|
ساعات معدودات -تحت نير الاحتلال -...
قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا
الحوار المتمدن-العدد: 4123 - 2013 / 6 / 14 - 12:22
المحور:
سيرة ذاتية
ساعات معدودات "تحت نير الاحتلال ".. رن جرس الهاتف في بيتي ،وجاءني صوت قريبتي - الو ...مرحبا عمو ، لقد حصلنا على تأشيرة دخول ل12 ساعة فقط .. - عال ، انتظروني غدا صباحا على "المحسوم " ، في مدخل جنين ، وسأحضر لأقلكم بالسيارة ، ونسافر في جولة سياحية . - ولكننا لا نرغب في "هدر" وقت التأشيرة في التضييفات والتشريفات ، نريد ان نرى حيفا وعكا ..!! قالت قريبتي الشابة . - بالتأكيد ... الى اللقاء صباحا . ودعتها . لقد حضرت الى فلسطين من عمان ، لتغيير "وضعها العائلي " في بطاقة الهوية الفلسطينية ، من عزباء الى متزوجة ، وحضرت معها امها (بنت خالتي ) واخوها . بنت خالتي وزوجها من مواليد مخيم جنين للاجئين ، وربطتني بهما صداقة وثيقة منذ كنا صغارا ، وجمع بيننا احتلال 67 . لطالما زرت بيت خالتي وقضيت اياما لديهم . توفي الكبار ، ورحل الصغار الذين كبروا الى حيث مصدر الرزق ، تزوجوا وتوالدوا ، لكن المخيم ببؤسه الظاهر ، يبقى بالنسبة لهم "الوطن " ، والنقطة الاقرب الى القرية التي هُجروا منها . لا يتخلون عن الهوية الفلسطينية ، رغم أنهم يحملون الجواز الاردني ، يسجلون كل مولود في سجل السكان الفلسطيني ، كنوع من تكريس الانتماء . عند السابعة والنصف صباحا كنت قد وصلت "المحسوم " اي الحاجز ، والمحسوم كلمة عبرية ، يملك من يديره من جنود صلاحيات مطلقة ، ولطالما سمعنا قصصا عن وفاة مرضى وهم ينتظرون السماح لهم بالمرور ، او نساء حوامل وضعن حملهن على الحواجز العسكرية . مما حدا بمجموعة من النساء اليهوديات الى تشكيل مجموعات مراقبة على الحواجز كحركة نساء في السواد ، يلبسن ثيابا سوداء ويراقبن تصرفات الجنود على الحواجز ، ويتقدمن بشكاوى وقت الحاجة أو بكتابة تقارير للاعلام . اضافة الى مجموعة "محسوم ووتش " . انتظرت مع المنتظرين امام المحسوم ، وهو معبر من اسرائيل الى الضفة الغربية وتحديدا مدينة جنين . عند الثامنة دخلنا ، وكان اقربائي بانتظاري على الجانب الاخر . تحدثوا مع سائق تاكسي فلسطيني ، والذي يملك خبرة واسعة في شؤون "المحسومات " ، الذي اخبرنا متيقنا ، بأن اقربائي لا يستطيعون العبور من هنا !! فحملة التصاريح يعبرون من معبر واحد ووحيد ، وذكر اسمه !!! اما أنا فلا استطيع العودة ، لأن بوابة الخروج تفتح عند العاشرة فقط !! لم اصدقه ، لكن لا يوجد من تستطيع الاستفسار منه ،ففي وسط المعبر برج اسمنتي اسطواني مرتفع ، يجلس بداخله جندي أو اكثر مسلحين ببنادقهم ولا يسمحون لأحد بالاقتراب . وبما أنني اجيد العبرية واحمل الهوية الزرقاء اقتربت بحذر من البرج وناديت على الجندي طارحا عليه تحية الصباح . - ماذا تريد ؟؟؟ سألني شرحت له الموضوع بصوت عال جدا ، وقلت له بأنني قدمت لأصحب قريبتي التي تحمل تصريحا ل 12 ساعة ، والوقت يدهمنا !! تحدث مع احدهم عبر جهاز اللاسلكي ، وأخبرني بأن المعبر الوحيد للفلسطينيين الذين يحملون تصاريح هو معبر رقم 1 !! - هل أستطيع العبور أنا ايضا ؟؟ فأنا مواطن اسرائيلي !! سألته ... أجابني بعد أن سأل احدهم : يمكنك العبور من هناك ايضا .. السائق الفلسطيني لم يصدق ذلك ، وأعاد على مسامعي ما قاله لي قبلا ، بأنني لا استطيع الخروج من هناك . لكنني فضلت تصديق الجندي من البرج الاسمنتي ، على تصديق سائق تاكسي فلسطيني ، عرك الامور وعركته !! الى المعبر رقم 1 يا شباب ، قضينا اكثر من نصف ساعة في الوصول ، توجهت الى جندية بالسؤال ، فوجهتني الى مكان اخر ،ترجلنا من السيارة ، وسرنا في ممر ضيق ينتهي بباب حديدي يفتحه جندي بجهاز تحكم عن بعد ، يجلس في غرفة تفصله عن الجمهور بسياج ، يطل من شباك صغير ويتفقد العابرين . شرحت له الموضوع