عوائق تمنع المسلم من اكتشاف بشرية القران

احمد داؤود

الحوار المتمدن-العدد: 4115 - 2013 / 6 / 6 - 17:40
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

يقابل المسلمين فكرة ان يكتشف شخص مثلي بشرية القران بالرفض والاستهزاء . لذلك تجدهم يعلنون باستمرار "باني غير مؤهل لا كتشاف بشريته . وفي حين انهم يؤكدون بان اعظم العلماء والمفكرين عجزوا عن فعل ذلك فانهم لا يجدون حرجا في القول بان هنالك بعض المسلمين مؤهلين لذلك غير انهم يرفضون فعله بحجة عدم رغبتهم في التعدي علي الذات الالهية . ولكن مهما يكن من امر يبرز السؤال:هل صحيح ما يذهب اليه هؤلاء ،اي بمعني اخر هل المسلم مؤهل لاكتشاف بشرية القران ؟.
شخصيا اذهب خلاف ذلك .بل واؤكد بان ذاك الشخص غير مؤهل لاكتشاف بشرية كتابه المقدس . وهنالك عدة اسباب دعتني اتبني مثل هذا الراي .ويمكن اجمالها في الاتي :

*وجود تصورات مسبقة ونهائية :
ان يضع الانسان تصورات مسبقة عن قضية ما لا يعتبر ازمة في حد ذاته . ولكن تكمن الازمة حينما تكون تلك التصورات نهائية ومطلقة. فما يهم المسلم ليس وضع اجابة موضوعية للسؤال ما اذا كان القران بشري ام الهي . وانما كيفية اثبات ان القران الهي . فهو يضع تصور مسبق ونهائي ومن ثم يسعي الي تدعيمه واثباته .ومثل هذا الامر لا يساعد في خلق اجابة موضوعية وغالبا ما تتسم الاجابة في هذه الحالة بالتحيز . واي اجابة متحيزة فهي بالضرورة قد تكون غير موضوعية .

*القداسة : لكيما يكشف الانسان حقيقة شيئا ما فلابد ان ينزع عنه لباس القداسة . ولكن الامر عند المسلم خلاف ذلك . فهو يقول بانه يهدف الي كشف حقيقة كتابه المقدس بيد انه يرفض نزع طابع القداسه عنه . فهو يعتبر القران خط احمر لا يمكن تجاوزه باي شكل من الاشكال . وبدلا من ان يعتبره مجرد كتاب مطالعة فانه يقوم بالباسه ثوب القداسة الامر الذي يمنعه من محاكمته عقليا واكتشاف الجانب المخفي منه .

*فكرة الغضب الالهي :
يعتقد المسلم بان محاكمة تعاليم وافكار كتابه المقدس عقليا قد تسبب في اغضاب الهه. وما ادي الي تدعيم مثل هذا الاعتقاد هو القران ذاته . حيث ان هنالك نصوص قرانية تحزر المسلمين من فعل ذلك . وتؤكد بان من يفعله سيكون مصيره العذاب في العالمين الارضي والسماوي . كما ان هنالك نصوص اخري تحرم ذات الاشخاص من التحدث في القضايا الالهية . وتؤكد "الله يحزكم نفسه " . وفي حين تبين تلك النصوص بانه لا يمكن مناقشة كلما يتعلق بالاله او كتابه فانها تكشف في ذات الوقت عن عدة عقوبات تقول بانها طالت بعض الكفار الذين فعلوا ذلك . وما ان تتامل في القران حتي تجد عشرات القصص التي تؤكد بان الله انتقم من مناهضيه ونصر انبيائه ورسله . واذا ما حاورت اي مسلم بل وانتقدت ديانته سيتبادر الي ذهنه بان الله سيعاقبك علي ذلك كما يعاقبه هو ايضا الذي لم يوقفك عند حدودك . الامر الذي يفسر تضحيته بذاته من اجل الدفاع عن ذاك الله . ويعتقد المسلم ايضا بان محاكمة القران عقليا او انتقاد نصوصه قد يسبب "الجنون لصاحبه " او انه قد يجعل الله يسقط عليه كسفا من السماء او يتسبب في افقاره وانتهاك كرامته . وليس غريبا في ظل هذا الوضع ان تجد المسلم يرفض محاكمة قرانه عقليا طالما انه قد يتسبب في اغضاب الله .

*ترجيح كفة العاطفة علي العقل و المنطق :
في القران عدة نصوص تتعارض مع ما اثبته العقل والمنطق . ولكن بدلا من يرجح المسلم او يعمل بما اثبت العقل صحته فانه يرفض ذلك ويحمل ما يقوله القران علي محمل الجد . فاذا كان هذا الاخير يقول بان الارض ممدة ومسطحة فان الثاني اثبت خلاف ذلك . ولكن الازمة ان المسلم يرفض قبول ما يقوله الثاني بينما يقبل الاعتراف بما قاله الاول رغم انه خاطي . ورغم انه يدرك عدم صحة مثل هذا السلوك الا انه يجد ذاته مضطرا الي تاييده بحجة ان قائله هو الله . وطالما ان ذاك الله هو من قاله فالواجب يلزمه بان ياخذه علي محمل الجد حتي لو كان خاطئا .

