اللجنة الاعلامية للحزب الشيوعي الاردني
الحوار المتمدن-العدد: 4116 - 2013 / 6 / 7 - 01:27
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
اللجنة الاعلامية للحزب الشيوعي الاردني.
ان دور الجماهير الشعبية يتزايد باستمرار في العملية التاريخية, و يتزايد باستمرار دور وعي الجماهير الشعبية في مجرى السياسات العالمية, و يجري هذا بفعل عدة عوامل, فمن جهة تناقضات الرأسمالية الاجتماعية المتزايدة حدة, و من جهة اخرى بروز عدة قضايا دولية, سياسية و اقتصاديةذات اهمية بالغة, و تبرز مشكلات كوكبية يتوقف على حلها بقاء البشرية او فنائها مثل قضية التلوث البيئي و الاحتباس الحراري و طبقة الاوزون.
ان البرجوازية تنكر من حيث المبدأ مبادرة الجماهير الشعبية التاريخي, ولا تعتبرها الا مادة لتأثيرها, و لكن ينمو في عصرنا نشاط الجماهير الشعبية الاجتماعي و السياسي, و هذا النمو يجبر البرجوازية عن البحث المحموم عن سبل فعالة للتأثير على وعي الجماهير من اجل اثارة البلبلة في اوساط الرأي العام العالمي, و تعزز البرجوازية الباحثة عن هذه السبل مجال السيكولوجيا بنشاط متزايد و تركز هجومها على وعي الناس.
و تنبغي الاشارة الى ان السيكولوجيا الاجتماعية البرجوازية كعلم برزت ردا على الطلب الاجتماعي للطبقة الاستغلالية التي حاولت في النصف الثاني من القرن التاسع عشر, و كان قد شهدت العواصف الثورية الاولى, و نمو نشاط الطبقة العاملة السياسي, ان تجد سبلا لقمع نشاطها لا بواسطة تدابير القمع التعسفي فحسب, بل السيطرة على سيكولوجيا الانسان وجماهير الكادحين, و أنكرت البرجوازية في هذا الصدد دور الجماهير التاريخي, و اعتبرتها (حشد) مزعوم تحركه الغرائز, و انطلق منظرو السيكولوجيا الاجتماعية البرجوازية, من مواقع طبقية معللين حق البرجوازية في السلطة, و تطورت السيكولوجيا الاجتماعية البرجوازية بالتالي منذ البداية بمثابة نقيض لعلم السيكولوجيا الاجتماعي الماركسي التي ارسى اسسها مؤسسي الاشتراكية العلمية في مؤلفات (الايديولوجية الألمانية) و (برومير بونابارت), و قام الفلاسفة و علماء السيكولوجيا الاجتماعية السوفييت بتطويرها لاحقا.
لقد انصرم اكثر من قرن منذ ذلك الحين, و اثبت التاريخ بشكل قاطع صواب الماركسية اللينينية و الدور الحتمي للعوامل الاقتصادية و الاجتماعية في تطور العالم, بيد ان نظريات السيكولوجيا الاجتماعية البرجوازية ظلت كما هي, تتصف بعدم الثقة في الجماهير و بدورها التاريخي, و بالسعي الى حصر اسباب العمليات الاجتماعية في خصائص (سيكولوجيا الانسان) المستقلة, و تفسر بعض مذاهب السيكولوجيا الاجتماعية البرجوازية العصرية الاحتجاج الاجتماعي على انه (انحراف) و سلوك (غير قويم) و بالتالي يجب (علاج) سلوك المشتركين في حركات الاحتجاج الاجتماعي, و غني عن الذكر المدارس الفرويدية في الوليات المتحدة الأمريكية و التي تتجاهل الجذور الاجتماعية لهذه الاحتجاجات (1)
فعلى سبيل المثال,ينظر الكثير من العلماء البرجوازيين الى الشيوعيين من هذه المواقع, و يعزون موقف الشيوعيين من السلطة البرجوازية كتعبير عن (نزاع عاطفي غير واعي), و قد نقلوا هذا التفسير من تفسيرهم للشيوعيين الى حركة الاحتجاج وول ستريت ايضا.
