أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - البريطانيون يقاطعون.. والعرب يطبّعون !















المزيد.....

البريطانيون يقاطعون.. والعرب يطبّعون !


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 1181 - 2005 / 4 / 28 - 09:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يوم الاثنين الماضي، الموافق 18 أبريل، كتبت في "العالم اليوم" عن اعتزام ممثلي مؤسسات أكاديمية كبري في بريطانيا فرض المقاطعة علي مؤسسات التعليم العالي الإسرائيلية التي ترفض شجب جرائم إسرائيل في الأراضي الفلسطينية.
وأبديت استغرابي في المقال المشار إليه من تجاهل صحفنا ووسائل إعلامنا نشر هذا الخبر المهم، أو بالأحري إعادة نشره نقلا عن الصحف البريطانية،وحتي الإسرائيلية، التي أفردت له مساحات معتبرة.
وبعد اقل من أسبوع، وحتي يتضاعف دهشي ويزيد استغرابي، أبت كل الصحف ووسائل الإعلام المصرية الصادرة يوم السبت الموافق 23 أبريل أن تصحح غلطتها السابقة أو تكفر عن غفلتها المهنية ـ والسياسية ـ فأصرت علي تجاهل تطورات هذا الخبر الخطير نفسه.
وفي حدود علمي فان جريدة »الحياة« تكاد تكون الجريدة العربية الوحيدة التي اهتمت بمتابعة هذه القضية علي صفحتها الأولي في عدد السبت الماضي بتقرير إخباري لمراسلتها من لندن فاتنة الدجاني، فضلا عن متابعة تفصيلية بإحدي الصفحات الداخلية. ورغم أن الصحيفة قامت بواجبها المهني فانها تستحق التحية لانفرادها بهذه اليقظة المهنية (والسياسية).
أما ما حدث يوم الجمعة، وتجاهلته معظم صحف السبت، فهو أن رابطة أساتذة الجامعات البريطانية قد أقرت في مؤتمرها السنوي مجموعة من المقترحات تشمل مقاطعة دوائر أكاديمية في إسرائيل، في خطوة تشكل انتصارا مهما لحملة المقاطعة الأكاديمية لإسرائيل وتمهيداً لتوسعها ".
وصوتت الرابطة، التي تمثل نحو 49 ألف أستاذ جامعة في ختام اجتماعها السنوي الذي عقد في مدينة ايستبورن علي مدي ثلاثة أيام، الأربعاء والخميس والجمعة الماضية، لصالح اقتراح يدعو الي مقاطعة جامعة حيفا بسبب الضغوط التي تمارسها علي أستاذ العلوم السياسية الدكتور ايلان بابيه والتي تتضمن تهديده بالطرد بسبب دفاعه عن طالب دراسات عليا تطرق في رسالة الماجستير التي يعدها الي مذبحة نفذتها منظمة "الهاجاناه" في حق مائتي مدني فلسطيني أعزل في قرية الطنطورة قرب حيفا. ودعت الرابطة أعضاءها الي مقاطعة جامعة حيفا حتي تتوقف عن تقييد الحرية الأكاديمية وتجريم الأساتذة والطلاب الذين يعدون أبحاثا أو يناقشون تاريخ تأسيس دولة إسرائيل.
كما صوتت الرابطة لصالح اقتراح يدعو إلي مقاطعة جامعة بار ايلان لأنها تمنح شهادات لطلاب كلية "يهودا والسامره" في مستوطنة "ارييل" غير القانونية قرب نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة ـ »مما يجعل الجامعة متورطة بشكل مباشر في احتلال أراضي فلسطينية«. ودعت الرابطة إلي مقاطعة الجامعة الي أن تقطع علاقاتها الأكاديمية مع " كلية يهودا والسامره" واي كلية أخري موجودة في المستوطنات في الأراضي المحتلة.
وأقرت الرابطة أيضا اقتراحا يدعو إلي الترويج لرسالة وجهتها 60 جماعة فلسطينية ـ تشمل اتحاد الأساتذة والموظفين من اجل المقاطعة الأكاديمية والثقافية للمؤسسات الإسرائيلية، وتدعو بالمقابل الي توسيع الحوار مع الأكاديميين الفلسطينيين واتحاداتهم.
كما أحالت اقتراحا بمقاطعة الجامعة العبرية في القدس الي مجلسها التنفيذي لمزيد من النقاش والتحقق مما إذا كانت الجامعة شيدت فعلاً سكنا لطلابها علي أراض صودرت من عائلات فلسطينية.
انتهي الخبر.. لكن لعله من المفيد تذكير القارئ بان هذه الحملة الأكاديمية البريطانية ليست وليدة الساعة، بل بدأت إرهاصاتها منذ ثلاثه سنوات تقريبا، وبالتحديد عام 2002 في أوج الاجتياحات الإسرائيلية للأراضي الفلسطينية. وقتها دعا أكاديميان بريطانيان،إلي فرض عقوبات علي إسرائيل، من بينها قطع التمويل الأكاديمي الأوروبي للدولة اليهودية ما لم تلتزم بقرارات الأمم المتحدة.
وتقدم عدد من الأكاديميين البريطانيين بعد ذلك بعدة اقتراحات الي رابطة أساتذة الجامعات البريطانية لمقاطعة الدوائر الأكاديمية الإسرائيلية المتواطئة مع جرائم الاحتلال الإسرائيلي. لكن هذه الاقتراحات لم تحصل علي الأغلبية اللازمة من الأصوات في عدد من الاجتماعات السنوية للرابطة.
ومع ذلك.. فان الأكاديميين المحترمين لم ييأسوا، أو يبيعوا القضية، وواصلوا الدفاع عن اقتراحاتهم حتي نجحوا يوم الجمعة الماضي في الحصول علي الأغلبية التي فشلوا في الاقتراب منها الأعوام الماضية.