قد تكون هنالك اسباب اخري تمنع المسلم من اكتشاف بشرية كتابه المقدس . بيد اني اكتفي بما ذكرته سابقا لعدم اهميتها . شخصيا اعتقد بان المسلم اذا ما تمكن من تجاوز تلك الاسباب فانه قد يتمكن من اكتشاف بشرية القران . اذا ما اعتبر ذاك الشخص كتابه المقدس مثل اي كتاب اخر ونزع عنه لباس القداسة وتعامل معه كاي كتاب مطالعة وابعد فكرة الغضب الالهي عن مخيلته ورجح كفة العقل والمنطق علي العاطفة والغيب فهو بالتاكيد سينجح في خلق اجابة نموذجيه علي السؤال :هل القران بشري ام الهي . اما حينما يفعل خلاف ذلك فهو بالتاكيد قد يعجز في خلق اجابة موضوعية تبين حقيقة كتابه المقدس .

قد يقول البعض باني اعني بذلك بان المسلم غير مؤهل لاكتشاف بشرية القران .ولكن مثل هذا القول قد يجافي الحقيقة . فالمسلم مثل اي شخص اخر مؤهل لفعل ذلك غير ان هنالك بعض العوائق تسببت في منعه. واذا ما نجح في تجاوزها فهو بالتاكيد سينجح في اكتشاف حقيقة كتابه المقدس او ما اذا كان الهي ام بشري . وهنالك بعض المسلمين نجحوا في ذلك .الدكتورة وفاء سلطان علي سبيل المثال كانت تدين بالاسلام .بل وانها عاشت في ظل بيئة اسلامية متشددة .بيد انها تمكنت في نهاية الامر من اكتشاف بشريته .وعملت علي فضحه وكشف وجهه الحقيقي . ولا يختلف اي مسلم كثيرا عن وفاء سوي ان الاولي اعتمدت علي العقل والمنطق وابعدت فكرة الغضب الالهي عن مخيلتها بينماعجزالثاني في ذلك مما ادي الي مكوثه داخل الحظيره الاسلامية حتي الان.

شخصيا اعتقد بان اكثر ما يمنع المسلم من اكتشاف بشرية قرانه هو ايمانه بفكرة وجودغضب الهي . واقعيا تشير كافة الادلة الي عدم صحة مثل هذه الاشياء . حيث لا يعقل ان يلحق الاله الاذي بالانسان لانه رفض الايمان بالغيب ودعا الي محاكمته عقليا . ومثلما قال احد المفكرين فان الله الذي منح الانسان العقل لايمكن ان يحرمه من استخدامه. الله يعطيني العقل ويمنعني في ذات الوقت من التساؤل والتفكير الذي قد يكشف حقيقة كتابه المقدس ؛ هذا ما لا يتصوره العقل.

ولكن يبرز السؤال : ما الذي سيجنيه المسلمين من اكتشاف بشرية القران . المؤسسات الاسلامية تتخوف كثيرا من فكرة ان يكتشف رعاياها بشرية كتابهم المقدس .لذلك فهي تعمل بكافة شكال علي اخصاء العقول ومحاربة حرية التعبير والتفكير تارة باشهار سيف الردة وتارة اخري عن طريق مصادرة الحقوق والحريات التي اقرتها الطبيعة والقانون . وتعتقد تلك المؤسسات بان اكتشاف المسلمين لبشرية القران قد يتسبب في حدوث ردة عظمي والتي قد تساعد في الانحلال والفجور والالحاد الذي اربتط في لا وعي هؤلاء بكلما هو سالب . فالالحاد حسب ما يذهب هؤلاء قد يكون مدخلا للظلم والانحلال والانحدار الاخلاقي والفكري. انتشار الالحاد يعني انشتار الجريمة ،اللواط ،الزنا ،المخدرات ، السحاق، نكاح الاخوات ، الاغتصاب، الدعارة ...

بيد ان مثل هذا القول خاطي . فهنالك الكثير قد يجنيه المسلمين اذا ما نجحوا في اكتشاف بشرية القران . لاعتقادهم بانه منزل من اله الكون فان المسلمين قاموا بتطبيق كل تعاليم وافكار القران علي ارض الواقع .وادي تطبيقها الي ابتعادهم عن ركب التطور والتقدم . وحسب ما تشير بعض الاحصائيات فانهم الاكثر تخلفا وجهلا وفقرا كما انهم الاكثر انتهاكا لحقوق الانسان . ولكن اذا ما اكتشف هؤلاء بان القران بشري فانهم بالتاكيد قد يرفضون العمل بما يقوله لهم الامر الذي يساعدهم في اللحاق بركب التقدم .

علي المسلمين ان يختاروا بين اثنين ؛فاما ان يكتشفوا حقيقة كتابهم المقدس ويلحقوا ركب التقدم او ان يكتبوا نهاية سيئة لانفسهم . شخصيا اعتقد بان معظمهم يفضل الخيار الاول بيد انهم يصطدمون بالمؤسسات الاسلامية التي تعمل علي عدم حدوث ذلك .فالقران بالنسبة لهم "راسمال" واذا ما اكتشف المسلمين بانه بشري فانهم قد يمنعون تلك المؤسسات من مصدر رزقهم الوحيد .وما من عاقل يتصور ان يغض قادة المؤسسات السابقة الطرف عن فكرة ان تقوم جماعة ما بايقاف مصدر رزقها الذي يدر لها المزيد من الاموال. وتشير كثير من الادلة الي ان اكنشاف بشرية القران سيتسبب في افلاس مئات المؤسسات الاسلامية كما انه سيجعل من رجال الدين الاسلامي مجرد اناس متسولين .

#احمد_داؤود (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين