أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - سليمان يوسف يوسف - الآشوريون في سورية















المزيد.....

الآشوريون في سورية


سليمان يوسف يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 291 - 2002 / 10 / 29 - 02:53
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    




أخبار الشرق - 28 تشرين الأول 2002

إن الوجود الآشوري (السرياني/الكلداني) في سورية قديم، قدم سورية ذاتها، وهو يشكل العمق الحضاري والتاريخي لسورية. والآشوريون هم اليوم جزء أساسي وأصيل من النسيج الوطني للمجتمع السوري. فهم أحفاد الآشوريين والآراميين سكان بلاد ما بين النهرين وبلاد الشام الأوائل، واسم سورية ذاتها مشتق من كلمة "سريان" (سيريا، أي بلاد السريان). ويعتبر الآشوريون أقرب الشعوب إلى العرب في العرق والثقافة. هذا وقد شارك الآشوريون بكل فعاليا تهم الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية في بناء الدولة السورية وتقوية وحدتها الوطنية.

لا شك أن عدد الآشوريين قليل نسبياً، ولا توجد إحصائيات رسمية بتعدادهم في سورية، لكن يُقدرون بنصف مليون شخص، يتوزع وجودهم على الجزيرة السورية وحلب وحمص ودمشق.

بالرغم من كل ما جرى للآشوريين وما تعرضوا إليه من مآسٍ وويلات جراء عمليات القتل والتشريد الجماعي طوال فترة الحكم العثماني، خاصة مذابح "بدر خان بيك" في تياري وحكاري عام 1843 - 1846م وصيف 1915م في تركيا قبيل الحرب العالمية الأولى؛ تمكن الآشوريون من لملمة جراحهم والعودة إلى مسرح الحياة. فقد استطاع الآشوريون أن يوظفوا هامش الحريات الدينية في سورية في إحياء تراثهم الآشوري (السرياني)، وخدمة ثقافتهم القومية وتطوير مقومات وجودهم والبدء بنهضة اجتماعية ثقافية جديدة.

فبعد استقلال سورية واستقرار الأوضاع السياسية فيها أقام الآشوريون المؤسسات الثقافية والاجتماعية والتربوية التي كان مسموحاً بها في إطار الحريات الدينية, كالمدارس الخاصة والنوادي الرياضية والكشافة.

وكان للأستاذ "شكري جر مكلي" وغيره من المثقفين الآشوريين المتأثرين بالفكر القومي الآشوري الذي بشّر ونادى به المعلم والمفكر الآشوري "نعوم فائق"، الفضل الكبير في إقامة تلك المؤسسات التي شكلت الأرضية والانطلاقة الأولى للعمل القومي الآشوري في سورية. إذ وفرت تلك المؤسسات جملة من العوامل والمقومات المادية والمعنوية لبناء الكيان الاجتماعي والثقافي للشعب الآشوري واستقراره في سورية. وكانت المؤسسات الكنسية تشكل الغطاء الشرعي للفعاليات القومية.

يقول يوحانون قاشيشو في مذكراته: "إن المؤسسات السريانية (الآشورية) تعتبر بحق الدعامة الأساسية لنشر الثقافة والمعارف وحب الوطن والتآخي بين الأقليات, وكانت تحث الشباب السرياني على تعلم اللغة السريانية والتمسك بهويتهم القومية والاعتزاز بانتمائهم الوطني لسورية".

هذا وقد لعبت المؤسسات السريانية حينذاك دوراً هاماً في الحياة السياسية في مدن الجزيرة - ذات الكثافة الآشورية - خاصة القامشلي, حيث كانت الأحزاب والقوى السياسية والفعاليات الاجتماعية تسعى للحصول على تأييد تلك المؤسسات السريانية في الانتخابات البلدية والمجالس النيابية فقد كانت تشكل تلك المؤسسات بأعضائها وجماهيرها الواسعة قوة انتخابية لها وزنها وثقلها في المعادلات السياسية.