ونتيجة التصويت هذه مهمة للغاية، فكلما نقلت فاتنة الدجاني عن مني بيكر الناشطة في حملة المقاطعة الأكاديمية نري "ان هذه الخطوة مهمة لانها تجعل مبدأ مقاطعة إسرائيل معترفاً به، ولانها تشجع منظمات أخري علي السير في هذا الاتجاه".
وكما قالت سو بلا كويل الأستاذة بجامعة بيرمنجهام أيضا فان "هذا يوم عظيم لانصار حقوق الإنسان الفلسطيني، ويوم سيئ لانصار ارييل شارون والاحتلال غير القانوني للأراضي الفلسطينية".
وأضافت سو بلاكويل بُعداً مهماً وغائباً عن أذهان الكثيرين هو ان " معظم الأكاديميين الإسرائيليين يخدم في الاحتياط في الجيش الإسرائيلي.. ويدعم قمع الدولة إزاء الفلسطينيين أو انه لا يعلن معارضته لذلك " وهو الأمر الذي يسوغ قرار المقاطعة بكل تأكيد لانه من المستحيل ـ حسب قول سو بلاكويل ايضاً ـ " مقاطعة الأكاديميين الإسرائيليين باعتبارهم مواطنين عاديين من "دولة عادية"، كما انه ثبت بألف دليل ودليل "تورط الجامعات الإسرائيلية في إساءة معاملة الفلسطينيين في الأراضي المحتلة".
ونقلت صحيفة "الجارديان" البريطانية عن هذه السيدة الأكاديمية المحترمة ـ سو بلا كويل ـ قولها انه من الضروري ان يتخذ الأكاديميين موقفا ضد إسرائيل، التي وصفتها بانها "دولة التفرقة العنصرية"، مضيفة ان هناك "جداراً من الصمت وتورطا كبيرا فيما يجري.
فهم من ناحية لا يقولون شيئا عن الاحتلال، ومن ناحية أخري فانهم يتوقعون ان تمضي الأمور علي نحو طبيعي". وقالت ان الأكاديميون الإسرائيليين " يتوقعون ان يشاركوا في المؤتمرات الدولية " وان المقاطعة تأتي في هذا السياق للتأكيد علي انه من الضروري اتخاذ موقف: إما مع الاحتلال او ضده.
وأوضحت "ان الذين يعترضون علي المقاطعة لا يدركون حجم تورط الأكاديميين الإسرائيليين علي نحو روتيني في مواقف عنصرية ضد العرب عموما وطلابهم خصوصاً". واختتمت تصريحاتها النارية بالتأكيد علي انه لا وجود للحرية الأكاديمية في إسرائيل.
والآن.. وبعد مراجعة هذه الكلمات المضيئة والمحترمة.. اجدني موزعاً بين نوعين متضاربين من المشاعر.
فبقدر ما اشعر بالفرح والفخر والسعادة بهذه المواقف النبيلة التي اتخذتها رابطة تمثل ما يقرب من خمسين الف أكاديمي بريطاني، بقدر ما اشعر بالخجل من النخب العربية، بما فيها ـ بل وفي مقدمتها ـ النخبة الأكاديمية. وبطبيعة الحال فان التعميم لا يصح لكن معظم المؤسسات الأكاديمية العربية اختارت ان تتخلي عن "الاستقلال" الضروري لها، وأذعنت للسير في الركاب، بل والقيام بدور "المحلل" في بعض الأحيان، وتخلت بالتالي عن دورها الطليعي، والطبيعي، الذي يستلزم أول ما يستلزم "حرية" البحث العلمي و"استقلال" الجامعات ومعاهد البحوث.
وكانت نتيجة ذلك ان "زملاءهم" الأكاديميين الإنجليز واجهوا غول اللوبي الصهيوني في بريطانيا صاحب اليد الطويلة والقدرة الجهنمية علي الإيذاء والاغتيال المعنوي واتخذوا قراراً تاريخياً بمقاطعة الأكاديميين الإسرائيليين الذي يخونون الأخلاق الأكاديمية ويسيرون في ركاب شارون وسياسته الاستعمارية.
بينما هم ـ الأكاديميون العرب أصحاب القضية ـ الذين يفترض ان يكونوا في طليعة شعوبهم، فقد قبعوا في أبراجهم العاجية وتجاهلوا هذه القضية الجوهرية. واذا نبهتهم الي واجبهم قالوا لك من عليائهم: نحن أكاديميون لا شأن لنا بهذه الأمور(إذا لم يقولوا لك: لا شأن لنا بهذه التفاهات).
وبقدر ما أشعر بالفرح لان الأكاديميين البريطانيين لم يكتفوا بالشجب والإدانة ـ وان كان هذا في حد ذاته امرا ايجابيا لو قاموا به وحده ـ لكنهم ترجموا هذه الإدانة الي مواقف عملية متصاعدة وعاقلة ومدروسة، ومنها اعادة الاعتبار الي سلاح المقاطعة.
بقدر ما اشعر بالخجل والحسرة لان العرب ـ أكاديميين وغير أكاديميين ـ أهدروا كل أوراق المقاومة والصمود، بحيث أصبحت كلمة مقاطعة وكانها كلمة "إباحية" او "شتيمة" والعياذ بالله.
فاذا كنتم أيها الأكاديميون العرب قررتم الصوم عن اي عمل ايجابي فيما يتعلق بالقضية الوطنية، ناهيك عن المسألة الديمقراطية، فعلي الأقل لا تكسروا مجاديف زملائكم الأكاديميين البريطانيين، ولعلي لا أكون متزيدا اذا طلبت منكم ان تبعثوا اليهم ببرقية شكر وتأييد لقيامهم بعملكم.. وبالنيابة عنكم.
وبطبيعة الحال.. فان نفس الموقف ينطبق علي مكاتب المقاطعة التابعة لجامعة الدول العربية.. والتي تصورت كل الحكومات العربية ان مهمتها إزاءها هي " مقاطعتها " هي.. لا مقاطعة إسرائيل.
ومرة ثانية.. أين أنت يا حمرة الخجل ؟!




