ساطع راجي
الحوار المتمدن-العدد: 4120 - 2013 / 6 / 11 - 21:53
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
التفجيرات والهجمات الارهابية التي ضربت مدن عراقية عدة مساء الاثنين، لا يمكن وصفها بأقل من "مذبحة" أودت بحياة 75 مواطنا وجرحت 250 آخرين، ذهبوا هكذا كما يحدث في كل مرة، مجرد رقم اضافي في قافلة نعوش لا تنتهي في هذه البلاد المحكومة بقتلة من شتى المشارب والطوائف، بعضهم يحكمونها رسميا وآخرون يحكمونها بالامر الواقع، كأن الله خلق الناس ليرتوي بدمائهم بضعة قتلة، كأن كل ما في هذه البلاد لا يتجاوز التفنن بالقتل، بلاد تفشل في كل شيء الا في أن يقتل ابناؤها بعضهم بعضا.
لا عقل يمكنه تفهم هذه الشهوة للقتل، شهوة مدعمة بنصوص مقدسة وتراث عميق ملوث بالدم، تراث يرى ان الجنة تحت ظلال السيوف، وان لا ابرياء على سطح الارض، الجميع مدانون ويستحقون القتل المجاني حتى قبل ان يولدوا، لايحتاج القاتل تقديم عذر او تفسير لجريمته كما لايكلف المسؤول الفاشل نفسه عناء تقديم تفسير لتكرار الفجائع يوميا، علينا أن نتقبل هذا القتل بصمت حكيم وان نشكر الفاشل على فشله وندعو للقاتل بالهداية، والفاشل والقاتل سيتصالحان على دماء الضحايا عند اول منفعة تدعوهما للتصالح، ولذلك هما في شراكة كاملة للقتل والفشل.
العراقيون في دوامة موتهم اليومي لا يجدون من يسألونه عن نهاية المهزلة الدامية، فهم يقتلون بين سلطة ترى ان البلاد في احسن حالاتها وان جميع المسؤلين يقومون بواجباتهم على أفضل حال وان لامشكلة الا في قلة صبر المواطنين ورغبتهم في حياة مثالية بل وتتهم السلطة المواطنين بعدم التعاون مع الاجهزة الامنية وانهم يتذمرون بكثرة من الاجراءات الفعالة لحمايتهم، أو هم ينتظرون من قاتل صحوة ضمير واعلان ارتواء من الدم وشبع من القتل، لكن هذا القاتل لايرتوي ولا يشبع، ولديه ذرائع وهمية بلا نهاية لمواصلة القتل.
جرائم مساء الاثنين التي امتدت من شمال بابل وحتى الموصل مرورا ببغداد وكركوك وديالى وصلاح الدين، للاسف لن تكون الا فاصلا عابرا في دوامة القتل اليومي التي اعتدناها حتى صارت لا تحرك فينا قليلا من غضب أو حزن، فاصل شهدنا قبله الكثير ونحن على استعداد لنشهد ما يشبهه مستقبلا بلا أدنى استغراب أو دهشة، مجرد مذابح نمد لها أعناقنا باستسلام كامل وكأننا نعيش من أجل قتلتنا، كأننا نبارك أفعالهم.
#ساطع_راجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