|
ارهاصات تشكيل جبهة صحراوية جديدة تقاوم الانحراف الانفصالي لجبهة البوليساريو و تجابه الاستبداد و الحيف الممارس من طرف المخزن المغربي على ساكنة الصحراء
عبد الفتاح فراجي
الحوار المتمدن-العدد: 4118 - 2013 / 6 / 9 - 06:56
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
لا يسع المتتبع الا ان يلاحظ بوضوح وجلاء صعود نبرة جديدة على مستوى الخطاب المروج حول قضية الصحراء من لدن كثيرين لا يمكن الا حسبانهم بصورة أكيدة على نخبة المثقفين الصحراويين المعنيين بهذه القضية. ففي الوقت الذي كان المخزن بشكل من الاشكال هو الذي استأثر و بادر الى ما اسماه بمبادرة الحكم الذاتي كبديل عن استعصاء حل الاستفتاء يبدو ان مبادرته تلك لم تكن سوى التفاف يراد به اغراء قيادات جبهة البوليساريو بمناصب سياسية و ادارية قصد طي الملف بما يحافظ على موازين القوى المتشابكة حوله.
خاصة مع اقتصار الدولة المغربية على مخاطبة المجتمع الدولي وحده بهذا الحل و بأن احتفظت به ضمن حدود ادراج مفاوضاتها وخطاباتها الدعائية حصرا، في الوقت الذي كان من الممكن ان تخاطب به الساكنة على نحو مباشر، و ذلك بالدخول في مسلسل متدرج فيما يتعلق بتنزيله على الارض لتكون في الآن نفسه قد وضعت البوليساريو امام الامر الواقع و ضمنت اخراج المنطقة و ساكنتها، بالداخل اوفي المخيمات، من هذه الانتظارية التي تعد البوليساريو ومن هم وراءها أكبر مستفيد لأن معاناة الساكنة كلما زادت هنا او هناك في المخيمات كلما زاد النزوع نحو اعتناق الاطروحة التي تنادي بها جبهة البوليساريو الا وهي الانفصال.
هذا حتى و إن كان لا يخفى على الكثيرين ان هذه الجبهة لن تخلص الصحراويين من مظاهر الفساد و الاستبداد في الدولة المغربية سوى بدفعهم الى الارتماء مجددا في احضان التبعية للجزائر ، نعم الجزائر تلك التي لاتبشر اوضاعها الداخلية المتقشفة هي نفسها اي صحراوي بمستقبل زاهر معها، او ستدفعهم الى الارتماء في احضان الاستعمار القديم مرة أخرى و الذي هو الآخر يعرف جميع الصحراويين ان من بين اسباب سوء الاوضاع داخل المغرب ككل هو هذه العلاقة اللامتكافئة مع تلك القوى الاستعمارية التي اكتفت فقط بتغيير اشكال و ذرائع استغلالها و ابتزازها من الاعتماد على القوة العسكرية المباشرة الى اعتماد اشكال وذرائع اكثر نعومة من قبيل الضغط بورقة حقوق الانسان.
و سواء تعلق الامر بالتبعية للجزائر او للغرب مباشرة فالبوليساريو لا تملك اي افق لاستقلال حقيقي و انما ستستبدل هيمنة الاخ الاكبر بهيمنة ابن العم الطامع او بهيمنة الغريب الجشع مادامت لاتملك بعد الاسس الحقيقية و الاستراتيجية لضمان الاستقلال في القرار و في الحماية الفعلية للسيادة، خاصة في هذا العالم الذي لايرحم الضعفاء و انما يدفعهم دائما نحو الانعزال حتى يتمكن من الانفراد بهم في ركن قصي و هادئ مثلما فعل مع السودان و مع العراق قبل المغرب...
ان ارتماء الدولة المغربية على مقترح الحكم الذاتي يوشك ان يفقد هذا الطرح صلاحيته لأنه جاء بدون حامل شعبي مستقل كماهو الحال مع الطرح الوحدوي او الطرح الانفصالي و هذا لسبب بسيط و هو ان دعاة هذا الطرح اليوم ليسوا في الحقيقة سوى دعاة الطرح الوحدوي بدل ان يكونوا طرفا ثالثا افرزه الصراع الديالكتيكي و انتخبته قوى التاريخ بشكل فعلي من شرائح الطرفين المتصارعين حول الملف...
لكن مع ذلك يبدو أن هذا الاستنبات العمودي الذي قامت به الدولة المغربية أخذ مع ذلك يؤتي أكله ولو أن الامر قد تم على نحو أبطا مما كان يمكن أن يحدث لو ان المبادرة جاءت من حركة شعبية مباشرة و منذ الوهلة الاولى و السبب لا شك هو أن شبهة الدخول تحت عباءة المخزن ستحوم هنا بكل من سيحاول مناصرة هذا الطرح الذي بادر به المخزن نفسه في الوقت الذي يراد من هذا الطرح أن يكون خيارا ثالثا مختلفا بشكل فعلي بحيث لا يكون مخزنيا و لا يكون انفصاليا.
