أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صاحب الربيعي - الكراهية والحقد الكامن في ذات الإنسان المقهور














المزيد.....

الكراهية والحقد الكامن في ذات الإنسان المقهور


صاحب الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 1181 - 2005 / 4 / 28 - 11:26
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


حينما تمارس السلطة المستبدة العنف المفرط ضد السكان المسالمين غير القادرين على مواجهة العنف بالعنف المضاد، يحتقن ذاتهم بالحقد والكراهية بانتظار الفسحة المناسبة لتفريغها على شكل عنف مضاد للقصاص من أزلام سلطة الاستبداد.
ويتوقف حجم العنف المضاد عل حجم الحقد والكراهية الكامنة في وجدان الإنسان المقهور، فكلما كان القهر والاستبداد كبيراً كلما تضاعف حجم الحقد والكراهية وأخذ أشكال متنوعة من الانتقام يصعب السيطرة عليها لأجل تفريغ شحنات الحقد والكراهية اللتان تثقلان وجدانه.
ويأخذ الانتقام شكله العشوائي، لينال من كامل جسد السلطة المستبدة (أزلام، وممتلكات، ومؤيدين...) دون تحديد المسؤولية عن حالات العنف المفرط للسلطة المستبدة ضد السكان. وتعتبر أخطر أنواع الكراهية، تلك الكراهية المغلفة بالصمت والمتوائمة مع سلطة الاستبداد بانتظار الفسحة المناسبة للانتقام والتشفي.
تعمل السلطة المستبدة على اجتثاث كافة أنواع الكراهية والحقد المعلن من خلال إجراء سلسلة من التصفيات الجسدية للمناوئين، لكنها غير قادرة على اكتشاف الكراهية والحقد الكامن (الساكن) الذي سرعان ما ينفجر كالبركان ليدمر كل شيء ومن المستحيل السيطرة عليه.
يرى ((جورج آلبوت))" أن الكراهية الأشد قسوة، هي تلك التي تمد جذورها في الخوف ذاته وتتكيف عبر الصمت. وتحول شعور العنف إلى نوع من شعور الرغبة في الانتقام بشكل يشبه طقوس الثأر الخفية وما تؤجج من غضب الإنسان المضطهد".
إن الكراهية والحقد الكامنين، يحتاجان إلى نوع من أنواع التمرين النفسي المستمر لحجب آثارهما الظاهرة على سمات وجه الإنسان المقهور. كذلك تصرفاته وسلوكه غير الإرادي خاصة حينما تعمد سلطة الاستبداد لاستفزاز مشاعر الشعب المقهور بدرجة كبيرة من أجل رصد أوجه الكراهية والحقد الكامنين في ذاته، ومن ثم العمل على تصفيتهم للتخلص من الأعداء المفترضين والمهددين لمستقبل السلطة المستبدة.
إن ما يرعب سلطة الاستبداد بشكل كبير هو حالة الكراهية والحقد الكامن، وما تعبر عنه عيون الناس المقهورين. لأنها تعي عدم صدق نواياهم وادعاءاتهم بالولاء لها، وإنهم يتحينون الفسحة المناسبة للانقضاض عليها. وبنفس الوقت هي غير قادرة على توجيه ضربات استباقية ضد الجميع دون مؤشرات لردود فعل (مباشرة أو غير مباشرة) ضدها.
لذا تعمل أجهزتها على رصد أفعال الناس بدقة وتمارس معهم نفس لعبة لبس الأقنعة، فهي من جهة تُظهر لهم قناعتها (الكاذبة) بولائهم لها، ومن جهة أخرى تضعهم تحت الرقابة المشددة تحسباً لأي طارئ. وكلاهما (السلطة والمعارضة) يترقبان بحالة من اليقظة والحذر لإيقاع أحدهم بالآخر.
يعبر ((توماس فريدمان)) عن الحقد الكامن في عيون الشعب المقهور قائلاً:" يظهر في عيونهم الحقد الدفين، يعبرون من خلاله عن كل الأشياء التي لا يستطيعون قولها جهراً، وعن كل الأشياء وما يحسون بها في داخلهم، يضعونها في أعينهم على شكل نظرات ثاقبة تنم عن حقد دفين".
إن حالة الكراهية والحقد الكامنين في ذات الإنسان المقهور تحتاج إلى ممارسة نوع من الطقوس الخاصة لتدريب الكينونة على تقمص دورين في آن واحد. دور يكمن في الذات ويحمل من الكراهية والحقد ما يفوق الطاقة التدميرية للبركان المتفجر ضد السلطة المستبدة، ودور أخر ظاهري يحابي السلطة المستبدة ويظهر ولاءه لها وبأشكال متنوعة إتقاءً لشرها وطغيانها.
وتلك الطقوس تمنح الإنسان المقهور حالة من التقمص للشخصية المطلوبة في الوقت المناسب، والسيطرة على الشخصية الأخرى الكامنة في الذات لأنها الذات الحقيقة المختفية وراء قناع الشخصية الموالية لسلطة الاستبداد. وكلما مارست الشخصية الموالية لسلطة الاستبداد دورها بشكل مقنع ومتقن، كلما شكلت جدار حماية لشخصية الذات الحقيقة المنتظرة لدورها في الانتقام من سلطة الاستبداد.
وفقدان السيطرة على تقمص الأدوار في ظل أنظمة الاستبداد، يعني بكل بساطة الإيقاع بالشخصية الخفية وما تبحث عنها سلطة الاستبداد لتعمد على تصفيتها لتقلل من أعداءها الكامنين لها بانتظار الفسحة المناسبة!.
إن الشخصية المتقمصة لدور (الولاء والمعارضة لسلطة الاستبداد) تحتاج إلى نوع من التوازن النفسي للعب الأدوار المختلفة بغرض تحقيق هدفين هما: خداعه سلطة الاستبداد للحفاظ على الذات المُستلبة، وتهيئة الذات للانتقام من سلطة الاستبداد في الوقت المناسب.
يعتقد ((ميلان كونديرا))" أن الإنسان كائن يسعى للوصول إلى نوع من التوازن النفسي، لذلك يُوازن بين ثقل السوء وما يرهق كاهله والحقد الذي يحمله".
إن أحدى الأسباب الرئيسية لانهيار سلطة الاستبداد، هو اعتقادها الخاطئ بأن حالة الإذعان والخنوع لشعوبها المقهورة تعني تعطيل كافة سُبل المقاومة وإصابة تفكيرهم بالشلل التام!.
يزرع الإذعان والخنوع في وجدان الشعوب المقهورة ألوف من بذور الكراهية والحقد الكامنين، اللذان يتحينان الفسحة للتعبير عمًّا يكمن في ذاتهم. وما حالات الانتقام العشوائي من أزلام سلطة الاستبداد حالة انهيار سلطتهم إلا تعبيراً عن تلك الحالة من الصمت المفتعل والبركان الساكن وما يدمر في طريقه كل شيء ودون سابق إنذار.




