وليد عبدالحميد الهيتي
الحوار المتمدن-العدد: 4124 - 2013 / 6 / 15 - 22:42
المحور:
سيرة ذاتية
ان في قراءة التاريخ عبرة ومتعة لدراسة الحاضر والتطلع لبناء المستقبل وأن ماهو موجود الان في مدينة هيت من مؤسسات صحية وخدمات طبية تقدم للمواطنين لم تكن كذلك في منتصف القرن الماضي وما قبله وان ماهو متيسرألان إنما حصل من تراكم خدمة وجهود سابقة قاموا بها من سبقهم في تلك الفترة الزمنية السابقة من تقديم خدمات طبية لأبناء المنطقة , فقد تعاقبت أعداد من الأطباء وذوي المهن الصحية حينذاك لتقديم تلك الخدمات , حيث كانت البداية للمؤسسات الصحية الرسمية في هيت في النصف الثاني من العشرينيات القرن الماضي وكانت الحالات المرضية قبل ذلك تعالج بالطرق البدائية من الكي والوشم والأعشاب والأدعية , لقد كانت بداية الأماكن للمستوصفات في المدينة في الجانب الشرقي من المدينة (بستان ألحجي) بجانب نهر الفرات ثم في الأربعينيات في دار خلف مقام السيد محمود قبل أن تنتقل الى المركز الصحي في هيت في بداية الخمسينيات مقابل نادي الموظفين وهو المركز الصحي الحالي.
ولقد تعاقب أطباء من مختلف الجنسيات العربية السورية والمصرية في الثلاثينيات والاربعينيات من القرن الماضي ومنهم د. امين شكرا لله ثم داود كباي وهو عراقي من الجالية اليهودية وكذلك من بغداد د.كامل الصفارو د. محمد علي فاضل ود. لبيب حسو ود. علاء المشاط ومن بعدهم التحقت للخدمة الطبية في مدينة هيت في منتصف سنة 1963 من القرن الماضي بعد انتهاء الإقامة في مستشفيات بغداد .
وكنت اول طبيب من أهالي مدينة هيت يمارس العمل فيها , ولقد سبقني في التخرج من كلية طب بغداد من ابناء المدينة الدكتور تحرير الكيلاني وهو جراح اختصاصي و د.ثابت نعمان ألهيتي وهو اختصاصي الطب الذري و د. عصام عبد الرزاق إلهيتي اختصاصي باطنية , حيث ارسلو للدراسة العليا خارج العراق في للمملكة المتحدة بعد تخرجهم مباشرة ولم تتسنى الفرصة لهم للعمل في المدينة , وفي بداية التحاقي بالعمل كانت هيت أداريا ناحية وبعدها بعدة سنوات اصبحت قضاء وخلال فترة عملي في المدينة قدمت خدمات لاهالي المنطقة بكل جهد وصدق في تلك الفترة التي استمرت خدمتي فيها كما يشهد على ذلك من عاصر تلك الفترة حيث وجدت نفسي بين الاهل والمعارف والاصدقاء وبدون مردود مادي يذكر حيث كانت الحالة المعيشية والاقتصادية للمنطقة دون المستوى المطلوب , وقد كنت الطبيب الوحيد في منطقة هيت والتي تشمل حدود قضاء مدينة حديثة والبغدادي وكبيسه والمحمدي والزوية الى حدود مدينة الرمادي , لقد كان الطبيب وحيدا معتمدا على خبرته وماتعلمه من التدريب الطبي السريري في اقامته الطبية لتشخيص ومعالجة المرضى وخاصة في الحالات الحادة والحرجة والتي تتطلب المعالجة والتدخل السريع لانقاذ المريض وكان الطبيب لايستطيع استشارة ألاطباء الاختصاصين حيث لم تكن هناك اتصالات تلفونيه سريعه ومتوفرة بل كان الاتصال مركزي من دائرة البريد وكان يستغرق وقتا طويلا من الانتظاروكذلك الامكانيات والوسائل التشخيصية غير متوفرة الا في المستشفى المركزي في مركز المحافظة كالفحوص الشعاعية والمختبرية في تلك الفترة ولم تكن هناك طبيبة للفحص والتشخيص النسائي الا في منتصف العقد الستيني وذلك مما يؤدي الى مواقف محرجة بالنسبة للطبيب لذلك يستعين الطبيب في الحالات النسائية وحالات العسرالولادي بمساعدة الممرضات .