بعد الحرب العالمية الثانية بدأت تنتشر الأفكار الثورية والمبادئ الاشتراكية وأخذت تنمو حركات التحرر الوطني في المنطقة، والشعب الآشوري في سورية وباقي دول المنطقة لم يكن بعيداً عن هذه التحولات الفكرية, وإنما كان سباقاً قبل غيره لتلقي هذه الأفكار واعتناقها لأنه رأى فيها سبيلاً لرفع الظلم عنه وحماية وجوده القومي. من هنا وعلى خلفية النهضة الثقافية كانت الكوادر المثقفة من الآشوريين مهيأة للانضمام إلى صفوف الأحزاب السياسية والحركات الثورية والقوى الوطنية والديمقراطية, ومنها: الحزب الشيوعي السوري والحزب القومي الاجتماعي السوري وحزب البعث، لا بل كانت من طلائع هذه الأحزاب ومؤسسيها، ما يؤكد على المستوى المتقدم للفكر السياسي لدى الإنسان الآشوري, وعمق وعيه الوطني في سورية، وهذا بحد ذاته ينطوي على مدى تفهم الآشوريين لمستقبلهم، ليس في سورية فحسب وإنما في معظم دول المنطقة.

ومع تبلور الفكر القومي ونمو الوعي السياسي نشأت التنظيمات والأحزاب الآشورية في سورية. ففي عام 1957م تأسست "المنظمة الآثورية الديمقراطية" كأول فصيل سياسي آشوري سوري في العصر الحديث، وهي تشكل اليوم أحد الفصائل الأساسية للحركة الآشورية في سورية إلى جانب بعض التنظيمات والهيئات الآشورية الأخرى.

لا شك أن ولادة الحركة الآشورية في سورية ترافقت مع نمو الوعي الوطني لدى الإنسان الآشوري إلى جانب وعيه القومي, لهذا تبنت العمل الدبلوماسي والنضال السياسي السلمي طريقاً وحيداً، وخياراً استراتيجياً لها منذ نشأتها. ما يؤكد على النهج الوطني للحركة الآشورية في سورية وإدراكها للعلاقة والترابط بين مسألة الأقليات وقضايا الوطن, وإيمانها بأن أمن المواطن هو من أمن الوطن ولا حل لمسألة الأقليات إلا في إطار وطني وعلى أسس ديمقراطية في مجتمع يقر بالتعددية القومية والسياسية وتصان فيه حقوق الإنسان.

لقد مرت الحركة الآشورية في سورية بمراحل صعبة أجبرتها على الانكفاء على الذات والتحرك بحذر شديد على الساحة الوطنية، لهذا شكّل توقيف واستجواب بعض كوادر المنظمة الآثورية الديمقراطية عام 1987، ومن ثم الإفراج المبكر عنهم انعطافاً سياسياً كبيراً ومهماً في حياة وتاريخ الحركة الآشورية في سورية, إذ فرضت على الحركة الآشورية الإعلان عن نفسها والظهور على السطح السياسي السوري، ربما في وقت لم تتهيأ له. لكنها استطاعت أن تتكيف مع الظرف السياسي الجديد, والانخراط المباشر في الحياة السياسية للبلاد, إذ خاضت الانتخابات البرلمانية علناً لأول مرة في تاريخها عام 1990 وحققت انتصاراً سياسياً لم يكن قليلاً قياساً إلى ظروف المرحلة بفوز مرشح "المنظمة الآثورية الديمقراطية" في الانتخابات. وكانت هذه فرصتها للانفتاح السياسي على معظم القوى السياسية والأحزاب في سورية, وعلى الحكم ذاته. هذا وقد اتسم الموقف السياسي للحركة الآشورية في سورية منذ البداية بالحياد الإيجابي، أو المعارضة الإيجابية, المعارضة التي لا ترفض النظام السياسي وإنما تقبل به وتطالبه بالاعتراف بالشعب الآشوري وحقوقه القومية في سورية، لهذا بقي خطاب الحركة الآشورية في بعده الوطني والقومي، خطاباً تثقيفياً/ توضيحياً.

