أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - خالد الصلعي - الحداثة هدف مؤجل















المزيد.....

الحداثة هدف مؤجل


خالد الصلعي

الحوار المتمدن-العدد: 4121 - 2013 / 6 / 12 - 20:43
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


النهضة، الحداثة، ، التجديد ، وما الى ذلك من المفاهيم والمصطلحات المجاورة والمحايثة لمعنى التخلص من القديم وطرح التقليد ، وكل أساليب الارتباط به ، كالنسخ والتكرار والنقل والاجترار .
مما يبدو أن عالمنا العربي لم ينهض للآن بفعل تجديدي أو تنويري ، رغم أن استيفاقنا من مر عليه أكثر من قرن ونصف ، يؤرخ له بنهضة محمد علي باشا المصرية ، وانقضاض الغرب الحريص على وأد أي تجربة ريادية في المنطقة العربية ، وتفننه الشيطاني في تفتيت المنطقة الى اصولها ماقبل الاسلامية باعتماده تقسيمات قبلية أسماها دولا ، في حين راح هو يتكتل ويتضخم مستبقا منطق تطور التاريخ ، الذي لم يعد يعترف بالدويلات والامارات ، الا في اطارها القانوني الذي يضمن لها سيادتها ، دون أن يمنحها اي شروط للتأثير في المحيط الجغرافي للمنطقة التي تتواجد بها مثل هذه الدوليات والامارات ، كاللوكسمبورغ ، وموناكو ، أو هايتي وجامايكا .
بينما أغدق بايعاز أوامر ولي الأمر على دويلاتنا واماراتنا الصغرى ، كل أسباب التدخل في شؤون دول لها عمق تاريخي وحضاري ، كمصر والمغرب وسوريا والعراق ، وهذا ما صنعته الكويت مع العراق ، وكان سببا مباشرا في ارتكاب صدام خطيئة العصر التي ترتبت عنها كل هذه الأوضاع العربية التي يكابد ماساتها الشعوب العربية الى يومنا هذا ، والباقيات الطالحات خير عند غربكم و اجدى . أما ما تقوم به قطر فهو يعد وصمة عار على جبين كل مثقف وسياسي عربي ، ولا تعبير آخر .
لا حداثة لدينا مهما حاول أصحاب النظارات المستوردة أن يوهمونا بشيئ اسمه حداثة ، ولا تجديد لدينا ، وان لووا أعناق البالي والقديم في أوضاعنا وحالنا ، ولا نهضة عندنا وان كذبوا علينا بفتح عين النائم .
وقد كان اندفاع زبد الحداثة في الوطن العربي عبارة عن عناوين ايديلوجية لمختلف الأحزاب المحسوبة على الديمقراطية المفترى عليها في أوطاننا العربية . ولم يكن تأصيلا مؤصلا بفعل تحديث لمؤسسات أو أدوات الحداثة ، كالصناعات العصرية والزراعة ، والفنون الانسانية التي تنتصر لقيمة الانسان باعتباره سيد الكون ، أو الفكر المؤصل من داخل الثقافة العربية القابلة لكل تاولد وتثاقف . كما ان طبيعة العلاقة السائدة بين الانسان العربي ظلت طبيعة بدائية تعتمد على مؤسسات العلاقات القبلية العتيقة ، وللتمثيل على ذلك يمكن العودة الى أجواء الانتخابات في عالمنا العربي التي تطغى عليها طقوس الشيخ والتابع أو ولي الأمر والمولى ، بحيث يلتف الناخبون حول المرشح ليس باعتباره عضوا في حزب له مشروع وبرنامج ، بل باعتباره شخصا يقدم اثناء حملة الانتخابات الهدايا العينية والوعود الوردية ، وما الى ذلك من تقنيات استمالة الناخب في العالم الثالث .
بل ان مستوى العلاقات التي تجمع بين المفترض فيهم نخبة المجتمع من مثقفين على اختلاف مشاربهم العلمية والمعرفية ، هي علاقة عمودية فوقية ، كُتب فيها الكثير منذ الثمانينيات ، بعدما تفجرت فقاعات مثقفي المرحلة الذين كان معظمهم من مثقفي اليسار الجامد .
أما اليوم فان العلاقة بين هذه النخبة تكاد تختفي الا اذا اعتبرنا حفلات الشاي والمدح والتصفيق علاقات تثقيفية بين طبقة المثقفين . والا اذا اعتبرنا الكتابة المدفوعة الأجر المسبق ثقافة .