وكان الطبيب في المركز الصحي يقضي فترة الدوام الرسمي ثم ينتقل بعدها الى داره المجاورة للمركز الصحي حيث يمارس العمل في عيادته الخاصة والتي يكون فيها الوقت محدودا حيث ان المرضى يحاولون العودة الى مناطق سكناهم في فترة قصيرة حيث انه لاتتوفر وسائل نقل سريعة كالسيارات الا في اوقات محدودة ولم يكن هناك وقت محدد لمراجعة المرضى للطبيب ولم تكن هناك مؤسسة خافرة لاستقبال المرضى بعد الدوام الرسمي لذلك يكون عمل الطبيب متعبا في بعض الاوقات ,
ولقد كان الطبيب يذهب لزيارة المرضى في البيت مشيا على الاقدام داخل المدينة وقد يضطر في حالات خاصة لعبور النهر بالزورق عند وجود المريض في الجانب الاخر من المدينة لعدم توفر جسر للعبور وكانت مجازفة خاصة في ايام فيضان الفرات الجارف ,
لقد كان هناك كادر صحي يساعد الطبيب في المركزالصحي ومعظهم من اهالي المدينة والذي اتذكر منهم في فترة الاربعينيات الموظف الصحي حمودي عبد اللطيف العاني وهو احد اهالي هيت وكان يقوم بدور الطبيب ومعالجة المرضى في حالة عدم وجود الطبيب ومن الكادر التمريضي من المضمدين عبد مصيلح , عبدالرحيم سلطان ,محسن ورشان, عبدألآله الشايع وطه جميل ومن الموظفين الاداريين السادة مخلد احمد حاج كريم , مجيد بطاح , صافي العاني , شعلان ارديعان وكريم ردسة والسيدة فرحة وكان الكادرالنسائي التمريضي في المحافظة عادة مايكون من خارج المحافظة لعدم وجود مدارس للتمريض في المحافظة وهن من بغداد أومحافظات اخرى ففي فترة الاربعينيات كانت هناك (ام صبري) من الجالية المسحية وقد قدمت خدمات متميزة تمريضية نسائية للمدينة يذكرها من عاصرها في تلك الفترة وفي الخمسينيات السيدة هاشمية و الستينيات والسيدة بشرى الاختين كوردستان وشورش وهما من القومية الكردية وكن يعملن بكل جد واخلاص ويلاقين الاحترام من اهالي المدينة , وفي منتصف العقد الستيني التحقن للخدمة في المدينة طبيبات لاول مرة ومنهن د. فضيلة الراوي و د. رجاء اليوزبكي و د. ليلى فرنسيس للخدمة في القرى والارياف وحسب قانون التدرج الطبي أضافة الى الدكتورة هانئة الخوجه مع زوجها الدكتورعادل الراوي وكذلك الدكتور رباح العاني وقد مارسوا العمل في فترة غيابي عن المدينه لقضاء فترة من الخدمة في قضاء حديثة وفي قضاء الهندية ثم بعد ذلك عدت للاستمرار في الخدمة في مدينة هيت الى ان سافرت للدراسة خارج العراق لنيل شهادة الاختصاص M.R.C.P) (UK)) وكان من يقوم بدور الصيدلي في المركز الصحي الموظف الصحي الحاج كامل علي حيث كان الدواء يحضر من مواد اولية داخل الصيدلية وحسب معايير ماكان يسمى بالدستورالعراقي للادوية وان المريض يأخذ الدواء بواسطة قناني فارغه تجلب من قبل المريض وكانت هناك ادوية من المضادات الحيوية كحبوب السلفا وتتراسايكلين والكلوروفينيكول والاسبرين وزرقات البنسلين والستروبتومايسين وبعض الفيتامينات وكان المرضى يفضلون زرق الابر للمداواة ويصرون على اخذها عند مراجعة الطبيب