|
مناقشتي لمناظرة بين ربوبي ومسلم 9
ضياء الشكرجي
الحوار المتمدن-العدد: 4115 - 2013 / 6 / 6 - 10:34
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ها حلّقتُ في السماء فسبحتُ في الفضاء غنيتُ للهِ للإنسان فبْعِشقِهما أنا سكران د.س: الدكتور السرداب. ع.ر: عيسى الربوبي. ض.ش: ضياء الشكرجي الخاتمة للدكتور السرداب: والآن هل ما زلت تعتقد أن الربوبية هي العقيدة التي يرتضيها إلهك من البشر، وهي العقيدة التي تحيا عليها وتموت عليها؟ [ض.ش: والآن هل ما زلت تعتقد أن الدين هو العقيدة التي يرتضيها إلهك من البشر، وهي العقيدة التي تحيا عليها وتموت عليها؟ اعتمدت نفس العبارة، لكني لا أريدك أن تترك دينك، وتكون إلهيا لادينيا مثلنا، ولا أريد من الملحد (اللاإلهي) أن يتحول إلى إلهي مثلنا، لكني أقول كل منا ربما يرى أدلته مقنعة ومفحمة ولامردودا عليها، بحيث يوجه سؤالا استغرابيا كما وجهته إلى الربوبي: والآن؟ لا أريد أن أسأل كما سألتَ بقولي: هل ما زلت على قناعتك بعدما بينت لك كل الأدلة على صحة قناعتي وخطأ قناعتك، إذن تحول من قناعتك إلى قناعتي؟ لكنّما أقول من يقتنع بالتحول فليتحول، بأي اتجاه كان، ومن يقتنع بالثبات على ما هو عليه، فليثبت، لكن من موقع الوضوح والقناعة، لا من موقع التعصب والاتباع اللامتسائل، المهم أن نبذل قصارى جهدنا أن نكون عقلانيين وإنسانيين، وفيما بيننا متسامحين متسالمين متحابين، وتبقى العقلانية نسبية، وتبقى الإنسانية نسبية. أقول دع غيرك على ما هو عليه إلم يقتنع بحججك، وتعايش معه، ويبدو أنك من النوع الراغب بالتعايش وقبول الآخر، ولو بنسبة ما، لكن أتمنى المزيد من الانفتاح والمرونة والتحرر من المسلمات النهائيات ولو بميليمتر إضافي واحد، فأي مقدار هو خطوة باتجاه التعقلن والتأنسن، ويمثل مصداقا للنص القرآني الجميل «يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه»، أي - ولو حسب فهمي بقطع النظر عن المعنى الذي أراده واضع النص - يا أيها الإنسان النسبي إنك كادح إلى المطلق كدحا تكامليا لا نهاية له لاستحالة بلوغ النسبي للمطلق، لكنه قادر على أن يلتقي به من حيث الانسجام معه، والتطلع إليه، والكدح اللامتوقف تجاهه] د.س: هل تعتقد أن الغاية العظمى من وجودك توجد داخل فلسفة الربوبية؟ [بل أن أكون إنسانا عاقلا ذا مروءة، أجعل من نفسي نبيا رسولا أبعثه فيَّ من لدن عقلي وضميري، يزكيني ويعلمني الكتاب والحكمة، بمعنى التعليم النظري فيما هي المبادئ، والتعليم التطبيقي، كل يوم يزكيني تزكية بعد تزكية، ويهذبني، وينظفني من أنانياتي، ومن النوازع المضادة للخير، كي أتأنسن أكثر فأكثر، وكل يوم يعلمني تعليما بعد تعليم، كي أتعقلن أكثر فأكثر] د.س: هل تؤمن بإله كلي القدرة كلي الخير لم يخبرك عن غايتك من الوجود ولم يخبرك بشيء عما بعد الموت مع أنه أهم مما قبل الموت؟ [ض.ش: تكررت إجاباتي على هذا التساؤل الذي بصراحة لا أفهم الإصرار عليه] د.س: هل تؤمن بإله كلي الخير كلي العدل كلي العظمة يسمح للشر بأن يوجد وللبلاء بأن يقع وفي النهاية لا تعرف الغاية؟ [ض.ش: إلهي الذي أؤمن به وفقا لعقيدة التنزيه مثلا ليس من هذا النوع] د.س: هل تؤمن بإله يطعمك ويرزقك ولن يحاسبك؟ [ض.ش: أؤمن بالجزاء الإلهي العادل عدلا مطلقا، ولا أؤمن بالجزاء الديني المنتقص من عدل الله ورحمته، لأن الإله الديني يعاقب ويعذب عذابا أبديا في قمة القسوة لا تفتر قسوته، على أمر غير اختياري للإنسان، والذي يسميه الكفر، وهو ليس إلا عدم القدرة على الاقتناع، فيتوعد «إنَّ الذينَ كفروا مِن أَهلِ الكتابِ والمُشرِكينَ في نارِ جَهنَّمَ خالِدينَ فيها أولئكَ هُم شَرُّ البَرِيَّة».] د.س: هل هذه عقيدة [ض.ش: وهل الدين المنتقص من جلال الله عقيدة؟] د.س: أم شهوة وهروب من التكليف؟ [ض.ش: هنا لي وقفة مع الدكتور السرداب وعموم الثقافة الدينية، يعتقدون أو يتهمون الذين لا يؤمنون بالدين أنهم يتبعون شهواتهم ويتهربون من التكليف، خطأ، خطأ، خطأ، وظلم، لماذا؟ من الإلهيين اللادينيين، بل ومن الملحدين، أو من المسلمين غير المتدينين، من يُتعِبون أنفسهم في التكاليف الإنسانية، يشدّدون على أنفسهم في تجنب الكذب، وليس لديهم كذب شرعي، وفي تجنب السرقة، وليست لديهم سرقة شرعية، ولا يشهدون زورا، ولا يخونون الأمانة، ويوفون بالعهود، ويلتزمون بالوعود، ويتسامحون مع المسيء، ويعطون للآخرين من وقتهم وراحتهم، وبعضهم - وهذا ما نجده في الأورپيين المثاليين مثلا - يذهبون إلى بلدان فقيرة ومتأخرة بل متخلفة من أجل عمل إنساني، بدون أن تكون وراءهم أجندات ماسونية، أو صليبية، أو صهيونية، أو إمپريالية، حسب الواقعين في هلوسة نظرية المؤامرة. هل قرأت عن الحالة الإنسانية الراقية التي كان يعيشها (الأنصار) في كردستان من رجال ونساء، كرد وعرب، مسلمين سنة وشيعة، ومسيحيين وإيزيديين، وصابئة، وكثير منهم ملحدون، وكما تعلم لست شيوعيا، كي أروّج دعاية لهم، بل لي رأي ناقد، لكنها تجربة متألقة في الكثير من مظاهر الإنسانية الراقية جدا. شخصيا عندما كنت ملحدا تبرعت لصديق فقير لي بقطعة أرض بنى عليها بيتا له ولأسرته، ولسائق سابق عندنا تبرعت بسيارة تاكسي، رفضت كل الامتيازات التي كنت سأحصل عليها عبر قوى الإسلام السياسي، لولا أني ملتزم بتكاليفي وقيمي ومثلي، فلا تقل إن عدم الإيمان بالدين هروب من التكاليف، فهذا ظلم، والقرآن الذي تؤمن به، نهى في واحد من أروع نصوصه عن ظلم أشد الناس عداوة وبغضاء «لا يَجرمنَّكم شَنَآنُ قومٍ على ألّا تعدلوا، اعدلوا، هو أقربُ للتقوى»، ولو إن نصوصا أخرى قد نقضت النصوص الجميلة وهبطت بتألقاتها، ولست بصدد مناقشة هذه النصوص، يأتي وقته إن شاء الله الجميل الحبيب] د.