عبد الحكيم سليمان وادي
الحوار المتمدن-العدد: 4121 - 2013 / 6 / 12 - 14:58
المحور:
دراسات وابحاث قانونية
ما هو المقصود بالمفاوضات قانونيا. الحلقة الثانية
ان الفكرة المعمقة حول المقصود بالمفاوضات من خلال المعاني الاربعة وهي ان المفاوضات هي فن التواصل ولغة التواصل وفن النقاش وفن المساومة,وهذا يطرح ثلاثة اسئلة اساسية:
1/ماهي العوامل التي تؤثر في المفاوضات؟
2/ماهي انواع المفاوضات؟
3/ ماهي الاشكال التي تتخذها المفاوضات؟ اى الانواع للمفاوضات.
الاجابة على السؤال الاول نجد ان العوامل المؤثرة في المفاوضات هي 3 انواع :
-عوامل تقنية.
-عوامل شخصية.
-عوامل موضوعية.
ان العوامل ذات الطبيعة التقنية تظهر على مستويين:
اولا: على مستوى اشتراك الخبراء المتخصصين. وهذا هو الجانب التقني المحض مثل/ خبراء اقتصادين,وخبراء عسكرين وتحديدا في الدول المستقبلة للاسلحة وبعكسها الدول المصدرة لهذه الاسلحة,اضافة الى خبراء الصحة ولمواد الغذائية, وخبراء الاراضي والخرائط ,وخبراء التكنولوجيا... الخ
ثانيا: على مستوى استخدام وسائل التكنولوجيات الحديثة: حيث في السابق كان يستخدم الدبلوماسين اثناء المفاوضات في رحلاتهم ومواصلاتهم وسائل قديمة مثل/ عربات الخيل والجمال والحمير للتنقل من منطقة لاخري ...الخ ثم ظهرت بعد ذلك الملاحة عبر السفن البخارية ومن ثم ظهرت الطائرات النفاثة في القرن 20 ومن ثم التكنولوجيات الحديثة للاتصال,ثم الطائرات خارقة السرعة مثل طائرات الكونكورد الفرنسية.
من هنا نجد انة اصبح من السهل على الدبلوماسي التنقل والسفر والعودة في نفس اليوم لبلدة بسبب هذا التطور التكنولوجي التي هي بعكس ما كان قديما في مؤسسة التصديق سابقا,حيث كان يسافر السفير الدبلوماسي لمدة طويلة من اجل اجراء المفاوضات وعند الوصول لنص المعاهدة يعود الى وطنة ليعرضها امام الحاكم او الملك الذي قام بارسالة ليوقع عليها ويضع الختم الخاص بالدولة والمعروف حاليا بمرحلة التوقيع والتصديق.
ومع تطور التكنولوجيا تغيرت الامور نحو الافضل في اسلوب الاتصال,وبالرغم من التغير الحاصل في وسائل الاتصال,بقي الجوهر كما هو مع استخدام الفاكس والهاتف والاميلات والانترنت والحاسوب الكمبيوتر... الخ
-العوامل الشخصية:
اول العوامل الشخصية هي المهارة الخاصة بالمفاوضين.وهذه المهارات لا تاتي من فراغ.بل تكتسب عبر الدراسة الاكاديمية وعبر الخبرة والممارسة.ومن ثم المستوى الفكري والعلمي وليس اصحاب الكروش او الراس الفارغ.لاسيما وان هذه المعرفة تاتي من خلال التكوين والتدريب والشهادات العليا الخاصة بالعمل البدلوماسي والقنصلي وبالقانون الدولي.حيث لايوجد وسيلة اخري لتكوين المفاوض من المستوي الجامعي اولا ومن ثم الخبرة ثانيا.