وكان نوعية الحقن زجاجية وتعقم بواسطة الغليان بالماء في حافظات خاصة للتعقيم وكان الطبيب يقوم بدورالصيدلي بعد انتهاء الدوام حيث لم تكن هناك صيدلية في فترة الستينيات وكان يقوم ببيع الأدوية للمرضى السيد بديوي خلف وهو ذو خبرة بانواع الادوية المحدودة المتوفرة حين ذاك بعد كتابتها من قبل الطبيب وقد التحق في تلك الفترة الصيدلي قيس خليل الحاج علي للعمل كصيدلي وهو من اهالي هيت وعمل لفترة في المدينة اما طبابة الاسنان فقد التحق في تلك الفترة الدكتور ماجد الماجد وكان يساعده المضمد جميل ارديعان ويقوم بمعالجة الحالات البسيطه ثم التحق الدكتور المرحوم مطيع عبد اللطيف العاني وهو من اهالي هيت ومارس العمل في تلك الفترة وكانت الحالات الخطرة المستعجلة تنقل الى مركزالمحافظة بسيارة اسعاف توفرت في منتصف الستينيات وكان سائقها عبد أسماعيل وكانت هناك فرقه متخصصة ومتنقله تجوب القرى والارياف في المنطقة لمتابعة الامراض المتوطنه وعلاجها كالملاريا والبلهارزيا واخذ نماذج وشرائح من المرضى وإرسالها إلى الرمادي وكان يقودها امين ارديعان ويساعده علي صالح وإسماعيل خليل ورشيد ارديعان وحامد ارديعان والموظف الصحي موسى وعبد المحسن تركي وغيرهم , في منتصف الستينات وبناءا على طلب أهالي هيت لفتح مستشفى للمدينة , اختيرنادي الموظفين في هيت كبناية للمستشفى ونقل النادي الى بناية مجاورة لساحة الساعة وافتتح نادي الموظفين كمستشفى يحتوي ردهتين للنساء والرجال وبدأ يستقبل الحالات الطارئة التي تستوجب الدخول والبقاء لفترة قصيرة ومعظمها من خارج المدينة وتحت إشراف الطبيب المركزي والطبيبة ثم بعد فترة افتتحت ردهتان ملحقتان بالمركز الصحي الرئيسي وانتقل المستشفى إلى هناك واستمر العمل هناك كمستشفى الى نهاية الستينيات من القرن الماضي حيث اختير المكان الحالي لمستشفى هيت واستمر التخطيط والبناء به بعد ذلك ,
وفي تلك الفترة كنت قد غادرت مدينتي هيت لدراسة الاختصاص في المملكة المتحدة وفي اوائل السبعينيات افتتح المستشفى في موقعه الحالي بكوادرجديدة وكان الاطباء والطبيبات ذوي مراكزاجتماعية متميزة ومحترمة لما قدموه من خدمات طبية جليلة وتحملوا عناء المسؤولية بمفردهم في تلك الحقبة من الزمن, واني عندما استذكر تلك الفترة من الزمن الماضي وما قدمته من خدمة مع الآخرين من الكوادرالطبية والتمريضية والصحية والادارية الافاضل والفاضلات أكون فخورا ومطمئن النفس والبال لما قدمه الجميع من خدمات وماتم تقديمه من انجازات وعسى ان يكون من جاء بعدي قد اكمل المسيرة من خدمة طبية لتحقيق مستقبل أفضل لتلك المدينة.
استشاري الامراض الباطنية والقلبية والعصبية والنفسية F.R.C.P(UK)D.P.M) LONDON(
رئيس قسم الباطنية في مستشفى الرمادي ( صدام سابقا ) من سنة 1977 - 2000
رئيس قسم الباطنية في مستشفى اليرموك التعليمي من سنة 2000 - 2007
#وليد_عبدالحميد_الهيتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