ان اختلالات العلاقة بين أفراد المجتمع العربي داخل مجتمع واحد ، بين الرجل والمرأة مثلا ، هي من الترهل والتخلف ، بحيث يمكن الجزم أن مجتمعا كالسعودية مثلا يعيش حالة انفصام حادة في هذا المجال . كما أن مجتمعا كالمغرب يعيش حالة هلامية في هذا المضمار . ففي السعودية يحرم على نساء المجتمع السياقة ، بينما تصنع أميرات الأسرة الحاكمة ما لاتصنعه جوليانا جولي . وفي المغرب قد تجد امرأة تسوق أحدث موديل من السيارات وترتدي تي شورت ، بينما تترصد عينك مآت المحرومات من كل شيئ . وعشرات المدمنات للمخدرات الصلبة وهن في حالة تشمئز منها النفس السوية .
المجتمع العربي لم يعرف حداثة بالمعنى اللغوي والاصطلاحي والعملي لمفهوم الحداثة ، فهو لم يقم بتأسيس مفهوم العدالة بين ابنائه ، وان قفز الى مستوى المساواة ، وهو مفهوم في عمقه ملتبس ومحرف ، فُرض على المجال التداولي للثقافة العربية دون تمحيصه علميا على صعد شتى . اذ كان الأحرى التنصيص على مفهوم العدالة الاجتماعية عوض اجترار مفهوم المساواة الغامض والخاطئ علميا .
نظل اذن بعيدين عن النهضة او الحداثة أو التجديد ، ويبقى الأمل معقودا على الجيل المقبل ، بعد أن يكنس قشور جيلنا والأجيال التي سبقتنا .
وأي حضارة تعجز عن بناء نسقها الشمولي دون ابداعية حداثية على جميع المستويات ، فهي حضارة منقوصة ، وان كانت الحداثة الغربية كحضارة انسانية قد غطت على ما قبلها من حداثة الحضارات الانسانية السابقة ، فلأن الحضارة الغربية توفر لها ما يمكن أن نطلق عليه مفهوم صناعة الانكار . وهي صناعة تقوم على انكار كل تميز واضافة وابداع للأمم الأخرى ، لكن هذا لن يعمينا عن صدق بعض المثقفين الغربيين الذين أنصفوا أفضال الحضارات الانسانية الأخرى ومساهماتها العظيمة ، وذكروا بالاسم علماء ومفكرين وفلاسفة عرب وصينيين وهنود ، مسلمين وكونفوشسيين وهندوس وعرب . لكن منطق الكثرة والغلبة يغطي على منطق القلة والحياد .
في ظل هذه الرؤة وهذه المقاربة ، لا يمكننا بتاتا الحديث عن الحداثة ، لأننا لم نخلق الحدث بتعبير نيتشه ، فنحن للآن ما نزال رهائن الماضي والآخر ، تتقاذفنا أمواجهما وتتلاطمنا ريحهما دونما قدرة على خلق ذات تنصهر في عصرها بابداعها وانتاجها وشروطها واستراتيجياتها .
في العالم العربي علماء في جميع التخصصات ، لكنهم مغتربين عن اوطانهم الأم ، وأدباء لهم خصوصية الأصالة ، لكن تنقصهم سمة التأصيل داخل حقل لم يتأسس منذ ازيد من قرن على أسس ذاتية منفتحة على جميع امكانيات الاستيعاء الانساني . ففي ميدان الشعر مثلا ، هناك شعراء عظام على مستوى كوني ، لكن معظم نقادنا مستلبون من قبل الشعر الآخر ، لأن عقدة الغالب لا تزال تأسر نابغة العرب الجاهل لنبوغه .
ويمكن على صعيد الفكر والتأسيس الفلسفي ان نجزم بافتقادنا لمفكر يشتغل على مشروع واضح ، أو فيلسوف يبني نسقا فلسفيا خاصا به .
وفي النهاية يمكن القول ،لا يمكن لثقافة أن تنشأ من الانبهار ، لأن الانبهار حالة آنية ، وهو وان اختفى في صورته الفيزيائية الطبيعية في حينه ، يستمر ويطول في صورته الانسانية ، لأن الطبيعة بلاذاكرة ، عكس الانسان الذي تلعب الذاكرة دورا محوريا في توجيه سلوكه المستقبلي . خاصة اذا ما تم طمس معالم الحلم عنده بمحاصرة طموحه وخنق آماله ، فتعوض الذاكرة منطقة الحلم . ويما أن الذاكرة اختزلت صورا نمطية -في حالتنا - صورة الحداثة الغربية ، فان هذه الصور ستصبح الحلم التعويضي عن الحلم الحقيقي . لنتذكر أن الحلم الحقيقي قد تم وأده ، والانسان بطبيعته التكوينية لا يستطيع أن يعيش بغير حلم ، هنا تتدخل الذاكرة على قاعدة الانبهار بالمتفوق الذي استطاع تحقيق احلامه وما يزال يطور من امكانات هذه الأحلام ، فتعيش على وقع تطور الأحلام وتحقيقها عند النموذج .
فالحداثة في العالم العربي هي حداثة مستوردة ، تعويضية عن حداثة الذات المقهورة المستلبة والملغاة . الشعوب العربية شعوب لا قيمة لها من ناحية الوجود الذاتي ، انها لا تزال في طور الوجود الممنوح . وهو ما ينزع عنها كل أوهام الحداثة التي انبرى كثير من مثقفيها الى اثباتها ، وخاصة من طحنته طاحونة السياسة الرسمية العربية .