س: ما الذي يمنعك من التسليم بالرسالات بعد أن أثبتنا من كلامك حاجة البشر إليها حتما؟ [ض.ش: وما الذي يمنعك من التسليم بمرجعية العقل والضمير، بعد أن أثبتنا ألا حاجة للبشر إلى الأديان، وأن فيها - صحيح - منافع للناس، ولكن فيها إثم وضرر كبير على البشرية، وإثمها وضررها أكبر بكثير من نفعها؟] د.س: طالما أنك آمنت بالإله كلي القدرة كلي الخير كلي العدل فهذا هو الإله الذي نؤمن به نحن أيضا، ما الذي يمنعك من الإسلام والإذعان لله في الخلق والأمر وليس في الخلق فقط؟ [ض.ش: شخصيا أجيب لأن إله الإسلام - على الأقل حسب فهمي وفهم الكثيرين - ليس كلي الخير كلي العدل كلي الرحمة كلي الحكمة، وأدلتي كثيرة يأتي وقتها، ومع هذا لا أطلب من أحد كما تفعل أن يترك ما هو عليه ويتحول إلى ما أنا عليه، أنا أعرض أفكاري، وأحاول أن أدعمها بالدليل، فمن اقتنع واعتمدها أو اعتمد بعضا منها، فله ذلك، ومن لم يقتنع فله ذلك أيضا. المشكلة أن الدينيين يعيشون هوس (الدعوة) أو (التبشير) أو (التبليغ) أو (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)، وهم من جهة معذورون لأنهم يعتقدون أنهم مكلفون من الله بكل ذلك، فكيف ننهاهم عما كلفهم الله به؟ لكن من جهة أخرى أنهم - ولا أقصد المحاور المحترم - يزعجوننا بتعسفهم بنا، وتدخلهم في شؤوننا الخاصة، ومحاولتهم إملاء قناعاتهم علينا، وهذا بصراحة شيء يزعجنا، وإلا فليبق كل على ما هو عليه، مع احترام الآخر فيما هو عليه، ومع هذا تطرح الأفكار، ويجري الحوار حولها، لمن يحب التحاور، ويجري نقد الفكر المغاير بكامل الحرية، فلا تكفير، ولا تقية، ولا نفاق، ولا باطنية، ولا اتهام، وإنما بشفافية كاملة للجميع.] د.س: هل تعتبر أن الوقت في صالحك، [ض.ش: بالنسبة لي فأقول الحمد لله الذي أنقذني قبل فوات الأوان، الحمد لله الذي هداني للكفر بما لا تُبلغ ذروة الإيمان إلا بالكفر به، وما كنتُ لأهتدي لهذا لولا أن هداني الله، لقد جاءتني رسل ربي من لدن عقلي وتجربتي وبحثي وتأملاتي بالحق، لكنه يبقى الحق النسبي، لاستحالة بلوغ المطلق] د.س: وأنت تعترف بقصور معطيات الفكر اللاديني وعجزه عن تقديم أجوبة عن أهم ما في الوجود؟ [ض.ش: وأنا أزعم جازما بقصور معطيات الفكر الديني عن تقديم أجوبة لا تهين العقل ولا تسيء إلى الله] د.س: متى ستقولها وبصدق أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله؟ [ض.ش: عجيب أمر الدينيين، ولماذا لا تشهد بـ«أشهد ألا إله إلا الله، أشهد ألا أحد رسول الله» أو «أشهد أن العقل رسول الله والضمير رقيب الله»، وهل تقبل من المسيحي عندما يقول لك لماذا لا تقر يا دكتور بالحقيقة التي يؤمن هو بها، فتشهد قائلا: «أشهد أن عيسى المسيح ابن الله»، أو لماذا لا نقر أنا وأنت والسيد عيسى الربوبي بما يقتنع به الملحد أو اللاإلهي فيقول كل منا: «أشهد ألّا وجود لله»؟] د.