وفي الدول المتقدمة دائما الاسبقية تكون الى الباحثين الاكاديمين في هذا الجانب.وليس مثل دولة فلسطين التي تركز على الجانب الشكلي مثل الذى يتحدث لغة محددة وهذا كافي ليكون مفاوض وربما يكون رئيس الوفد المفاوض في بعض المناسبات والمؤتمرات الدولية.وكثيرا ما نجد موظفين دبلوماسين في السفارات الفلسطينية في الخارج وكذلك في وزارة الخارجية الفلسطينية اغلبهم من خريجين كلية الاداب لانة يتحدث اللغة وليس بصفتة من الباحثين الحقوقين المختصين في الدبلوماسية والمفاوضات,ونجد ايضا العديد من الموظفين الذين حصلوا على شهادة من معاهد خاصة ضمن دورات سريعة وبسيطة حول الدبلوماسية وهذا هو الخطأ التى تمارسة السلطة الوطنية الفلسطينية في وضع الرجل الغير مناسب في المكان الدبلوماسي الحساس,لاسيما وان هذا الموظف غير منفتح ولايعرف شيئا عن القانون الدولي.
وعلية يجب ان يكون المفاوض شخص محنك دبلوماسيا وليس صاحب حنكين وكتفين,مع ضرورة مراعاة ضرورة توفر اللياقة البدنية في الشخص المفاوض,حيث انها مطلوبة في هذا الجانب وان كانت شكلية,وهذا يذكرنا بحادثة الاغماء التى اصابت احد اعضاء الوفد الفلسطيني اثناء جلسات الحوار مع الجانب الاسرائيلي والذي تم نقلة واسعافة في مستشفيات الاحتلال.
ومن ناحية اخري نجد ضمن الوفد المفاوض في الدول المتقدمة خبير في لغة الجسد ولغة العيون,وكذلك المفاوض الخبير النفسي التى له قراءات خاصة بحيث يكون فى هذه الحالة فريق مقابل فريق اخر مفاوض.لاسيما وان الانسان المفاوض يتبادل الايحاء من مجرد اللقاءات الاولية الشخصية.التي لها تحليل واسع وخاص بالعوامل الشخصية التي لها تاثير كبير في المفاوضات.
اضف لذلك قضية مهمة جدا تتعلق فى شخص المفاوض وهي اصابتة بمرض الشيخوخة اوالضغط اومرض السكر الى اخرة من هذه الامراض التي تؤثر على اداء الدبلوماسين المختصيين كمفاوضين,وندرك ان هذه الامراض تاتي مع مرور الزمن وهي معايير موضوعية حول الملف الصحي الخاص بكل مفاوض الذي يبقي فى مكانة التفاوضى دون تغيرة او تبديلة بسبب هذه الامراض التي تؤثر على المفاوضات وتدخل في العوامل الشخصية.وبالطبع الامثلة كثيرة وعديدة حيث ان الدبلوماسي الاول بصفتة رئيس الدولة يبلغ من العمر 79 عاما وان اغلب المفاوضين الفلسطينين هم من اصحاب ملفات صحية شائكة وخطيرة لاتسمح لهم بالاشراف او المشاركة في جلسات المفاوضات الطويلة او القصيرة وتحديدا عندما يكون كبير المفاوضين على سبيل المثال مريض بالقلب وقد اجري عملية القلب المفتوح... الخ كل هذه العوامل الشخصية تعتبر مؤثرة جدا في المفاوضات وكما نتمنى الشفاء للجميع ونؤكد على ضرورة تجديد الدماء في الفريق الفلسطيني المفاوض,واخضاعة للرقابة القضائية والدستورية,وان يكون ضمن مؤسسة او ادارة متخصصة في مجال المفاوضات تخضع لوزارة الخارجية الفلسطينية وليس كما هو معمول بة الان بما يسمي فريق كبير المفاوضين الفلسطينين الذي لايخض لاشراف ورقابة وزارة الخارجية,بحيث يكون اتصالة مباشرة مع مؤسسة الرئيس الفلسطيني وهذا يهمش بدورة عمل وزير الخارجية ادرايا وتقنيا وقانونيا.
