أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - محمد بوجنال - هل المغرب دولة المؤسسات؟















المزيد.....

هل المغرب دولة المؤسسات؟


محمد بوجنال

الحوار المتمدن-العدد: 4124 - 2013 / 6 / 15 - 21:12
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    



من المسلمات المعروفة أن القول بوجود نظام سياسي أكان تقليديا أم حداثيا يقتضي القول، وبالضرورة، بوجود المؤسسات التي أهمها مؤسسة الدستور، مؤسسات تتحدد فعاليتها في طبيعة الأسس الفلسفية المرتكزة عليها وكذا الضبط السوسيولوجي لدلالة المجتمع كعلاقات، وأن غياب المؤسسات تلك يعني، وبالضرورة كذلك، غياب النظام السياسي.ستقتصر مقاربتنا الأولى هذه على طرح مفهوم المؤسسة على المستويين الفلسفي والسوسيولوجي؛ وهو التصور الذي سنطرح على ضوئه، في أعمال لاحقة، أهم مؤسسات الدولة المتمثلة في المؤسسات الدستورية والتشريعية والتنفيذية والقضائية.
بداية ما معنى دلالة المؤسسة مبدئيا على المستويين الفلسفي والسوسيولوجي؟ قبل ذلك نطرح المعنى المعجمي العام القائل:" تشير المؤسسة إلى مجموعة من الأعمال أو الممارسات المنظمة بطريقة مستقرة". لذا، فلفظ المؤسسة يطلق على كل نظام سياسي اقتصادي اجتماعي ثقافي قائم في مكان محدد بإيجابياته وسلبياته؛أو بلغة أخرى، نقول أن المؤسسة منشأة تم تأسيسها لأداء وظيفة ما والتي تتوفر على الموارد التي تمكنها من أداء وظيفتها تلك.
أما على مستوى الدلالة الفلسفية، فيمكننا أولا القول أن الفلسفة هي ذلك الإنتاج العقلاني المشروط دوما بالصيرورة؛ إنتاج به يعمل الإنسان على فهم وعقلنة ذاته ومحيطه الطبيعي والمجتمعي؛أو قل وجوده الذي هو شرط دينامية وعيه، بل وتمسلكاته وإنتاجاته المادية والمعرفية. بهذا يمكننا تحديد المؤسسة فلسفيا باعتبارها ذلك الإنتاج العقلاني المنظم والمنفتحة جدليا على مختلف مكوناتها ذات المضمون والأهداف التي تتوخى خدمة الصالح العام لبنية اجتماعية محددة في مرحلة تاريخية محددة.
أما على المستوى السوسيولوجي، فيحددها ماكس فيبر بقوله أنها" تجمع يتمتع بقوانين أو أنظمة داخلية يمكن أن تنطبق بنجاح نسبي داخل منطقة عمل محدودة على هؤلاء الذين يعملون بطريقة يمكن تحديدها وفق معايير معينة"؛ بمعنى تحديد مفهوم المؤسسة وفقا لوظيفتها التي تقتضيها العلاقات الاجتماعية أو قل أنها نظاما منظما ومرتبطا بشكل وثيق بمشاكل وحاجيات المجتمع باعتبار ذلك جوهر أهدافها.
هذين التحديدين غير شافيين لفهم دلالة المؤسسة دون إغنائهما بالتحديد القانوني:"وفي التحليل القانوني تحدد المؤسسة البنى الأساسية التي تسمح بالتعرف إلى نظام سياسي ما والتي تميز الآثار التعاقدية وما بين الأفراد عن الإرادة المجردة للفاعلين الاجتماعيين" (م. هوريو). وتعتبر هذه النظرة أصل المقاربة المؤسساتية في العلوم السياسية التي تقارب مواضيعها بتحليل أساسها الهيكلي واعتماد نموذجها التنظيمي مهمشة بذلك عاملي مبادئ وجود الإنسان والعلاقات المجتمعية.
وبصفة مركبة نحدد المؤسسة سوسيولوجيا باعتبارها نسقا أو وحدة مكونات مرتبطة فيما بينها وفق علاقات إنتاج محددة وأهداف قابلة للإنجاز والتقويم، علاقات إنتاجية تنظمها رزمة قواعد وقوانين ومساطر التي لا تعني الجمود المؤسسي بقدر ما أنها تعني فلسفيا وحدة وجدلية بناء وتطوير العلاقات في شكليها الكوني والخصوصي لحصول الإنتاجية التي ليست في حقيقتها سوى المزيد من الإبداع والتحرر. فهذه الدلالة الفلسفية هي ما يمكن المؤسسة من التحرر المتنامي والدائم معتمدة الفعل العقلاني المتمثل في القدرة والفاعلية الممنهجة والتمرد على كل أشكال الجمود والتجميد والسلطة التسلطية. ومن هنا الدلالة الانطولوجية لفلسفة المؤسسة حيث الاستثمار الإنساني للطاقة في اتجاه الإنتاج وصقل الوعي وامتلاك الخبرة والعمل على نمو وتنمية الإبداع الذي يعتبر رافعة الحرية.
ولا شك أن تاريخ الفلسفة في هذا المجال منذ القديم عمل ويعمل على إبراز شروط نجاح المؤسسة أو قل مدى شرعية مضمونها ومنهجها فوجدناها ونجدها تبحث عن الحقيقة والصدق والكذب معتمدة القواعد العقلانية التي تجيز أو لا تجيز النظام المؤسسي أو قل التي تعتبر النظام ذاك معقولا وذا مصداقية أو كذبا فاقد المصداقية كلما تناقض مع معايير العقل والأهداف المسطرة التي تستند في أسسها إلى مبادئ العدل التي ليست في حقيقتها سوى الإنجاز الفعلي والعقلاني للحرية في الزمان والمكان؛ وهذا اقتضى ويقتضي، بطبيعة الحال، استلهام وتصويب التمسلكات التي عليها تنبني الممارسة المؤسسية من رمز وقيم وعلاقات ومعتقدات...الخ التي بفعلها يتحدد ويفهم وينمو ويتطور المجتمع، أو قل تخليص التمسلكات تلك من أدبيات السلطة التسلطية؛ وهذا يدل ، وبكل وضوح، عدم اقتصار الفلسفة على الآليات المعرفية فقط بقدر ما أن الأمر يقتضي كذلك الآليات الاجتماعية والثقافية. لذا، يقول أندري كونط سبونفيل في أحد حواراته ما مضمونه أنه كلما وجد المجتمع كمؤسسة في أزمة، وجدت الفلسفة نفسها كذلك في أزمة بفعل استحالة انفصالها عن المجتمع ذاك كمؤسسة؛ فالفيلسوف، يتابع سبونفيل، لا يوجد لقول لمن يجب إسناد المؤسسة وفق قاعدة الانتخابات، بل وجوده وفاعليته يقتضيان منه دراسة المؤسسة كبناء ونهج وهدف وغاية وبالتالي تطوير مسارها وإغناء مضمونها في اتجاه إخراجها وحمايتها من سلطة وتسلط وجمود السياسة.
والتساؤل المطروح هو:ما التغيرات التي عرفها هذا التصور الفلسفي للمؤسسة في ظل التطورات العلمية والتكنولوجية المتسارعة التي عرفتها الحضارة الإنسانية والتي اقتضت حاجياتها المادية والإنتاجية والتنظيمية التأسيس لعلوم إنسانية جديدة تعتبر المؤسسة من أهم مواضيعها ولاتي من بينها السوسيولوجيا التي يعتبرها الباحثون علما موضوع دراسته إنتاج وعلاقات إنتاج الجماعات والمجتمعات راسمة أهدافا تقول انها إفرازا وترجمة لحاجيات ومتطلبات الصالح العام. ولا شك أن هذا التأسيس لعلوم إنسانية جديدة يعتبر بمثابة إغناء لدلالة المؤسسة نظرا لكونها أصبحت موضوع مقاربة من زوايا متعددة لفاعلين أبدعوا مناهج متباينة ومتكاملة. هذا الوضع مكن من أن تصبح المؤسسة أكثر إنتاجية بفعل الفهم الأكثر دقة لدلالة الإنسان وشروط الإنتاج وضبط العلاقات والتنظيم وبالتالي تعرية مختلف الأساليب العقيمة للعقليات المتحجرة والمتسلطة سياسيا، عقليات عرقلت وتعرقل البناء والوظائف والمقترحات الإبداعية للمؤسسة البناءة والفعالة.
وفي هذه الحال نقول أن المؤسسات تلك تتوخى، مستخدمة مختلف الوسائل والآليات والمناهج،عملية إنجاز النمو والتطور باعتبار ذلك جزء لا يتجزأ من كينونتها وإلا تم تسليع الإنسان وتشييئه. ومن هنا تكتسي المؤسسة وبالتالي الدولة الحداثية قيمتها التي تعطي الشعب مشروعية حماية والدفاع وتطوير الحقوق والقوانين والواجبات.هكذا، فتطور المؤسسة بالدلالة الفلسفية والسوسيولوجية، لحصول الاستجابة العقلانية والعادلة لحاجيات المجتمع، لا يمكن أن يحصل إلا بالتوازي مع التأسيس الوازن والعادل للدولة الحداثية باعتبارها الإطار العام العقلاني للبناء والتفاعل التكاملي بين المجتمعين السياسي والمدني الذين لا يمكن فصلهما إلا تسلطيا عن العدالة والحرية. وحصول ذلك يتطلب بطبيعة الحال المأسسة والتنظيم وفق القيم الحداثية النبيلة والخيرة خدمة للصالح العام، بمعنى أنها قيم تتضمن عملية تنظيم المواطن من داخل المؤسسة بتقبله مهام ووظائف ضمن هياكل مختلفة تستند إلى مقاييس القدرة والكفاءة والمعرفة لحصول الإنتاجية التي هي أساسا تلبية الحاجيات من السلع والخدمات والنمو والتنمية. ومعلوم أن هذه الدولة الحداثية، دولة المؤسسات، لا تختزل في مؤسسة واحدة بقدر ما أنها عبارة عن مؤسسات تمارس كل منها سلطتها واختصاصها ومسؤوليتها بناء على مؤسسة أعلى هي المؤسسة الدستورية حيث فيها تحدد المؤسسة أو السلطة التشريعية الني تمارسها سلطة البرلمان؛ والمؤسسة أو السلطة التنفيذية التي تمارسها الحكومة؛ والمؤسسة أو السلطة القضائية التي تمارسها السلطة القضائية. ومن هنا ، فالسلطة لن تبقى تسلطا بقدر ما أنها ستصبح تنظيما إبداعيا وحرا يمارسه الشعب؛ وفي هذه الحالة سنكون أمام التعدد والاختلاف بالدلالة الفلسفية والسوسيولوجية العادلة التي ليست في نهاية المطاف سوى الإبداع والحرية التي هي الجوهر الانطولوجي الذي لا مفر للإنسان من ممارسته والمجسد في المؤسسة التي هي العدالة أو قل الحقوق والواجبات التي تتناقض والشعار السلطوي التسلطي:" أنا المؤسسة والمؤسسةأنا".
بناء على ما سبق نطرح التساؤلات التالية: ما معنى القول بالمؤسسة في المغرب؟ هل المغرب دولة المؤسسات؟ إذا كان الأمر كذلك فبأي معنى؟