س: أسأل الله أن يوفقك لها في مداخلتك القادمة، فكل لحظة هي جرس إنذار ولحظة اقتراب من مصيرك المجهول بالنسبة لك. [ض.ش: لا تخف عليه، ما زال لم يقتل، ولم يسرق، ولم يظلم، ولم يفعل ما يسخط الله عليه، فيما فيه انتهاك لحقوق الآخرين، فلا داعي لأجراس الإنذار والتخويف التي يدقها لنا الدينيون.] د.س: لقد أقسم الله عز وجل [ض.ش: تقصد أقسم القرآن] د.س: أن الإنسان مخلوق في أحسن تقويم لكن ابتعاده عن المنهج [ض.ش: نعم عن المنهج الإنساني لا المنهج الديني] يجعله في أسفل سافلين «وَالتِّينِ وَالزَّيتونِ، وَطورِ سِينِينَ، وَهذَا البَلَدِ الأَمِينِ، لَقَد خَلَقنَا الإِنسانَ فِي أَحسَنِ تَقوِيمٍ، ثُمَّ رَدَدنَاهُ أَسفَلَ سَافِلِينَ، إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُم أَجرٌ غَيرُ مَمنُونٍ، فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعدُ بِالدِّينِ، أَلَيسَ اللَّهُ بِأَحكَمِ الحَاكِمِينَ» [التين] [ض.ش: لكن ربي يتكلم بضمير المفرد ولا يقسم لا بمكة ولا بطور سيناء، مع احترامي لمقدسات أتباع الأديان، فيقول: «لَقَد خَلَقتُ (وليس خلقنا) الإِنسَانَ فِي أَحسَنِ تَقوِيمٍ، ثُمَّ رَدَدتُّهُ (وليس رددناه) أَسْفَلَ سَافِلِينَ، إِلَّا الَّذِينَ استَقاموا (وليس الذين آمنوا) وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُم أَجرٌ غَيرُ مَمنُونٍ، فَمَن (وليس فما) يُكَذِّبُ بَعدُ بِعَدلِ جَزائي، أَلَستُ بِأَحكَمِ الحَاكِمِينَ، وَأَعدَلِ العادِلينَ، وَأَرحَمِ الرّاحِمينَ».] وإلى الحلقتين العاشرة، ثم الحادية عشرة. وجدتُّكَ من جديد كم أنا بذا سعيد يا ربَّ الوجودِ والإنسان يا مُبدِعَ الأرضِ والأكوان
#ضياء_الشكرجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مناقشتي لمناظرة بين ربوبي ومسلم 8
-
مناقشتي لمناظرة بين ربوبي ومسلم 7
-
مناقشتي لمناظرة بين ربوبي ومسلم 6
-
مناقشتي لمناظرة بين ربوبي ومسلم 5
-
مناقشتي لمناظرة بين ربوبي ومسلم 4
-
مناقشتي لمناظرة بين ربوبي ومسلم 3
-
مناقشتي لمناظرة بين ربوبي ومسلم 2
-
مناقشتي لمناظرة بين ربوبي ومسلم 1
-
رسالة من الله إلى الإنسان
-
دويلات شيعية وسنية وكردية ومناطق متقاتل عليها
-
الفرائق الخمسة من اللاشيعة واللاسنة
-
الموقف من الأقسام الستة لكل من التشيع والتسنن
-
الطائفيون واللاطائفيون واللامنتمون لطائفة 2/2
-
الطائفيون واللاطائفيون واللامنتمون لطائفة 1/2
-
لماذا وقعت على «إعلان البراءة من الطائفتين»
-
ال 3653 يوما بين نيساني 2003 و2013
-
مع جمانة حداد في «لماذا أنا ملحدة»
-
قضية القبانجي تؤكد خطورة ولاية الفقيه علينا
-
معارضة أحد طرفي الصراع الطائفي لا يستوجب تأييد الطرف المقابل
-
يا علمانيي العالم اتحدوا
المزيد.....
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|