جاسم البغدادي
الحوار المتمدن-العدد: 4124 - 2013 / 6 / 15 - 20:34
المحور:
ملف - القضية الفلسطينية، آفاقها السياسية وسبل حلها
من الصعب التكهن بحلول عادله للقضيه الفلسطينيه على المدى المنظور ما دام سكان الارض الاصليين لا يملكون الحق بتقرير مصيرهم دون تدخلات خارجيه , وهذا الامر يسري على سكان الدوله المزروعه هناك اسرائيل , فالتاريخ وعلى مدى قرون طويله اثبت ان هذه الارض غدت ملكا للدول الخارجيه وحساباتها اكثر مما هي ملك لسكانها وهذا واضح من ضبابيه مقومات الدوله سواء منها الجغرافيه او العرقيه فضلا عن الاخطر وهي الدينيه ,يمكن القول ان قيام دوله علمانيه في الفاتيكان او في مكه اهون بكثير من قيام دوله علمانيه تتجاوز كل مخلفات الماضي في فلسطين , فكلا المنطقتين تقعان ضمن تشكيله دينيه واحده (مسيحيه -اسلاميه )اما الارض المقدسه فهي تتشكل من مجموع الديانات التوحيديه الثلاث وتختزل كل صراعاتها الدمويه لحقب طويله من الزمن , واذ انحصر الصراع الدائر حاليا ومنذ قيام دوله اسرائيل بين العرب واليهود او المسلمين واليهود فان التاريخ سجل قبل ذلك صراعا دمويا لقرون طويله بين المسلمين والمسيحيين (الحروب الصليبيه) وليس من المستبعد ان يعود ذلك الصراع مجددا مع ازدياد فعاليه المشاعر الدينيه مجددا وما تحمله من شعارات عدائيه ورغبه في الانتقام .. لم يكن الصراع العربي-الاسرائيلي خصوصا من الجانب العربي صراعا عقائديا بقدر ما كان صراع شعارات وتنفيس للازمات الداخليه التي كانت تمر بها الانظمه العربيه التي استغلت ذلك الصراع لتحكيم قبضتها الدكتاتوريه على الشعوب العربيه لذلك سرعان ما بدء مسلسل التنازلات يسير متوازيا مع تكيف الشعوب على حاله الاستسلام والخنوع للواقع المزري , قيام اسرائيل لم يكن قط مشروع غربي انساني يهدف الى لم شمل اليهود المشتتين في اصقاع العالم في دوله قوميه لهم كما جاء في وعد بلفور , بل ايجاد قاعده عسكريه ثابته في الشرق الاوسط . النزاع الفلسطيني -الاسرائيلي ومن خلفه الصراع العربي-الاسرائيلي ومن خلفه الاصطدام الاسلامي - الغربي ..نموذج للتجاذب والتنافس الحضاري بين حضارتين تحاول كلاهما فرض نفسها كنموذج صالح عالميا , الغرب بما يمتلك من تطور مادي ومدني هائل والاسلامي بما يمتلك من خزين اخلاقي وترابط اجتماعي وديني لذا غالبا ما يـُصنف المسلمون في الغرب بالتخلف ويـُصنف الغربيون عند المسلمين بالانحلال , وهذا ما ينعكس على البون الشاسع بين سلوكيات وثقافه المجتمعين الفلسطيني والاسرائيلي (اضافه الى الموروثات الدينيه )والذي يتعذر معه ايجاد رابط مشترك بينهما لقبول الاخر فضلا عن التعايش معه إلا بتغير شمولي لثقافه الرفض واستبدالها بثقافه القبول , يمكن مقارنه معضله القضيه الفلسطينيه بالازمات العراقيه والانفلات السياسي والامني رغم الفارق الكبير بينهما فالعراق هو دوله مستوفيه لكافه شروط الدول العريقه التي تختزل عمق حضاري ضارب في اعماق التاريخ الانساني وفاعل ان لم يكن مهيمن على الحضاره الاسلاميه , ومع كل ذلك نرى ان التدخلات التي في غالبها اقليميه تعرقل اسقرار الدوله وتهدد وحده الشعب العراقي ..