#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السياسيون القردة
- صراع القدر والإرادة بين السماء والإنسان
- نشوء الدول القديمة والحديثة
- صلاحية الحاكم والمحكوم
- صراع العاطفة والجمال بين المرأة والطبيعة
- التأثيرات السلبية للفقر والجهل على المجتمع
- استحقاقات الرئاسة القادمة
- مَلكة الإبداع بين العبقرية والالهام والفطرة
- قيم الراعي والقطيع السائدة في الكيانات الحزبية
- الحكمة والحقيقة في الفلسفة
- مراتب المعرفة عند الفلاسفة
- ماهية الإحساس والمعرفة في الفلسفة
- صراع القيم والمبادئ بين الفلاسفة والملوك
- تأثير الاستبداد والعنف على اختلال أنماط السلوك الاجتماعي
- دور علماء الاجتماع في تقويم المجتمع
- موقف الفلاسفة من الحاكم والحكومة
- العلم والجهل في المجتمع
- تحرير الثقافة من الهيمنة والتسلط
- الحكومة والشعب
- التصورات اللاعلمية في الفكر الماركسي


المزيد.....




- أين بوعلام صنصال؟.. اختفاء كاتب جزائري مؤيد لإسرائيل ومعاد ل ...
- في خطوة تثير التساؤلات.. أمين عام الناتو يزور ترامب في فلوري ...
- ألم الظهر - قلق صامت يؤثر على حياتك اليومية
- كاميرا مراقبة توثق لقطة درامية لأم تطلق كلبها نحو لصوص حاولو ...
- هَنا وسرور.. مبادرة لتوثيق التراث الترفيهي في مصر
- خبير عسكري: اعتماد الاحتلال إستراتيجية -التدمير والسحق- يسته ...
- عاجل | نيويورك تايمز: بدء تبلور ملامح اتفاق محتمل بين إسرائي ...
- الطريقة المثلى لتنظيف الأحذية الرياضية بـ3 مكونات منزلية
- حزب الله يبث مشاهد استهداف قاعدة عسكرية إسرائيلية بصواريخ -ن ...
- أفغانستان بوتين.. لماذا يريد الروس حسم الحرب هذا العام؟


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صاحب الربيعي - الكراهية والحقد الكامن في ذات الإنسان المقهور