ان محاولة ايرك فروم للدمج بين الماركسية و الفرويدية بائسة جدا, و الذي يصرح في كتابه (الهروب من الحرية) : "ان قوى الانسان اللاواعية تجبره على الخوف من الحرية, و تثير لديه التعطش للسلطة و الدمار), و بالرغم من اننا حاولنا اخذ قراءات عديدة لهذا الباحث المزعوم فاننا لم نفهم ما الذي كان يعنيه ب(قوى الانسان اللاواعية)!!
و بكلمة اخرى, يسعى العلم البرجوازي الى ايجاد شتى التفسيرات لحركة الاحتجاج الاجتماعي و السياسي بالدرجة الاولى في مجال السيكولوجيا و ليس في المقدمات الاجتماعية التي يولدها المجتمع الرأسمالي, و لا يعتبر هذه الاحتجاجات بمثابة مظهر من مظاهر الصراع الاجتماعي الطبقي.
ان في مقدمة المهام السيكولوجية التي تطرحها الامبريالية اليوم امام دعايتها اليوم هي تبرير نهج الامبريالية العدواني امام الرأي العام العالمي, و اظهار النظام الرأسمالي في المظهر الراسخ, و اخفاء الصراع الطبقي, و الصراع مع القوى التقدمية و الشيوعيين, باظهار الصراعات الدينية و الطائفية و العرقية على سطح الظاهرة.
يحاول المجتمع البرجوازي بكل قواه تصوير النظام الرأسمالي القائم بمثابة (الأكثر ملائمة لطبيعة الانسان), و يحشر في وعي الجماهير بغية اضفاء جاذبية على النظام الرأسمالي شتى انواع الخرافات و الأوهام ب(امكانية التكافؤ) و انه (بامكان كل شخص ان يصبح مليونيرا), و الكتب التي تقدم وصفات التوفيق و التعاويذ البرجوازية العديدة حول قصص النجاح, و النجاح الشخصي, و يدعم هذه الأوهام المجيد المستمر لسيكولوجيا الملكية الخاصة و روح الفردية, و كل هذا يؤدي لتمجيد الثروة و الركوع امام (أمجاد الحضارة الغربية العظيمة).
يروج من اجل التلاحم الأيديولوجي و السيكولوجي للنظام الرأسمالي خرافة (الرأسمالية الشعبية) المزعومة التي انهارت نظريتها لدن اول تماس مع الواقع قبل ان نرى انهيار نماذجها في السويد و فنلندا (2)
يتطلب فهم اسباب مواصلة اضفاء الطابع السيكولوجي على الدعاية البرجوازية أخذ الظاهرة التالية في الحسبان: ان النقد المباشر الحاقد للنظرية الماركسية اللينينية يتحول اكثر فأكثر الى شتى انواع المحرفين و الاصلاحيين, و تتركز الدعاية البرجوازية و البرجوازية الصغيرة, و الكثير من اعداء الشيوعيين من ابناء جلدة اليساريين على نقد الاشتراكية الواقعية, و يتوجه هذا النقد في ايامنا هذه خصوصا ليس الى الجماهير الشعبية بقدر ما هو هجوم على الطليعة الماركسية اللينينية و أحزابها الشيوعية, و لا تفسر هذه الصعوبات و هذه النكسات او تلك بالظروف الموضوعية بل تصور انها ناجمة من النظرية اماركسية اللينينية بحد ذاتها, و تصور الاشتراكية بأنها شيء فظيع يدمر الاسرة و المجتمع, لقد صاغ الهدف النهائي لهذه البرمجة السيكولوجية المدافع عن الرأسمالية و العدو اللدود للشيوعيين ستايرون: (يجب علينا ان نكره الشيوعية, و يجب ان تغدو كراهية الشيوعية حاجة ضرورية).
