عبد الحكيم سليمان وادي
الحوار المتمدن-العدد: 4122 - 2013 / 6 / 13 - 19:11
المحور:
دراسات وابحاث قانونية
رئيس مركز راشيل كوري الفلسطيني لحقوق الانسان ومتابعة العدالة الدولية
الحلقة الثالثة:
مما لاشك فيه إن عملية تصنيف المفاوضات تثير أسئلة منطقية وهي:
-من هي الأطراف المشتركة في عملية المفاوضات؟
-ما هو موضوع العملية التفاوضية؟
-ما هو الأسلوب الذي تجري بة المفاوضات؟
المعيار الأول:
إن الغاية من طرح هذه الأسئلة الثلاثة هو محاولة استخلاص المعايير في تصنيف المفاوضات من خلال تحديد الأطراف وتصنيفها ومعرفة وتحديد الأسلوب التي تتم فيه المفاوضات ضمن المواضيع المحددة.
وعلية نجد أنة ومن حيث الأطراف في المفاوضات أما تكون ثنائية بين طرفين,او تكون متعددة الأطراف وهذا تصنيف عددي من حيث الكم والذي يدخل ضمن معايير التصنيف.والمفاوضات متعددة الأطراف غالبا ما تكون مفاوضات إقليمية أو عا لمية.
وهناك معيار أخر تتسم بة المفاوضات وهو نوع الأطراف المفاوضة,على سبيل المثال أطراف لهم طبيعة واحدة مثل المفاوضات بين دولتين أو مثل مفاوضات بين منظمتين من المنظمات الدولية,وهنا يكون العكس تماما في حال كانت المفاوضات بين دولة وبين منظمة حيث لا يوجد لهم طبيعة واحدة.فالدولة صاحبة سيادة على إقليمها وأما المنظمة فهي لا تملك إقليم تفرض علية سيادتها وفى الأصل هي مجرد كيان قائم في استضافة إقليم الدولة آو الدول مع مراعاة الشخصية القانونية والحماية لهذه المنظمات.
فالمفاوضات يمكن أن تكون بأطراف متمتعة بالسيادة وهي الدول وهناك أشخاص دولية ضمن الفاعلون الدوليين لا تتمتع بالسيادة مثل منظمة الأمم المتحدة,ومنظمات دولية أخري حكومية وغير حكومية كذلك,مثل صندوق النقد الدولي ومثال حركات التحرير الوطني وينطبق ذلك على وضع سوريا الآن والمعارضة في الخارج التي لا تملك السيادة باعتبارها حكومة أو منظمة أو مؤتمر وطني في المنفي الخ
أن المفاوضات يمكن أن تكون بين الدولة من جهة وبين كيانات معارضة مثل المعارضة السورية ألان ومن جهة أخري يمكن أن تكون بين جامعة الدول العربية وبين كيانات المعارضة وهنا نجد المعيار المزدوج في المفاوضات بين دولة كانت الممثل الرسمي كعضو في الجامعة وبين كيان المعارضة الذي يحاول فرض نفسه ليكون بديلا عن النظام السوري الرسمي ليصبح هو العنوان وكل هذا يحتاج إلى مفاوضات معمقة بين جميع الأطراف الداخلية والخارجية المنغمسة في الوضع والأزمة السورية.مهما كان نوع التدخل الحرب بالإنابة أو الوكالة المدعومة من طرف قطر والسعودية والولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الاروبي وجامعة الدول العربية,أو الحرب الطائفية المدعومة من طرف إيران وحزب الله.