#محمد_بوجنال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفلسفات السياسية لليسار: الشغل حق مقدس ج1
- في مغرب السبك وإعادة السبك الطبقي - الحلقة الثانية
- في مغرب الفساد والاستبداد
- أزمة النظام الرأسمالي والحراك العربي -الحلقة الثالثة-
- ازمة النظام الراسمالي والحراك العربي - الحلقة الثانية-
- أزمة النظام الرأسمالي والحراك العربي - الحلقة الأولى -
- أطفال الشوارع في المغرب طاقة مغذورة
- في الحاجة إلى انتقال العالم العربي من- الواقع /القانون- إلى ...
- التاريخ، الكرامة، الوحدة العربية بين حراك ضعيف واستبداد محصن
- الحراك العربي بين ثقافتين متخاصمتين
- في سلعنة وتسليع الدين
- العدالة كما تريدها فلسفة الان باديو
- التعاقب الحكومي في المغرب وعجز عقل النخبة
- الحراك العربي ومفهوم الثورة
- في مفاهيم:الحراك، الانتفاضة -المغرب كنموذج-
- الحقل الفلسفي الراهن وأهمية الاقتصاد والاقتصاد السياسي
- الفلسفة العربية وقضايا الوعي بمعنى وجود الحراك الجماهيري


المزيد.....




- الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج ...
- روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب ...
- للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي ...
- ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك ...
- السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
- موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
- هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب ...
- سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو ...
- إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - محمد بوجنال - هل المغرب دولة المؤسسات؟