|
فهد ونضال الطبقة العاملة العراقية
هادي الزبيدي
الحوار المتمدن-العدد: 1 - 2001 / 12 / 9 - 02:16
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
يحتفل الشيوعيون العراقيون هذا العام بالذكرى المئوية لميلاد مؤسس وقائد حزبهم الرفيق الخالد فهد ، ويشاركهم في استقبال هذه الذكرى الخالدة ، كل الوطنيين من أبناء شعبنا العراقي المناضل ، وفي الطليعة منهم أبناء الطبقة العاملة العراقية المجيدة ، التي نذر الرفيق الخالد فهد جل سني نضاله من أجل تحقيق أهدافها النبيلة في الحرية والحياة الكريمة .
وإذ يستعيد الشيوعيون العراقيون هذه الذكرى العطرة ، إنما يستلهمون من خلالها تلك الروح الثورية المتأججة لدى الرفيق الخالد فهد ، والتي لم تستكين في النضال من اجل تحرير الوطن وسعادة الشعب . وأذا كان الرفيق فهد يقود الطبقة العاملة العراقية ، وطليعتها الحزب الشيوعي العراقي مباشرة قبل استشهاده ، إلا أن افكاره وتعاليمه وخبرته في قيادة النضال الجماهيري ، كانت ملهماً ونبراساً يهتدي به كل المناضلين والثوريين الحقيقيين . فلقد رسخ الرفيق فهد تقاليد نضال وخبرة عمل سياسي في قيادة الجماهير والوصول بها لتحقيق أهدافها الاقتصادية والسياسية .
لقد كان الرفيق الخالد فهد ابن بار للطبقة العاملة العراقية ، ومناضل كرس كل حياته في خدمة وقيادة نضالاتها الطبقية والوطنية . لذلك ارتبط نضال الطبقة العاملة العراقية وانتصاراتها ، بقيادة الرفيق فهد ، وخاصة في العقدين الثالث والرابع من القرن الماضي ، حيث قامت عشرات الإضرابات والتظاهرات العمالية في التجمعات العمالية الكبيرة ، في الميناء والسكك والنفط والكهرباء والغزل والنسيج والطباعة ، وغيرها من مراكز الحشود العمالية ، وكان الرفيق فهد في خضم هذا النضال الثوري في الطليعة منه ، قائداً وموجهاً وملهماً .
لقد كان الرفيق فهد ومنذ شبابه عندما دخل سوق العمل مضطراً لمساعدة عائلته ، يضع نصب عينيه الحالة المأساوية التي يعيشها العمال وكل الكادحين ، وكان يرى أمامه الاستغلال والاضطهاد وسلب الحقوق التي كان يتعرض لها العمال . فهو إذن ومنذ شبابه كان قد حسم أمره بالوقوف بجانب الطبقة العاملة والنضال من اجل تحقيق أهدافها المشروعة في الحرية والحياة الكريمة .
من هنا فإن وقوف الرفيق فهد إلى جانب العمال والفلاحين ، أمر طبيعي ، لأنه جزء منهم ، فالانحياز لقضية الطبقة العاملة ، والسعي لتحقيق أهدافها ، وضعها الرفيق فهد نصب عينيه ، وتبدوا هذه القضية اكثر وضوحا في كل ما كتبه .
ومنذ بداية وعيه الوطني والطبقي كان الرفيق فهد يضع نصب عينيه الأسئلة التالية : كيف يمكن تنمية وعي العمال بحقوقهم ؟ . كيف يمكن تنظيم وقيادة نضالهم ؟ . كيف يمكن توحيد الناشطين في صفوفهم ليشكلوا تنظيم مبني علي أُسس طبقية ووطنية ، يوحد النضال ويقوده من اجل تحقيق الأهداف الوطنية والطبقية للعمال ؟ .
على هذه الأسئلة ، كانت الأجوبة حاضرة في ذهن الرفيق فهد . فكان قراره الانخراط في الحركة الوطنية العراقية المتمثلة في بعض أحزا بها البرجوازية الوطنية وكان في طليعتها الحزب الوطني العراقي بقيادة الزعيم الوطني جعفر أبو التمن ، الذي احتضن فهد لما توسم فيه صدق المشاعر الوطنية ووضوح الرؤيا .
وعندما كان الرفيق فهد أحد مسئولي منظمة الحزب الوطني في الناصرية لم تغب عن ذهنه قضية الطبقة العاملة ، بل كرس كل جهده من خلال مسئوليته الجديدة للدفاع عن العمال ، ودعوتهم للنضال من اجل عن مصالحهم المشروعة .
وبالرغم من عدم وجود تنظيم مستقل للطبقة العاملة في ذلك الوقت ، إلا أن الرفيق فهد كان قد اصدر العديد من البيانات بخط يده يدعو العمال إلى النضال ، وكان يوزعها بنفسه ، وكانت هذه الخطوة في حينها انقلابا كبيرا وخطوة متميزة في النضال ، إذ لأول مرة بدأ الارتباك والحيرة على رجال الأمن ، لم يكن يعرفوا كيف التصرف أمام هذه الحالة الجديدة .
إن انتماء الرفيق فهد للطبقة العاملة ، جعله ينظر لنضالها والهدف منه بطريقة تختلف عن كل من كان ينظر لهذه الحقوق والأهداف وهو بعيد عن النضال الحقيقي للعمال . لذلك ارتعبت السلطات الحاكمة وأجهزتها الأمنية من هذا النشاط الجديد الذي لم يعتاد وه . فكرست كل جهودها من اجل القضاء على هذا النشاط ونجحت في اعتقال الرفيق فهد ، وكان أول شيوعي يعتقل في العراق . وأمام الحاكم الذي ينظر بقضيته وقف متحدياً النظام ويعلن بأنه شيوعي ويدافع عن الشيوعية ومثلها .