و حتى نختصر ما قلناه اعلاه لقد كانت المنطقة أمام خيارين فقط هما: الخيار المخزني الوحدوي وان قبل بقدر من التنازلات تحت مسمى الحكم الذاتي لعل عباءة المخزن تتسع لتشمل مكانا ما لقيادات جبهة البوليساريو ومن ثمة مدخلا لبعض مصالح داعميها، والخيار الثاني هو خيار الانفصال التام عن المغرب، وبهذه الصورة تكون المنطقة لا زالت أمام خيارين فقط مادام الخيار الثالث لا يمكن أن يقوم أو يتأسس الا على اساس طرف ثالث حقيقي تفرزه بالضرورة قاعدة شعبية من داخل المنطقة و باستقلال تام عن القوى الخارجية. غير ان الوصول متأخرا هو دائما خير من عدم الوصول ، و بالفعل ساهمت مجهودات مختلفة في تبلور هذا التوجه الشعبي نحو تشكيل هذه الجبهة الثالثة أو الطرف الثالث... و لعل من مؤسسي هذا التوجه الثالث الفعلي ضمن النخبة الصحراوية نجد الاسم الاكاديمي المتألق مصطفى نعيمي خاصة من خلال ما شارك فيه من محاضرات و ما القاه من عروض سمحت بالتأسيس لمنظور ثالث حقيقي و سمحت باستنباته بين اوساط ساكنة المنطقة و ذلك بفضل نحته لمجموعة من المفاهيم التي كفلت للمتلقي اجتراح هذا الافق الجديد للتعاطي مع قضايا مصير المنطقة و على رأس هذه المفاهيم نجد المفاهيم التي من خلالها رسم حدود الخانتين اللتين يتموضع داخلهما الطرفان المتصارعان حول الملف وبصورة تسمح برسم خانة جديدة تتأتى بشطب بعض المقومات غير المنسجمة و غير المتسقة في الخانتين السابقتين من قبيل الانفصال و الاستبداد أو الضم التعسفي و الفصل المرضي ... ومن ثمة تصبح امكانية اللقاء ممكنة ضمن أفق الحكم الذاتي الذي يضمن قدرا من الاستقلال دون تفريط في الوحدة الوطنية ويكفل على نحو افضل نظاما أكثر ديموقراطية و أقل تبعية...
لم يكن مصطفى نعيمي و حده في هذا الاطار بل تجندت لرسم ملامح هذا الأفق على المستوى الشعبي نخبة من المثقفين المنتمين للمنطقة و لازال سيل الملتحقين بركبها خاصة من الشباب في تزايد مستمر من شأنه أن يخلق في الوقت القريب جبهة شعبية جديدة و أصيلة تحمل على عاتقها أعباء الدفاع عن هذا الخيار الثالث الفعلي و الحقيقي وليس كما لوح به المخزن المغربي بما يخرج المنطقة من هذه الانتظارية الخطيرة التي تدفع المنطقة شيئا فشيئا نحو أفق مجهول، فهذه النخبة التي عرفت ثمار الاستقرار و خبرت بأم العين ما تجر اليه الانتهازية الدولية من ويلات الحروب هي في النهاية مجرد ارتداد مجنون للتاريخ لا يعمل الاعلى اعادة صخرة سيزيف الى حيث كانت...
و ما يؤكد التبلور التدريجي لهذه الجبهة هو ذلك الصوت الحكيم المنبعث من مخيمات تندوف تحت مسمى خط الشهيد المناهض لهيمنة الجزائر و لأنانية البوليساريو اللذين يستثمران استمرار معاناة سكان المخيمات في سبيل نزوعاتهما تلك. لتتوضح لكم الصورة أكثر saharanow لكم ان تراجعوا بهذا الشأن ما جاء به موقع وخاصة على الصفحة الآتية http://saharanow.com/news1985.html و يمكن التعرف على هذا الخط أكثر من خلال موقع ويكيبيديا: http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AD%D8%B1%D9%83%D8%A9_%D8%AE%D8%B7_%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%87%D9%8A%D8%AF
و في ذات السياق يمكن أن نقرأ لبعض الاصوات الشابة مثل ما جاء في موقع باراكابريس تحت عنوان: في الأقاليم الجنوبية مع عبدالرحيم برديجي حوار حصري لكشف المستور حول ما يجري و الذي تبنى فيه قراءة مغايرة و منظورا مختلفا للمنطقة سواء بصدد ما تعرفه من أحداث أو ما تنحو اليه من مستقبل عن قراءة و منظور كلا الطرفين المتصارعين بحيث يدعو الدولة المغربية بوضوح الى تصحيح الاوضاع على نحو فعلي و تمتيع الساكنة بمشاركة حقيقية في الحياة السياسية و السير في اتجاه حكم ذاتي رشيد يجنب المنطقة مهالك الحروب و مزالق الانفصال... يمكنكم قراءة الحوار على العنوان الموالي:
http://www.barakapresse.com/index.php/2-%D8%AA%D8%AD%D9%82%D9%8A%D9%82%D8%A7%D8%AA-%D9%88%D9%85%D9%84%D9%81%D8%A7%D8%AA/2938-%D8%AD%D9%88%D8%A7%D8%B1-%D8%AD%D8%B5%D8%B1%D9%8A-%D9%84%D9%83%D8%B4%D9%81-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%AA%D9%88%D8%B1-%D8%AD%D9%88%D9%84-%D9%85%D8%A7-%D9%8A%D8%AC%D8%B1%D9%8A-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%B6%D8%A8%D8%B8-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%82%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%86%D9%88%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D9%85%D8%B9-%D8%B9%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%AD%D9%8A%D9%85-%D8%A8%D8%B1%D8%AF%D9%8A%D8%AC%D9%8A.html
و أكثر من هذا يمكنكم ان تجدوا مقالا أكثر مباشرة في التعرض للموضوع و في الدعوة لقيام هذه الجبهة الجديدة ضمن المقال التالي و هو ايضا على العنوان : http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=360642 و قد كان عنوانه شاهدا بوضوح على ذلك: دعوة ومناشدة لتشكيل جبهة شعبية تنتزع الاستقلال الذاتي للصحراويين في ظل الوحدة الوطنية المغربية و في سبيل مقاومة كل اشكال التدخل الانتهازية الخارجية.