فكيف بارض كانت وما زالت محكومه من الغير مع اصرارعلى توزيع حقوق ملكيتها وتاريخها بين اطراف اقليميه ودوليه ..الموقف العربي الشعبي الرافض للموقف الامريكي , بعيد جدا عن فهم حقيقه هذا الموقف المنحاز كليا لاسرائيل ,فامريكا اولا وآخرا تسير وفق مصالحها الخاصه والمنفعه البراغماتيه وهي صريحه بمواقفها وقد سأل احد الصحفيين العرب مسؤول امريكي بارز حول انحياز امريكا لاسرائيل فاجابه ان هذا موقف ثابت لدينا والعرب يعرفونه فلماذا يطلبون منا التدخل في هذه القضيه ..قبل احداث 11-9 كانت السياسه الامريكيه تتأهب للابتعاد ببطء عن الشرق الاوسط وملف القضيه الفلسطينيه تحديدا .الجميع يذكر خطاب الرئيس الامريكي في نهايه التسعينات في خطابه عن حاله الاتحاد والذي حدد فيه ملامح السياسه الامركيه للعقود القادمه واتجاهها الى الشرق الاقصى , ودون ان يمر على ذكر الشرق الاوسط , ومن الممكن طبعا ربط احداث سبتمبر بمحاولات عربيه - اسرائيليه لابقاء دور امريكا فعّالا في قضايا الشرق الاوسط الشائكه . السياسه الامريكيه وتحت زعامه الديمقراطيين والرئيس الحالي اوباما تركز على وضع امريكا ببعد مناسب عن الصراعات والتقلبات الجديده في المنطقه الاقليميه حاليا لحين ظهور نتائج (الفوضى الخلاقه) او (الشرق اوسط الجديد) لذلك ليس من المتوقع ان تتفاعل السياسه الامريكيه بقوه مع هذه الاحداث , والاكتفاء بترشيد او مسانده الدور الاوربي هو المرشح لاتخاذه من قبل الاداره الامريكيه مع تنشيط المراقبه والمواجهه للتدخلات الروسيه والصينيه على الاقل حتى نهايه ولايه اوباما . برؤيه عامه فالقضيه الفلسطينيه كانت وما زالت يتم تداولها على طاوله المزايدات والمكاسب الخارجيه ولا يوجد هناك توجه واقعي لحلها (عربيا واسرائيليا , اقليميا ودوليا) ممّا يزيد من فرصه ظهور مثل هذا التوجه من جمهور المتضررين من ابناء الارض انفسهم خصوصا ان التحديات التي افرزتها طبيعه المتغيرات في المنطقه منذ ثمانينيات القرن الماضي ببروز المد الديني المسلح وما يشكله هذا المد من خطر جاد على دوله اسرائيل التي يصنفها بعض المحللين العسكريين انها (رغم كل الترسانه المسلحه) ساقطه عسكريا وفقا للخريطه الجغرافيه العسكريه لانها ارض مفتوحه تفتقر الى العوائق الطبيعيه التي تحبط استهداف مرافقها الحيويه (حرب لبنان 2006).. يقابل ذلك غياب المنظومه العسكريه العربيه عن واجهه الصراع يجعل من واقع الصراع العسكري الغير منضبط والاستنزافي هاجسا مرعبا يعيش به السكان هناك مع تعطيل كامل او التوجس والحذر المحبط ..من الصعب على القوى اليساريه والديمقراطيه الفلسطينيه والاسرائيليه تحقيق نجاحات مؤثره في ايجاد حلول عادله للقضيه الفلسطينيه غير ان دورها من الممكن ان يكون فعالا جدا خصوصا ان اتخذت دورا مستقلا بالكامل عن القوى الدينيه والقوميه والتركيز على جانب التوعيه بخطوره الجذور التاريخيه والتدخلات الخارجيه وبلا شك ان ما يشهده العالم من قنوات اتصال وانفتاح هائله يجعل من السهل جدا على تلك القوى للشروع بحمله التوعيه التي هي حجر الاساس لمشروع الحل العادل والعادل والذي لايتم الا اذا كانت مطرقه المزاد بيد شعوب الارض انفسهم .
#جاسم_البغدادي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