أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - داود روفائيل خشبة - من هم العلماء؟














المزيد.....


من هم العلماء؟


داود روفائيل خشبة

الحوار المتمدن-العدد: 4124 - 2013 / 6 / 15 - 22:11
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


من هم العلماء؟
داود روفائيل خشبة

يسمِّى المشتغلون بالدين عندنا أنفسهم بالعلماء، وهم عمليّا يحتكرون الاسم لأنفسهم وإن كانوا لا يعلنون ذلك صراحة. وحيث أن لفظ "العلماء" قد أصبح له فى العصور الحديثة معنى ومجالا مغايران تماما لما يقصد إليه المشتغلون بالدين، فإن استخدام اللفظ على هذا النحو يؤدّى إلى خلط وتشوّش فى الفكر العام ويعمل على نشر وتثبيت الكثير من الزيف والأباطيل.
إننى أحاول أن أنتقى كلماتى بعناية وحرص شديدين. فأنا أتحدّث عن المشتغلين بالدين، وأردت لأول وهلة أن أتحدّث عن محترفى الدين، ولم أكن فى ذلك أقصد أى إساءة أو امتهان، فكما أن عندنا من يحترفون الطب ومن يحترفون صناعة الآلات الموسيقية ومن يحترفون الصحافة، فعندنا أيضا من يحترفون العمل بالدين. ونحن بحاجة لهذا التعبير الذى يلتف حول المعنى لأن هؤلاء المشتغلين بالدين يحرصون ويلحّون على القول بأن الإسلام لا يعرف "رجال الدين"، ويريدون بهذا أن ينأوا بأنفسهم عن أى تشبّه برجال الكهنوت فى المسيحية.
حسنا، عندنا إذن مشتغلون بالدين وعندنا مشتغلون بالعلوم الموضوعية التجريبية العقلانية، واستخدام وصف العلماء لكل من هذين الفريقين ينجم عنه، فى زعمى، كثير من الضرر الفادح. ولا يمكن أن نفرض على المشتغلين بالعلوم التجريبية الموضوعية اسما آخر لأن اسم العلماء بمفهومه الحديث قد استقرّ فى الثقافة الحديثة والحضارة العصرية وأصبح المفهوم وكل ما يمثـّله أداة فاعلة فى ثقافة الإنسان وفى حضارة الإنسان. لذا فإنى إن رأيت أحد المشتغلين بالدين يتحدّث عن العلم والعلماء، ويقدّم نفسه باعتباره من العلماء، يحق لى أن أقول له: معذرة إننى لا أستطيع أن أعتبرك من العلماء حتى وإن كنت قد حصلت على درجة الدكتوراة من كيمبردچ أو من السوربون.
كيف يختلف هذا عن ذاك؟ المشتغل بالدين يعمل داخل إطار من مقولات ومعتقدات جاءت إليه من مصدر علوىّ لا تجوز مساءلته أو مناقشته. داخل هذا الإطار الثابت الدائم اللامتغيّر المطلق يمكن للمشتغل بالدين أن يبنى صروحا من نظريات ونظم ومفاهيم تقوم كلها على ذلك الأساس الدائم الذى لا يجوز الاقتراب منه. أما المشتغل بالعلوم الموضوعية فإن منطلقه ومبدأه الأول أن ليس فى العلم ولا فى العالم الذى يتعامل معه العلم أىّ ثبات أو دوام، وليس هناك ما يعلو على المساءلة والمراجعة والنقض. نظريات إقليدس الهندسية ظلت نحو ألفيّتين من الزمان تبدو وكأنها حقائق مطلقة لا يمكن مجرّد تصوّر أن يكون هناك ما يخالفها، حتى تبيّن الرياضيون المحدثون أنها تقوم على فرضيات عفوية، وأنه من الممكن تكوين رؤى هندسية بديلة. نظرية نيوتن فى الجاذبية ظلت لقرنين من الزمان وكأنها تكشف لنا حقائق دائمة مطلقة، حتى جاء أينشتاين فزعزع الأسس التى تقوم عليها، ونظرية أينشتاين بدورها خضعت ولا تزال تخضع للمراجعة والتصحيح، ومع ذلك فعلى أساسها أطلِقت الصواريخ إلى القمر وإلى المريخ وما يتجاوز المريخ.
التفقـّه فى الدين شىء ومعرفة العلوم الموضوعية شىء آخر. ونحن لا نستطيع أن نتـّخذ للمشتغلين بعلوم الطبيعة اسما آخر غير العلماء، ولكى نتجنـّب الشطط وارتباك الفكر لا بدّ أن نطلب من المشتغلين بالدين أن يبحثوا لأنفسهم عن اسم آخر. ليسموا أنفسهم بالفقهاء أو الدعاة أو ما شاءوا من أسماء، وحتى يحدث ذلك فلن أكفّ عن أن أصيح فى وجه كل منهم: معذرة، إننى لا أستطيع أن أعتبرك من العلماء.
القاهرة، 15 يونية 2013



#داود_روفائيل_خشبة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اعتراف واعتذار
- فى لغة القرآن (2) قصار السور
- فى لغة القرآن (1) مقدمة
- أين الثورة؟
- لماذا الدين؟
- الحرية والسلطة
- التاريخ الإسلامى والدولة الإسلامية
- مرجعية الأزهر
- الإخوان والثقافة دونت ميكس!
- وحى الشعراء ووحى الأنبياء
- سورة الفتوى
- حكايتى مع الدين
- حدود احترام أحكام القضاء
- هل بقى أمل؟
- فى الدين (8) الإسلام
- فى الدين (7) المسيحية
- فى الدين (6) اليهودية
- فى الدين (5) البوذية
- فى الدين (4) الهندوكية
- فى الدين (3) زرادشت


المزيد.....




- المشاركون في المسابقة الدولية للقرآن الكريم يلتقون قائد الثو ...
- استهداف ممتلكات ليهود في أستراليا برسوم غرافيتي
- مكتبة المسجد الأقصى.. كنوز علمية تروي تاريخ الأمة
- مصر.. حديث رجل دين عن الجيش المصري و-تهجير غزة- يشعل تفاعلا ...
- غواتيمالا تعتقل زعيما في طائفة يهودية بتهمة الاتجار بالبشر
- أمين عام الجهادالاسلامي زياد نخالة ونائبه يستقبلان المحررين ...
- أجهزة أمن السلطة تحاصر منزلا في محيط جامع التوحيد بمدينة طوب ...
- رسميًا “دار الإفتاء في المغرب تكشف عن موعد أول غرة رمضان في ...
- ساكو: الوجود المسيحي في العراق مهدد بسبب -الطائفية والمحاصصة ...
- هآرتس: إيهود باراك مؤسس الشركة التي اخترقت تطبيق واتساب


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - داود روفائيل خشبة - من هم العلماء؟