والسيناريو المطروح والمستبعد في نفس الوقت أنة في حال انتصار نظام بشار الأسد على المعارضة السورية بمساعدة جنود حزب الله والحرس الثوري الإيراني,والذي لن تسمح بة أمريكيا بالطبع باعتباره صفعة قاسية لها من الناحية السياسية,فأنة يحق للنظام السوري الاسدي أن يرفع دعوي قضائية دولية للمطالبة بالتعويضات عن كافة الأضرار التي اصابتة بسبب التدخلات الخارجية من الدول المتورطة التي كانت منغمسة في الأزمة,وذلك بناءا على سوابق قضايا التحكيم الدولي في قضية سفينة الاباما التي رفعتها الولايات المتحدة الأمريكية ضد بريطانيا بعد أن انتصر الشمال على الجنوب سنة 1865 التي تورطت فيه بريطانيا عبر تدخلها ودعمها للجنوب ضد الشمال أثناء الحرب الأهلية الأمريكية,بعد أن قامت بتجهيز سفينة الاباما وتحويلها من سفينة مدنية إلى سفينة عسكرية والتي تسببت مدافعها بخسائر بشرية ومادية للشمال الأمريكي,حيث اقر القضاء الدولي بتغريم بريطانيا وتعويضها عن كافة الخسائر هناك.
المعيار الثاني :أساليب المفاوضات.
تتجلى هذه الأساليب في المفاوضات التي يمكن ن تكون مفاوضات علنية أو مفاوضات سرية,وهناك من يقوم باستخدام الأسلوبين معا,مثلما فعلت منظمة التحرير الفلسطينية أثناء المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي,حيث كان هناك فريقين فلسطينيين مكلفين بالتفاوض,يعيشون في حالة تخبط إداري وتقني وفني ودبلوماسي وسياسي خلال هذه المرحلة,لا يعلم احدهم شئ عن الأخر بما يخص ملفات التفاوض مع الطرف الأخر.حيث كان وفد المناضل الكبير السيد/حيدر عبد الشافي وحنان عشراوي هو الوفد العلني.وفي نفس الوقت هناك وفد سري مفاوض بإشراف السيد/ محمود عباس ضمن الجلسات التفاوضية السرية في السويد والنرويج والذي تكلل بإقصاء الفريق الأول وبقاء الثاني,الذي اشرف على توقيع اتفاق أوسلو الهزيل سنة 1993.
المفاوضات السرية:
هي عدم الإعلان عن إجراء هذه المفاوضات السرية.بحيث لا يتحقق شرط العلنية كما حصل بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني قبل التوقيع على اتفاقية أوسلو.
مع العلم إن هذا الأسلوب أصبح غير مرغوب فية ومرفوض لدي الشعوب المتقدمة والتي تمارس الرقابة والديمقراطية على تصرفات الدولة والقيادة في هذا الجانب,لاسيما وان المفاوضات السرية هي نمط قديم وحقير كان يمارس من طرف الأنظمة الديكتاتورية في فترة ظهور النازية. بينما نجد ألان أن اغلب الدساتير الوطنية للدول الديمقراطية تفرض الشفافية في إعلان كافة النتائج لأي مفاوضات أمام الشعب ووضعه في أخر التطورات والمستجدات,بل وأكثر من ذلك طرح الموضوع للاستفتاء أذا لزم الأمر لذلك.ونحن نري ونشاهد الإعلانات الدائمة عن المفاوضات ونتائجها في ما يتعلق أيضا بالجانب العسكري والاستراتيجي الخاص بنزع الأسلحة النووية أو التقليل منها ومن انتشارها عبر معاهدة ستارت 1 وما تلاها من اتفاقيات حول الدرع الصاروخي ومناطق النفوذ العالمي اقتصاديا....الخ
أما المفاوضات العلنية: فهي تكون واضحة للجميع,بحيث يتم الإعلان عن نتائجها بشكل مباشر أمام الأعلام من خلال الأطراف المتفاوضة,رغم تنوع موضوع التفاوض,اقتصادي أو سياسي أو عسكري أو تكنولوجي أو إنساني أو من اجل الحفاظ على البيئة والاحتباس الحراري أو سعار النفط أو الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين...الخ
-كذلك الأمر من حيث الأساليب,فقد تكون المفاوضات رسمية أو غير رسمية.
فالمفاوضات الرسمية هي التي يتبع فيها الأعراف والتقاليد والطقوس والإجراءات المتبعة عند بدء الإعلان عن هذه المفاوضات الرسمية بين طرفين أو أطراف متعددة.
