أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جهاد علاونه - لماذا كان المسيح كثير البكاء؟














المزيد.....


لماذا كان المسيح كثير البكاء؟


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 4116 - 2013 / 6 / 7 - 22:53
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


دائما ما نقرئ عن المسيح بأنه كان باكيا,أي بكاءً,وكما جاء في الأناجيل: لم يره أحدٌ يضحك ولكن رآه الكثيرون يبكي,وهنا نتساءل لماذا كان المسيح كثير البكاء؟وعلى من كان يبكي؟هل كان يبكي على نفسه أم على جيرانه المتعبون من هذه الحياة التي لا يوجد فيها أي سعادة أو أي شيء مفرح؟وما الذي كان يجعله يبكي على طول؟,ولماذا لم تكن تهدأ له عينٌ أو بال؟ لماذا المسيح يبكي من أشياء قد نضحك نحن منها وعليها!!,ولماذا كان يحزن كثيرا؟ في الوقت الذي تفرح فيه الناس لمصيرٍ هم أنفسهم يجهلونه.

لا بد وأنه كان يبكي على المصير الذي ينتظر الإنسان والإنسانُ غافلٌ عنه ولا يعرف عنه أي شيء,كان المسيح يبكي على الإنسان الذي لا يستطيع أن يكسب لقمة خبزه وكان يبكي على الحزانى وعلى اليتامى وعلى النساء الثكلى بالحزن مثل الغيوم الثكلى بقطرات الماء,كان يبكي على المرضى على الأعمى وعلى الأعرج وعلى الأصم والأبكم,كان يبكي على كل شيء يتحرك وفيه روح, كان يبكي على الذين يذهبون بدون أن يعودوا وبدون أن يتركوا وراءهم أي أثر,لا بد بأنه كان يبكي على الناس الذين يصدقون الدجالين في الطرقات,كان يبكي مع الباكين على أحبابهم وأعزائهم, كان يبكي على طول الطريق,وفي الوقت الذي كان الناسُ فيه يغلقون على أنفسهم الأبواب ليفرحوا ويضحكوا ويلعبوا كان في نفس الوقت يغلق المسيح على نفسه ضوء النهار ليبكي ويحزن ويتذكر كل المرارة التي يشعر فيها,كان المسيح بهذا الوصف يشعر مع الناس ومع آلامهم وأحزانهم,كان يشعر معهم أكثر مما يشعرون مع أنفسهم وكان مهتما بالإنسان ورضاه أكثر مما كان يهتم الوثنيون يرضى الإله عن البشر,وهذه ميزة ميزت الديانة المسيحية عن باقي الديانات حيث الإنسان هو محور الديانة المسيحية وتوفير الحياة الكريمة للإنسان وتخفيف أحزانه وأحماله عنه,أما باقي الديانات فقد اهتمت يرضى الإله وليس يرضى الإنسان ومن ناحية منطقية الإناء الكبير يتسع للإناء الصغير ولذلك الاهتمام بالإنسان أولى من الاهتمام بالله لأن الله قادر على شئون نفسه والإنسان غير قادر على تدبير شئون نفسه.

نحن عرفنا ذلك عن المسيح بأنه كثير البكاء من خلال كُتب الأثر,فلم نره وهو يسلم على المتعبين ولم نسمعه وهو يتكلم ولكننا شعرنا معه لأن هذا اليوم شبيهٌ بالبارحة,فما أكثر الذين يتألمون وما أوقح الغالبية التي تضحك على آلام الآخرين, المسيح لم يره أحد يضحك لأنه لم يكن يضحك على آلام الناس المتعبين بل كان يبكي على آلام الناس قبل أن يبكوا هم عليها, لقد بكى من أجل الحاضر والماضي والمستقبل وكان يعرف عنا الكثير من الأمور بحيث أنه كان يعلم بقدومنا ونحن نتألم ونصرخ من شدة الحزن والاكتئاب, المسيح لم يكن ليسخر من أحزان الناس وآلامهم,ولم يتاجر بقضاياهم بل حمل النير عنهم وتألم أكثر منهم,كان بحق يشعر بنا حتى وإن لم يرنَ,كان المسيح يذوب جسمه ولحمه وشحمه وعظمه وهو يشتعل ويحترق بسبب آلام الناس المتعبين, كان المسيح يعرف الكثير وكانت الناس وما زالت تجهل الكثير, فمصيرنا الذي ينتظرنا لا نعلم عنه أي شيء وحزننا الدفين لا أحد يكشف لنا عنه ليداوينا,ولا أحد يكشف على صحتنا النفسية والجسدية ليتعاطف معنا,وكل ذلك تحمله عنا للأبد,حتى وإن لم نعلم عن ذلك.
كان يبكي علينا وعلى حياتنا وعلى حظنا السيئ,كان يبكي على حرماننا من متع الحياة الأبدية وكان يحزن علينا من قسوتنا على أنفسنا, كان المسيح يبحث لنا عن مخرج لنخرج من خلاله إلى العالم الآخر عالم الراحة الأبدية, إننا حتى هذه اللحظة وبرغم ما بذلناه من علم ومعارف إلا أننا حتى اليوم نجهل مصيرنا وإلى أين ستأخذنا نهاية الطريق وفي أي بلد سنموت وافي أي أرض سندفن جسدنا دون أن ندفن أحزاننا وآلامنا, نحن بشر غرباء جدا عن هذه الحياة المجنونة والدنيا الغدارة التي تغدر بنا في كل يوم,هذه الدنيا تغدر بنا وتمكر بنا وتخدعنا وتخون الأمانة,ومع كل ذلك نحن متمسكون فيها برغم كل ما فيها من أحزانٍ وآلامٍ,وبين لحظة ولحظة يظهر لنا من يخفف عنا الأحزان والآلام,لا بد وأنه هو الذي يسمع صدانا ونحن ننادي في الطرقات ونصرخ على أنفسنا من شدة الألم فنحن نموت جسما وروحا وبنفس الوقت لا تموت أحزاننا,لماذا نفنى ولا تفنى أحزاننا ونموت ولا تموت أحزاننا,ولماذا شخص واحد يتحمل عنا جميعا كل أنواع العذاب وفي نفس الوقت لا نقبل بأن نتحمل عن بعضنا بعض الآلام وبعض الجراح؟,نحن نضحك من أشياء مبكية والمسيح يبكي من أشياء مضحكة بالنسبة لنا.وكل شيء في نظر المسيح يستحق البكاء والعويل وكل شيء من وجهة نظرنا يستحق الضحك بصوتٍ عالي.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اليهود والعصفور
- أين تذهب ثرواتنا الوطنية؟
- من يتحمل المسئولية؟
- القلب الطيب
- وجودي وعدمه واحد
- الإسلام دخل الجامعات وأفسدها
- المسيحيون في الأردن
- المسيحية طريقة حياة
- المسيحية في عالم آخر
- غرائب المثقفين1
- هل أمريكيا دولة عظمى؟
- عيد ميلادي 2
- الابيقورية
- إسرائيل ليست مزحة
- الإنسان طيب وشرير في نفس الوقت
- المشاعر والأحاسيس من وجهة نظر رواقية
- درس من الإنجيل
- الغنوصية
- الاستثمار في الإنسان
- الحلاج الفقير الذي تكرهه الناس


المزيد.....




- وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور ...
- بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
- ” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس ...
- قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل ...
- نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب ...
- اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو ...
- الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
- صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
- بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021 ...
- كاتدرائية نوتردام في باريس: هل تستعيد زخم السياح بعد انتهاء ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جهاد علاونه - لماذا كان المسيح كثير البكاء؟