يذكر المؤرخ حنا بطاطو في دراسته ( الطبقات الاجتماعية القديمة والحركات الثورية في العراق) ، ( … إن أول بيان ظهر في العراق يحمل شارة المطرقة والمنجل ، والذي كتبه ، يوسف سلمان نفسه ، بخط يده وعلقه في ثمانية عشرة مكاناً مختلفاً في بلدة الناصرية ليلة 13 كانون أول 1932 ، كان موقعاً ببساطة : (عامل شيوعي .) ، ولأ ول مرة كان البيان يحمل شعار ( يا عمال العالم اتحدوا ) ، و (عاش اتحاد جمهوريات العمال والفلاحين في البلاد العربية ) . وبتحيز واضح للعمال والفلاحين أعلن الرفيق فهد في بيانه ، ( ما من أحد يستطيع أن يشعر ببؤس العمال إلا العمال أنفسهم.) ، وفي تحد واضح للأسر الحاكمة والغنية ، أعلن الرفيق فهد ، ( .. أن كل الرذائل تأتي من العائلات الكبيرة ، التي يُزعم أنها شريفة ، حيث لا شرف إلا في العمل ، وما من شريف إلا العامل والفلاح .. ) .
لم يكن نضال الرفيق فهد محصوراً في حلقة ضيقة ، من الأصدقاء والمعارف ، بل كان يوسع دائرة نشاطه ليشمل كل الجماهير المتضررة من السيطرة الاستعمارية ، المتمثلة في الحكام العملاء ، وأجهزتهم القمعية . لقد آمن الرفيق فهد بأن أي تغير في الوطن لصالح الجماهير ،لا يمكن آن يتم بصورة عفوية ، بعيداً عن النضال المتصاعد للجماهير ، وبدون وجود طليعة ثورية قادرة على تعبئة الجماهير الكادحة وزجها في النضال اليومي الاقتصادي والسياسي .
لذلك وسع الرفيق فهد نشاطه ليشمل كافة الحشود الجماهيرية ، فمن التجمعات العمالية الكبيرة في البصرة إلى الفلاحين في الناصرية ، حيث ظلم ألا قطاع واستغلال السراكيل ، وحياة البؤس التي يعيشونها . وقبل تأسيس الحزب ، كانت البيانات التي كان يكتبها الرفيق فهد ، تحرض الفلاحين على مقاومة ظلم الإقطاع واستغلالهم ، وتدعوهم للنضال من اجل نيل حقوقهم ، وتوحيد نضالهم مع نضال اخوتهم العمال ، ليشكلوا طليعة المقاومة ضد السيطرة الاستعمارية ، ومن اجل الحرية والاستقلال .
لقد كان الرفيق فهد شعلة من النشاط والحيوية في النضال من اجل توحيد كل الجهود وصبها في اتجاه مقارعة السيطرة الاستعمارية وإنهائها ، وتحقيق الاستقلال السياسي والاقتصادي . إن تحقيق هذا الهدف ، يجب أن يسبقه وبالضرورة وجود طليعة سياسية منظمة لا تعرف المهادنة ولا الموسمية من اجل قيادة النضال الوطني وفي مختلف الظروف والتقلبات السياسية . لذلك كرس الرفيق فهد جهوده من اجل بناء مثل هذه الطليعة ، وجعل من الطبقة العاملة العراقية طليعة هذا النضال ، فكان الحزب الشيوعي العراقي ، رأس الحربة في النضال .
وفي هذا العام إذ يحتفل الشيوعيين العراقيين ، ومعهم كل الوطنيين العراقيين ، بالذكرى المئوية لميلاد الرفيق الخالد فهد ، يجددون العهد في المضي على نفس الطريق الذي وضع لبناته الأولى الرفيق فهد ، رافعين راية النضال الوطني والديمقراطي ، من اجل الخلاص من النظام الديكتاتوري المقيت ، وتخليص شعبنا من معاناته التي طال أمدها .
المجد والخلود لمؤسس وقائد حزبنا الرفيق الخالد فهد في الذكرى المئوية لميلاده .
#هادي_الزبيدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كازاخستان تحسم الجدل عن سبب تحطم الطائرة الأذربيجانية في أكت
...
-
الآلاف يشيعون جثامين 6 مقاتلين من قسد بعد مقتلهم في اشتباكات
...
-
بوتين: نسعى إلى إنهاء النزاع في أوكرانيا
-
-رسائل عربية للشرع-.. فيصل الفايز يجيب لـRT عن أسئلة كبرى تش
...
-
برلماني مصري يحذر من نوايا إسرائيل تجاه بلاده بعد سوريا
-
إطلاق نار وعملية طعن في مطار فينيكس بالولايات المتحدة يوم عي
...
-
وسائل إعلام عبرية: فرص التوصل إلى اتفاق في غزة قبل تنصيب ترا
...
-
الطوارئ الروسية تجلي حوالي 400 شخص من قطاع غزة ولبنان
-
سوريا.. غرفة عمليات ردع العدوان تعلن القضاء على المسؤول عن م
...
-
أزمة سياسية جديدة بكوريا الجنوبية بعد صدام البرلمان والرئيس
...
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|