عندما نتحدث عن الدعاية السيكولوجية البرجوازية العالمية, لا يجب ان ننسى النصيب الذي يساهم فيه النظام الاردني في خلق مزاعم و اكذوبات ليضحك بها على الشعب الاردني, ان النظام الاردني لا يتوانى عن استخدام الكذب و الدجل من اجل تبرير سياساته المفضوحة و التي افقر الشعب الاردني بها, و جعل الاردن من خلالها دولة مفتوحة على مصراعيها لدخول القوات الاستعمارية, و يكذب بشكل وقح بأن هذا لتعزيز امن الاردن و استقراره.
ان النظام الاردني يروج بوسائل اعلامه كذب مفضوح بالعديد من الدراسات, حول عدم قدرة الاردن اقتصاديا, و عدم وجود ثروة كافية, و على عدم قدرته على مساعدة اللاجئين السوريين, و يقدم النظام الاردني لشعبه هذه التلفيقات ليبرر تسوله من انظمة النفط العربية الرجعية.
لا يحاول النظام الاردني بهذه الوسائل الدعائية التأثير على سيكولوجية المواطن الاردني و حسب, و بل و ايضا من خلال ترسيخ العلاقات العشائرية ما قبل الوطنية و تعزيز قانون انتخاب ناخلف و انخراطه الواضح في خلق انقسام اقليمي للشعب الاردني, يقوم بكل هذا ليصور انه نظام راسخ, و انه لا بديل عنه, لأن الديل سيخلق ازمة في الاردن فيصور للناس بأنه صمام امان لحماية الشعب الاردني, و من دونه ستحل الكوارث.
يصور النظام الاردني بوسائل عديدة ان الاحتجاجات العمالية و الحراكات المطلبية و السياسية تؤثر على اقتصاد الاردن و تسبب للشعب الاردني ازمة كبيرة و لسان حاله الكاذب يقول ( نحن كلنا في قارب واحد), و بالتالي (لا داعي لهزه), و ان خلفية هذا التصوير هي اجبار الشعب الاردني على الاستكانة, و القبول بأعباء الأزمة, و حرفهم عن الصراع الطبقي.
يستخدم النظام الاردني بكل تياراته و شخصياته و احزابه (الوطنية) المصطنعة المدافعة عنه التعاويذ السيكولوجية و المتاجرة بالمشاعر الوطنية , و استخدام الديماغوجية, لأجل التضليل بالشعب الاردني و تصوير نفسه على انه (الراعي الرسمي لمصالح الشعب) بينما هو يخصخص كل قطاعات الدولة, و يجعل الدولة الاردنية دمية في يد صندوق النقد الدولي.
ان النظام الاردني كأي نظام رأسمالي, يدافع عن الطبقات الثرية ووكلاء الشركات الأجنبية, و يحاول ان يجعل الشعب الاردني الكادح بمثابة مادة لسياسته, و حقل تجارب لوصفات صندوق النقد الدولي.
ان توجيه الدعاية البرجوازية لا الى عقل الجماهير بل الى عواطفها, لهو اكبر دليل على فشل سياستها الاقتصادية و الاجتماعية.
ان الاحزاب الشيوعية العالمية, و الحزب الشيوعي الاردني يدرك انه من المستحيل مكافحة التأثير الوخيم للدعاية الرجعية كأداة للدوائر الامبريالية العالمية و انظمتها العميلة, من دون معرفة سيكولوجيا الجماهير, ومن دون معرفة احاسيسها و ميولها, و لا يضمن النجاح في هذا النشاط الا التقدير العلمي حقا لكل هذه العوامل و معرفة و ادراك الأدوات الاجتماعية السيكولوجية.
1- - راجع السيكولوجيا و طب الأمراض النفسية في الوليات المتحدة الأمريكية, ناييم.
2- - راجع هل هي بداية انهيار نموذج (الرفاه) السويدي؟ لكاتبه طلال الامام-السويد, نشر في جريدة الجماهير التي تصدر عن الحزب الشيوعي الاردني, العدد 469.
#اللجنة_الاعلامية_للحزب_الشيوعي_الاردني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