|
مقهى الشابندر
فراس الكناني
الحوار المتمدن-العدد: 4121 - 2013 / 6 / 12 - 20:43
المحور:
المجتمع المدني
لحادثه بتأريخ 10/6/2013 الإثنين صباحاً ..... منذ نعومة أضفاري و انا اسمع بهذا الإسم الرنان مقهى الشابندر كما اسمع بقمهى عزاوي و مقهى أم كلثوم من خلال أحاديث كبار السن و الشيبه و من خلال التقارير و البرامج التلفزيونيه التي تتحدث عن المقاهي البغداديه بصوره خاصه و عن الأماكن التراثيه بصوره عامه و عندما كنت آتي إلى شارع المتنبي كنت انظر إلى هذا المقهى العريق من الخارج بنظرة الإكبار و أتمنى أن أدخل اليه لكن مهابته و مكانته بداخلي تمنعني من ان أتجراء للدخول إلى هذا المقهى فكنت أرمق و استرق النظر إليه و أنا سائر من أمامه علما ان زياراتي إلى شارع المتنبي و إلى سوق السراي كثيره . و قبل عدة أيام شاهدت تقريرا عن شارع المتنبي من خلال أحدى الفضائيات العراقيه فقررت و تمنيت ان لا أضعف أمام قراري هذا و أن لا اتراجع عن الدخول إلى هذا المقهى العريق و إلى هذا المقصد السياحي و أن أطلب "إستكان چاي" لبضع دقائق كي أخرج بعدها و قلبي تملئه الغبطه و الفرح بأن تجرأت بعد تردد سنين على دخول هذا المكان و كي أرجع إلى أهلي و معارفي و احدثهم مفتخراً ومتباهياً بأني قد دخلت هذا المكان العريق . و لا أطيل عليكم فقد ذهبت يوم أمس و بعد ان دخلت إلى مطعم " أبو حسين " لبيع الشاورمه و الذي ما ان ذهبت إلى شارع المتنبي فإني لابد و أن ادخل إلى هذا المطعم الذي تروقني ضيافته و حسن استقباله قبل مأكولاته من أيام ذلك الرجل المسن الذي كان يعمل به و أسمه " فرج " و الذي ترك العمل بهذا المطعم بعد ان تعرض لكسر . فبعد ان دخلت إلى مطعم " أبو حسين " و تناولت ساندويش شاورمه قررت أن استجمع قواي و أن أتجراء بالدخول إلى مقهى الشابندر و فعلا لم تخذلني شجاعتي و دخلت إلى المقهى و كلي رهبه فجلست بجوار رجل كبير السن و لكني كنت أعوز ما أكون إلى الإسترخاء و كأني أمام مقابله لأحد المسؤولين و بدأت بتفحص المكان و الصور التأريخيه التي تغطي معظم مساحات جدرانه و لاحظت بأن الشخص الذي يدير المقهى هو شاب فتي في بدايات العقد العشرين !!! و أحسست و كأنه يرتقي منصبا أكبر من سنه و خبرته بالحياة و كنت أتوقع بأن "الچايچي" رجل في عقد الخمسين مثل صاحبنا "فرج" في مطعم "أبو حسين" يرتدي على رأسه العرقچين و أول ما يدخل الزبون فإنه يبادره بقول " الله بالخير تفضل أغاتي شتشرب " و تحت يده يعمل صبي صغير يناديه " وليدي نزل اهنا واحد چاي " . و لكني تفاجأت .... و اليكم قصه ماجرى بصوره مختصره بعد هذه الإطاله دخلت إلى المقهى و بعد ملاحظاتي آنفة الذكر بحثت بعيني عن من يعمل في المقهى فوجدت شابين في بدايات العقد العشرين يطلق على مظهرهما في أيامنا هذه " بالكيكيه أو البانكيه " فإن تسريحة شعرهم عباره عن شيء غير مفهوم قد ملؤه بالجل و يرتدون تشيرتات فسفوريه ضيقه فمظهرم لا يليق بالمكان الذي يعملان به و بعراقته و بتراثيته فبادرت بالطلب من أحدهما " عيني أبو الشباب إذا ممكن واحد چاي " فلم يجبني و أشار بيده إلى الشاب الآخر دون أن يتلفظ بحرف واحد فقلت بداخلي لعله زبون مثلي فإنتابني الخجل و قلت للشاب الذي اشار اليه " عيني أبو الشاباب واحد چاي بدون زحمه " فقال لي بسخريه و بإستهزاء " معقوله واحد چاي بس واحد بس واحد " فقلت بداخلي لعله زبون ايضا فبادر الرجل المسن الذي يجلس بجواري بالقول " آني صارلي هواي كاعد و موصي چاي و محد جابلي " و بعد مضي عشر دقائق اتاني احد الشباب بإستكان الچاي فقلت له انزله إلى الحجي لأنه قبلي و هنا إستعدت قوتي بعد ان عرفت بأنه و صاحبه يعملان في المقهى و ليسوا بزبائن و قلت له اجلب لي "الچاي" و لا تؤخره عليَ و بعد أن شربت استكان الچاي و قد تخلله حديث مع الرجل المسن حاولت ان أتأكد مما شاهدته معي و " مع غيري من الزبائن و معظمهم شيبه و كبار سن و ممن يبدو عليهم بأنهم من الطبقه المثقفه " فقلت له " أبو الشباب چاي ثاني بلا زحمه " فنظر الي بدون ان يجبني بأي كلمه و راح يتحدث مع الشاب " مدير المقهى !!!!! " قفلت للرجل المسن الذي بجواري " حجي من رخصتك حتى چايهم ما أريده " و قمت إلى " مدير المقهى !!!!! " و بعد أن دفعت له الحساب قلت له " هذه أول مره أدخل بها إلى هذا المقهى و آخر مره " فقال لي لماذا " فقلت له " مع الأسف إننا مجتمع غير سياحي فالذين يعملون عندك مو خوش " و قد ظل ساكتا دون أن يسأل عن السبب .... هذه حكايتي مع مقهى الشابندر ....هكذا أصبح تراثنا بيد الصبيه " البانكيه البريكيه " الذين لا يعرفون عن قيمة المكان الذي يعملون به و عن تأريخه و عراقته أي شيء .
#فراس_الكناني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الجنائية الدولية تصدر أوامر اعتقال ضد نتنياهو وجالانت لارتكا
...
-
الجنائية الدولية تصدر أمر اعتقال بحق قائد كتائب القسام محمد
...
-
حيثيات تاريخية لإصدار أمر اعتقال نتنياهو وجالانت لارتكاب جرا
...
-
وزيرة إسرائيلية تصف مذكرات الاعتقال الدولية الصادرة ضد نتنيا
...
-
بن غفير يدعو إلى فرض السيادة على الضفة الغربية ردا على مذكرا
...
-
قيادي لدى حماس: مذكرات اعتقال نتنياهو وجالانت تؤكد أن العدال
...
-
المحكمة الجنائية الدولية تصدر مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغال
...
-
المحكمة الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو ويوآ
...
-
المحكمة الجنائية الدولية تصدر مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغال
...
-
الجنائية الدولية: توجيه تهم ارتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية ل
...
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|