ويمكن ان نضيف هاهنا ما جاء في اطار قراءة على هامش ما جاءت به الورقة التأطيرية التي تقدم بها المجلس الاقتصادي و الاجتماعي و البيئي ارتباطا ببلورة مشروع انجع لتنمية المناطق الجنوبية وذلك من لدن مركز الجنوب للدراسات الاستراتيجية و يمكن الوقوف عليها عبر العنوان التالي: http://www.babsahra24.com/news.php?extend.532 و في هذه القراء تم التأكيد على ضرورة اعطاء انطلاقة فعلية لمبادرة الحكم الذاتي بدل الاكتفاء بترويجها كسقف للمفاوضات مع خصوم الوحدة و مع التأكيد أيضا على ضرورة نهوض النخب المحلية نفسها بهذه المبادرة و العمل على التأسيس لها شعبيا...
و غير هذه الاصوات كثير خاصة ما يمكن ادراجه في خانة التماشي معها و ان كان غير صريح او ناضج بما يكفي بل يمكن القول بأن جمهرة كبيرة من الاصوات الشعبية الغيورة على مستقبل المنطقة اختارت ان لا تستجير من الرمضاء بالنار و لعل ما ينقصها بالفعل هو ان ترص الصفوف و ان تتخذ لها منطلقا سياسيا و منصة سياسية مختلفة و مستقلة بالخصوص عن التمسك بتلابيب المخزن و اذياله الحزبية و أن تكون في الوقت ذاته قادرة و بوضوح على تشجيع حاملي نفس التوجه ضمن ساكنة المخيمات على المجاهرة بأصواتهم مثلما فعل تماما البطل الاعزل مصطفى سلمى التواق للقاء بعائلته و بشبعبيه: الكبير و الصغير، ملتئمين ضمن ذات الوطن و دون حيف من فساد او استبداد أو جنوح نحو متاهات المجهول...
#عبد_الفتاح_فراجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-ساعد نساء سعوديات على الفرار وارتد عن الإسلام-.. صورة ودواف
...
-
ماذا تكشف الساعات الأخيرة للسعودي المشتبه به قبل تنفيذ هجوم
...
-
الحوثيون يعلنون حجم خسائر الغارات الإسرائيلة على الحديدة
-
مخاطر الارتجاع الحمضي
-
Electrek: عطل يصيب سيارات تسلا الجديدة بسبب ماس كهربائي
-
تصعيد إسرائيلي متواصل بالضفة الغربية ومستوطنون يغلقون مدخل ق
...
-
الاحتلال يقصف مدرسة تؤوي نازحين بغزة ويستهدف مستشفى كمال عدو
...
-
اسقاط مقاتلة أمريكية فوق البحر الأحمر.. والجيش الأمريكي يعلق
...
-
مقربون من بشار الأسد فروا بشتى الطرق بعدما باغتهم هروبه
-
الولايات المتحدة تتجنب إغلاقاً حكومياً كان وشيكاً
المزيد.....
-
افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار
...
/ حاتم الجوهرى
-
الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن
/ مرزوق الحلالي
-
أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال
...
/ ياسر سعد السلوم
-
التّعاون وضبط النفس من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة
...
/ حامد فضل الله
-
إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية
/ حامد فضل الله
-
دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل
...
/ بشار سلوت
-
أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث
/ الاء ناصر باكير
-
اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم
/ علاء هادي الحطاب
-
اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد
...
/ علاء هادي الحطاب
المزيد.....
|