العوامل الموضوعية في المفاوضات:
يتجلي في هذا الجانب عامل القوة في العلاقة اثناء المفاوضات,حيث كثيرا ما نجد طرفا قوي وطرفا ضعيف,وهنا يفرض القوي شروطة خلال المفاوضات في العلاقات الدولية,وتحديدا في دول العالم الثالث وعلاقتها مع الدول الغربية والاروبية باعتبار هذا الامر قاعدة عامة تنطبق تماما على الوضع الفلسطيني والمفاوضات المستمرة مع الجانب الاسرائيلي.ولكن هناك استثناءات على هذه القاعدة,حيث يمكن للطرف الضعيف ان يفرض راية احيانا مثال/اسرائيل التي تفرض رأيها على امريكيا وكذلك اروبا وذلك بسبب عوامل عديدة بيدها,منها الجماعات الضاغطة من اللوبي الصهيوني على الكونغرس الامريكي واستغلال نفوذها المالي والاعلامي والسياسي هناك.حيث كثيرا ما تردخ امريكيا الي الشروط الاسرائيلية وهذا عامل من اهك الاسباب الموضوعية في المفاوضات.
العوامل الداخلية: وهي كثيرة ومتعددة ومنها على سبيل المثال/ الرائ العام الوطني.وموقف الفصائل والاحزاب السياسية.وكذلك طبيعة النظام السياسي والحريات العامة وعلاقتها مع القمع والاستبداد.ودور الجيش والمؤسسة العسكرية,حيث في بعض الدول تطفو قوتها على كافة المجالات كما كانت علية الاحول في تركيا سابقا والجزائر حاليا التى بيدهم السلطة الفعلية,بغض النظر عن وجود مؤسسة الرئاسة او الحكومة الشكلية.
العوامل الخارجية: وتتجلى في الضغوط الدولية.
والمثال على ذلك هو الضغوط التى يمارسها الاتحاد الاروبي اثناء المفاوضات الخاصة بالشرق الاوسط وبقضية فلسطين,اضافة للضغوطات الامريكية في هذا الجانب ودعمها وانحيازها التام الي اسرائيل على حساب الحقوق الفلسطينية خلال ادارتها للصراع القائم واشرافها على المفاوضات الثنائية بين الطرفين منذ بدء عملية التسوية السلمية في المنطقة.
ايضا عملية الانتماء الي تجمع دولي او منظمة دولية مثل/ مفاوضات المغرب مع الاتحاد الاروبي وتحديدا المفاوضات بين المغرب واسبانيا.ولذلك يواجة المغرب نوعين من المصالح,وهي المصلحة الوطنيةالوطنية لاسبانيا واكذلك المصلحة المشتركة لدول الاتحاد الاروبي بصفة اسبانيا عضوا فية يشكل لها عامل القوة والدعم وهذا عكس ما يحصل مع فلسطين التى تنتمى الى جامعة الدول العربية البعيدة كل البعد عن المساندة الحقيقية والمعروفة بمواقفها وبياناتها الثلاثة.نستنكر,ونشجب,وندين.....الخ ناهيك عن الضغوطات التى تمارسها الاخيرة على الفلسطينين اثناء المفاوضات للقبول بالحلول الهزيلة.
واخيرا فان عملية المفاوضات تثير اسئلة منطقية وهي:
-من هي الاطراف المشتركة في عملية المفاوضات؟
-ماهو موضوع العملية التفاوضية؟
-ماهو الاسلوب الذي تجري بة المفاوضات؟وستكون الاجابة في الموضوع القادم ان شاءالله.
د.عبد الحكيم سليمان وادي
رئيس مركز راشيل كوري الفلسطيني لحقوق الانسان ومتابعة العدالة الدولية.
#عبد_الحكيم_سليمان_وادي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