#خالد_الصلعي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البيان حلم والممارسة واقع
- ثمة أغنية في الحنجرة
- الانسان ذلك المنحرف -1-
- القضاء المغربي ، فجوات بحجم العار
- قصة الدمعة -قصة-
- مؤتمر جنيف-2- الميت
- ريق السحلية
- البحث عن الغائب الحاضر -13- رواية
- ردة الحقوق وسلامة المواطن في المغرب
- عن أغنية - مالي ومال الشمعة -
- قصة : لم أتعلم الندم
- الى السيد عبد العالي حامي الدين*
- تلبيس ابليس لباس القديس
- ليس دفاعا عن العلمانية -2-
- أثر الدلالة
- البحث عن الغائب الحاضر-12- رواية
- تذكرة السيرك
- ليس دفاعا عن العلمانية
- عاشق الفوضى
- عرق الريح.......


المزيد.....




- محمود الخطيب شهد على العقد.. لحظات مؤثرة من عقد قران ليلى زا ...
- مغني راب شهير يسخر من نفسه ضاحكًا في المستشفى بعد شلل جزئي ف ...
- الأردن: إحباط -مخططات لإثارة الفوضى- عبر تصنيع صواريخ وطائرا ...
- عاصفة ترابية تضرب دول الخليج (فيديوهات)
- أبناء الحيامن المتنافسة !
- أبرز ما جاء في تصريحات المشاركين في مؤتمر لندن حول السودان
- -بلومبرغ-: واشنطن ترفض إدانة الضربة الروسية لاجتماع قيادة قو ...
- في ذكراها السنوية الثانية: من ينقذ المدنيين من الحرب السودان ...
- أمير قطر يعقد جلسة مباحثات رسمية مع الرئيس السوري في الديوان ...
- مقاطعة سومي.. طائرات مسيرة روسية تدمر قوات المشاة ومعدات أوك ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - خالد الصلعي - الحداثة هدف مؤجل