وأريته التصاريح ، وبعد دقائق سمح لهم بالمرور ، وأعادني على اعقابي، حاولت أن اشرح له الامر ، وبأن اقربائي لا يعرفون شيئا ، ولا يستطيعون تدبر أحوالهم دون مساعدتي ، لكن لا حياة لمن تنادي !!!!!! تركتهم ليمروا وعدت على اعقابي الى الطرف الاخر من الممر ، تحدثت الى مسؤول في غرفة تطل على معابر السيارات ، اصبح شرحي اوتوماتيكيا ، لكنه قال لي بأن هذا المعبر مخصص فقط للمجازين ، اي الذين "يجيز " لهم قائد المنطقة العسكرية العبور ، وهم المستوطنين الذين يمرون ملوحين بأيديهم للجندي . - الا توجد حالات استثنائية ؟؟؟ حاولت محاولتي الفاشلة الاخيرة ! عدت ادراجي بالسيارة طبعا ، الى جنين ووقفت في طابور السيارات التي تنتظر . لكنني اجريت مكالمة مع اقربائي شرحت لهم فيها الوضع ، وطلبت أن ينتظرونني في مكان حددته لهم . ناولته هويتي ، فبادرني بالسؤال : اين رخصة القيادة ؟؟ - ماذا كنت تفعل في جنين ؟؟ سألني بعد أن تفحص هويتي ورخصة القيادة وفحص الصندوق الخلفي في السيارة . - لا شيء !! اجبته ساهما - هل تريد أن تقول لي ، بأنك جئت من بيتكم ودخلت جنين وتخرج منها ، هكذا عبثا ؟؟ كانت لهجته وقحة وفيها شيء من الاستفزاز . عدت الى معبر رقم 1 ،لكن هذه المرة من الجهة الاسرائيلية ، صعد اقربائي الى السيارة ، بعد أن خسرنا 5 ساعات من مجمل ال 12 ساعة ، مدة التصريح !!! كنت في سباق ضد عقارب الساعة ، تناولنا افطارنا في مدينتي ، زرنا حيفا ، عكا والناصرة ، وقبل السابعة مساء ، كنا أمام المعبر في طريق العودة !!
#قاسم_حسن_محاجنة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
القضية الفلسطينية بين النوسطالجيا والواقع الموضوعي
-
ورددت الجبال الصدى ....خالد حسيني وروايته الجديدة
-
هل يمكن تعديل قانون الاحوال الشخصية ؟؟
-
تعلموا من العبرية -تداعيات على طرح الاستاذ العفيف الاخضر
-
عرب اسرائيل وطاقية الاخفاء
-
جدلية اللغة واهلها
-
التسعيرة ..
-
خط احمر
-
الحوار ، متمدن أم متدين ؟!
-
ضحايا الجشع أو عولمة الرأسمالية
-
حرب مؤسسة الكهنوت من أجل السيطرة
-
تعقيب على مقال الاستاذ جمشيد- العنصرية هي الحل
-
الصحة تاج على رؤوس الاغنياء
-
المطلوب منظومة قيمية .. -لا صهيونية ولا سلفية -
-
ملاحظات على مقال - في حب اسرائيل -
-
حروب الجبناء
-
جسر مؤقت (للاسنان ) ... أو اسرائيل سنة 2017
-
العودة .....مسيرة الى الذكريات
-
اخبار خفيفة تراجيكوميدية
-
الايمبوتنتسيا وال ...Mass Psychosis
المزيد.....
-
الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج
...
-
روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب
...
-
للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي
...
-
ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك
...
-
السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
-
موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
-
هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب
...
-
سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو
...
-
إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس
...
المزيد.....
-
سيرة القيد والقلم
/ نبهان خريشة
-
سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن
/ خطاب عمران الضامن
-
على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم
/ سعيد العليمى
-
الجاسوسية بنكهة مغربية
/ جدو جبريل
-
رواية سيدي قنصل بابل
/ نبيل نوري لگزار موحان
-
الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة
/ أيمن زهري
-
يوميات الحرب والحب والخوف
/ حسين علي الحمداني
-
ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية
/ جورج كتن
-
بصراحة.. لا غير..
/ وديع العبيدي
-
تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|