-المفاوضات غير الرسمية: هي التى لاتتقيد بالشكليات السابقة مثل/ الملابس والبرتوكول...الخ وتكون بدون حواجز وبدون رسميات والمثال الفلسطيني المناسب لذلك هو المشهد التلفزيونى الذي يبين لنا الوزراء الاسرائيلي اهود باراك وهو يدفع بيدة كتف الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات امام باب قاعة المفاوضات وهم يضحكون بوجود الرئيس الامريكي الاسبق بيل كلينتون فى الولايات المتحدة الامريكية وهذا ما يدلل تجاوزهم التعامل الرسمى وكسرهم لحاجز الطقوس المتبعة فى المفاوضات الرسمية.اضافة للزيارات المتبادلية بين الطرفين في منازلهم بشكل شخصي.ونذكر منها موقف تقديم العزاء الى زوجة الراحل رئيس الوزراء الاسرائيلي اسحاق رابين في منزلها بعد اغتيالة.
- المفاوضات متعددة الاطراف: لها مجالين اساسيين.
1/المفاوضات المتعددة الاطراف في المؤتمرات الدولية.
2/المفاوضات الخاصة بالمنظمات الدولية.
وينطبق ذلك على الامم المتحدة وعلى مجلس الامن في المفاوضات الرسمية التي يجريها بما في ذلك الدول ال 5 دائمة العضوية في مجلس الامن.مع العلم ان مجلس الامن خلال فترة العقدين الاخيرين بدأ يستخدم مصطلح المفاوضات غير الرسمية حتي لا يضفي عليها الجانب الرسمي والقانوني.
المفاوضات المباشرة والغير مباشرة:
ان المفاوضات المباشرة هي التي تجري وجها لوجة.اما المفاوضات غير المباشرة تتم عن طريق طرف ثالث يعتبر هو الوسيط.حيث ان الطرفين لا يلتقيان وجها الى وجه وهذا ما كان يحدث في جلسات التفاوض بين سوريا واسرائيل في السابق حيث كانت تركيا هي الوسيط بينهم.
ان مفهوم الوساطة بمعناة الاخر يعني المشاركة في المفاوضات,واقتراح الحلول,وقد يكون الوسيط عبارة عن دولة مثل ما تقوم بة الولايات المتحدة الامريكية من خلال ممارسة دور الوسيط بين الطرفين الاسرائيلي والفلسطيني,مع ادراكنا وقناعتنا التامة انها تنحاز للطرف الاسرائيلي وانها تعمل على ادارة الصراع وليس حلة.ويمكن ان يكون الوسيط عبارة عن منظمة دولية او شخصية اعتبارية عامة مثل المناضل الافريقي/نيلسون مانديلا.او الفاتيكان او شيخ الازهر.او ملك او شيخ قبيلة....الخ
وهذا يذكرنا بالمساعي الحميدة اثناء المفاوضات وهنا لايشترك الطرف في المفاوضات ولا يتدخل فيها من قريب او بعيد,وفقط يمارس سياسة الضغط والترغيب في دفع عجلة المفاوضات نحو الامام.
واخيرا يمكن القول ان هذه المعايير السابقة هي التي تمكننا من تصنيف وتحديد انواع المفاوضات,هل هي مفاوضات سرية ام علنية,مفاوضات ثنائية او متعددة الاطراف,او مفاوضات مباشرة او غير مباشرة.ام مفاوضات يديرها ويشرف عليها الوسيط عبر اقتراح الحلول,ام تحتاج المفاوضات للمساعي الحميدة عبر الضغط والاغراء كما تفعل بعض الدول النفطية في الوطن العرب.
والسؤال الذي يطرح نفسة كيف تبدأ العملية التفاوضية؟ وماهي مراحل التفاوض الفعلي؟
والتي سنجيب عليها فى الموضوع القادم ان شاءالله.
#عبد_الحكيم_سليمان_وادي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