#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القرن الآسيوي .. يدق الأبواب
- عناد الوزير الذى تجاهل وعد الرئيس
- علمـاء بـريطـانيا يهـددون بمقـاطعة الإسـرائيليين المتـواطئين ...
- ! ومازالت صاحبة الجلالة فى بيت الطاعة
- هل يحمل أخطبوط الإرهاب شهادة منشأ مصرية؟
- حوار عراقي.. بدون سلاح.. في القاهرة
- ثورة السوسن .. واللوز.. والليمون
- »ولفويتز« يقتحم البنك الدولي بأسلحة الدمار الشامل
- قاطرة مشروع الشرق الأوسط الكبير .. تدخل المحطة اللبنانية
- الفشل التاسع والعشرون
- يد تقود ثورة البرمجيات .. ويد تحمي الحرف التقليدية
- إسرائيل تحتل الأرض التى ينسحب منها -التنابلة- العرب .. فى ال ...
- الوطن اكبر من الاقتصاد .. والمواطن ليس مجرد مستهلك
- أحوال أكبر ديمقراطية في العالم
- باب الشمس ) اهم من المكاتب الاعلامية .. ومقررات التاريخ المي ...
- »ملاسنة« بين أصحاب المعالي
- -يد- أبو الغيط.. و-جيب- السادات
- ! شعار البنوك المصرية : حسنة وأنا سيدك
- لمن تدق الأجراس فى بلاد الرافدين؟
- اغرب انتخابات فى التاريخ


المزيد.....




- محاكمة مؤسس ويكيليكس: أسانج ينهي الأزمة مع أمريكا بعد الإقرا ...
- عيد الغدير.. منشور نوري المالكي وتعليق مقتدى الصدر وتهنئة مح ...
- مصر.. تقرير رسمي يكشف ملابسات قتل طفل وقطع كفيه بأسيوط
- السعودية تقبض على سوري دخل بتأشيرة زيارة لانتحال صفة غير صحي ...
- القضاء الأمريكي يخلي سبيل أسانج -رجلا حرا-
- القضاء الأمريكي يعلن أسانج -رجلا حرا- بعد اتفاق الإقرار بالذ ...
- رئيس ناسا: الأمريكيون سيهبطون على القمر قبل الصينيين
- في حالة غريبة.. نمو شعر في حلق مدخّن شره!
- مادة غذائية تعزز صحة الدماغ والعين
- نصائح لمرضى القلب في الطقس الحار


المزيد.....

- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - البريطانيون يقاطعون.. والعرب يطبّعون !