للآشوريين اليوم حضورهم الاجتماعي والثقافي المميز في سورية، حيث يتحدثون بلغتهم القومية (السريانية) ويمارسون عاداتهم وتقاليدهم، ويقيمون العديد من المهرجانات الفنية والأدبية والثقافية السنوية، ويحتفلون بمناسباتهم وأعيادهم القومية مثل (عيد رأس السنة الآشورية) في الأول من نيسان الذي كان مميزاً هذا العام في محافظة الحسكة، حيث شهد زواجاً جماعياً كبيراً بحسب الطقوس الآشورية القديمة. كان لهذا الزواج بعد وطني وقومي عميق، وحظيي باهتمام شعبي وإعلامي رسمي كبير من قبل الدولة السورية، التي ما زالت تنظر إلى الآشوريين كطوائف مسيحية، لا كقومية متميزة، لها هويتها وخصوصيتها الثقافية والتاريخية. فهم يتمتعون بكامل حقوقهم الدينية ويعلمون لغتهم السريانية في مدارسهم الخاصة كلغة طقس كنسي وليس كلغة قومية لشعب له ثقافته وتراثه، هذه اللغة التي هي مكون أساسي وعنصر أصيل لثقافة وحضارة سورية القديمة.

إن الوجود الآشوري في سورية هو حقيقة تاريخية وواقع موضوعي، ومن الخطأ تجاوز هذه الحقيقة، أو إسقاطهم من دائرة الحوار الوطني الديمقراطي. بغير الآشوريين لا يمكن أن تكتمل صورة سورية الحضارية، وتحدد هويتها التاريخية والوطنية. فمن خلال الآشوريين وبهم ترتبط وتتواصل سورية الحديثة بماضيها الحضاري وتاريخها المتميز. فالإقرار بالوجود الآشوري هو ضرورة وطنية بقدر ما هو حاجة آشورية، وهو خيار وطني ديمقراطي بقدر ما هو موقف إنساني ونهج حضاري، خاصة وأن سورية مقبلة خلال الأشهر القليلة القادمة على انتخابات تشريعية جديدة (انتخاب أعضاء مجلس الشعب)، لن تتم بغير الاعتراف بالآشوريين (بكل طوائفهم) كقومية لها خصوصيتها الثقافية والاجتماعية المتميزة في سورية، وتعديل نظام الانتخابات بحيث يضمن ويكفل تمثيل الآشوريين بشكل صريح في مجلس الشعب. وهذا ما ينتظره ويتأمله الشعب الآشوري في سورية، في عهد الانفتاح الاجتماعي والثقافي والسياسي الذي بدأه الدكتور بشار الأسد رئيس الجمهورية.

__________

* كاتب سوري مهتم بمسألة الأقليات - سورية

 



#سليمان_يوسف_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المجتمع المدني بين قلم المثقفين وسلطة الدولة


المزيد.....




- قرار الجنائية الدولية.. كيف يمكن لواشنطن مساعدة إسرائيل
- زيلينسكي يقرّر سحب الأوسمة الوطنية من داعمي روسيا ويكشف تفاص ...
- إسبانيا: السيارات المكدسة في شوارع فالنسيا تهدد التعافي بعد ...
- تقارير: طالبان تسحب سفيرها وقنصلها العام من ألمانيا
- لبنانيون يفضلون العودة من سوريا رغم المخاطر - ما السبب؟
- الدوري الألماني: ثلاثية كين تهدي بايرن الفوز على أوغسبورغ
- لحظة سقوط صاروخ إسرائيلي على مبنى سكني وتدميره في الضاحية ال ...
- سلسلة غارات جديدة على الضاحية الجنوبية في بيروت (فيديو)
- مصدر مقرب من نبيه بري لـRT: هوكشتاين نقل أجواء إيجابية حول م ...
- فريق ترامب الانتقالي: تعليق القضية المرفوعة ضد الرئيس المنتخ ...


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - سليمان يوسف يوسف - الآشوريون في سورية