيقاً لمجموعة من الاهداف والتي تشمل : توفير مورد مالي لخزينة الدولة، وتقليص استهلاك بعض السلع لأسباب صحية أو اجتماعية، وحماية الإنتاج المحلي من تأثير المنافسة الاجنبية غير المتكافئة. وبقدر تعلق الامر بحماية الانتاج المحلي وتشجيعه على النمو والتطور وتحقيق مستويات مقبولة من الارباح فأن الرسوم المفروضة على المنتجات المستوردة تؤدي الى إرتفاع اسعار هذه السلع وكذلك السلع المنتجة محلياً في السوق الداخلي بمقدار الضريبة المفروضة، الامر الذي يمكن المنتج المحلي الذي يعاني عادة من تكاليف انتاجية مرتفعة ان يستطيع تغطية هذه التكاليف المرتفعة وتحقيق ارباح تمكنه من الاستمرار في الانتاج والتوسع واستغلال طاقاته الانتاجية القائمة. وعليه فأن تأثير فرض الرسوم على المستوردات يؤدي الى ارتفاع اسعار المنتجات المتمتعة بالحماية في السوق الداخلية ويمكّنها من تصريف انتاجها. واذا ما استطاعت الصناعات المحلية من استغلال فترة الحماية لتطوير انتاجها وتخفيض تكاليفها الانتاجية فأنها تستطيع بعد ذلك الاستمرار في العمل حتى بعد البدء بتخفيض مستوى الرسوم الجمركية أو الغائها كلياً مع القدرة على المنافسة مع المنتجات الاجنبية من دون الحاجة الى استمرار الحماية. ومن هنا فأن التكلفة الاقتصادية التي يتحملها الاقتصاد الوطني والمستهلك من جراء فرض الحماية يقابلها النمو والتطور والتوسع الذي يمكن ان يحصل في الصناعة المحلية والذي يمثل المنفعة الاجتماعية التي توفرها الحماية للصناعة وللاقتصاد الوطني وللمستهلك ايضاً من جراء إنخفاض الاسعار بعد انقضاء فترة الحماية الجمركية، وهو ما سيؤدي الى زيادة الطلب على المنتوج السلعي المحلي؛ الأمر الذي سيترتب عليه إمتصاص البطالة ورفع مستويات الدخول للكثير من العوائل وبالتالي إعتمادهم على قدراتهم الشرائية في إقتناء السلع والخدمات التي تتناسب مع دخولهم، عندها فقط ستجد المواطن لا يعتمد على البطاقة التموينية التي تقدم أصناف بائسة من المواد الداخلة في البطاقة التموينية والقليلة الكمية؛ هذا إذا ما استثنينا في هذه العملية هدر كرامة المواطن
#ضياء_رحيم_محسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العنف والإرهاب
-
البيوت التراثية .. تستغيث
-
هل هناك أغلبية
-
رسالة الى قادة العراق الجديد
-
الخصخصة وأثرها على الاقتصاد العراقي
المزيد.....
-
الجزائر وموريتانيا توقعان على مذكرة تفاهم لاستكشاف وإنتاج ال
...
-
أسهم أوروبا عند ذروة قياسية بعد خفض الفائدة
-
رابطة الكُتاب الأردنيين في -يوبيلها- الذهبي.. ذاكرة موشومة ب
...
-
الليرة السورية تسجل 9900 أمام الدولار في السوق الموازية للمر
...
-
20 مليار دولار صادرات تركيا إلى أفريقيا العام الماضي
-
سعر جرام الذهب عيار 21 سعر الذهب اليوم في محلات الصاغة
-
تقارير أمريكية: الولايات المتحدة تتقهقر اقتصاديا أمام -بريكس
...
-
رئيس البرازيل: سنرد بالمثل إذا فرض ترامب رسوما جمركية
-
المغرب يطلق 20 مشروعا استثماريا بقيمة 1.7 مليار دولار
-
شركات صينية تبني سكة حديدية بملياري دولار تربط تنزانيا ببورو
...
المزيد.....
-
دولة المستثمرين ورجال الأعمال في مصر
/ إلهامي الميرغني
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ دجاسم الفارس
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ د. جاسم الفارس
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ دجاسم الفارس
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|