أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - امال قرامي - الدستور التونسى.. بين البسط والقبض














المزيد.....

الدستور التونسى.. بين البسط والقبض


امال قرامي

الحوار المتمدن-العدد: 4120 - 2013 / 6 / 11 - 18:32
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


خرج علينا الدستور فى نسخته الرابعة بعد طول انتظار، بعد أن ملّ التونسيون والتونسيات وكلّوا وكابدوا فى سبيل أن ينتهى النوّاب من كتابة دستور بلغت تكلفته 114 مليارا فى سياق تعانى فيه البلاد من ازدياد نسبة البطالة وارتفاع الأسعار وهشاشة فى بنية الاقتصاد.

بيد أن مسودة الدستور لا تزال تثير ردود فعل متباينة بين سياسيين مدّاحين، يشيدون بمحاسن إنجاز اعتبروه ثوريّا تقدميّا حداثيّا عاكسا لإرادة التونسيين، ومعبّرا عن روح توافقية.. وخبراء فى القانون الدستورى يؤكدون وجود ثغرات ومتناقضات وغياب روح الانسجام فى الصياغة مع بروز روح التسلط وإصرار على تجاهل المعايير الدولية شكلا ومضمونا.

وغير خاف أن النسخة الرابعة للدستور تعكس المناخ السائد فى البلاد. فالقارئ أو القارئة فيما وراء السطور ينتبه بيسر، إلى وجود ملامح الاستقطاب الحدّى: فلكلّ طرف مشروعه وتصوّره الخاصّ للمجتمع التونسى المنشود، وهو مضطرّ مع ذلك، للخضوع لمنطق البسط والقبض وللعبة الكرّ والفرّ، يتنازل يوما ليس عن طيب خاطر، وإنّما تقتضى الحكمة التسليم بمبدأ التفاوض وفى المقابل نراه يُحكم سدّ المنافذ على خصومه مردّدا «يوم عليك ويوم إليك».

مسودة الدستور تفضح ألاعيب أغلب السياسيين: تبرز النفاق والمكر والدهاء والخداع، تكشف النقاب عن رغبات البعض وشدة توقهم إلى نيل السلطة ومدى استعدادهم للتضحية بكل شىء فى سبيل نيل المراد، وتُبين أيضًا عن أساليب إحكام القبضة على كلّ المؤسسات والهياكل باسم القانون. وليس أدلّ على ذلك ما ختمت به المسودة «بعد ختم هذا الدستور، وإلى حين انتخاب مجلس نواب الشعب للمجلس الوطنى التأسيسى سنّ قوانين وإحداث هيئات تؤمن نفاذ أحكام الدستور. والله ولى التوفيق».

لقد اختار الشعب نوّابا ليكتبوا دستورا فى سنة فإذا بهم يتلكؤون يختلقون الحجج والبراهين ليبرّروا أسباب البقاء والقرار فكيف بربّك «نسألهم الرحيل». إن لمواقع إصدار القرار بهرج لا يضاهيه أى بهرج. «وقل ربّى زدنى من نعيمك زدنى».


مسودة الدستور «حمّالة أوجه» تعكس ثنائية الظاهر والباطن، المعلن والمضمر، تشدّك إلى قيم الحداثة فتزهو للتنصيص على حرّية التعبير، وحرّية الضمير، وحرّية المعتقد.. ثمّ سرعان ما تقذف بك فى عالم تسيّجه تعاليم الإسلام الشمولية وتشدّ أزره مرتكزات البطريكية فإذا نحن إزاء صورة الدولة المتماهية مع صورة الأب. «الدولة راعية للدين، كافلة لحرية المعتقد.. حامية للمقدسات.. ضامنة لحياد المساجد» وإذا نحن إزاء فرد لا يعترف به إلا متى انخرط فى مؤسسة الزواج.


تثبت مسودة الدستور مرة أخرى أن الأغلبية ما زالت تتفنن فى إدارة الازدواجية والتلفيقية والتوفيقية، تراوغ، وتجاهد فى سبيل تحقيق حلم طالما راودها: إرساء معالم الدولة الدينية، وإن اضطرت اليوم إلى إظهارها فى لبوس عصرى لا يحمل من الحداثة إلاّ شعارات ستحوّل عمليات التأويل مجراها.. تُجيد الأغلبية تحميل المعانى دلالات تتلاءم مع مقاصدها لا يفقهها إلا أولو الألباب من الإخوان والأتباع.


دستور 1959 كان معبّرا عن إرادة الشعب وتصميمه على بناء الدولة الحديثة وكنّا نخال أنّ دستورا جاء بعد ثورة سيكون مرسخا لمبدأ «الشعب يريد» فهو المؤسس لتونس الغد وهو المشرّع فإذا بإرادة الشعب تتوارى لصالح «تأسيسا على تعاليم الإسلام»، وكنّا نحسب أنّ ثورة أنجزها الشباب ستكفل لهم دستورا معبرا عن طموحاتهم وتصوّراتهم ونظرتهم إلى الحياة فإذا بنا إزاء ذرّ الماء على العيون: «الشباب قوّة فاعلة فى بناء الوطن» وستتكفل الدولة وستضمن الدولة وسترعى الدولة حقوقه.

لقد أثبتت التجربة أن قطع الوعود دون تنفيذها محبط وأن بيع الأوهام منذر بالخراب، وقديما لعن الفقهاء أسلوب التسويف أفلا تعقلون؟



#امال_قرامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فى الموقف .. من الإرهاب
- كلٌ يناجى سلفه
- المُستكبرون
- الموازى
- على الخطى «المباركيّة» نسير
- كل شىء بالسيف.. إلا المحبة بالكيف
- «ستربتيز» striptease.... أو عرى الثورة
- ارفعوا الوصاية عن النساء التونسيات
- حرمة المجلس التأسيسي
- حَملتمونا على أعناقكم ...ثمّ هويتم بنا أرضا
- كرّ وفرّ.. وإقبال وإدبار
- إن شعبا لا يُجيد الرقص لا يمكنه أن يُنجز ثورة
- مجلس حكماء.. غيّبوا فيه النساء
- دولة مدنية .. بشرطة سلفية
- حراك داخل المؤسسة الأمنية
- ثوابت الإسلام أم ثبات المواقف؟
- ربيع الثورات.. ربيع جنسى
- هل نحن فى تونس أم فى «تونستان»؟
- النسوية الإسلامية: حركة نسوية جديدة أم استراتيجيا نسائية لني ...
- استفزاز


المزيد.....




- دام شهرًا.. قوات مصرية وسعودية تختتم التدريب العسكري المشترك ...
- مستشار خامنئي: إيران تستعد للرد على ضربات إسرائيل
- بينهم سلمان رشدي.. كُتاب عالميون يطالبون الجزائر بالإفراج عن ...
- ما هي النرجسية؟ ولماذا تزداد انتشاراً؟ وهل أنت مصاب بها؟
- بوشيلين: القوات الروسية تواصل تقدمها وسط مدينة توريتسك
- لاريجاني: ايران تستعد للرد على الكيان الصهيوني
- المحكمة العليا الإسرائيلية تماطل بالنظر في التماس حول كارثة ...
- بحجم طابع بريدي.. رقعة مبتكرة لمراقبة ضغط الدم!
- مدخل إلى فهم الذات أو كيف نكتشف الانحيازات المعرفية في أنفسن ...
- إعلام عبري: عاموس هوكستين يهدد المسؤولين الإسرائيليين بترك ا ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - امال قرامي - الدستور التونسى.. بين البسط والقبض